العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

عيد الفطر المبارك بين التحدي والتفاؤل؟

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الخميس ١١ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

يحل‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬قاسية‭ ‬وتحديات‭ ‬خطيرة‭ ‬تشهدها‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬فتمازج‭ ‬فيه‭ ‬الفرح‭ ‬والسعادة‭ ‬والإقبال،‭ ‬حيث‭ ‬أتم‭ ‬المسلمون‭ ‬صيام‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬الخوف‭ ‬والترقب‭ ‬والتحسب‭ ‬والانتظار‭ ‬لما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬قوادم‭ ‬الأيام‭ ‬نتيجة‭ ‬إصرار‭ ‬قيادة‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬أوضاع‭ ‬أمتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬ونفاق‭ ‬القوى‭ ‬المؤثرة‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬والاستمرار‭ ‬في‭ ‬عدوانها‭ ‬الهمجي‭ ‬حتى‭ ‬تدمير‭ ‬آخر‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭ ‬لنحو‭ ‬مليون‭ ‬ونصف‭ ‬المليون‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭. ‬وأما‭ ‬فرحنا‭ ‬بالعيد‭ ‬فهو‭ ‬ناجم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬روحي،‭ ‬فقد‭ ‬انتصرنا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭ ‬النفسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬رافقت‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬المبارك،‭ ‬وصمنا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬واستثمرنا‭ ‬وقتنا‭ ‬بالعبادة‭ ‬والخير‭ ‬والبركة‭ ‬والاجتهاد‭ ‬بالطاعات‭ ‬والدعاء‭ ‬لأنفسنا‭ ‬وأهلينا‭ ‬وبلادنا‭ ‬ولأشقائنا‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬فكانت‭ ‬عباداتنا‭ ‬خالصة‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬الكريم،‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬عمرة‭ ‬واعتكاف‭ ‬بالمساجد،‭ ‬وتلاوة‭ ‬وختم‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬ودعوته‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أن‭ ‬يجعلنا‭ ‬من‭ ‬عتقائه‭ ‬والفائزين‭ ‬بفضل‭ ‬وجوائز‭ ‬شهره‭ ‬الكريم،‭ ‬وينعم‭ ‬علينا‭ ‬برضاه‭ ‬وقبوله‭ ‬ومغفرته،‭ ‬فيأتي‭ ‬العيد‭ ‬بمثابة‭ ‬الجائزة،‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه‭ ‬العزيز‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬يونس‭ ‬آية‭ ‬58‭: (‬قُلْ‭ ‬بِفَضْلِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬وَبِرَحْمَتِهِ‭ ‬فَبِذلِكَ‭ ‬فَلْيَفْرَحُوا‭ ‬هُوَ‭ ‬خَيْرٌ‭ ‬مِمَّا‭ ‬يَجْمَعُونَ‭). ‬كما‭ ‬لم‭ ‬ننس‭ ‬التضرع‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬جل‭ ‬في‭ ‬علاه‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬بلادنا‭ ‬وبلاد‭ ‬الإسلام‭ ‬والمسلمين،‭ ‬وأن‭ ‬يثبت‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬ويرحم‭ ‬شهداءهم‭ ‬و‭ ‬يشفي‭ ‬جرحاهم‭ ‬وأن‭ ‬ينعم‭ ‬عليهم‭ ‬بالسلام‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬اسرع‭ ‬وقت،‭ ‬فليس‭ ‬لهم‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬فهو‭ ‬وحده‭ ‬الناصر‭ ‬والمعين،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬صاموا‭ ‬رمضان‭ ‬تحت‭ ‬وابل‭ ‬الرصاص‭ ‬ودوي‭ ‬القنابل‭ ‬ورعد‭ ‬الصواريخ،‭ ‬ومنحونا‭ ‬دروسا‭ ‬في‭ ‬الصبر‭ ‬والإيمان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬أثرها‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬وقرارات‭ ‬المسلمين،‭ ‬لذا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نتعمق‭ ‬في‭ ‬التأمل‭ ‬والتفكر‭ ‬وأن‭ ‬نستكشف‭ ‬حالنا‭ ‬ونشحذ‭ ‬الطاقة‭ ‬الروحية‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬العظيمة‭ ‬‮«‬صيام‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الرهيبة‮»‬‭ ‬ونسعى‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬الحال‭ ‬وتجاوز‭ ‬الهنات‭ ‬وذلك‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بالصدق‭ ‬مع‭ ‬أنفسنا،‭ ‬فبه‭ ‬تحل‭ ‬السكينة،‭ ‬فإذا‭ ‬حلت‭ ‬فيه‭ ‬السكينة‭ ‬والطمأنينة‭ ‬انعدم‭ ‬الاضطراب‭ ‬وتجاوز‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المجهول‭ ‬متسلحا‭ ‬بالإيمان‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه،‭ ‬مدركا‭ ‬وواثقا‭ ‬من‭ ‬رعاية‭ ‬الله‭ ‬ورحمته‭ ‬وعونه،‭ ‬فلا‭ ‬تهزه‭ ‬الأحداث‭ ‬الدنيوية‭ ‬الراهنة‭ ‬ولا‭ ‬تفزعه‭ ‬الأهوال،‭ ‬مستذكرا‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الرعد‭ (‬آية‭ ‬28‭): (‬الَّذِينَ‭ ‬آمَنُواْ‭ ‬وَتَطْمَئِنُّ‭ ‬قُلُوبُهُم‭ ‬بِذِكْرِ‭ ‬اللَّهِ،‭ ‬ألَا‭ ‬بِذِكْرِ‭ ‬اللَّهِ‭ ‬تَطْمَئِنُّ‭ ‬الْقُلُوبُ‭). ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬لفرصة‭ ‬عظيمة‭ ‬أن‭ ‬نراجع‭ ‬علاقاتنا‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬دولا‭ ‬وشركات،‭ ‬لاسيما‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬أصدقاء‭ ‬موثوقون،‭ ‬ففتحنا‭ ‬لهم‭ ‬القلوب‭ ‬قبل‭ ‬الحدود،‭ ‬وعند‭ ‬الشدائد‭ ‬تظهر‭ ‬أحقادهم‭ ‬على‭ ‬ديننا‭ ‬وأمتنا‭. ‬

نقول‭ ‬ذلك‭ ‬وندعو‭ ‬إليه‭ ‬وقبلنا‭ ‬دعا‭ ‬إليه‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬غازي‭ ‬القصيبي‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬السعودي‭ ‬الأسبق‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وإننا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬حكوماتنا‭ ‬الخليجية‭ ‬حريصة‭ ‬كل‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬بلدانها‭ ‬وعلى‭ ‬دماء‭ ‬أشقائها‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬وأنها‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الحسابات‭ ‬والمواقف‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الدروس‭ ‬والعِبر‭ ‬التي‭ ‬اكتسبناها‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ختاما‭ ‬وبمزيد‭ ‬من‭ ‬الولاء‭ ‬والوفاء‭ ‬نقدم‭ ‬أصدق‭ ‬التهاني‭ ‬وأسمى‭ ‬التبريكات‭ ‬لقيادتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬وصاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬ولعموم‭ ‬الأسرة‭ ‬الخليفية‭ ‬الكريمة‭ ‬وشعب‭ ‬البحرين‭ ‬العربي‭ ‬الأبي‭ ‬الوفي‭ ‬الأمين،‭ ‬داعيا‭ ‬الله‭ ‬العلي‭ ‬القدير‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬بالخير‭ ‬والمسرات،‭ ‬وأن‭ ‬يمتعنا‭ ‬بعيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك‭ ‬أعواما‭ ‬عديدة‭ ‬وأزمنة‭ ‬مديدة‭ ‬وأن‭ ‬يجعلنا‭ ‬من‭ ‬الفائزين‭ ‬الغانمين‭ ‬برضوان‭ ‬الله‭ ‬وعونه‭ ‬وبركته‭ ‬ويعين‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬مسيرة‭ ‬البناء‭ ‬والإصلاح‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬ويحفظ‭ ‬بلادنا‭ ‬وأمتنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬الأشرار‭ ‬ويرد‭ ‬كيدهم‭ ‬إلى‭ ‬نحورهم‭. ‬وكل‭ ‬عام‭ ‬ومملكتنا‭ ‬الحبيبة‭ ‬بخير‭ ‬وتقدم‭ ‬ونهوض‭.‬

 

{ أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا