العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

هل هناك حدٌّ آمنٌ للملوثات في الهواء الجوي؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأربعاء ١٧ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

في‭ ‬قاموس‭ ‬العلماء‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الحد‭ ‬الآمن‭ ‬للتلوث‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬العلماء‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬الحدود‭ ‬الآمنة‭ ‬والسليمة‭ ‬للملوثات‭ ‬في‭ ‬بيئتنا‮»‬،‭ ‬فالتلوث،‭ ‬بحسب‭ ‬إجماع‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬والخبرة‭ ‬والاختصاص،‭ ‬مدمر‭ ‬لصحة‭ ‬الإنسان‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬الأخرى‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬تركيز‭ ‬هذه‭ ‬الملوثات‭. ‬فإذا‭ ‬اقْتنعتَ‭ ‬بكلامي‭ ‬هذا،‭ ‬فلا‭ ‬داعي‭ ‬لمواصلة‭ ‬قراءة‭ ‬المقال،‭ ‬وإذا‭ ‬كُنتَ‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬الدامغة،‭ ‬والبراهين‭ ‬الشافية‭ ‬لكي‭ ‬تقتنع‭ ‬فواصل‭ ‬القراءة‭. ‬

فقد‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬البيئة‭ ‬ومكوناتها‭ ‬الحية‭ ‬وغير‭ ‬الحية‭ ‬بقدرٍ‭ ‬محدد‭ ‬وفي‭ ‬توازن‭ ‬دقيق‭ ‬جداً‭ ‬وهش،‭ ‬فهناك‭ ‬علاقة‭ ‬حميمية‭ ‬ومصيرية‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬كائن‭ ‬حي‭ ‬من‭ ‬نبات‭ ‬أو‭ ‬حيوان‭ ‬والبيئة‭ ‬التي‭ ‬يعيش‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬قوية‭ ‬ووجودية‭ ‬بين‭ ‬مكونات‭ ‬البيئة‭ ‬غير‭ ‬الحية‭. ‬فالأنهار‭ ‬مرتبطة‭ ‬بالبحيرات‭ ‬والبحار،‭ ‬والجبال‭ ‬الراسية‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتربة‭ ‬وسطح‭ ‬الأرض،‭ ‬والهواء‭ ‬الجوي‭ ‬مرتبط‭ ‬بالمسطحات‭ ‬المائية‭ ‬جميعاً،‭ ‬وأي‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬علاقة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات،‭ ‬وأي‭ ‬تغيير‭ ‬عشوائي‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬ومعرفة‭ ‬وتجربة‭ ‬سابقة‭ ‬يسبب‭ ‬شكوى‭ ‬وتداعيا‭ ‬مَرَضيا‭ ‬لسائر‭ ‬الروابط‭ ‬والعلاقات‭. ‬

فمكونات‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬النظيف‭ ‬الطبيعي‭ ‬الذي‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬تجلت‭ ‬قدرته‭ ‬من‭ ‬الغازات‭ ‬والمواد‭ ‬الكيميائية،‭ ‬كالأكسجين،‭ ‬والنيتروجين،‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وغيرها‭ ‬موجودة‭ ‬بقدر‭ ‬واتزان‭ ‬دقيق‭ ‬جداً،‭ ‬وعند‭ ‬هذا‭ ‬القدر،‭ ‬أو‭ ‬التركيز‭ ‬والنسبة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬يلعب‭ ‬هذا‭ ‬الغاز‭ ‬دوره‭ ‬المَرسُوم‭ ‬له‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬الكون‭ ‬الفسيح‭ ‬والعظيم‭. ‬فإذا‭ ‬انخفض‭ ‬تركيزه‭ ‬أحدث‭ ‬خللاً‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬ظهور‭ ‬مشكلة‭ ‬بيئية‭ ‬تهدد‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬إذا‭ ‬ارتفع‭ ‬تركيز‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬الكيميائية‭ ‬فعندئذٍ‭ ‬أيضاً‭ ‬سنخلق‭ ‬لأنفسنا‭ ‬وكوكبنا‭ ‬طامة‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحدٌ‭ ‬عواقبها‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬الأحياء‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬معنا‭. ‬كذلك‭ ‬إذا‭ ‬أدخلنا‭ ‬مادة‭ ‬كيميائية‭ ‬جديدة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬موجودة‭ ‬أصلاً‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬أو‭ ‬مكونات‭ ‬وعناصر‭ ‬البيئة‭ ‬الأخرى،‭ ‬فإننا‭ ‬حتماً‭ ‬سنزيد‭ ‬من‭ ‬معاناتنا‭ ‬البيئية‭ ‬والصحية‭ ‬وننزل‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬كرباً‭ ‬عقيماً‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭.‬

ولذلك‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬ذكرتُها،‭ ‬من‭ ‬حدوث‭ ‬انخفاضٍ‭ ‬في‭ ‬تركيز‭ ‬احدى‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬الطبيعية‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬نسبتها،‭ ‬أو‭ ‬السماح‭ ‬لدخول‭ ‬مادة‭ ‬كيميائية‭ ‬جديدة‭ ‬غير‭ ‬فطرية‭ ‬إلى‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬فعند‭ ‬وقوع‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬فإننا‭ ‬سنعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬غير‭ ‬آمنة،‭ ‬وغير‭ ‬سليمة،‭ ‬وتؤدي‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬إلى‭ ‬نزول‭ ‬مشكلات‭ ‬بيئية‭ ‬ثم‭ ‬صحية‭ ‬وتُعرضنا‭ ‬للإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬الجديدة‭ ‬والغريبة‭ ‬المستعصية‭ ‬على‭ ‬العلاج‭. ‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الثوابت‭ ‬والحقائق،‭ ‬فعند‭ ‬ارتفاع‭ ‬تركيز‭ ‬أي‭ ‬مادة‭ ‬كيميائية‭ ‬عن‭ ‬الحد‭ ‬الموجود‭ ‬طبيعياً،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬فطرية‭ ‬وطبيعية‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬الذي‭ ‬خلقه‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬تتحول‭ ‬تلقائياً‭ ‬وفورياً‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬ملوث‭ ‬للبيئة‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬ستقع‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الملوثات‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وسلامة‭ ‬البيئة،‭ ‬مثل‭ ‬غاز‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬الموجود‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬النظيف‭ ‬والمسبب‭ ‬الآن‭ ‬لمشكلة‭ ‬العصر‭ ‬وهي‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬وينطبق‭ ‬عليه‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬زاد‭ ‬الشيء‭ ‬عن‭ ‬حَدِّه‭ ‬انقلب‭ ‬إلى‭ ‬ضده‮»‬‭. ‬كذلك‭ ‬إذا‭ ‬دخلت‭ ‬مادة‭ ‬كيميائية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الهواء،‭ ‬فهي‭ ‬أيضاً‭ ‬تُصنف‭ ‬ضمن‭ ‬الملوثات‭ ‬البيئية،‭ ‬وأمثلة‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬كثيرة‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭. ‬

فالهواء‭ ‬الجوي‭ ‬العادي‭ ‬الذي‭ ‬نستنشقه‭ ‬الآن‭ ‬بصفة‭ ‬عامة‭ ‬‮«‬غير‭ ‬آمن‮»‬‭ ‬وغير‭ ‬سليم‭ ‬لصحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬أن‭ ‬يُصرح‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬فيقول‭ ‬بأن‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬مدينتي‭ ‬‮«‬آمن‭ ‬وسليم‭ ‬وصحي‮»‬‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ملوثات‭ ‬جديدة‭ ‬دخلت‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬فدهورت‭ ‬نوعية‭ ‬الهواء،‭ ‬وإما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاعاً‭ ‬كبيراً‭ ‬قد‭ ‬شهدناه‭ ‬في‭ ‬تركيز‭ ‬المواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬موجودة‭ ‬أصلاً‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭. ‬ولذلك‭ ‬أصدرت‭ ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬لأبحاث‭ ‬السرطان‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬الذراع‭ ‬العلمية‭ ‬البحثية‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬حول‭ ‬السرطان،‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬أكتوبر‭ ‬2013‭ ‬المنشور‭ ‬رقم‭ (‬109‭)‬،‭ ‬وجاء‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الوكالة‭ ‬قد‭ ‬قامت‭ ‬بتصنيف‭ ‬‮«‬تلوث‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية‮»‬‭ ‬بأنه‭ ‬مسرطن‭ ‬للإنسان‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التعرض‭ ‬للهواء‭ ‬الملوث‭ ‬الخارجي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإصابة‭ ‬بسرطان‭ ‬الرئة‭. ‬كذلك‭ ‬صنَّفت‭ ‬الوكالة‭ ‬الدخان،‭ ‬أو‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬بأنها‭ ‬أيضاً‭ ‬مسرطنة‭ ‬للإنسان‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة‭ ‬الأولى‭ ‬نفسها‭.‬

ولذلك‭ ‬الحل‭ ‬الواقعي‭ ‬والعملي‭ ‬الذي‭ ‬ابتدعه‭ ‬العلماء‭ ‬لعلاج‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‭ ‬المهددة‭ ‬لأمن‭ ‬وسلامة‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭ ‬هو‭ ‬نظام‭ ‬المواصفات‭ ‬والمعايير‭ ‬للهواء‭ ‬الجوي‭. ‬وهذا‭ ‬المعيار‭ ‬الذي‭ ‬يقترحه‭ ‬العلماء‭ ‬هو‭ ‬ليس‭ ‬الحل‭ ‬الأمثل‭ ‬لحماية‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬وبيئته،‭ ‬ولكن‭ ‬هو‭ ‬أضعف‭ ‬الإيمان،‭ ‬والأقل‭ ‬ضرراً‭ ‬على‭ ‬صحتنا‭. ‬وهذا‭ ‬المعيار‭ ‬الذي‭ ‬يحدده‭ ‬العلماء‭ ‬‮«‬ديناميكي‮»‬‭ ‬في‭ ‬طبيعته،‭ ‬أي‭ ‬متغير‭ ‬وغير‭ ‬ثابت،‭ ‬فيتغير‭ ‬مع‭ ‬الزمن‭ ‬كلما‭ ‬نضجت‭ ‬جهود‭ ‬ودراسات‭ ‬العلماء،‭ ‬ويختلف‭ ‬من‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بحسب‭ ‬ظروفها‭ ‬المناخية‭ ‬والبيئية،‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬إذن‭ ‬معايير‭ ‬ومواصفات‭ ‬دولية‭ ‬أجمعت‭ ‬عليها‭ ‬وتبنتها‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المعايير‭ ‬الخاصة‭ ‬بجودة‭ ‬الهواء‭ ‬التي‭ ‬وُضعتْ‭ ‬في‭ ‬السبعينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬قد‭ ‬تغيرت‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬وحتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب،‭ ‬منها‭ ‬أن‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أُجريت‭ ‬بعد‭ ‬وضع‭ ‬هذه‭ ‬المعايير‭ ‬أثبتت‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬مجدية‭ ‬لحماية‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬والكائنات‭ ‬الحية‭ ‬الأخرى،‭ ‬ولذلك‭ ‬عملوا‭ ‬على‭ ‬تغييرها‭ ‬وخفض‭ ‬تركيزها‭.‬

وسأُقدم‭ ‬مثالاً‭ ‬واحداً‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬ديناميكية‭ ‬المواصفات‭ ‬الخاصة‭ ‬بجودة‭ ‬الهواء‭ ‬وتغيرها‭ ‬مع‭ ‬الزمن،‭ ‬بحسب‭ ‬نتائج‭ ‬الدراسات‭ ‬العلمية‭. ‬فالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تُعتبر‭ ‬من‭ ‬أولى‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تشريع‭ ‬قانون‭ ‬خاص‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الهواء‭ ‬النظيف‮»‬‭ ‬والمتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬ديسمبر‭ ‬1963‭. ‬وهذا‭ ‬القانون‭ ‬انبثقت‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬معايير‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬حيث‭ ‬حدد‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬المعدل‭ ‬السنوي‭ ‬للجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ (‬الدخان‭) ‬التي‭ ‬قطرها‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬2,5‭ ‬مايكرومتر‭ ‬عن‭ ‬15‭ ‬مايكروجراماً‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬المتر‭ ‬المكعب‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي‭. ‬ثم‭ ‬طرأت‭ ‬عدة‭ ‬تعديلات‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1977‭ ‬وعام‭ ‬1990،‭ ‬حيث‭ ‬حددت‭ ‬التركيز‭ ‬الذي‭ ‬يحمي‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الدخان‭ ‬أو‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬بتركيز‭ ‬هو‭ ‬12‭. ‬وفي‭ ‬7‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬حدث‭ ‬تغيير‭ ‬آخر‭ ‬حدد‭ ‬فيه‭ ‬المواصفة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬بـ‭ ‬9‭ ‬مايكروجرامات‭ ‬في‭ ‬المتر‭ ‬المكعب،‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬مستمرة،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يتم‭ ‬خفض‭ ‬التركيز‭. ‬ونظراً‭ ‬لعدم‭ ‬اتفاق‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬محددة‭ ‬لجودة‭ ‬الهواء،‭ ‬فنجد‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬أصدرت‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021‭ ‬مبادئ‭ ‬توجيهية‭ ‬بشأن‭ ‬جودة‭ ‬الهواء،‭ ‬وحددت‭ ‬فيها‭ ‬بأن‭ ‬المعيار‭ ‬الاسترشادي‭ ‬للمعدل‭ ‬السنوي‭ ‬للجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬هو‭ ‬5‭ ‬مايكروجرامات‭ ‬من‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬المتر‭ ‬المكعب‭ ‬من‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬أي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المواصفة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬المعيار‭ ‬السابق‭ ‬لمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬كان‭ ‬أعلى‭ ‬وهو‭ ‬10‭ ‬مايكروجرامات‭ ‬في‭ ‬المتر‭ ‬المكعب‭.‬

وهذا‭ ‬المثال‭ ‬الخاص‭ ‬بالتغير‭ ‬المستمر‭ ‬لمواصفة‭ ‬الدخان،‭ ‬أو‭ ‬الجسيمات‭ ‬الدقيقة‭ ‬في‭ ‬الهواء‭ ‬الجوي،‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الملوثات‭ ‬الأخرى،‭ ‬مثل‭ ‬غاز‭ ‬الأوزون،‭ ‬وثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬النيتروجين،‭ ‬وأول‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون،‭ ‬وأكاسيد‭ ‬الكبريت،‭ ‬وغيرها‭. ‬

وهكذا‭ ‬نؤكد‭ ‬بأن‭ ‬الملوثات‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬الثلاث‭ ‬التي‭ ‬ذكرتُها‭ ‬سابقاً‭ ‬كلها‭ ‬تفيد‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬غير‭ ‬آمنة‮»‬‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ووجودها‭ ‬بأي‭ ‬تركيز‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬منخفضاً‭ ‬يجعل‭ ‬الهواء‭ ‬أيضاً‭ ‬غير‭ ‬آمن‭ ‬وغير‭ ‬سليم‭ ‬لاستدامة‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬والتمتع‭ ‬بصحة‭ ‬جيدة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الأسقام‭ ‬والعلل‭. ‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا