العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

آفاق التعاون بين «مجلس التعاون الخليجي» و«الاتحاد الأوروبي»

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٢٩ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

يجمع‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬و«الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬مجالات،‭ ‬كالاقتصاد،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والمناخ،‭ ‬والأمن،‭ ‬والتي‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬عديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬الجاد‭ ‬والهادف‭. ‬ومنذ‭ ‬إعلان‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬أخذت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬تتطور‭ ‬بشكل‭ ‬متسارع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون،‭ ‬خاصة‭ ‬أنها‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬الاقتصادات‭ ‬العالمية،‭ ‬كما‭ ‬يمثله‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وثامن‭ ‬أكبر‭ ‬هذه‭ ‬الاقتصادات‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭.‬

ويضم‭ ‬اقتصاد‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬27‭ ‬دولة‭ ‬أعضاء،‭ ‬ويبلغ‭ ‬ناتجه‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬16‭.‬7‭ ‬تريليون‭ ‬يورو،‭ ‬وتبلغ‭ ‬حصته‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬العالمية‭ ‬نحو‭ ‬13‭.‬7%،‭ ‬ويشكل‭ ‬الاندماج‭ ‬بين‭ ‬أعضائه‭ ‬أساس‭ ‬وضمانة‭ ‬للسلام‭ ‬والأمن‭ ‬والازدهار،‭ ‬فيما‭ ‬ترجع‭ ‬بدايات‭ ‬نشأته‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1951،‭ ‬بالمجموعة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للفحم‭ ‬والصلب‭ ‬التي‭ ‬ضمت‭ ‬6‭ ‬دول‭ ‬أعضاء،‭ ‬تطورت‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬أكبر‭ ‬سوق‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬بمقتضى‭ ‬معاهدة‭ ‬روما‭ ‬1957،‭ ‬حيث‭ ‬حرية‭ ‬انتقال‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬والأشخاص‭ ‬ورؤوس‭ ‬الأموال،‭ ‬ثم‭ ‬الاتحاد‭ ‬بمقتضى‭ ‬معاهدة‭ ‬‮«‬ماسترخت‮»‬‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1992،‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬التكامل‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الأوروبي،‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬توحيد‭ ‬العملة،‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمنية‭ ‬والخارجية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة،‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الهجرة‭ ‬واللجوء‭. ‬

أما‭ ‬اقتصاد‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬فيضم‭ ‬6‭ ‬دول‭ ‬أعضاء،‭ ‬ويبلغ‭ ‬ناتجه‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬2‭.‬4‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬مع‭ ‬توقع‭ ‬‮«‬البنك‭ ‬الدولي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬6‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050،‭ ‬ونشأ‭ ‬في‭ ‬مايو1981‭. ‬وترجع‭ ‬أهمية‭ ‬هذا‭ ‬التكتل‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬في‭ ‬إسهامه‭ ‬بنسبة‭ ‬23%‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬للنفط،‭ ‬فيما‭ ‬يبلغ‭ ‬نصيب‭ ‬‮«‬السعودية‮»‬،‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنتاج‭ ‬الخليجي‭ ‬للنفط‭ ‬57%،‭ ‬بمتوسط‭ ‬إنتاج‭ ‬يومي‭ ‬يربو‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬برميل،‭ ‬تمثل‭ ‬نحو10%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي،‭ ‬فيما‭ ‬تمتلك‭ ‬دوله‭ ‬أكبر‭ ‬احتياطي‭ ‬نفط‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬500‭ ‬مليار‭ ‬برميل،‭ ‬وثاني‭ ‬أعلى‭ ‬احتياطي‭ ‬من‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬43‭.‬3‭ ‬تريليون‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬المصدر‭ ‬الرئيسي‭ ‬والركيزة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لأمان‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬وصلت‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الاتحاد،‭ ‬فإنها‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬بعد‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة،‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬استكمال‭ ‬مقاومات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الجمركي،‭ ‬والسوق‭ ‬المشتركة،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬وحدتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وبعدها‭ ‬العمل‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬العملة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭. ‬ومنذ‭ ‬نشأة‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬اقتفاء‭ ‬خطوات‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأوروبي‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬وتطوير‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬المجموعة‭ ‬الأوروبية‭.‬

ويعد‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تجاري‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬بعد‭ ‬الصين،‭ ‬ويمثل‭ ‬نحو‭ ‬12‭.‬3%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬تجارة‭ ‬السلع‭ ‬لدول‭ ‬المجلس‭ ‬مع‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬7‭.‬8%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬واردات‭ ‬الخليج‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬التكتل‭ ‬الأوروبي؛‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الأخير‭ ‬الشريك‭ ‬الرئيسي‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬فيما‭ ‬يعد‭ ‬رابع‭ ‬أكبر‭ ‬شريك‭ ‬تصدير‭ ‬لدول‭ ‬المجلس،‭ ‬حيث‭ ‬تتوجه‭ ‬إليه‭ ‬6‭.‬9%‭ ‬من‭ ‬صادراتها‭. ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬العلاقات‭ ‬التجارية‭ ‬المهمة‭ ‬والمتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬ودورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لكل‭ ‬منطقة،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬جديدة‭ ‬للتعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستثماري‭.‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وقع‭ ‬الجانبان‭ ‬اتفاقية‭ ‬للتعاون،‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية،‭ ‬وتسهيل‭ ‬العلاقات‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬وتوسيع‭ ‬التعاون‭ ‬الإنمائي‭ ‬والفني،‭ ‬وزيادة‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الطاقة،‭ ‬والصناعة،‭ ‬والتجارة،‭ ‬والخدمات،‭ ‬والزراعة،‭ ‬ومصائد‭ ‬الأسماك،‭ ‬والاستثمار،‭ ‬والعلوم‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬والبيئة‭. ‬وأنشأت‭ ‬الاتفاقية‭ ‬مجالس،‭ ‬وعقدت‭ ‬اجتماعات‭ ‬وزارية‭ ‬سنوية‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬الجانبين،‭ ‬والمديرين‭ ‬الإقليميين،‭ ‬ولجان‭ ‬تعاون‭ ‬مشتركة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وأتاحت‭ ‬تطوير‭ ‬تعاون‭ ‬أوثق‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الطاقة،‭ ‬والنقل،‭ ‬والبحث‭ ‬والابتكار،‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬المشاورات‭ ‬السياسية‭ ‬المنتظمة،‭ ‬وأصبح‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬لدى‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ثلاث‭ ‬بعثات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬معتمدة‭ (‬السعودية،‭ ‬الإمارات،‭ ‬والكويت‭).‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬التطور‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬حينما‭ ‬اعتمدت‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬بيانا‭ ‬مشتركا،‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬أوروبية‭ ‬مع‭ ‬الخليج»؛‭ ‬بهدف‭ ‬توسيع‭ ‬وتعميق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬وبهذه‭ ‬المناسبة،‭ ‬علق‭ ‬الممثل‭ ‬الأعلى‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمنية‭ ‬‮«‬جوزيف‭ ‬بوريل،‭ ‬بأنه‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن،‭ ‬ووجود‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬تواجه‭ ‬النظام‭ ‬الدولي،‭ ‬وتفاقمها‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬سيستفيد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬شراكة‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬استراتيجية؛‭ ‬تشمل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬للعمل‭ ‬معًا‭ ‬بشكل‭ ‬أوثق‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬والتهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬العالمية،‭ ‬وأمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والتحول‭ ‬الأخضر،‭ ‬والرقمنة،‭ ‬والتجارة‭ ‬والاستثمار‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬استضافت‭ ‬‮«‬سلطنة‭ ‬عُمان‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬الدورة‭ ‬الـ‮«‬27‮»‬‭ ‬للمجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬وفيما‭ ‬ترأس‭ ‬الجانب‭ ‬الخليجي‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬العُماني‭ ‬‮«‬بدر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬البوسعيدي‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬ترأس‭ ‬الجانب‭ ‬الأوروبي‭ ‬‮«‬جوزيف‭ ‬بوريل‮»‬،‭ ‬الممثل‭ ‬الأعلى‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بمشاركة‭ ‬المفوضية‭ ‬الأوروبية‭ ‬والأمانة‭ ‬العامة‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

وقد‭ ‬تناول‭ ‬الاجتماع‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام،‭ ‬والتجارة‭ ‬والاستثمار،‭ ‬والطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬والهيدروجين‭ ‬الأخضر،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات،‭ ‬والتعليم،‭ ‬وتعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬كما‭ ‬استعرض‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الوزاري‮»‬،‭ ‬مسار‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ (‬20222027‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يرسم‭ ‬حقبة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المجالات؛‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحوار‭ ‬السياسي،‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬والتجاري،‭ ‬والاستثمار‭ ‬والطاقة،‭ ‬وتغير‭ ‬المناخ،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والبحث‭ ‬والابتكار،‭ ‬والصحة،‭ ‬والبيئة،‭ ‬والتعاون‭ ‬الإنساني،‭ ‬والتبادلات‭ ‬الشعبية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬حث‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الوزاري‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬التنفيذ‭ ‬وتخصيص‭ ‬الموارد‭ ‬الكافية‭ ‬لها،‭ ‬ووافق‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬حوار‭ ‬أمني‭ ‬منتظم‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين،‭ ‬ووجه‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬لاستكشاف‭ ‬إمكانية‭ ‬التنسيق،‭ ‬بشأن‭ ‬مبادرة‭ ‬الاتحاد‭ ‬للوجود‭ ‬البحري‭ ‬المنسق‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬غرب‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي،‭ ‬وترتيب‭ ‬منتدى‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬يُعقد‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭.‬

وفيما‭ ‬اعتمد‭ ‬الاجتماع،‭ ‬توصيات‭ ‬الحوار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬فقد‭ ‬وجه‭ ‬الحوارات‭ ‬المستقبلية‭ ‬لتعزيز‭ ‬سبل‭ ‬تحقيق‭ ‬تكامل‭ ‬أكثر‭ ‬كفاءة،‭ ‬وبيئات‭ ‬أعمال‭ ‬واستثمار‭ ‬مستدامة‭. ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬رحب‭ ‬بنتائج‭ ‬حوار‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬في‭ ‬2022،‭ ‬أكد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بعلاقات‭ ‬تجارة‭ ‬واستثمار‭ ‬ممتدة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬لزيادة‭ ‬تحفيز‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري،‭ ‬وتعزيز‭ ‬شروط‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق،‭ ‬ودعم‭ ‬السياسات‭ ‬المحفزة‭ ‬للاستثمار،‭ ‬فيما‭ ‬أعرب‭ ‬‮«‬المجلس‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭ ‬العميق‭ ‬لتطورات‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬تيسير‭ ‬حصول‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يكفي‭ ‬من‭ ‬الغذاء،‭ ‬والماء،‭ ‬والأدوية‭ ‬وفقًا‭ ‬للقانون‭ ‬الإنساني‭ ‬الدولي،‭ ‬وشدد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الحل‭ ‬السياسي‭ ‬للأزمة‭ ‬لتجنب‭ ‬تكرار‭ ‬هذه‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬وتأكيد‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

وتنفيذًا‭ ‬لنتائج‭ ‬هذه‭ ‬الدورة،‭ ‬قام‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬‮«‬جاسم‭ ‬البديوي‮»‬،‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2024،‭ ‬بزيارة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬البرلمان‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والتقى‭ ‬رئيسة‭ ‬بعثة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬شبه‭ ‬الجزيرة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد،‭ ‬وناقش‭ ‬مع‭ ‬الممثل‭ ‬الخاص‭ ‬للاتحاد‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬التحضيرات‭ ‬للمنتدى‭ ‬رفيع‭ ‬المستوى‭ ‬للأمن‭ ‬والتعاون‭ ‬الإقليمي‭ ‬بين‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬التعاون‮»‬،‭ ‬و«الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬المزمع‭ ‬عقده‭ ‬في‭ ‬أبريل،‭ ‬والموضوعات‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬مناقشتها‭ ‬خلال‭ ‬المنتدى،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬

وخلال‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء،‭ ‬تم‭ ‬مناقشة‭ ‬الموضوعات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬مسار‭ ‬إعفاء‭ ‬مواطني‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬من‭ ‬تأشيرة‭ ‬‮«‬شينجن‮»‬،‭ ‬فيما‭ ‬تمتلك‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬ملفًا‭ ‬قويًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الإعفاء‭. ‬وقد‭ ‬اتخذت‭ ‬بريطانيا‭ ‬بالفعل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة،‭ ‬وأصبح‭ ‬المواطن‭ ‬الخليجي‭ ‬معفيا‭ ‬من‭ ‬تأشيرتها،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬كانت‭ ‬قمة‭ ‬الدوحة‭ ‬الـ‮«‬44‮»‬،‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬قد‭ ‬أقرت‭ ‬التأشيرة‭ ‬الخليجية‭ ‬الموحدة‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬للزوار‭ ‬دخول‭ ‬الدول‭ ‬الست،‭ ‬فيما‭ ‬التقى‭ ‬‮«‬البديوي‮»‬،‭ ‬أيضًا‭ ‬اللجنة‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬بالاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬بحضور‭ ‬رئيسة‭ ‬اللجنة،‭ ‬مع‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يوليها‭ ‬الجانبان‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬التنسيق‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬الأمنية‭ ‬والتجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والسياسية‭.‬

وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬اعتماد‭ ‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬يعد‭ ‬تحولاً‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬الأخير،‭ ‬بعد‭ ‬إقراره‭ ‬أن‭ ‬المصالح‭ ‬الأوروبية‭ ‬قد‭ ‬تراجعت‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق،‭ ‬وأصبح‭ ‬هناك‭ ‬اتجاه‭ ‬متزايد‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬أسس‭ ‬مشتركة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬ودول‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬خاصة‭ ‬الخليجية،‭ ‬فيما‭ ‬يبتعد‭ ‬عما‭ ‬كان‭ ‬يتسم‭ ‬به‭ ‬عمله‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬أجندة‭ ‬أوروبية‭ ‬أحادية‭ ‬الجانب‭. ‬

ومن‭ ‬المُسلم‭ ‬به‭ ‬أن‭ ‬التوافق‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭ ‬ليس‭ ‬ضروريًا؛‭ ‬لأن‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬يبقى‭ ‬هدفًا‭ ‬مشتركًا‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اختلفت‭ ‬أساليب‭ ‬الأطراف‭ ‬في‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وبعد‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬مايو1922،‭ ‬أعلن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عن‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية‭ ‬مهمة‭ ‬مع‭ ‬الخليج،‭ ‬حيث‭ ‬سلطت‭ ‬الحرب‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬حاجة‭ ‬أوروبا‭ ‬الملحة،‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬صياغة‭ ‬نهجها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ودول‭ ‬الخليج،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬تجنب‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬جهات‭ ‬إقليمية‭ ‬فحسب،‭ ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عليها‭ ‬اتباع‭ ‬استراتيجية‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬لتحقيق‭ ‬السلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬والازدهار،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رؤية‭ ‬مستدامة‭ ‬وطويلة‭ ‬الأجل،‭ ‬تضمن‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬والمناخ‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬تعمل‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬إمكانية‭ ‬إقامة‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬باعتباره‭ ‬سوقًا‭ ‬رئيسية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬كميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الخضراء،‭ ‬ما‭ ‬يقلل‭ ‬بشكل‭ ‬استراتيجي‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬الصينية‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬حدد‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ثلاثة‭ ‬مجالات‭ ‬واعدة‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭: ‬هي‭ (‬كفاءة‭ ‬الطاقة‭ ‬والكهرباء،‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬اقتصاد‭ ‬الكربون‭ ‬الدائري‭). ‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬تُظهر‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬أوروبا‭ ‬والخليج،‭ ‬أهمية‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬متزايد‭ ‬التكامل‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والسياسي،‭ ‬وتعتبر‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬عاملًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬كونهما‭ ‬منطقتين‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬التعاون‭ ‬بينهما‭ ‬فوائد‭ ‬متبادلة‭ ‬كبيرة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار،‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬التجارة،‭ ‬والاستثمار،‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬والطاقة‭. ‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬أهم‭ ‬مظاهر‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسي‭ ‬تبدو‭ ‬أهمية‭ ‬التكامل‭ ‬والتنسيق‭ ‬في‭ ‬الملفات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬سنراه‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬في‭ ‬بروكسل‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا