العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

هل أفاد الرد الإيراني القضية الفلسطينية؟

بقلم: د. نبيل العسومي

الخميس ١٨ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

عشنا‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬أجواء‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬بسبب‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الغاشم‭ ‬والهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬والمناوشات‭ ‬بين‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإيران‭ ‬وهي‭ ‬مناوشات‭ ‬اتخذت‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬شكل‭ ‬الحروب‭ ‬الكلامية‭ ‬والتهديدات‭ ‬المضادة‭ ‬وكان‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمحور‭ ‬المقاومة‭ ‬يهلل‭ ‬ويمجد‭ ‬الموقف‭ ‬الإيراني‭ ‬والقوة‭ ‬الإيرانية‭ ‬الساحقة‭ ‬والتي‭ ‬ستحرق‭ ‬إسرائيل‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬شاهدناه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬تصريحات‭ ‬وتصريحات‭ ‬مضادة‭ ‬وتهديدات‭ ‬وتهديدات‭ ‬مضادة‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استهدفت‭ ‬إسرائيل‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬فكان‭ ‬على‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإيرانية‭ ‬أن‭ ‬ترد‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬ماء‭ ‬الوجه‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬خاصة‭ ‬وإنها‭ ‬سوقت‭ ‬نفسها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬زعيم‭ ‬المقاومة‭ ‬والممانعة‭ ‬وبعد‭ ‬تردد‭ ‬وتمهل‭ ‬وحرب‭ ‬نفسية‭ ‬استمرت‭ ‬حوالي‭ ‬أسبوعين‭ ‬أرسلت‭ ‬إيران‭ ‬ولأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬رشقة‭ ‬من‭ ‬الصواريخ‭ ‬والطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬إن‭ ‬90%‭ ‬منها‭ ‬قد‭ ‬دمر‭ ‬في‭ ‬الجو‭ ‬بل‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منها‭ ‬قد‭ ‬دمر‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬أي‭ ‬فوق‭ ‬أراض‭ ‬عربية‭ ‬ولم‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلا‭ ‬عدد‭ ‬بسيط‭ ‬جدا‭  ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬10‭% ‬مما‭ ‬تم‭ ‬إطلاقه‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬يثير‭ ‬تساؤلات‭ ‬عديدة‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭:‬

أولا‭: ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬المخالف‭ ‬للقوانين‭ ‬الدولية؟‭ ‬والجواب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرد‭ ‬كان‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬استعراضية‭ ‬فهو‭ ‬وإن‭ ‬استهدف‭ ‬إسرائيل‭ ‬فإنه‭ ‬لم‭ ‬يؤثر‭ ‬فيها‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬ولم‭ ‬يحقق‭ ‬أي‭ ‬نتائج‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قالته‭ ‬الجهات‭ ‬العسكرية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أو‭ ‬يوحي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬الهدف‭ ‬أصلا‭ ‬إلحاق‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬أو‭ ‬إيذاء‭ ‬حقيقي‭ ‬بإسرائيل‭ ‬وإنما‭ ‬كان‭ ‬لحفظ‭ ‬ما‭ ‬الوجه‭ ‬كما‭ ‬أسلفنا‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج‭ ‬وبين‭ ‬الجماعات‭ ‬المحافظة‭ ‬التي‭ ‬هللت‭ ‬لهذه‭ ‬الضربة‭ ‬غير‭ ‬الموجعة‭ ‬وغير‭ ‬المؤثرة‭.‬

ثانيا‭: ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الحقيقي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬منسجما‭ ‬أو‭ ‬متناسقا‭ ‬أو‭ ‬متوازنا‭ ‬وقد‭ ‬رفضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬إدانة‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬إنه‭ ‬اعتداء‭ ‬خطير‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الجسم‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬الاعتداء‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬بادرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬إلى‭ ‬إدانة‭ ‬الهجوم‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يسفر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬فعلي‭ ‬أو‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬بشري‭ ‬وهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬المنطق‭ ‬والتصرف‭ ‬بات‭ ‬يضع‭ ‬مصداقية‭ ‬الدولة‭ ‬العظمى‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬محل‭ ‬شك‭ ‬وتساؤل‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بادرت‭ ‬بإدانة‭ ‬الكيان‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬القنصلية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬دمشق‭ ‬لكانت‭ ‬إيران‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬الرد‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭.‬

ثالثا‭: ‬ما‭ ‬الآثار‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬والجواب‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬إن‭ ‬الخاسر‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬هو‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فقد‭ ‬نقل‭ ‬الهجوم‭ ‬الاهتمام‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬ومأساتها‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خسرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الستة‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬المعتدية‭ ‬إلى‭ ‬صورة‭ ‬الضحية‭ ‬التي‭ ‬كرستها‭ ‬إسرائيل‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭  ‬بعد‭  ‬أن‭ ‬اتجه‭ ‬الضمير‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬نحو‭ ‬التعاطف‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومع‭ ‬غزة‭ ‬وضحاياها‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬الإيراني‭ ‬غير‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬ونقل‭ ‬إسرائيل‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬دائرة‭ ‬الضحية‭ ‬ولذلك‭ ‬كسبت‭ ‬تعاطفا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬حلفائها‭ ‬التقليديين‭ ‬وخاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬عادت‭ ‬لتقف‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬بأكثر‭ ‬قوة‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الخلاف‭ ‬المتصاعد‭ ‬بينهما‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬ولذلك‭ ‬نعتقد‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الإيرانية‭ ‬قد‭ ‬خدمت‭ ‬إسرائيل‭ ‬مجددا‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تلحق‭ ‬الضرر‭ ‬بها‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬تنفيذها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬زوبعة‭ ‬في‭ ‬فنجان‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬عملية‭ ‬انتقامية‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬برغماتية‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬في‭ ‬توسيع‭ ‬دائرة‭ ‬الصراع‭ ‬أو‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬لأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬معها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وهي‭ ‬تعلم‭ ‬أن‭ ‬مواجهة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭  ‬سوف‭ ‬تنتهي‭ ‬بهزيمتها‭ ‬على‭ ‬الأرجح‭ ‬ولذلك‭ ‬اختارت‭ ‬أن‭ ‬تطلق‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المناورة‭ ‬وليست‭ ‬كعملية‭ ‬عسكرية‭ ‬حقيقية‭ ‬تستهدف‭ ‬المراكز‭ ‬والمواقع‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا