العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

لماذا يهدد القلقِ والاكتئاب جيل الشباب؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ٢٤ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

كتابٌ‭ ‬نال‭ ‬شرف‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬الكتب‭ ‬مبيعاً‮»‬‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬النيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬العريقة‭ ‬قبيل‭ ‬نشره‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬فهو‭ ‬يُعد‭ ‬إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬قيِّمة‭ ‬إلى‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬المنشورة‭ ‬التي‭ ‬تباع‭ ‬شهرياً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬وتأخذ‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬رحلتها‭ ‬في‭ ‬رفوف‭ ‬المكتبات‭ ‬حول‭ ‬العالم‭.‬

فهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يتناول‭ ‬قضية‭ ‬حيوية‭ ‬مصيرية‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬المجتمعات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬وتتفاقم‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة‭ ‬وتزيد‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬سرعتها‭ ‬ونطاق‭ ‬ودائرة‭ ‬تأثيرها‭ ‬عاماً‭ ‬بعد‭ ‬عام،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬يمس‭ ‬أهم‭ ‬فئة‭ ‬عمرية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجتمعات‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬وهي‭ ‬فئة‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادنا‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬والشباب،‭ ‬فهي‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬تُشكل‭ ‬القاعدة‭ ‬الأساسية‭ ‬الصلبة‭ ‬للبناء‭ ‬والنمو‭ ‬المستدام‭ ‬لأي‭ ‬مجتمع‭.‬

فهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يواجه‭ ‬بالأدلة‭ ‬العلمية،‭ ‬والتقارير‭ ‬الفنية،‭ ‬والاحصائيات‭ ‬الموثوقة‭ ‬قضية‭ ‬الصحة‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭ ‬للأطفال‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬خاصة،‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬عامة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يوجه‭ ‬تحذيراً‭ ‬إلى‭ ‬كافة‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬من‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬ومن‭ ‬قادة‭ ‬المدارس،‭ ‬وعلماء‭ ‬الاجتماع‭ ‬والنفس،‭ ‬والحكومات‭ ‬من‭ ‬أداة‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬رفيقة‭ ‬وصاحبة‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬عنها،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬وتجنب‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬شؤون‭ ‬حياتنا،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الكبار‭. ‬وهذه‭ ‬الأداة‭ ‬هي‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬الذكي،‭ ‬وما‭ ‬يحتويه‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬وشر،‭ ‬ومن‭ ‬غثٍ‭ ‬وسمين،‭ ‬ومن‭ ‬صلاح‭ ‬وافساد،‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعها،‭ ‬ومن‭ ‬تطبيقات‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭. ‬فهذا‭ ‬الجهاز‭ ‬اليدوي‭ ‬المحمول‭ ‬الصغير‭ ‬بدأ‭ ‬يتحول‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬تهديد‭ ‬ينذر‭ ‬بوقوع‭ ‬كارثة‭ ‬عامة،‭ ‬ووباء‭ ‬صحي‭ ‬عقلي‭ ‬ونفسي‭ ‬ينزل‭ ‬على‭ ‬أطفالنا‭ ‬والبالغين‭ ‬والشباب،‭ ‬فيُعرضهم‭ ‬للإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الانتحار‭.‬

فقد‭ ‬جاء‭ ‬عنوان‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬وهو‭ ‬يعكس‭ ‬هذه‭ ‬التحذيرات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والنفسية،‭ ‬ويعكس‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬الكاتب‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬الأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والعقلية‭ ‬وتوغلها‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬وصغار‭ ‬السن‭ ‬بسبب‭ ‬التطرف‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الجهاز‭ ‬البسيط‭ ‬في‭ ‬حجمه،‭ ‬والعصيب‭ ‬في‭ ‬تأثيراته،‭ ‬والذي‭ ‬تركنا‭ ‬له‭ ‬العنان‭ ‬في‭ ‬امتلاك‭ ‬أطفالنا‭ ‬له‭ ‬والإدمان‭ ‬في‭ ‬استعماله،‭ ‬والتجول‭ ‬بكل‭ ‬راحة‭ ‬وحرية‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الإنترنت‭ ‬اللجي،‭ ‬حيث‭ ‬صدر‭ ‬الكتاب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الجيل‭ ‬القلق‭: ‬كيف‭ ‬تتسبب‭ ‬عملية‭ ‬التجديد‭ ‬الخيوط‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬وباء‭ ‬المرض‭ ‬العقلي‮»‬‭.‬

فهذا‭ ‬الكتاب‭ ‬يتناول‭ ‬قضية‭ ‬جيلٍ‭ ‬فريد‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬وهذا‭ ‬الجيل‭ ‬الغريب‭ ‬بدأ‭ ‬يتكون‭ ‬رويداً‭ ‬رويداً‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الألفية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القرن،‭ ‬حيث‭ ‬يدور‭ ‬محور‭ ‬حياة‭ ‬هذا‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬وجل‭ ‬تركيزه‭ ‬واهتمامه‭ ‬اليومي‭ ‬على‭ ‬الشاشات‭ ‬عموماً،‭ ‬كشاشة‭ ‬التلفاز،‭ ‬والحاسب‭ ‬الآلي،‭ ‬والآي‭ ‬باد،‭ ‬وبشكلٍ‭ ‬خاص‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬الذكي،‭ ‬حتى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نُطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬جيل‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أَطلق‭ ‬عليه‭ ‬مُؤلف‭ ‬الكتاب‭ ‬‮«‬جيل‭ ‬القلق‮»‬‭. ‬

فقد‭ ‬جاء‭ ‬الجزء‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬موجة‭ ‬المد‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يستعرض‭ ‬أصل‭ ‬المشكلة‭ ‬وجذورها‭ ‬وكيفية‭ ‬نشوئها‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬ثم‭ ‬كيفية‭ ‬تحولها‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬وباء‭ ‬صحي‭ ‬يطغى‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬ونفوس‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭. ‬والجزء‭ ‬الثاني‭ ‬يقدم‭ ‬خلفية‭ ‬عامة‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬المجتمعية‭ ‬العقيمة،‭ ‬ويستعرض‭ ‬أهم‭ ‬الاحصائيات‭ ‬التي‭ ‬تثبت‭ ‬واقعية‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭. ‬وأما‭ ‬الجزء‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬فعنوانه‭: ‬‮«‬التجديد‭ ‬العظيم‮»‬،‭ ‬ويتناول‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬وطبيعتها‭ ‬واحتياجاتها،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬مرحلة‭ ‬الطفولة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يقضيها‭ ‬الطفل‭ ‬بين‭ ‬الألعاب‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية،‭ ‬واستكشاف‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي،‭ ‬أخذت‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬نوع‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬ومبني‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال،‭ ‬ومحوره‭ ‬محتوى‭ ‬هذا‭ ‬الهاتف،‭ ‬من‭ ‬أدوات‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬والألعاب‭ ‬المتنوعة،‭ ‬والتطبيقات‭ ‬غير‭ ‬المتناهية‭. ‬وهذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬المستجدة‭ ‬والمتفاقمة‭ ‬أثرت‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬اجتماعياً،‭ ‬وسلوكياً،‭ ‬وعقلياً،‭ ‬ونفسياً،‭ ‬مثل‭ ‬الحرمان‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬وعدم‭ ‬التركيز،‭ ‬والوحدة،‭ ‬والإدمان‭. ‬كما‭ ‬يبين‭ ‬الكتاب‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأداة‭ ‬أشد‭ ‬وطأة‭ ‬وتأثيراً‭ ‬على‭ ‬البنات‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأولاد،‭ ‬حيث‭ ‬تُخرجهن‭ ‬من‭ ‬حياتهن‭ ‬الطبيعية‭ ‬الواقعية‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬الافتراضية‭ ‬الخيالية‭. ‬وهذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬لا‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬فقط،‭ ‬وإنما‭ ‬تتعداه‭ ‬إلى‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬ثم‭ ‬المجتمع‭ ‬برمته‭. ‬وأخيراً‭ ‬يدعو‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬الجزء‭ ‬الرابع‭ ‬إلى‭ ‬تبني‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬واتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬جماعية‭ ‬مجتمعية‭ ‬لحماية‭ ‬الطفولة‭ ‬من‭ ‬تغلغل‭ ‬هذه‭ ‬الأداة‭. ‬كما‭ ‬يقترح‭ ‬أربع‭ ‬قواعد‭ ‬بسيطة‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وهي‭ ‬موجهة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع،‭ ‬كل‭ ‬بحسب‭ ‬مسؤوليته،‭ ‬ودوره،‭ ‬وتخصصه،‭ ‬فمنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجه‭ ‬نحو‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬والمدرسين‭ ‬والمدرسة‭ ‬عامة،‭ ‬إضافة‭ ‬الشركات‭ ‬التقنية‭ ‬المنتجة‭ ‬للبرامج‭ ‬والتطبيقات،‭ ‬ومنها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬الحكومات‭ ‬والأجهزة‭ ‬التشريعية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وضع‭ ‬القوانين‭ ‬والأنظمة‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذا‭ ‬الوباء‭ ‬المستشري‭ ‬والطاغي‭ ‬على‭ ‬أطفالنا،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬كلياً،‭ ‬وارجاع‭ ‬الطفل‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬إلى‭ ‬حالته‭ ‬الطبيعية‭ ‬الواقعية،‭ ‬وبيئته‭ ‬الخارجية‭ ‬العملية‭.‬

أما‭ ‬الأسئلة‭ ‬الواقعية‭ ‬المحيرة‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬الجميع‭ ‬فهي‭: ‬متى‭ ‬يمكن‭ ‬لأطفالنا‭ ‬أن‭ ‬يمتلكوا‭ ‬هاتفاً‭ ‬محمولاً‭ ‬خاصاً‭ ‬بهم؟‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬عمر‭ ‬يمكن‭ ‬لهم‭ ‬استكشاف‭ ‬بحر‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المغري‭ ‬والفاسد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬جوانبه،‭ ‬والمفيد‭ ‬والنافع‭ ‬في‭ ‬جوانب‭ ‬أخرى؟‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬الاحتياطات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬اتخاذها‭ ‬لمنع‭ ‬غرق‭ ‬أطفالنا‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬محتوى‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال؟

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬اجماع‭ ‬دولي‭ ‬يقدم‭ ‬الإجابة‭ ‬السهلة‭ ‬والبسيطة‭ ‬لهذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬الخطيرة‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬كتابُنا‭ ‬الحالي‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسات‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬يوصي‭ ‬بعدم‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانوية،‭ ‬وفي‭ ‬عمر‭ ‬قرابة‭ ‬16‭ ‬سنة،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬وجود‭ ‬علاقة‭ ‬قوية‭ ‬بين‭ ‬استخدام‭ ‬الأطفال‭ ‬والمراهقين‭ ‬للهاتف‭ ‬النقال‭ ‬ومخاطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والعقلية‭. ‬وأما‭ ‬حكومة‭ ‬فلوريدا‭ ‬الأمريكية‭ ‬فقد‭ ‬سنَّت‭ ‬تشريعاً‭ ‬يمنع‭ ‬تعرض‭ ‬الأطفال‭ ‬لوسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬دون‭ ‬الـ14‭ ‬من‭ ‬العمر،‭ ‬وبريطانيا‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬بيع‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬عاماً،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬أقل‭ ‬عمر‭ ‬لاستخدام‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬الاجتماعي‭ (‬الواتس‭ ‬أب‭) ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬هو‭ ‬13‭ ‬سنة،‭ ‬وهناك‭ ‬خطة‭ ‬الآن‭ ‬لرفعه‭ ‬إلى‭ ‬16‭ ‬سنة‭. ‬

فهذه‭ ‬المعضلة‭ ‬المعقدة‭ ‬والمتشابكة‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬وسائل‭ ‬التقنية‭ ‬الحديثة،‭ ‬منذ‭ ‬ظهور‭ ‬التلفزيون‭ ‬في‭ ‬منازلنا،‭ ‬ثم‭ ‬الحاسب‭ ‬الآلي‭ ‬الشخصي،‭ ‬ثم‭ ‬الهاتف‭ ‬العادي،‭ ‬وأخيراً‭ ‬الهاتف‭ ‬الذكي،‭ ‬فجميعها‭ ‬وسائل‭ ‬تعد‭ ‬سلاحاً‭ ‬ذا‭ ‬حدين‭. ‬ولذلك‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬أولاً،‭ ‬ثم‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬وباقي‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬تحمل‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬لمسؤوليته‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬هذه‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحديثة،‭ ‬وخاصة‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬نحو‭ ‬الخير‭ ‬والصلاح،‭ ‬وبناء‭ ‬الفكر‭ ‬والعقل‭ ‬السليم،‭ ‬وتنمية‭ ‬المجتمع،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬استعماله،‭ ‬وعدم‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬استخدامه،‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليه‭ ‬كلياً‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬فيتَحَكمْ‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬وعقولنا،‭ ‬ويتحول‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬هدم‭ ‬وفساد‭ ‬للفرد‭ ‬والأسرة‭ ‬والمجتمع‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا