العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

العدوان الإسرائيلي على غزة والسقوط الأخلاقي الغربي

بقلم: د. رمزي بارود {

الاثنين ١٨ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

سنظل‭ ‬نتذكر‭ ‬طويلا‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬المقيتة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضد‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬كما‭ ‬سنظل‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الشنيعة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬عنوانا‭ ‬للانهيار‭ ‬الأخلاقي‭ ‬الغربي‭. ‬

وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬بدأت‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬عملية‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2003م،‭ ‬سقط‭ ‬فجأة‭ ‬كل‭ ‬إطار‭ ‬مرجعي‭ ‬أخلاقي‭ ‬أو‭ ‬قانوني‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬وحلفاءها‭ ‬الغربيين‭ ‬يعتزون‭ ‬به‭.‬

هرع‭ ‬القادة‭ ‬الغربيون‭ ‬عندها‭ ‬تباعا‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬واحدًا‭ ‬تلو‭ ‬الآخر،‭ ‬لتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬العسكري‭ ‬والسياسي‭ ‬والاستخباراتي‭ - ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تقديم‭ ‬شيك‭ ‬على‭ ‬بياض‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬اليميني‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وجنرالاته‭ ‬لتعذيب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والتنكيل‭ ‬بهم‭.‬

لقد‭ ‬بلغ‭ ‬الأمر‭ ‬بأمثال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬أول‭ ‬اجتماع‭ ‬لمجلس‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المناقشة‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

قال‭ ‬بلينكن‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬له‭ ‬يوم‭ ‬12‭ ‬أكتوبر‭: ‬‮«‬إنني‭ ‬أقف‭ ‬أمامكم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬كوزير‭ ‬خارجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬كيهودي‮»‬‭.‬

إن‭ ‬تفسير‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬مثير‭ ‬للقلق،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬نسجه،‭ ‬ولكنه‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬أن‭ ‬بلينكن‭ ‬قد‭ ‬فقد‭ ‬كل‭ ‬مصداقيته‭ ‬كأميركي،‭ ‬أو‭ ‬كسياسي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬كإنسان‭ ‬منصف‭.‬

أما‭ ‬رئيسه‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬وكأني‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يردد‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬يهوديا‭ ‬لكي‭ ‬تكون‭ ‬صهيونيا‮»‬‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لقد‭ ‬التزم‭ ‬بمبدئه،‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬صهيوني‮»‬‭. ‬إنه‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬الواقع‭.  ‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والسياسيين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬والغربيين،‭ ‬فقد‭ ‬تخلى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬والإنسانية‭ ‬تمامًا،‭ ‬وحتى‭ ‬قانون‭ ‬بلاده‭.‬

يحظر‭ ‬قانون‭ ‬ليهي‭ ‬‮«‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬ووزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدة‭ ‬العسكرية‭ ‬لوحدات‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬الأجنبية‭ ‬التي‭ ‬تنتهك‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‮»‬‭.‬

وبدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أيد‭ ‬بايدن،‭ ‬وعلى‭ ‬غرار‭ ‬بلينكن،‭ ‬الانتماء‭ ‬القبلي‭ ‬والمفاهيم‭ ‬الأيديولوجية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أدى‭ ‬ببساطة‭ ‬إلى‭ ‬صب‭ ‬الوقود‭ ‬على‭ ‬النار‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كونهم‭ ‬‮«‬أشخاصًا‭ ‬محميين‮»‬‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنهم،‭ ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬لا‭ ‬أهمية‭ ‬لهم‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬موتهم‭ ‬الجماعي‭ ‬يبدو‭ ‬حاسمًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬لاستعادة‭ ‬‮«‬قوتها‭ ‬الردعية‮»‬‭ ‬وحماية‭ ‬نفسها،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬تعبير‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت‭ ‬ضد‭ ‬‮«‬الحيوانات‭ ‬البشرية‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

لو‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬كلمة‭ ‬أقوى‭ ‬من‭ ‬النفاق‭ ‬لاستخدمتها‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬كافيا‭.‬

في‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬عقد‭ ‬كثيرون‭ ‬مقارنة‭ ‬محقة‭ ‬بين‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الغربيين‭ ‬تجاه‭ ‬غزة‭ ‬ورد‭ ‬فعلهم‭ ‬الغاضب‭ ‬على‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬عدد‭ ‬القتلى،‭ ‬بدت‭ ‬هذه‭ ‬المقارنة‭ ‬غير‭ ‬كافية‭. ‬وقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬خلال‭ ‬140‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬579‭ ‬طفلا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬عامين‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬سُئل‭ ‬منسق‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬جوزيب‭ ‬بوريل،‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬نوفمبر‭ ‬الماضي‭ ‬حول‭ ‬انتهاكات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬قدم‭ ‬إجابتين‭ ‬مختلفتين‭ ‬تمامًا‭. ‬

وقال‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬شرعية‭ ‬الفظائع‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬لست‭ ‬محاميا‮»‬‭. ‬وعندما‭ ‬تحول‭ ‬المحاور‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدى‭ ‬بوريل‭ ‬أي‭ ‬مخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭. ‬وقال‭: ‬‮«‬نعم،‭ ‬نعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬جريمة‭ ‬حرب،‭ ‬لقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬الصارخة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬سبب‮»‬‭.‬

ولم‭ ‬تتكرر‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وذلك‭ ‬ببساطة‭ ‬لأن‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الرئيسية‭ ‬يشعرون‭ ‬بالانزعاج،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬دقة،‭ ‬لا‭ ‬يجرؤون‭ ‬على‭ ‬التشكيك‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬إسرائيل‭ ‬المروع‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬عندما‭ ‬سنحت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفرص،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬إخفاء‭ ‬النفاق‭ ‬الصارخ‭. ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نتعجب،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬من‭ ‬ماثيو‭ ‬ميلر،‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ردا‭ ‬على‭ ‬مزاعم‭ ‬الاغتصاب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬وإسرائيل‭.‬

وعندما‭ ‬سُئل،‭ ‬في‭ ‬18‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي،‭ ‬عن‭ ‬مزاعم‭ ‬اغتصاب‭ ‬جنود‭ ‬إسرائيليين‭ ‬لنساء‭ ‬فلسطينيات‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬كان‭ ‬جوابه‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حثت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬‮«‬التحقيق‭ ‬بشكل‭ ‬شامل‭ ‬وشفاف‭ ‬في‭ ‬الادعاءات‭ ‬الموثوقة‮»‬‭.‬

لنقارن‭ ‬ذلك‭ ‬برده‭ ‬على‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬مزاعم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬التحقق‭ ‬منها‭ ‬بشأن‭ ‬اعتداءات‭ ‬جنسية‭ ‬تم‭ ‬الزعم‭ ‬بارتكابها‭ ‬من‭ ‬قبِل‭ ‬فلسطينيين،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬فضحها‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نفسها‭. ‬‮«‬لقد‭ ‬ارتكبوا‭ ‬الاغتصاب‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬في‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬يوم‭ ‬4‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‮»‬‭.‬

مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمثلة‭ ‬تصدر‭ ‬يوميا‭ ‬عن‭ ‬مئات‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬الغربيين‭ ‬وكبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإعلامية‭. ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬حطم‭ ‬عدد‭ ‬القتلى‭ ‬كل‭ ‬الأرقام‭ ‬القياسية‭ ‬للوحشية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬الحديث،‭ ‬وهم‭ ‬ما‭ ‬زالوا‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬‮«‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬،‭ ‬متجاهلين‭ ‬عمداً‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬خسرت‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬بمجرد‭ ‬انخراطها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬المطول‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1948‭.‬

والواقع‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بشأن‭ ‬قواعد‭ ‬الحروب‭ ‬والاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬يقع‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬ــ‭ ‬وضعته‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬اتفاقية‭ ‬جنيف‭ ‬الرابعة‭ ‬ــ‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬المحتل،‭ ‬وليس‭ ‬حق‭ ‬المحتل‭. ‬

وهذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬العريقة‭ ‬واضحة‭ ‬للأغلبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬البشرية،‭ ‬باستثناء‭ ‬سلطات‭ ‬واشنطن‭ ‬وعدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬أمثالها‭.‬

وبينما‭ ‬شهد‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬المبعوثين‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬19‭ ‬إلى‭ ‬26‭ ‬فبراير،‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المروع‭ ‬والاحتلال‭ ‬الذي‭ ‬طال‭ ‬أمده‭ ‬ونظام‭ ‬الفصل‭ ‬العنصري،‭ ‬أرسلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مبعوثها‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬محكمة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬شيء‭ ‬ما‭.‬

تحت‭ ‬عنوان‭ ‬مثير‭ ‬للسخرية‭ ‬هو‭ ‬‮«‬القائم‭ ‬بأعمال‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬حث‭ ‬ريتشارد‭ ‬فيسيك‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‭ ‬على‭ ‬تجاهل‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬تماما‭.‬

وقال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬للمحكمة‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ملزمة‭ ‬قانونا‭ ‬بالانسحاب‭ ‬الفوري‭ ‬وغير‭ ‬المشروط‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‮»‬‭.‬

ظلت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬جدًا،‭ ‬وخاصة‭ ‬منذ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬تنتهك‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأخلاقية‭ ‬ومختلف‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬طورتها‭ ‬وصياغتها‭ ‬وروجت‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬وفرضتها‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬لعقود‭ ‬عديدة‭.. ‬وهم‭ ‬حاليًا‭ ‬يقومون‭ ‬عمليًا‭ ‬بتفكيك‭ ‬قوانينهم‭ ‬الخاصة،‭ ‬والمعايير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تشكيلها‭.‬

والآن‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬بعض‭ ‬الزعماء‭ ‬الغربيين‭ ‬يشعرون‭ ‬بعدم‭ ‬الارتياح‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬متزايد‭ ‬مع‭ ‬تكشف‭ ‬فداحة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬أعلن‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬منهم،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬خجلهم،‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬ربما‭ ‬‮«‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‮»‬‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬حتى‭ ‬الاعتراف‭ ‬الصريح‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬لن‭ ‬يمحو‭ ‬حقيقة‭ ‬أنهم‭ ‬مشاركون‭ ‬نشطون‭ ‬في‭ ‬حملة‭ ‬القتل‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬نتنياهو‭.‬

وعندما‭ ‬يتم‭ ‬قول‭ ‬وفعل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬فإن‭ ‬دماء‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬المرعب‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سيتم‭ ‬تقاسمها‭ ‬بالتساوي‭ ‬بين‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬وبروكسل‭ ‬ولندن‭ ‬وسيدني‭ ‬وجميع‭ ‬المدافعين‭ ‬الآخرين‭ ‬عن‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬جريمة‭ ‬شنيعة‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬لن‭ ‬تُنسى‭ ‬أو‭ ‬تُغفر‭.‬

{ أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا