العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤١ - الخميس ٠٢ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٣ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

ركن المكتبة: إصدارات ثقافية..

إعداد: يحيى الستراوي

السبت ٣٠ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

«عزيزي الموت الوقح» للأديبة التركية لطيفة تكين بترجمة عربية

 

صدرت‭ ‬حديثًا‭ ‬عن‭ ‬منشورات‭ ‬مرفأ‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬وإسطنبول‭ ‬ترجمة‭ ‬عربية‭ ‬لرواية‭ ‬‮«‬عزيزي‭ ‬الموت‭ ‬الوقح‮»‬‭ ‬للأديبة‭ ‬التركية‭ ‬لطيفة‭ ‬تكين،‭ ‬بتوقيع‭ ‬أحمد‭ ‬زكريا‭ ‬وملاك‭ ‬دينيز‭ ‬أوزدمير‭.‬

جاءت‭ ‬الرواية‭ ‬بنسختها‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬192‭ ‬صفحة‭. ‬وتتحدث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬هوفات‭ ‬أكتاش‮»‬‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬وهو‭ ‬ابن‭ ‬قرية‭ ‬ألاجوفيك‭ ‬الذي‭ ‬يقرر‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬والسكن‭ ‬فيها‭.‬

ومما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقديمها‭:‬

‮«‬قد‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬أن‭ ‬حكاية‭ ‬الرواية‭ ‬مكررة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬طريقة‭ ‬الكاتبة‭ ‬في‭ ‬السرد‭ ‬مشوقة،‭ ‬بصورها‭ ‬ولغتها‭ ‬الساحرة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬صورت‭ ‬لنا‭ ‬انغماس‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬في‭ ‬معتقداتهم‭ ‬وخرافاتهم‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬‮«‬هوفات‮»‬‭ ‬جاهدًا‭ ‬تغيير‭ ‬أفكارهم‭ ‬ومعتقداتهم‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬عنها‭. ‬فبعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬غياب‭ ‬هوفات‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬وأخيرًا‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭ ‬كزائر‭. ‬يؤسفه‭ ‬أن‭ ‬أهل‭ ‬قريته‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬كما‭ ‬تركهم‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭. ‬ولكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬خالي‭ ‬اليدين‭ ‬بل‭ ‬جاء‭ ‬بحافلته‭ ‬الخاصة‭ ‬ذات‭ ‬اللون‭ ‬الأزرق‭. ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لم‭ ‬يتقبل‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬ذلك‭ ‬الشيء‭ ‬وظلوا‭ ‬يتفحصونه‭ ‬بغرابة‭. ‬ولكن‭ ‬بعدما‭ ‬أخذهم‭ ‬سائق‭ ‬هوفات‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬على‭ ‬الحافلة‭ ‬قبلوا‭ ‬بها‭ ‬وأحبوها‭ ‬بما‭ ‬أنها‭ ‬ستريحهم‭ ‬من‭ ‬التنقل‭ ‬مشيًا‭ ‬على‭ ‬الأقدام‭.‬

ظل‭ ‬هوفات‭ ‬يأتي‭ ‬إلى‭ ‬القرية‭ ‬بين‭ ‬فترة‭ ‬وأخرى‭ ‬ومعه‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬يفيد‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬ويعينهم‭ ‬على‭ ‬قضاء‭ ‬حوائجهم‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬الطرق‭ ‬البدائية‭. ‬وفي‭ ‬المرة‭ ‬الثانية‭ ‬جاء‭ ‬ومعه‭ ‬‮«‬موقد‮»‬‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يتجمعوا‭ ‬حول‭ ‬النار‭. ‬لكن‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬خافوا‭ ‬منه‭ ‬ولم‭ ‬يتقبّلوا‭ ‬الموقد‭. ‬في‭ ‬المرة‭ ‬الثالثة‭ ‬حضر‭ ‬هوفات‭ ‬ومعه‭ ‬‮«‬راديو‮»‬‭ ‬مما‭ ‬سبب‭ ‬لهم‭ ‬رعبًا‭ ‬شديدًا‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬أصيب‭ ‬بسكتة‭ ‬دماغية‭ ‬وأجهضت‭ ‬النساء‭.‬

رغم‭ ‬أن‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬لم‭ ‬يتقبلوا‭ ‬بسهولة‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يحضرها‭ ‬هوفات‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬حاول‭ ‬بجهد‭ ‬أن‭ ‬يغيّر‭ ‬حياتهم‭. ‬وفي‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬جاء‭ ‬هوفات‭ ‬ومعه‭ ‬‮«‬امرأة‭ ‬بيضاء‭ ‬كالحليب‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الراوية‭. ‬استنكر‭ ‬أهالي‭ ‬القرية‭ ‬تلك‭ ‬البشرة‭ ‬البيضاء‭ ‬المحمرة‭ ‬والملابس‭ ‬المكشوفة‭ ‬بمبالغة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭. ‬لمستها‭ ‬النساء‭ ‬وبصقن‭ ‬على‭ ‬أكفهن‭ ‬ومسحنها‭ ‬على‭ ‬وجنتيها‭ ‬ليتأكدن‭ ‬من‭ ‬حمرة‭ ‬خديها‭. ‬ذكرن‭ ‬الله‭ ‬كثيرًا‭. ‬شد‭ ‬الأطفال‭ ‬تنورتها‭ ‬وشعرها‭ ‬حتى‭ ‬أغمي‭ ‬عليها‭. ‬وهي‭ ‬إحدى‭ ‬الشخصيات‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬الرواية،‭ ‬زوجة‭ ‬‮«‬هوفات‭ ‬أكتاش‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تدعى‭ ‬‮«‬عطية‮»‬‭.‬

يتركها‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬القرية‭ ‬ويغيب‭ ‬عنها‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬9‭ ‬أشهر‭. ‬تعتاد‭ ‬ابنة‭ ‬المدينة‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬أهل‭ ‬القرية‭ ‬وحياتهم‭ ‬بل‭ ‬وتتعلم‭ ‬أشياءً‭ ‬كثيرة‭ ‬كالحياكة‭ ‬وحلب‭ ‬الماعز‭ ‬واستخدام‭ ‬الأعشاب‭ ‬وجذور‭ ‬الباذنجان‭ ‬وريش‭ ‬الدجاج‭ ‬وأعواد‭ ‬القشة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإجهاض‭.‬

هذه‭ ‬الرواية‭ ‬ساحرة،‭ ‬عميقة‭ ‬ودسمة‭ ‬جدًا،‭ ‬تحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬والعبر‭ ‬التي‭ ‬حاول‭ ‬ربما‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬محاربتها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نشر‭ ‬التعليم‭ ‬والفكر‭ ‬الصحيح‭ ‬والتخلص‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والأفكار‭ ‬القديمة‭ ‬البائسة،‭ ‬كخرافة‭ ‬كتابة‭ ‬التمائم‭ ‬التي‭ ‬صدقتها‭ ‬فتيات‭ ‬القرية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أسباب‭ ‬عدة‭ ‬وتم‭ ‬اغتصابهم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬شيخ‭ ‬القرية‭.‬

تمشي‭ ‬الرواية‭ ‬في‭ ‬جوّ‭ ‬من‭ ‬الواقعيّة‭ ‬السحريّة،‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬الفولكلور‭ ‬والتقاليد‭ ‬الأناضوليّة‭ ‬ذات‭ ‬الثقافات‭ ‬المتعددة‭. ‬وتسيرُ‭ ‬السرديّة‭ ‬في‭ ‬رحاب‭ ‬لغة‭ ‬مثيرة‭ ‬يمكن‭ ‬تتبّعها‭ ‬عبر‭ ‬مفاصل‭ ‬ومنعرجات‭ ‬الرواية،‭ ‬تحكي‭ ‬سيرة‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬ازدهرت‭ ‬فيها‭ ‬الهجرة‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬إلا‭ ‬أنّ‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يحصرُها‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬معيّنة‭ ‬بل‭ ‬يضفي‭ ‬عليها‭ ‬انطباعًا‭ ‬بأنّها‭ ‬خالدة‭.‬

سردٌ‭ ‬ملحميٌّ‭ ‬تركيّ‭ ‬تقليديّ‭ ‬يُمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬معالمه‭ ‬بكلمة‭ ‬رئيسة‭: ‬الجهل‭. ‬وبعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬نكتشف‭ ‬كيف‭ ‬أنّ‭ ‬الجهل‭ ‬المتكامل‭ ‬مع‭ ‬الدّين‭ ‬قد‭ ‬اغتصب‭ ‬بلدًا‭ ‬بأكمله،‭ ‬شريحة‭ ‬بأكملها‭.‬

‮«‬عزيزي‭ ‬الموت‭ ‬الوقح‮»‬‭ ‬رواية‭ ‬عن‭ ‬كفاح‭ ‬عائلة‭ ‬تهاجر‭ ‬من‭ ‬القرية‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬للتمسّك‭ ‬بالحياة‭ ‬مع‭ ‬الشياطين‭ ‬والجنيات‭ ‬والخرافات‭ ‬والجهل‭. ‬خليطٌ‭ ‬من‭ ‬المعتقدات‭ ‬الشعبيّة‭ ‬المطحونة‭ ‬بمهارة‭ ‬فائقة،‭ ‬بجملٍ‭ ‬قصيرة‭ ‬وسردٍ‭ ‬لاهث‭.‬

لطيفة‭ ‬تكين‭: ‬كاتبة‭ ‬وأديبة‭ ‬تركية،‭ ‬ولدت‭ ‬عام‭ ‬1957م‭. ‬لديها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤلفات‭ ‬الروائية‭ ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬كاتبة‭ ‬سيناريو،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬رواية‭ ‬‮«‬عزيزي‭ ‬الموتُ‭ ‬الوقح‮»‬‭ ‬روايتها‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عام‭ ‬1983م‭. ‬تحدثت‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬القرية‭ ‬والناس‭ ‬والحياة‭ ‬في‭ ‬الأناضول،‭ ‬ما‭ ‬أكسبها‭ ‬شهرة‭ ‬واسعة‭ ‬أنتجت‭ ‬بعدها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الأدبية‭ ‬المهمة‭.‬

 

 

 

‭ ‬

 

 

 

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا