العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٢ - الجمعة ٠٣ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٤ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

نحو حلول شاملة لمواجهة آثار الأمطار

بقلم: د. نبيل العسومي

الأحد ٢١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تنزل‭ ‬فيها‭ ‬الأمطار‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬نسميه‭ ‬الغيث‭ ‬النافع‭ ‬نستبشر‭ ‬خيرا‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬بلادنا‭ ‬لا‭ ‬تشهد‭ ‬الأمطار‭ ‬إلا‭ ‬قليلا‭ ‬وفي‭ ‬مرات‭ ‬نادرة‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬استبشارنا‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬يرتبط‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬من‭ ‬خير‭ ‬عميم‭ ‬ومن‭ ‬إشاعة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الابتهاج‭ ‬في‭ ‬النفوس‭ ‬لدرجة‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الطقس‭ ‬ممطرا‭ ‬نعتبر‭ ‬الأجواء‭ ‬جميلة‭ ‬وممتازة‭ ‬بعكس‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬تهطل‭ ‬عليها‭ ‬الأمطار‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭ ‬حيث‭ ‬يعتبرون‭ ‬الطقس‭ ‬الممطر‭ ‬سيئا،‭  ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬فإننا‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تنزل‭ ‬فيها‭ ‬الأمطار‭ ‬يتحول‭ ‬هذا‭ ‬الاستبشار‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والانزعاج‭ ‬لدى‭ ‬قسم‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الأمطار‭ ‬عادية‭ ‬حيث‭ ‬تتجمع‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬البلاد‭ ‬مما‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬تعطيل‭ ‬السير‭ ‬العادي‭ ‬للسيارات‭ ‬وربما‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬حوادث‭ ‬وإلحاق‭ ‬الأضرار‭ ‬البسيطة‭ ‬أو‭ ‬المتوسطة‭ ‬بالسيارات‭ ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬البيوت‭ ‬والمحلات‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مهيأة‭ ‬لتحمل‭ ‬الأمطار‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬بسيطة‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬غزيرة‭ ‬وغير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬قوتها‭ ‬وغزارتها‭ ‬وعنفها‭ ‬إن‭ ‬صح‭ ‬التعبير‭ ‬كما‭ ‬شهدناها‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬والقرى‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬إلى‭ ‬بحار‭ ‬تتجول‭ ‬فيها‭ ‬القوارب‭ ‬الصغيرة‭ ‬وبرك‭ ‬سباحة‭ ‬يسبح‭ ‬فيها‭ ‬الأطفال‭ ‬كما‭ ‬شاهدنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

في‭ ‬الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬بنا‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬وغير‭ ‬المسبوقة‭ ‬كانت‭ ‬فوق‭ ‬التصور‭ ‬وفوق‭ ‬الاحتمال‭ ‬فقد‭ ‬امتلأت‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرقات‭ ‬بمياه‭ ‬متدفقة‭ ‬وغزيرة‭ ‬تجمعت‭ ‬كبرك‭ ‬من‭ ‬المياه‭ ‬الضخمة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬حركة‭ ‬سير‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬مرور‭ ‬المشاة‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬البيوت‭ ‬كما‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬وصول‭ ‬الناس‭ ‬إلى‭ ‬أعمالهم‭ ‬أو‭ ‬مدارسهم‭ ‬أو‭ ‬قضاء‭ ‬معاملاتهم‭ ‬أو‭ ‬متابعة‭ ‬مراجعاتهم‭ ‬أو‭ ‬محلاتهم‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬غمر‭ ‬أغلب‭ ‬المناطق‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وأثر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬السير‭ ‬الطبيعي‭ ‬للحياة‭ ‬خلال‭ ‬يومين‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الأضرار‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬والمحلات‭ ‬وقد‭ ‬شاهدنا‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬الفيديوهات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬فيها‭ ‬مواطنون‭ ‬عن‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬بيوتهم‭ ‬وأصبحت‭ ‬الغرف‭ ‬غير‭ ‬مناسبة‭ ‬للعيش‭ ‬فيها‭ ‬واستمعنا‭ ‬إلى‭ ‬نداءات‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬مواطنين‭ ‬يطالبون‭ ‬بالدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬لمواجهة‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬التي‭ ‬ألمت‭ ‬بهم‭.‬

إن‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬من‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬علاج‭ ‬دائم‭ ‬ونهائي‭ ‬إلا‭ ‬بعمل‭ ‬مجار‭ ‬لمياه‭ ‬الأمطار‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬مجاري‭ ‬الصرف‭ ‬الصحي‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مكلف‭ ‬بكل‭ ‬تأكيد‭ ‬ويتطلب‭ ‬مبالغ‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬مقدارها‭ ‬ولكنها‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أدني‭ ‬شك‭ ‬خاصة‭ ‬وإن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬نادرة‭ ‬ونادرة‭ ‬جدا‭ ‬تقع‭ ‬كل‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬ولذلك‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬صرف‭ ‬أموال‭ ‬كبيرة‭ ‬لعمل‭ ‬مجار‭ ‬لمياه‭ ‬الأمطار‭ ‬غير‭ ‬مناسب‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬أولوية‭ ‬ولذلك‭ ‬تبذل‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬وكلما‭ ‬تتعرض‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬جهودا‭ ‬استثنائية‭ ‬وكبيرة‭ ‬مشكورة‭ ‬لتخفيف‭ ‬آثار‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬وبسرعة‭ ‬فائقة‭ ‬والحقيقة‭ ‬تقال‭ ‬فبين‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬واليوم‭ ‬الثاني‭ ‬فرق‭ ‬كبير‭ ‬حيث‭ ‬لمسنا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬بذلت‭ ‬وتبذل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬قد‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬عودة‭ ‬الحياة‭ ‬إلى‭ ‬مجرياتها‭ ‬الطبيعية‭ ‬أو‭ ‬شبه‭ ‬الطبيعية‭ ‬فكل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان‭ ‬لهذه‭ ‬الجهات‭ ‬والعاملين‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬بذلوه‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬متميزة‭ ‬وتفان‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البحرين‭ ‬وأهلها‭ ‬باستثناء‭ ‬المؤسسات‭ ‬التعليمية‭ ‬بمختلف‭ ‬مراحلها‭ ‬وفروعها‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬تعليق‭ ‬الدراسة‭ ‬فيها‭ ‬كإجراء‭ ‬احترازي‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الطلبة‭ ‬وتحسبا‭ ‬لأي‭ ‬تداعيات‭ ‬أو‭ ‬مضاعفات‭ ‬قد‭ ‬تحدث‭.‬

كما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفرح‭ ‬توجيهات‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬وكعادته‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬إلى‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬بالدولة‭ ‬بمعالجة‭ ‬وتقييم‭ ‬كل‭ ‬الأضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالمواطنين‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تعويضهم‭ ‬مما‭ ‬أثلج‭ ‬صدر‭ ‬الجميع‭ ‬وخفف‭ ‬من‭ ‬معاناتهم‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬فكل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬والامتنان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التوجيه‭ ‬الإنساني‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬سموه‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭.‬

إن‭ ‬مشكلة‭ ‬الأمطار‭ ‬التي‭ ‬نحتاج‭ ‬إليها‭ ‬وننتظرها‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬والتي‭ ‬تزورنا‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬جدا‭ ‬أصبحت‭ ‬تشكل‭ ‬مشكلة‭ ‬لنا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬والمواسم‭ ‬حيث‭ ‬نضع‭ ‬أيدينا‭ ‬على‭ ‬قلوبنا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الأمطار‭ ‬الغزيرة‭ ‬خصوصا‭ ‬وذلك‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬بنا‭ ‬وبممتلكاتنا‭ ‬أضرارا‭ ‬فادحة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬نحمد‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬الأَضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قورنت‭ ‬ببلدان‭ ‬أخرى‭ ‬تعد‭ ‬بسيطة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا