العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

مأزق القيادة الأمريكية بسبب الحرب في غزة وأوكرانيا

بقلم: د. جيمس زغبي

الثلاثاء ٢٦ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

إن‭ ‬حروب‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وغزة‭ ‬تخلف‭ ‬تأثيرا‭ ‬أكثر‭ ‬دراماتيكية‭ ‬في‭ ‬التحالفات‭ ‬العالمية‭ ‬والسياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مقارنة‭ ‬بالحروب‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬والعراق‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬كل‭ ‬منهما‭. ‬ويحدث‭ ‬هذا‭ ‬دون‭ ‬مشاركة‭ ‬أي‭ ‬قوات‭ ‬أمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الصراعين‭.‬

لقد‭ ‬اندلعت‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭ ‬في‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬التحالفات‭ ‬العالمية‭ ‬ثابتة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬‮«‬الغرب‮»‬‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬يواجهون‭ ‬الكتلة‭ ‬السوفيتية‭ ‬وحركات‭ ‬التحرر‭ ‬الوطني‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدعمها‭. ‬

وقد‭ ‬رفضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬حركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬طالبت‭ ‬بالاستقلال‭ ‬عن‭ ‬كلتا‭ ‬الكتلتين،‭ ‬باعتبارها‭ ‬متأثرة‭ ‬بالسوفييت‭ ‬والصين‭. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬هزيمة‭ ‬أمريكية‭ ‬مذلة،‭ ‬فقد‭ ‬انتهت‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تغييرات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬التحالفات‭ ‬العالمية‭.‬

كان‭ ‬التأثير‭ ‬الحقيقي‭ ‬لفيتنام‭ ‬محسوسًا‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬أدت‭ ‬الانقسامات‭ ‬حول‭ ‬الحرب‭ ‬والتجنيد‭ ‬العسكري‭ ‬لملايين‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬احتجاجات‭ ‬جماهيرية‭. ‬وقد‭ ‬ساهم‭ ‬السخط‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الأوسع‭ ‬الناتج‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬في‭ ‬انهيار‭ ‬الثقافة‭ ‬السائدة‭ ‬التي‭ ‬ترسخت‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭.‬

وما‭ ‬ظهر‭ ‬في‭ ‬أعقابها‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬مضادة‭ ‬عبرت‭ ‬عن‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬الاحتجاجية‭ ‬ــ‭ ‬الثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭ ‬ــ‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تحديات‭ ‬السلطة‮»‬‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭. ‬أدت‭ ‬المعارضة‭ ‬الشديدة‭ ‬للحرب‭ ‬في‭ ‬فيتنام‭ ‬إلى‭ ‬تمزيق‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الفوضوي‭ ‬عام‭ ‬1968،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬رئاسة‭ ‬ليندون‭ ‬جونسون‭.‬

كان‭ ‬للحرب‭ ‬على‭ ‬العراق،‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬تأثير‭ ‬محلي‭ ‬أقل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬آنذاك‭. ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الانقسام‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬البعض،‭ ‬فقد‭ ‬استغرق‭ ‬الأمر‭ ‬سنوات‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تضطر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬ــ‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إعلان‭ ‬النصر‭ ‬أو‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالهزيمة‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تكاليفها‭ ‬الباهظة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأرواح‭ ‬والأموال،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الحرب‭ ‬تحويلية‭ ‬للثقافة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬النقاش‭ ‬الوطني‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬غالبية‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الحزبين‭ ‬أصبحوا‭ ‬يشعرون‭ ‬بالضجر‭ ‬والقلق‭ ‬من‭ ‬الحروب‭ ‬الجديدة‭ ‬نتيجة‭ ‬للجهود‭ ‬الفاشلة‭ ‬والمكلفة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬دعوة‭ ‬لمحاسبة‭ ‬الأكاذيب‭ ‬التي‭ ‬قادتنا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬أو‭ ‬السلوك‭. ‬للقوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬أو‭ ‬‮«‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‮»‬‭.‬

إن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬شيء،‭ ‬فهو‭ ‬أن‭ ‬خسائر‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬محسوسة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭. ‬لقد‭ ‬أدت‭ ‬السياسة‭ ‬الأحادية‭ ‬المتغطرسة‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬إدارة‭ ‬جورج‭ ‬دبليو‭ ‬بوش‭ ‬إلى‭ ‬نفور‭ ‬بعض‭ ‬الحلفاء‭ ‬الأوروبيين‭ ‬ودفعت‭ ‬دولاً‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬سلوكيات‭ ‬أمريكا‭ ‬الصلفة‭ ‬والقسرية‭.‬

لقد‭ ‬أهدرت‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬والتعاطف‭ ‬الذي‭ ‬اكتسبته‭ ‬بعد‭ ‬فظائع‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬أمريكا‭ ‬دولة‭ ‬تستحق‭ ‬الإعجاب،‭ ‬أصبح‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬باعتبارها‭ ‬دولة‭ ‬متغطرسة‭.‬

إن‭ ‬الحربين‭ ‬الراهنتين‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وغزة‭ ‬تلحقان‭ ‬الضرر‭ ‬بمكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬العالمية‭ ‬بطرق‭ ‬مختلفة‭. ‬ولكي‭ ‬نكون‭ ‬منصفين،‭ ‬فإن‭ ‬بذور‭ ‬تفكك‭ ‬مكانة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬سبقت‭ ‬هذين‭ ‬الحربين،‭ ‬وتعود‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إلى‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬الواضحة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬أمريكا،‭ ‬والضرر‭ ‬الذي‭ ‬خلفته‭ ‬المغامرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الفاشلة‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق،‭ ‬والتقلبات‭ ‬الفوضوية‭ ‬في‭ ‬تعاملها‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬بوش‭ ‬إلى‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬إلى‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬والآن‭ ‬الرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬والإذعان‭ ‬المستمر‭ ‬للمصالح‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬سلام‭ ‬عادل‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسرائيل،‭ ‬كلها‭ ‬أثرت‭ ‬سلباً‭ ‬في‭ ‬احترام‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬لها‭.‬

لقد‭ ‬ساهموا‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬الصين،‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أظهرت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستقلالية‭ ‬عن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬العالمية‭.‬

لقد‭ ‬أصيب‭ ‬حلفاء‭ ‬أمريكا‭ ‬الأوروبيون‭ ‬بالصدمة‭ ‬إزاء‭ ‬الهجوم‭ ‬الروسي‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فأبدوا‭ ‬دعمهم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬للجهود‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لمعاقبة‭ ‬روسيا‭ ‬ودعم‭ ‬السيادة‭ ‬الأوكرانية‭. ‬واتفقوا‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وتبنوا‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬ضد‭ ‬روسيا‭ ‬وقاطعوا‭ ‬الواردات‭ ‬الروسية‭.‬

وبعد‭ ‬مرور‭ ‬عامين‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬بدأ‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬يتلاشى‭. ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬أشهر،‭ ‬تساءل‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬اتباع‭ ‬قيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭. ‬فعندما‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ ‬استطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬التابعة‭ ‬لنا‭ ‬باستطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬سبع‭ ‬دول‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي،‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الأغلبية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تتفق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بلدانها‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭.‬

هناك‭ ‬دلائل‭ ‬على‭ ‬حدوث‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬القارة‭ ‬الأوروبية‭. ‬ومع‭ ‬عجز‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬تمرير‭ ‬حزمة‭ ‬مساعدات‭ ‬جديدة‭ ‬لأوكرانيا،‭ ‬فقد‭ ‬ظهرت‭ ‬علامات‭ ‬التذمر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬بشأن‭ ‬مستويات‭ ‬الدعم‭ ‬المستمرة‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭.‬

من‭ ‬جانبها،‭ ‬وجدت‭ ‬روسيا‭ ‬حلولاً‭ ‬بديلة‭ ‬للعقوبات‭ ‬التي‭ ‬تقودها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والتي‭ ‬اعتقدت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬أنها‭ ‬ستجعل‭ ‬البلاد‭ ‬تكبو‭ ‬وتجثو‭ ‬على‭ ‬ركبتيها‭. ‬وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬عززت‭ ‬روسيا‭ ‬علاقاتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وإيران،‭ ‬وكلاهما‭ ‬تواجهان‭ ‬أيضاً‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فرضتها‭ ‬عليهما‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومع‭ ‬دول‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬راغبة‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬للإملاءات‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالتغلب‭ ‬على‭ ‬مصالحها‭ ‬الذاتية‭.‬

وكان‭ ‬لتعامل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬مع‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تأثير‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬القيادة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وكما‭ ‬كانت‭ ‬استجابة‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬لأحداث‭ ‬الحادي‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬سبتمبر،‭ ‬فقد‭ ‬أهدرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬الدعم‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬شنته‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬عندما‭ ‬شنت‭ ‬هجوماً‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬الهجوم‭ ‬الذي‭ ‬يدينه‭ ‬كثيرون‭ ‬ويرون‭ ‬أنه‭ ‬يرقى‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

لعدة‭ ‬أشهر،‭ ‬أجهضت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭ ‬النداءات‭ ‬الدولية‭ ‬لوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬دعواتها‭ ‬الضعيفة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لحماية‭ ‬المدنيين،‭ ‬أبت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تأييد‭ ‬اتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬فعالة‭ ‬لكبح‭ ‬التصرفات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬عزل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬العالمي‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أقرب‭ ‬حلفائها‭ ‬الأوروبيين‭.‬

هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬في‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬الداخلية‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬هاتين‭ ‬الحربين‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬تقاوم‭ ‬أقلية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجمهوريين‭ ‬والديمقراطيين‭ ‬نفقات‭ ‬الميزانية‭ ‬لمواصلة‭ ‬تسليح‭ ‬أوكرانيا،‭ ‬فإن‭ ‬دعم‭ ‬الإدارة‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يحظى‭ ‬بدعم‭ ‬الجمهوريين‭ ‬ولكنه‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬كسر‭ ‬الديمقراطيين‭. ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬فيتنام،‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الانشقاق‭ ‬الداخلي‭ ‬إلى‭ ‬احتجاجات‭ ‬جماهيرية‭ ‬وتعبيرات‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬البلاد‭.‬

ولأن‭ ‬معارضة‭ ‬سياسات‭ ‬الإدارة‭ ‬امتدت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي،‭ ‬مع‭ ‬انضمام‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬اليهود‭ ‬الشباب‭ ‬والسود‭ ‬والتقدميين‭ ‬إلى‭ ‬المعركة،‭ ‬هناك‭ ‬احتمال‭ ‬حقيقي‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬احتجاجات‭ ‬جماهيرية‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬شيكاغو‭ ‬الديمقراطي‭ ‬هذا‭ ‬الصيف،‭ ‬مثل‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المناهضة‭ ‬لسياسات‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬احتجاجات‭ ‬فيتنام‭ ‬التي‭ ‬هزت‭ ‬اتفاقية‭ ‬عام‭ ‬1968‭.‬

خلاصة‭ ‬القول‭: ‬إن‭ ‬زعامة‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬تتعرض‭ ‬للتقويض،‭ ‬كما‭ ‬يتصدع‭ ‬تماسكها‭ ‬السياسي‭ ‬الداخلي‭ ‬بسبب‭ ‬تورطها‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬وغزة‭. ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحولات‭ ‬لها‭ ‬جذور‭ ‬في‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الأمريكية‭ ‬الماضية،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬لم‭ ‬تؤد‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬تسريع‭ ‬المسار‭ ‬السلبي‭ ‬لموقعها‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وطبيعة‭ ‬سياساتها‭.‬

 

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا