العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

رسالة الإمام الأكبر

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الدكتور‭ ‬أحمد‭ ‬الطيب‭ ‬شيخ‭ ‬الأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬ألقى‭ ‬كلمة‭ ‬في‭ ‬الاحتفال‭ ‬بليلة‭ ‬القدر‭. ‬هذه‭ ‬الكلمة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬التأمل،‭ ‬إذ‭ ‬أثار‭ ‬فيها‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الكبرى،‭ ‬وما‭ ‬قاله‭ ‬بخصوصها‭ ‬يستحق‭ ‬أن‭ ‬نستخلص‭ ‬منه‭ ‬الدروس‭.‬

كلمة‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬تركزت‭ ‬بالطبع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬وما‭ ‬تثيره‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬عالمية‭ ‬وعربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬ونستخلص‭ ‬الدروس‭.‬

ثلاث‭ ‬قضايا‭ ‬كبرى‭ ‬أثارها‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭. ‬لنتأمل‭ ‬ماذا‭ ‬قال‭ ‬بخصوصها‭.‬

القضية‭ ‬الأولى‭: ‬الحال‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والموقف‭ ‬العالمي‭ ‬منها‭.‬

قال‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭: ‬‮«‬عالمنا‭ ‬المعاصر‭ ‬فَقد‭ ‬القيادة‭ ‬الرشيدة‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وراح‭ ‬يخبِطُ‭ ‬خبط‭ ‬عشواء،‭ ‬بلا‭ ‬عقل‭ ‬ولا‭ ‬حكمة‭ ‬ولا‭ ‬قانون‭ ‬دولي،‭ ‬وبات‭ ‬يندفع‭ ‬بلا‭ ‬كوابح‭ ‬نحو‭ ‬هاوية‭ ‬لا‭ ‬يَعرف‭ ‬التاريخ‭ ‬لها‭ ‬مَثيلا‭ ‬من‭ ‬قبل‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬الطيب‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬بعد‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬علاقات‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب‭ ‬استبدلنا‭ ‬بها‭ ‬وعلى‭ ‬نحو‭ ‬متسارع‭ ‬غريب‭ ‬علاقات‭ ‬الصراع‭ ‬والصدام،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تحول‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬البائس‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬علاقات‭ ‬صراع‭ ‬مسلح‭ ‬تطور‭ ‬أخيرا‭ ‬إلى‭ ‬صورة‭ ‬بالغة‭ ‬الغرابة‭ ‬والشذوذ‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭ ‬المسلحة‮»‬‭.‬

ما‭ ‬قاله‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬يدفعنا‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬موقفنا‭ ‬كدول‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬ودورنا‭ ‬المفترض‭ ‬فيه‭. ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مقولات‭ ‬مثل‭ ‬الحوار‭ ‬الحضاري‭ ‬وتفاعل‭ ‬الحضارات‭ ‬وما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬حضارتنا‭ ‬تتعرض‭ ‬لحرب‭ ‬شرسة‭ ‬وحرب‭ ‬إبادة‭. ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نفكر‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬تقوية‭ ‬دولنا‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتنا‭.‬

القضية‭ ‬الثانية‭: ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ومغزى‭ ‬الموقف‭ ‬الغربي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

يقول‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬البريء‭ ‬يتعرض‭ ‬لجرائم‭ ‬إبادة‭ ‬ومحرقة‭ ‬جماعية،‭ ‬وإن‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬يقودها‭ ‬‮«‬جيش‭ ‬مدجج‭ ‬بأحدث‭ ‬ما‭ ‬تقذف‭ ‬به‭ ‬مصانع‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬القتل‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬ويواجهون‭ ‬به‭ ‬شعبا‭ ‬مدنيا‭ ‬أعزل‮»‬‭.‬

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬أطلق‭ ‬على‭ ‬الذين‭ ‬يرتكبون‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭ ‬وينفذون‭ ‬هذه‭ ‬المحرقة‭ ‬‮«‬طغاة‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬زعموا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرن‭ ‬‮«‬هو‭ ‬قرن‭ ‬العلم‭ ‬والتقدم‭ ‬والرقي،‭ ‬وقرن‭ ‬الأخلاق‭ ‬الإنسانية‭ ‬والحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والأباطيل‭ ‬التي‭ ‬انطلَت‭ ‬على‭ ‬كثيرين‭ ‬منا،‭ ‬وحسِبوها‭ ‬حقائق‭ ‬ثابتة‭ ‬من‭ ‬حقائق‭ ‬الأذهان‭ ‬والأعيان‮»‬‭.‬

المعنى‭ ‬الأساسي‭ ‬هنا‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬جذريا‭ ‬في‭ ‬نظرتنا‭ ‬إلى‭ ‬الغرب‭ ‬ودعاواه‭ ‬الكاذبة‭ ‬حول‭ ‬الأخلاق‭ ‬والديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

القضية‭ ‬الثالثة‭: ‬وهي‭ ‬أهم‭ ‬قضية‭ ‬أثارها‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬تتعلق‭ ‬بالموقف‭ ‬العربي‭ ‬الراهن‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وسبب‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفعله‭.‬

الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬قال‭: ‬إن‭ ‬‮«‬حالة‭ ‬التنازع‭ ‬والتفرق‭ ‬التي‭ ‬درج‭ ‬عليها‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬قد‭ ‬أصابت‭ ‬الجميع‭ ‬بما‭ ‬يشبه‭ ‬حالة‭ ‬فقدان‭ ‬التوازن،‭ ‬وأعجزته‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬أزماته‭ ‬المتلاحقة‭ ‬مواجهة‭ ‬دقيقة‮»‬‭.‬

إذن‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬للعجز‭ ‬العربي‭ ‬عن‭ ‬مواجهة‭ ‬الأزمات‭ ‬هو‭ ‬حالة‭ ‬الفرقة‭ ‬والتشتت‭.‬

لهذا‭ ‬حدد‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬النهوض‭ ‬والقوة‭ ‬العربية‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إننا‭ ‬كعرب‭ ‬لن‭ ‬نستعيد‭ ‬قدرتنا‭ ‬على‭ ‬النهوض‭ ‬والتقدم‭ ‬ومواجهة‭ ‬أزماتنا‭ ‬بمسؤولية،‭ ‬إلا‭ ‬بتحقيق‭ ‬وحدة‭ ‬العرب‭ ‬وتطبيق‭ ‬سياسة‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتغليب‭ ‬المصالح‭ ‬العامة،‭ ‬والاتفاق‭ ‬على‭ ‬رؤى‭ ‬مستقبلية‭ ‬وخطط‭ ‬مشتركة‭ ‬مدروسة‭ ‬وقابلة‭ ‬للتنفيذ،‭ ‬فتعاملنا‭ ‬مع‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬والقدس‭ ‬الشريف‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬حجم‭ ‬ما‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬به‭ ‬علينا‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬بشرية‭ ‬وطبيعية‭ ‬هائلة‭ ‬ومن‭ ‬قوة‭ ‬ومن‭ ‬طاقات‭ ‬جبارة‭ ‬لا‭ ‬تنفد‮»‬‭.‬

إن‭ ‬كان‭ ‬للعرب‭ ‬أن‭ ‬يستخلصوا‭ ‬درسا‭ ‬أساسيا‭ ‬مما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والعجز‭ ‬العربي‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الإمام‭ ‬الأكبر‭. ‬لا‭ ‬خلاص‭ ‬للعرب‭ ‬إلا‭ ‬بالوحدة‭ ‬وبحشد‭ ‬واستغلال‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والقدرات‭ ‬العربية‭ ‬المهولة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا