العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

هل تكون منطقة الشرق الأوسط عنوانا لفشل رئاسة بايدن؟

بقلم: د. جيمس زغبي {

الثلاثاء ٠٥ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

نادرا‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬أو‭ ‬فشل‭ ‬فترة‭ ‬ولاية‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬أنجز‭ ‬الأجندة‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬لنفسه‭ ‬في‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

أما‭ ‬المقياس‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬فهو‭ ‬يتعلق‭ ‬بمدى‭ ‬فعالية‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتحديات‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭. ‬وفي‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬تنشأ‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

قبل‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2024م،‭ ‬نُقل‭ ‬عن‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬للرئيس‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬قوله‭:‬

‮«‬دخلت‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬شهرها‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬من‭ ‬الهدنة،‭ ‬وقد‭ ‬توقفت‭ ‬الآن‭ ‬الهجمات‭ ‬الإيرانية‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ووجودنا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬مستقر،‭ ‬وأؤكد‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭.... ‬لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬هدوءا‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬طوال‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬الزمن‭. ‬والآن‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحديات‭... ‬ولكن‭ ‬مقدار‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتعين‭ ‬علي‭ ‬أن‭ ‬أقضيه‭ ‬في‭ ‬الأزمات‭ ‬والصراعات‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬اليوم‭ ‬مقارنة‭ ‬بأي‭ ‬من‭ ‬أسلافي‭ ‬منذ‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬قد‭ ‬تقلص‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭...‬‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬أدت‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬200‭ ‬شخص،‭ ‬بينهم‭ ‬نساء‭ ‬وأطفال،‭ ‬وعدد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين،‭ ‬كما‭ ‬شردت‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬90‭ ‬ألف‭ ‬لبناني‭ ‬من‭ ‬منازلهم‭ ‬بسبب‭ ‬القصف‭ ‬الهمجي‭ ‬المستمر‭ ‬عبر‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬مليشيا‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬وإسرائيل‭.‬

‭ ‬وتواصل‭ ‬المليشيات‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬تحدي‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬كما‭ ‬تسببت‭ ‬حركة‭ ‬الحوثيين،‭ ‬وهي‭ ‬حليف‭ ‬إيراني‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬اليمن،‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬الفوضى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مهاجمة‭ ‬السفن‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭.‬

وغني‭ ‬عن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬سلطات‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬تتسبب‭ ‬بإهمالها‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬مصدر‭ ‬قلق‭ ‬دائم‭ -‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لم‭ ‬يتوقعه‭ ‬الساسة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ولم‭ ‬يكونوا‭ ‬مستعدين‭ ‬له‭.‬

وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬فمنذ‭ ‬نهاية‭ ‬حرب‭ ‬فيتنام،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدهم،‭ ‬كان‭ ‬لكل‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬مسار‭ ‬يتشكل‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصراع‭ ‬والأخطاء‭ ‬الفادحة‭ ‬المتكررة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

خلال‭ ‬نصف‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬أرسلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وأنفقت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأموال،‭ ‬وخصصت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القوات،‭ ‬وخسرت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأرواح،‭ ‬وأنفقت‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬فشلنا‭ ‬مرارًا‭ ‬وتكرارًا‭.‬

لا‭ ‬تكمن‭ ‬المشكلة‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬والأرواح‭ ‬والكنوز‭ ‬والهيبة‭ ‬والثقة‭ ‬التي‭ ‬ضاعت‭. ‬فالأمر‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬أننا‭ ‬لم‭ ‬نعترف‭ ‬أبدًا‭ ‬بهذه‭ ‬الإخفاقات،‭ ‬أو‭ ‬كنا‭ ‬ببساطة‭ ‬غافلين‭ ‬عنها‭.‬

ومن‭ ‬المثير‭ ‬للدهشة‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬بأكملها،‭ ‬لم‭ ‬يناقش‭ ‬المرشحون‭ ‬المتنافسون‭ ‬على‭ ‬الرئاسة‭ ‬مطلقًا‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بجدية،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يقوموا‭ ‬قط‭ ‬بتصحيح‭ ‬مسار‭ ‬نهجنا‭ ‬تجاه‭ ‬المنطقة‭.‬

ونادرا‭ ‬ما‭ ‬دعتهم‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬مساءلة‭ ‬سياساتهم‭ ‬غير‭ ‬الكافية‭. ‬وهكذا،‭ ‬نستمر‭ ‬في‭ ‬الفشل‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬نفاجأ‭ ‬بفشلنا‭ ‬أو‭ ‬بغفلتنا‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء،‭ ‬وذلك‭ ‬لثلاثة‭ ‬أسباب‭ ‬مهمة‭ ‬هي‭ ‬كالآتي‭:‬

أولا،‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬طبيعة‭ ‬المنطقة‭ ‬وشعوبها‭. ‬يرى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬صناع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عدسة‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬الاعتراف‭ ‬بمركزية‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭. ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬كانت‭ ‬فلسطين‭ ‬ومصير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بمثابة‭ ‬‮«‬الجرح‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يلتئم‭ ‬أبدًا‮»‬‭.‬

ومرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى،‭ ‬أعلن‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬ماتت‭ ‬أو‭ ‬بذلوا‭ ‬جهوداً‭ ‬لتهميشها،‭ ‬ولكنهم‭ ‬فوجئوا‭ ‬عندما‭ ‬اندلعت‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬وأعادت‭ ‬تأكيد‭ ‬مركزيتها‭ ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬العربي‭.‬

وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬الطبيعية‭ ‬لذلك‭ ‬رفضنا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالعواقب‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬القيود‭ ‬التي‭ ‬فرضناها‭ ‬على‭ ‬أنفسنا‭ ‬بشأن‭ ‬كيفية‭ ‬تعاملنا‭ ‬مع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وبسبب‭ ‬الاعتبارات‭ ‬السياسية‭ ‬الداخلية،‭ ‬فإن‭ ‬القلق‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬يشكل‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القرارات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذها‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭.‬

نحن‭ ‬لا‭ ‬نتحدى‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬نعاقبها‭ ‬على‭ ‬سلوكها‭ ‬السيئ‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬انتهاكاتها‭ ‬للقانون‭ ‬الأمريكي،‭ ‬والتنكيل‭ ‬بالفلسطينيين‭. ‬ولضمان‭ ‬حماية‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أصررنا‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ورفضنا‭ ‬السماح‭ ‬للآخرين‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬أو‭ ‬قبول‭ ‬تحدياتهم‭ ‬لدورنا‭ ‬المهيمن‭.‬

وأخيرا،‭ ‬لم‭ ‬ندرك‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬مدى‭ ‬التأثير‭ ‬الكارثي‭ ‬الذي‭ ‬تخلفه‭ ‬سياساتنا‭ ‬الفاشلة‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬نحتاجها‭ ‬لمواصلة‭ ‬القيادة‭ ‬التي‭ ‬نصر‭ ‬على‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬سعينا‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

وفيما‭ ‬يلي‭ ‬قائمة‭ ‬بسيطة‭ ‬من‭ ‬المفاجآت‭ ‬التي‭ ‬أربكت‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬إدارة‭ ‬نيكسون‭/‬فورد‭ ‬قبل‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭. ‬لقد‭ ‬حدثت‭ ‬جميعها‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نفهم‭ ‬الديناميكيات‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬المنطقة،‭ ‬وما‭ ‬كان‭ ‬يفكر‭ ‬فيه‭ ‬العرب‭ ‬بشأن‭ ‬حياتهم،‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬وتطلعاتهم‭ ‬للمستقبل‭. ‬كل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬المهمة‭ ‬شكلت‭ ‬رئاسات‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬حاولوا‭ ‬إدارتها‭ ‬أثناء‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭.‬

لنتمعن‭ ‬جيدا‭ ‬في‭ ‬تأثير‭ ‬حرب‭ ‬1973‭ ‬والحظر‭ ‬النفطي‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬إدارتي‭ ‬فورد‭ ‬وكارتر‭. ‬أو‭ ‬كيف‭ ‬تشكلت‭ ‬فترة‭ ‬الرئيس‭ ‬جيمي‭ ‬كارتر‭ ‬في‭ ‬منصبه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيارة‭ ‬المفاجئة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الرئيس‭ ‬المصري‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وما‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬كامب‭ ‬ديفيد،‭ ‬والتي‭ ‬أعقبتها‭ ‬الثورة‭ ‬الإيرانية‭ ‬وأزمة‭ ‬الرهائن‭.‬

كان‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬رونالد‭ ‬ريغان‭ ‬أن‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الغزو‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الدموي‭ ‬للبنان‭ ‬عام‭ ‬1982،‭ ‬ومقتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬240‭ ‬من‭ ‬مشاة‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بتسهيل‭ ‬انسحاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬بيروت،‭ ‬والحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬وفضيحة‭ ‬إيران‭/‬كونترا‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬إدارته،‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إلى‭ ‬اللعب‭ ‬على‭ ‬جانبي‭ ‬الصراع‭.‬

لقد‭ ‬استيقظت‭ ‬إدارة‭ ‬بوش‭ ‬الأولى‭ ‬على‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬المفاجئ‭ ‬للكويت،‭ ‬واستغرقت‭ ‬أشهراً‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬تحالف‭ ‬دولي‭ ‬لتحرير‭ ‬الكويت،‭ ‬ثم‭ ‬استخدمت‭ ‬مكانتها‭ ‬السياسية‭ ‬لعقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬لحل‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لقد‭ ‬فشل‭ ‬ذلك‭ ‬المؤتمر،‭ ‬كما‭ ‬فشلت‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬سبقته،‭ ‬لأننا‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬قيدنا‭ ‬أيدينا‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬حين‭ ‬وعدنا‭ ‬إسرائيل‭ ‬بعدم‭ ‬التحدث‭ ‬أبداً‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وهكذا‭ ‬فاجأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومنظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الرئيس‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬بجهودهما‭ ‬التفاوضية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬مكتملة‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬تكافؤ‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‭.‬

ولأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رفضت‭ ‬توفير‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التوازن،‭ ‬فإن‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬أوسلو‭ ‬كانت‭ ‬صعوداً‭ ‬وهبوطاً‭ ‬مع‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬خطوات‭ ‬جادة‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬واستمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬الوحشي‭ ‬مع‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

بدأت‭ ‬سنوات‭ ‬بوش‭ ‬بهجوم‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬المدمر‭ ‬والانتفاضة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الثانية‭. ‬وفي‭ ‬الحالتين‭ ‬كانت‭ ‬ردود‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬المفاجآت‮»‬‭ ‬معيبة‭ ‬وشائنة‭.‬

وبالتوافق‭ ‬مع‭ ‬منظري‭ ‬المحافظين‭ ‬الجدد‭ ‬الذين‭ ‬سيطروا‭ ‬على‭ ‬إدارته،‭ ‬شرع‭ ‬بوش‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬فتيل‭ ‬حربين‭ ‬مضللتين‭ ‬دمرتا‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬وكلفت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أرواحاً‭ ‬وثروات‭ ‬وهيبة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭.‬

وقد‭ ‬حاول‭ ‬الرئيس‭ ‬باراك‭ ‬أوباما‭ ‬تعويض‭ ‬هذه‭ ‬الخسائر،‭ ‬ولكن‭ ‬خطاباً‭ ‬واحداً‭ ‬دون‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كافياً‭. ‬إن‭ ‬عجز‭ ‬أوباما‭ ‬عن‭ ‬التخطيط‭ ‬بفعالية‭ ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬العراق،‭ ‬وتحدي‭ ‬إسرائيل‭ ‬بحزم‭ ‬بسبب‭ ‬رفضها‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭ ‬بشكل‭ ‬هادف،‭ ‬وتخبطه‭ ‬وافتقاره‭ ‬إلى‭ ‬الفهم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬انتفاضات‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬كانت‭ ‬إخفاقات‭ ‬دفعت‭ ‬إدارته‭ ‬نتيجتها‭ ‬ثمنا‭ ‬باهظا‭. ‬

وكانت‭ ‬المفاجآت‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬هي‭ ‬تحركاته‭ ‬الأحادية‭ ‬الجانب‭ ‬لإزالة‭ ‬عبارة‭ ‬‮«‬الأراضي‭ ‬المحتلة‮»‬‭ ‬من‭ ‬قاموس‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬وقبول‭ ‬ضم‭ ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬للقدس‭ ‬الشرقية‮»‬‭ ‬ومرتفعات‭ ‬الجولان‭.‬

وقد‭ ‬دفع‭ ‬ذلك‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬التحرك‭ ‬لتطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لمنع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬نحو‭ ‬الضم‭. ‬لكن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬التي‭ ‬شجعها‭ ‬دعم‭ ‬واشنطن،‭ ‬ظلت‭ ‬متعنتة‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الخلفية،‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أن‭ ‬تفشل‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬هجوم‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬أو‭ ‬الرد‭ ‬عليه‭ ‬بشكل‭ ‬مناسب،‭ ‬وهجوم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬اللاحق،‭ ‬ورد‭ ‬الفعل‭ ‬العاطفي‭ ‬العميق‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭.‬

ليست‭ ‬هذه‭ ‬حالة‭ ‬استثنائية،‭ ‬ولكنها‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تبريرها‭. ‬لقد‭ ‬سلكنا‭ ‬هذا‭ ‬الطريق‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬وما‭ ‬زلنا‭ ‬نقاد‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬نفس‭ ‬صناع‭ ‬السياسات‭ ‬الذين‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬ولم‭ ‬يتعلموا،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنهم‭ ‬مصممون‭ ‬على‭ ‬الفشل‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬ونظراً‭ ‬لحجم‭ ‬الخسائر‭ ‬البشرية‭ ‬الآن،‭ ‬في‭ ‬النهاية،‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬رئاسة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬نجاحاته‭ ‬المحلية‭ ‬ــوهي‭ ‬كثيرةــ‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إخفاقاته‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭.‬

{ رئيس‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬الأمريكي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا