العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٠ - الأربعاء ٢٧ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

لا أحد يهتم بالعرب

في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعان‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العربي‭ ‬والاسلامي‭ ‬المفروض‭ ‬انهما‭ ‬مهمان‭. ‬الاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬اجتماع‭ ‬استثنائي‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭. ‬والثاني‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭.‬

بالطبع‭ ‬كان‭ ‬الموضوع‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬الاجتماعين،‭ ‬والوحيد‭ ‬تقريبا،‭ ‬هو‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والموقف‭ ‬العربي‭ ‬والاسلامي‭.‬

كما‭ ‬هي‭ ‬العادة‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الاجتماعين‭ ‬بيانان‭ ‬يتضمنان‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬والجرائم‭ ‬الصهيونية‭.‬

‭  ‬المفروض‭ ‬ان‭ ‬الاجتماعين‭ ‬معا‭ ‬وما‭ ‬يصدر‭ ‬عنهما‭ ‬لهما‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬اذ‭ ‬يعبران‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭.‬

‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬انه‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬أن‭ ‬اهتم‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بالاجتماعين‭ ‬وما‭ ‬صدر‭ ‬عنهما‭. ‬حتى‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬العالمة‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاعلام‭ ‬الكبرى‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬أخبار‭ ‬عن‭ ‬الاجتماعين‭ ‬أصلا‭ ‬وما‭ ‬صدر‭ ‬عنهما‭.‬

‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬التجاهل‭ ‬ليس‭ ‬غريبا،‭ ‬فهذه‭ ‬هي‭ ‬مكانة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬اليوم‭ ‬وحدود‭ ‬تأثيرها‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

لكن‭ ‬لماذا؟‭.. ‬لماذا‭ ‬يتجاهل‭ ‬العالم‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟

لأن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬بات‭ ‬يعلم‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬ما‭ ‬تقوله‭ ‬او‭ ‬تفعله‭ ‬سوى‭ ‬إصدار‭ ‬بيانات‭ ‬إنشائية‭ ‬لا‭ ‬تقدم‭ ‬ولا‭ ‬تؤخر‭ ‬وليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬وزن‭ ‬أو‭ ‬تأثير‭. ‬أعداء‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬من‭ ‬يعرفون‭ ‬هذا،‭ ‬ويتعاملون‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭. ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭ ‬حين‭ ‬يعلنون‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬ويصدرون‭ ‬بيانات‭ ‬يستخدمون‭ ‬لغة‭ ‬سياسية‭ ‬منقرضة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬النفوذ‭ ‬والتأثير‭.‬

لغة‭ ‬التصريحات‭ ‬والبيانات‭ ‬الانشائية‭ ‬والتهديد‭ ‬والوعيد‭ ‬اللفظي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬عملي‭ ‬محدد‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬لغة‭ ‬متداولة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬الا‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭ ‬والحزم‭ ‬والحسم‭ ‬العملي‭.‬

العجيب‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والاسلامية‭ ‬نفسها‭ ‬تعرف‭ ‬هذا،‭ ‬ولذلك‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬البيانات‭ ‬تحمل‭ ‬مواقف‭ ‬عجيبة‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬معنى‭ ‬ولا‭ ‬ضابط‭ ‬او‭ ‬رابط‭. ‬ولنتأمل‭ ‬مثلا‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الاجتماعين‭.‬

اجتماع‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي‭ ‬أصدر‭ ‬بيانا‭ ‬يبدو‭ ‬ناريا‭ ‬يحذر‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

تحذرهم‭ ‬من‭ ‬ماذا‭ ‬بالضبط؟‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ستفعله‭ ‬الدول‭ ‬الاسلامية‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬تستمع‭ ‬الدول‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬الابادة‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬التحذير؟‭.. ‬ماذا‭ ‬سيحدث‭ ‬لها؟‭ ‬وأي‭ ‬ثمن‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تدفعه؟‭ ‬طبعا‭ ‬لا‭ ‬شيء‭. ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬انه‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭.. ‬أي‭ ‬كلام‭.‬

والبيان‭ ‬يدعو‭ ‬الى‭ ‬فكّ‭ ‬الحصار‭ ‬ومنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائمها؟‭.. ‬تدعو‭ ‬من؟‭.. ‬ومن‭ ‬سيمنع‭ ‬إسرائيل؟‭ ‬وكيف؟

‭ ‬واجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬بيانه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ادان‭ ‬بالطبع‭ ‬بأشد‭ ‬العبارات‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وجرائمه،‭ ‬دعا‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬إصدار‭ ‬قرار‭ ‬يلزم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بوقف‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والعدوان‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬تعلم‭ ‬جيدا‭ ‬ان‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬عاجز‭ ‬مشلول‭ ‬وان‭ ‬الفيتو‭ ‬الأمريكي‭ ‬جاهز‭ ‬لمنع‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬ضد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬فما‭ ‬هي‭ ‬القيمة‭ ‬العملية‭ ‬إذن‭ ‬لهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬التي‭ ‬وجهوها‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن؟‭.. ‬وماذا‭ ‬ستفعل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬اذا‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬هذا‭ ‬القرار؟‭.. ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬مجرد‭ ‬كلام‭.. ‬أي‭ ‬كلام‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬أصبحت‭ ‬خارج‭ ‬حساب‭ ‬القوة‭ ‬والنفوذ‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬أعداء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬يشنّون‭ ‬علينا‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬همجية‭ ‬لم‭ ‬يشهدها‭ ‬التاريخ‭ ‬ونحن‭ ‬نحاربهم‭ ‬بالكلام‭ ‬الانشائي‭ ‬المملّ‭ ‬والبيانات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬مستفزة‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬هشاشتها‭ ‬وسذاجتها‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬أصبح‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهم‭ ‬غير‭ ‬موجودين‭ ‬أصلا‭ ‬ولا‭ ‬يستحقون‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭.‬

إذا‭ ‬استمر‭ ‬حال‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو،‭ ‬فإن‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬اليوم‭ ‬سوف‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭.‬

قلت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إنه‭ ‬طالما‭ ‬ان‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬تفعله‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬عملي‭ ‬تهدد‭ ‬به،‭ ‬فمن‭ ‬الأفضل‭ ‬ألا‭ ‬تعقد‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وتصدر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭. ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬ألا‭ ‬نصر‭ ‬هكذا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬نظهر‭ ‬للعام‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬خيبتنا‭ ‬وضعفنا‭ ‬وهواننا‭. ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬أكبر‭ ‬تشجيع‭ ‬لأعداء‭ ‬الأمة‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬مخططات‭ ‬إبادتنا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا