العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

تعليقات كوشنر.. وملامح سياسة «إدارة ترامب» المحتملة في الشرق الأوسط

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الخميس ٠٤ أبريل ٢٠٢٤ - 02:00

مع‭ ‬استمرار‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬والدمار‭ ‬الشامل‭ ‬الذي‭ ‬أحدثته‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر2023،‭ ‬والذي‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني؛‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬وتدمير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬المباني،‭ ‬والكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬القطاع؛‭ ‬وصف‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتنسيق‭ ‬الإغاثة‭ ‬‮«‬مارتن‭ ‬غريفيث‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬فشل‭ ‬أخلاقي‮»‬،‭ ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نشعر‭ ‬بالعار‭ ‬جميعا‭ ‬حياله‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬تجاهل‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬نداءات‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الأمريكية‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭ ‬وتقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬العاجلة‭ ‬للمدنيين؛‭ ‬فإن‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقبلة‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬تثير‭ ‬احتمال‭ ‬دخول‭ ‬رئيس‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬عبر‭ ‬سياسات‭ ‬كان‭ ‬خلالها‭ ‬الداعم‭ ‬الدولي‭ ‬الأقوى‭ ‬والأكثر‭ ‬حماسا‭ ‬لإسرائيل‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المنافس‭ ‬الرئيسي‭ ‬لـ«بايدن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬سيكون‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬لطالما‭ ‬تفاخر‭ ‬بـ«نضاله‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬مثيل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬آخر‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬رئاسته‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2017‭ ‬و2021‭. ‬ومع‭ ‬تقدمه‭ ‬على‭ ‬‮«‬بايدن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬بشكل‭ ‬يجب‭ ‬الاعتراف‭ ‬به‭ ‬والاستعداد‭ ‬له‭. ‬

وحينما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بسياسة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬المستقبلية‭ ‬المحتملة‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ومصير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أوضحت‭ ‬التعليقات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬صهر‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬ومستشاره‭ ‬السابق،‭ ‬‮«‬جاريد‭ ‬كوشنر‮»‬،‭ ‬ملامح‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬المؤيد‭ ‬بقوة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬‮«‬تخليا‭ ‬تاما‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي‭.‬

ومع‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العقارات،‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬خبرة‭ ‬حكومية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬سابقة‭ ‬لديه،‭ ‬فقد‭ ‬شغل‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬رئاسة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬منصب‭ ‬مستشاره‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حيال‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط؛‭ ‬شمل‭ ‬ذلك‭ ‬الإجراءات‭ ‬والتدابير‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالإسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬ففي‭ ‬ظل‭ ‬توجهاته‭ ‬واستشاراته،‭ ‬قام‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬بنقل‭ ‬السفارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬إلى‭ ‬القدس،‭ ‬وطرح‭ ‬ما‭ ‬سُمى‭ ‬بـ«صفقة‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬انتقدها‭ ‬المراقبون،‭ ‬باعتبارها‭ ‬خطة‭ ‬لتعزيز‭ ‬السيطرة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

ومنذ‭ ‬مغادرته‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬واصل‭ ‬المستشار‭ ‬الرئاسي‭ ‬السابق،‭ ‬ملاحقة‭ ‬الصفقات‭ ‬العقارية‭ ‬الكبرى‭ ‬عالميا‭. ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬في‭ ‬‮«‬صربيا‮»‬،‭ ‬و«ألبانيا»؛‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وتدمير‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والمنازل‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتهجير‭ ‬المدنيين‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬هناك‭ ‬قسرا،‭ ‬قد‭ ‬أثار‭ ‬اهتمامه‭ ‬بمدى‭ ‬ثراء‭ ‬القيمة‭ ‬التجارية‭ ‬لساحل‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استغلالها‭ ‬ماليًا‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالحه‭.‬

وفي‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬مبادرة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بجامعة‭ ‬‮«‬هارفارد‮»‬،‭ ‬البروفيسور‭ ‬‮«‬طارق‭ ‬مسعود‮»‬‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬فبراير‭ ‬2024‭ ‬والتي‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024‭ ‬قلل‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬والناجمة‭ ‬عن‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والغزو‭ ‬البري،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬الإبعاد‭ ‬القسري‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أراضيهم،‭ ‬والاستيلاء‭ ‬الفعلي‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بهدف‭ ‬تحويلها‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أراض‭ ‬ساحلية‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬وصفه‭. ‬وللقيام‭ ‬بذلك،‭ ‬تبنى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطابات‭ ‬المماثلة‭ ‬والمناهضة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬الخاصة‭ ‬بالقوميين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬المتطرفين‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬رغباتهم‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والاستيطان‭ ‬فيها‭.‬

وبشكل‭ ‬عام،‭ ‬تُظهر‭ ‬تعليقاته‭ ‬‮«‬استخفافا‭ ‬صادما‮»‬،‭ ‬بحياة‭ ‬الإنسان‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الوضع‭ ‬المروع‭ ‬الذي‭ ‬نزح‭ ‬فيه‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬مدني‭ ‬داخليًا،‭ ‬ومواجهة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬شخص‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬الحاد،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬معاناة‭ ‬الأطفال‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬حتى‭ ‬الموت،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بوسع‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصف‭ ‬هذا‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬وضع‭ ‬مؤسف‮»‬‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬بعض‭ ‬الاقتراحات‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لصانعي‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب،‭ ‬وتوفير‭ ‬الدعم‭ ‬الضروري‭ ‬للمدنيين،‭ ‬ركز‭ ‬على‭ ‬‮«‬المنظور‭ ‬الإسرائيلي‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬خطوة‮»‬‭ ‬لحكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬نقل‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬القطاع‭ ‬وإخراجهم‭ ‬منه‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نظام‭ ‬روما‭ ‬الأساسي‭ ‬للمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬يقر‭ ‬بأن‭ ‬جرائم‭ ‬‮«‬الترحيل،‭ ‬أو‭ ‬النقل‭ ‬القسري‮»‬‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬تعد‭ ‬جرائم‭ ‬مناهضة‭ ‬للإنسانية،‭ ‬ترقى‭ ‬لمستوى‭ ‬خطورة‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬والتعذيب‭ ‬والاستعباد؛‭ ‬فمن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬النازحين‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬فكرة‭ ‬عابرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لـ«كوشنر»؛‭ ‬حيث‭ ‬اقترح‭ ‬أن‭ ‬صحراء‭ ‬النقب‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬خيارًا‭ ‬أفضل‮»‬،‭ ‬لنقل‭ ‬هؤلاء‭ ‬المدنيين‭ ‬النازحين‭ ‬إليها‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬من‭ ‬‮«‬إكمال‭ ‬حربه‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬

وبشكل‭ ‬واضح،‭ ‬تجلت‭ ‬حالة‭ ‬اللامبالاة‭ ‬بحقوق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لدى‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬عندما‭ ‬سأله‭ ‬‮«‬مسعود‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬‮«‬مخاوف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬سماح‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعودة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬النازحين‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬أراضيهم‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إجابة‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬منه‭ ‬سوى‭ ‬بكلمة‭ ‬‮«‬ربما‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أضاف‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يتبقى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬بغزة،‭ ‬ليعودوا‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بما‭ ‬سيتم‭ ‬فعله‭ ‬بالقطاع‭ ‬بعد‭ ‬إبعاد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واجهة‭ ‬غزة‭ ‬البحرية‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬كبيرة‮»‬‭ ‬للمشترين‭ ‬المحتملين‭. ‬وبالتأكيد‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬هو‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة‭ ‬أو‭ ‬الصفقة‭ ‬المحتملة‭.‬

وتعكس‭ ‬تعليقات‭ ‬المستشار‭ ‬الرئاسي‭ ‬السابق،‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬يدلي‭ ‬بها‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬المتطرفون‭ ‬بشأن‭ ‬الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وإجلاء‭ ‬سكانها‭ ‬منها‭ ‬ليحل‭ ‬محلهم‭ ‬المستوطنون‭ ‬اليهود‭. ‬وبالفعل،‭ ‬أيد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬وزير‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬‮«‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‮»‬،‭ ‬ووزير‭ ‬المالية‭ ‬‮«‬بتسلئيل‭ ‬سموتريش‮»‬،‭ ‬مسألة‭ ‬إبعاد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬واستيطانها‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاستيلاء‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬كما‭ ‬ادعى‭ ‬‮«‬سموتريش‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس2023،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالأساس‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطينية‮»‬‭. ‬ولم‭ ‬يمض‭ ‬سوى‭ ‬عام‭ ‬حتى‭ ‬شكك‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬بالمثل‭ ‬في‭ ‬شرعية‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬ملكية‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة‭ ‬‮«‬لن‭ ‬تكون‭ ‬أمرا‭ ‬طارئًا،‭ ‬أو‭ ‬سابقة‭ ‬تاريخية‮»‬،‭ ‬بقدر‭ ‬كونها‭ ‬‮«‬نتيجة‭ ‬حرب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وحماس‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬تأكيداته‭ ‬المعلنة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬روج‭ ‬لها‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬اليمينيون‭ ‬المتطرفون‭ ‬الزعم‭ ‬بأن‭ ‬الإدارة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬القادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وحماس‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أعاقت‭ ‬نمو‭ ‬غزة‭ ‬اقتصاديًا،‭ ‬وليس‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المستمر‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬القطاع‭. ‬وتم‭ ‬انتقاد‭ ‬هذه‭ ‬الرواية‭ ‬بشكل‭ ‬شامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقارير‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‭ (‬الأونكتاد‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬الآثار‭ ‬الكارثية‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬‮«‬القيود‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬الأشخاص‭ ‬والبضائع‮»‬،‭ ‬و«تدمير‭ ‬الأصول‭ ‬الإنتاجية‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتكررة‮»‬،‭ ‬والحظر‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬استيراد‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬والمدخلات‭ ‬الرئيسية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬بدوره‭ ‬إلى‭ ‬تفريغ‭ ‬اقتصاد‭ ‬غزة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عزلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬القطاع‭ ‬برمته‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭.‬

وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الطريقة‭ ‬التي‭ ‬كرر‭ ‬بها‭ ‬خلال‭ ‬مقابلته‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬هارفارد‮»‬،‭ ‬الخطاب‭ ‬العدائي‭ ‬تجاه‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬الذي‭ ‬يستخدمه‭ ‬السياسيون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬المتطرفون،‭ ‬ووضع‭ ‬أولوية‭ ‬الفرص‭ ‬العقارية‭ ‬التجارية‭ ‬بوضوح‭ ‬فوق‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للمدنيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬داخل‭ ‬منطقة‭ ‬الحرب؛‭ ‬فليس‭ ‬غريبا‭ ‬مدى‭ ‬الانتقادات‭ ‬الموجهة‭ ‬لتصريحاته،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬سريعة‭ ‬ولاذعة‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد‭. ‬وانتقد‭ ‬الصحفي‭ ‬والمحلل‭ ‬الأمريكي،‭ ‬‮«‬بن‭ ‬نورتون‮»‬،‭ ‬اقتراحه‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬‮«‬سال‭ ‬لعابه‮»‬‭ ‬من‭ ‬احتمال‭ ‬حصوله‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬القطاع‭. ‬

واستمرارا،‭ ‬أعرب‭ ‬‮«‬ديلان‭ ‬ويليامز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬استيائه‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬شخصية‭ ‬سياسية‭ ‬أمريكية‭ ‬معروفة‭ ‬مثله،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬‮«‬تدافع‭ ‬علنا‭ ‬عن‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬فيما‭ ‬أدان‭ ‬‮«‬جوش‭ ‬روجين‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬واشنطن‭ ‬بوست‮»‬،‭ ‬‮«‬حجم‭ ‬القسوة‭ ‬المطلقة‭ ‬لهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬والتصريحات‭ ‬العدائية‮»‬،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ينبغي‭ ‬فهم‭ ‬تعليقاته‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬صورة‭ ‬متوقعة‭ ‬لما‭ ‬ستبدو‭ ‬عليه‭ ‬سياسة‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬الاستنتاج‭ ‬الذي‭ ‬توصل‭ ‬إليه‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬باتريك‭ ‬وينتور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬‭. ‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬روزينا‭ ‬سابور‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التليجراف‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬نفى‭ ‬بالفعل‭ ‬مسألة‭ ‬عودته‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬المحتملة‭ ‬لولاية‭ ‬ترامب‭ ‬الثانية،‭ ‬و«ابتعد‭ ‬كليا‭ ‬عن‭ ‬الحملة‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2024‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬إريك‭ ‬بازايل‭-‬إيميل‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬بوليتيكو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التعليقات‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬‮«‬الجمهوريين‮»‬،‭ ‬ومحاولات‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬المطالبات‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬والمواطنة‭.‬

ولعل‭ ‬التصريحات‭ ‬الأخيرة‭ ‬لـ«ترامب‮»‬،‭ ‬نفسه‭ ‬هي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭. ‬وفي‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬أكد‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬متفق‮»‬‭ ‬مع‭ ‬سياسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬كافة‭ ‬مشاكلها‭ ‬الأمنية‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬انتقد‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬سوان‮»‬،‭ ‬و«ماجي‭ ‬هابرمان‮»‬،‭ ‬و«مايكل‭ ‬جولد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬تصريحات‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬ودعوته‭ ‬إلى‭ ‬إنكار‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وترحيلهم‭ ‬القسري‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬النقب،‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقبلية؛‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬روجين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ترسم‭ ‬بالفعل‭ ‬ملامح‭ ‬سياسات‭ ‬الإدارة‭ ‬الجمهورية‭ ‬المستقبلية‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وعملية‭ ‬السلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وفي‭ ‬الأسابيع‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬هارفارد‮»‬،‭ ‬منحت‭ ‬رابطة‭ ‬مكافحة‭ ‬التشهير‭ ‬‭ ‬وهي‭ ‬منظمة‭ ‬بارزة‭ ‬للوبي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬جائزة‭ ‬لـ«عمله‭ ‬الحيوي‭ ‬والمؤثر‭ ‬للغاية‭ ‬بشأن‭ ‬تعزيز‭ ‬قضية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬رئيس‭ ‬الرابطة‭ ‬‮«‬جوناثان‭ ‬جرينبلات‮»‬‭. ‬ووفقا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المراقبين،‭ ‬فإن‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التكريم‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬محله‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تحظى‭ ‬تعليقاته‭ -‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬‭ ‬باهتمام‭ ‬واسع؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لأنه‭ ‬لطالما‭ ‬كان‭ ‬ينصح‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬بتهميش‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬واتباع‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬مؤيدة‭ ‬بشدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قوض‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬دور‭ ‬الوساطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬برمتها‭. ‬وبعد‭ ‬تصريحاته‭ ‬التي‭ ‬تناقلتها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬الرائدة،‭ ‬وتغطيتها‭ ‬لمواقفه‭ ‬تجاه‭ ‬التهجير‭ ‬القسري‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬واحتلال‭ ‬إسرائيل‭ ‬للقطاع،‭ ‬ورفض‭ ‬قيام‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقبلية،‭ ‬أصبحت‭ ‬صورة‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬،‭ ‬كمحاور‭ ‬موثوق‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬أمرًا‭ ‬غير‭ ‬مقبول،‭ ‬وغير‭ ‬منطقي‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬الثانية‭ ‬المحتملة،‭ ‬عودة‭ ‬لصهره‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض؛‭ ‬فإن‭ ‬تجاهل‭ ‬‮«‬كوشنر‮»‬‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والقانون‭ ‬الدولي؛‭ ‬يعكس‭ ‬مواقف‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الجمهوريين‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ترامب‭ ‬‭ ‬تجاه‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والحرب‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬وأفعال‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬ومسؤوليه‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬تجاه‭ ‬الحرب‭ ‬قد‭ ‬تعرضت‭ ‬أيضا‭ ‬لانتقادات‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق؛‭ ‬يظل‭ ‬واضحا‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬المقبلة‭ ‬لن‭ ‬تقدم‭ ‬أي‭ ‬إنفراجة‭ ‬للفلسطينيين،‭ ‬وحماية‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬للمدنيين،‭ ‬والتمسك‭ ‬بمعايير‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا