العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

بيئة العمل الآمنة والسليمة إحدى مرتكزات التنمية الاقتصادية

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الأحد ١٠ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

ارتبط‭ ‬الوجود‭ ‬البشري‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭ ‬بالعمل‭ ‬وعمارة‭ ‬الأرض‭ ‬والعمل‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لتنمية‭ ‬المجتمعات‭ ‬ورقيها‭ ‬ونماء‭ ‬اقتصادها‭ ‬الوطني،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يُصبح‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬عائقاً‭ ‬يُهدد‭ ‬ويشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬توافر‭ ‬معايير‭ ‬واشتراطات‭ ‬تؤمن‭ ‬السلامة‭ ‬والحماية‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة،‭ ‬فمن‭ ‬حق‭ ‬العامل‭ ‬أن‭ ‬يحظى‭ ‬بعمل‭ ‬لائق‭ ‬ومأمون‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬إنتاجيته‭ ‬كمّاً‭ ‬ونوعاً‭ ‬ويضمن‭ ‬سلامته‭ ‬وصحته‭ ‬وتمتعه‭ ‬بالحماية‭ ‬والرفاه‭ ‬الاجتماعي‭. ‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬التطور‭ ‬التقني‭ ‬والصناعي‭ ‬والتكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬جزءا‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬وقتنا‭ ‬الراهن‭ ‬ولما‭ ‬نشهده‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬في‭ ‬الآلات‭ ‬والماكينات‭ ‬وتوسع‭ ‬العمليات‭ ‬التصنيعية‭ ‬وتعدد‭ ‬وسائل‭ ‬الإنتاج‭ ‬وتنوع‭ ‬الصناعات‭ ‬كصناعة‭ ‬النقل‭ ‬والصناعات‭ ‬الزراعية‭ ‬والصناعات‭ ‬التحويلية‭ ‬وصناعة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬وصناعة‭ ‬البناء‭ ‬والتشييد،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬إدراكها‭ ‬وأخذ‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مسبباتها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬تلعبه‭ ‬ظروف‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬عوامل‭ ‬صحية‭ ‬ونفسية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة،‭ ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬الخطر‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬التصنيع‭ ‬والإنتاج‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬العنف‭ ‬والتحرش‭ ‬والتنمر‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬يندرج‭ ‬ضمن‭ ‬السلامة‭ ‬المهنية‭ ‬الواجب‭ ‬التنبه‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ .‬

تهدف‭ ‬قواعد‭ ‬السلامة‭ ‬والصحة‭ ‬المهنية‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬حماية‭ ‬العنصر‭ ‬البشري‭ ‬من‭ ‬الإصابات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬مخاطر‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬وذلك‭ ‬بمنع‭ ‬تعرضهم‭ ‬للحوادث‭ ‬والإصابات‭ ‬والأمراض‭ ‬المهنية‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬مقـومات‭ ‬العنصر‭ ‬المادي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬المنشآت‭ ‬وما‭ ‬تحتويه‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬ومعدات‭ ‬من‭ ‬التلف‭ ‬نتيجة‭ ‬للحوادث‭ ‬وتوفير‭ ‬وتنفيذ‭ ‬كل‭ ‬اشتراطات‭ ‬السلامة‭ ‬والصحة‭ ‬المهنية‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬آمنة‭ ‬ومستقرة‭ ‬يتمتع‭ ‬فيها‭ ‬العمال‭ ‬بأقصى‭ ‬درجات‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬العـمل‭ ‬والأمراض‭ ‬المهنية‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬الوعي‭ ‬بأهمية‭ ‬سلامة‭ ‬وحماية‭ ‬الإنسان‭ ‬والممتلكات‭ ‬والبيئة‭ ‬المحيطة‭ ‬ليكون‭ ‬العامل‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بمهام‭ ‬وظيفته‭ ‬لما‭ ‬يسهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬وجودة‭ ‬بالإنتاج‭ ‬ويُحقق‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬شهدت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬85‭ ‬%‭ ‬منها‭ ‬كان‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬حدوثها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬و10‭ ‬%‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬و5%‭ ‬بظروف‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬الإرادة‭ ‬البشرية،‭ ‬ومنها‭ ‬حادثة‭ ‬انفجار‭ ‬مفاعل‭ ‬تشرنوبيل‭ ‬النووي‭ ‬1986‭ ‬وحادثة‭ ‬تسرب‭ ‬الغاز‭ ‬السام‭ ‬من‭ ‬مصنع‭ ‬بوبال‭ ‬بالهند‭ ‬1984،‭ ‬وما‭ ‬شهده‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت‭ ‬من‭ ‬انفجار‭ ‬هائل‭ ‬هزّ‭ ‬مدينة بيروت‭ ‬في‭ ‬4‭ ‬أغسطس‭ ‬2020‭ ‬أمثلة‭ ‬مؤلمة‭ ‬للكوارث‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬إهمال‭ ‬جوانب‭ ‬السلامة‭ ‬المهنية‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬المرعبة‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬والتي‭ ‬يعود‭ ‬أغلبها‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬كفاية‭ ‬إجراءات‭ ‬السلامة‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المصانع،‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬ثقافة‭ ‬أمنية‭ ‬ووسائل‭ ‬واشتراطات‭ ‬فعالة‭ ‬للتصدي‭ ‬للمخاطر‭ ‬والحد‭ ‬منها‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬كل‭ ‬تقنيات‭ ‬الأمن‭ ‬الصناعي‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬خفض‭ ‬حجم‭ ‬الكارثة‭ ‬بل‭ ‬ومنع‭ ‬حدوثها‭ ‬أو‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬تداعياتها‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاقتصادية‭.‬

وإيماناً‭ ‬بهذه‭ ‬الأهمية‭ ‬أولت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬اشتراطات‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬أولوية‭ ‬قصوى‭ ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬تأطيرها‭ ‬بالقوانين‭ ‬والتشريعات‭ ‬والضوابط‭ ‬الإدارية‭ ‬اللازمة‭ ‬التي‭ ‬تحد‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬حيث‭ ‬أصدر‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬قرارا‭ ‬وزاريا‭ ‬رقم‭ (‬12‭) ‬لسنة‭ ‬2013‭ ‬بشأن‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬إصابات‭ ‬العمل‭ ‬والأمراض‭ ‬المهنية،‭ ‬كما‭ ‬صدر‭ ‬مرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬25‭) ‬لسنة‭ ‬2009‭ ‬بالموافقة‭ ‬على‭ ‬انضمام‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬رقم‭ (‬155‭) ‬لسنة‭ ‬1981‭ ‬بشأن‭ ‬السلامة‭ ‬والصحة‭ ‬المهنيتين‭ ‬وبيئة‭ ‬العمل،‭ ‬كما‭ ‬تحتفل‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬والسلامة‭ ‬والصحة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يصادف‭ ‬28‭ ‬أبريل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وتحرص‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنظيم‭ ‬المؤتمرات‭ ‬والفعاليات‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬يعكس‭ ‬البعد‭ ‬الإنساني‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظومتها‭ ‬الـحـقـوقـيـة‭ ‬على‭ ‬تـرسـيـخه‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توفير‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬آمنة‭ ‬وصحية‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬مما‭ ‬جعلها‭ ‬تتبوأ‭ ‬مركزاً‭ ‬متقدماً‭ ‬فـي‭ ‬اعـتـمـاد‭ ‬وتـطـبـيـق‭ ‬معايير‭ ‬واشتراطات‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬المهنية‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استدامة‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬قطاعاتها‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والبشرية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا