العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

القرآن.. وفلسفة الأركان!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ٠٣ مارس ٢٠٢٤ - 02:00

القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬الذي‭ ‬يسره‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬للمؤمنين،‭ ‬وربما‭ ‬لغيرهم،‭ ‬له‭ ‬فلسفة‭ ‬في‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬إليها‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬المشهور،‭ ‬والذي‭ ‬رواه‭ ‬الإمام‭ ‬البخاري‭ ‬في‭ ‬صحيحه،‭ ‬يقول‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭: ‬‮«‬بني‭ ‬الإسلام‭ ‬على‭ ‬خمس‭: ‬شهادة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬إله‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬وأن‭ ‬محمدًا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬وإقام‭ ‬الصلاة،‭ ‬وإيتاء‭ ‬الزكاة،‭ ‬والحج،‭ ‬وصوم‭ ‬رمضان‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬الأركان‭ ‬الخمسة‭ ‬لها‭ ‬فلسفة،‭ ‬وحكمة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إدراكها،‭ ‬ومعرفة‭ ‬مقاصدها‭ ‬وغاياتها‭ ‬إلا‭ ‬بالتدبر‭ ‬الذي‭ ‬أمرنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬به‭ ‬عند‭ ‬تلاوة‭ ‬القرآن،‭ ‬فقال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬كتاب‭ ‬أنزلناه‭ ‬إليك‭ ‬مبارك‭ ‬ليدبروا‭ ‬آياته‭ ‬وليتذكر‭ ‬أولو‭ ‬الألباب‭) ‬سورة‭ ‬ص‭/ ‬29‭.‬

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الإلهي‭ ‬الواجب‭ ‬حتميًّا‭ ‬يجعلنا‭ ‬لا‭ ‬نتخلف‭ ‬عن‭ ‬ركب‭ ‬المتدبرين‭ ‬لآيات‭ ‬الذكر‭ ‬الحكيم،‭ ‬بل‭ ‬نبادر‭ ‬في‭ ‬ورع‭ ‬وخشية‭ ‬ألا‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يكتفون‭ ‬بالحفظ‭ ‬والتلاوة‭ ‬فقط،‭ ‬ونحن‭ ‬مأمورون‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬أعظم‭ ‬منهما‭ ‬لأنه‭ ‬مهما‭ ‬تلونا‭ ‬القرآن،‭ ‬وحفظنا‭ ‬آياته‭ ‬وسوره،‭ ‬فإنه‭ ‬واجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نحسن‭ ‬العمل‭ ‬بما‭ ‬يأمرنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬وبما‭ ‬ينهانا‭ ‬عنه‭ ‬جل‭ ‬جلاله،‭ ‬وتقدست‭ ‬أسماؤه‭ ‬وصفاته،‭ ‬وبلوغ‭ ‬الغاية‭ ‬والمنتهى‭ ‬المترتب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التدبر‭ ‬المبارك‭.‬

إذًا،‭ ‬فالركن‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬التوحيد،‭ ‬وهو‭ ‬الأساس‭ ‬الرشيد‭ ‬إذًا‭ ‬انهار،‭ ‬أو‭ ‬أصابه‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الوهن‭ ‬إنهار‭ ‬البناء‭ ‬كله،‭ ‬وهذه‭ ‬الأركان‭ ‬على‭ ‬جلال‭ ‬قدرها،‭ ‬وعظيم‭ ‬أمرها‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الإسلام‭ ‬كله،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬فقط‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬أما‭ ‬الإسلام،‭ ‬فهو‭: ‬العقيدة،‭ ‬والشريعة،‭ ‬والعبادات،‭ ‬والأخلاق،‭ ‬والمعاملات‭.‬

إذًا،‭ ‬فالتوحيد‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬المكين‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬مراعاته،‭ ‬والمحافظة‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصيبه‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬الضعف،‭ ‬ويجب‭ ‬علينا‭ ‬ألا‭ ‬نفارقه‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬ننحرف‭ ‬عن‭ ‬حصنه‭ ‬الحصين،‭ ‬يقول‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬إن‭ ‬الله‭ ‬لا‭ ‬يغفر‭ ‬أن‭ ‬يشرك‭ ‬به‭ ‬ويغفر‭ ‬ما‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬لمن‭ ‬يشاء‭ ‬ومن‭ ‬يشرك‭ ‬بالله‭ ‬فقد‭ ‬ضل‭ ‬ضلالًا‭ ‬بعيدا‭) ‬سورة‭ ‬النساء‭ / ‬116‭ ‬

إذًا،‭ ‬فالشرك‭ ‬ذنب‭ ‬عظيم‭ ‬٫‭ ‬وليس‭ ‬معصية‭ ‬يمكن‭ ‬التجاوز‭ ‬عنها،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬جنب‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬فالله‭ ‬تعالى‭ ‬يقبل‭ ‬التوبة‭ ‬عن‭ ‬الذنب‭ ‬جمعًا‭ ‬دون‭ ‬الشرك،‭ ‬ويعفو‭ ‬عن‭ ‬السيئات‭ ‬أما‭ ‬الشرك‭ ‬فلا‭ ‬سبيل‭ ‬إلى‭ ‬الرجوع‭ ‬عنه‭ ‬إلا‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬التوحيد‭ ‬الخالص‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬شوائب،‭ ‬ولهذا‭ ‬أكد‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬على‭ ‬سعة‭ ‬عفوه،‭ ‬وعظيم‭ ‬مَنِّه‭ ‬ومغفرته،‭ ‬فقال‭ ‬تعالى‭: (‬قل‭ ‬يا‭ ‬عبادي‭ ‬الذين‭ ‬أسرفوا‭ ‬على‭ ‬أنفسهم‭ ‬لا‭ ‬تقنطوا‭ ‬من‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يغفر‭ ‬الذنوب‭ ‬جميعًا‭ ‬إنه‭ ‬هو‭ ‬الغفور‭ ‬الرحيم‭) ‬سورة‭ ‬الزمر‭ / ‬53‭.‬

أما‭ ‬الركن‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬الصلاة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬على‭ ‬المسلمين‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬والليلة،‭ ‬وجعلها‭ ‬تتخلل‭ ‬حياة‭ ‬المسلم‭ ‬لأنها‭ ‬تنهى‭ ‬عن‭ ‬الفحشاء‭ ‬والمنكر،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬ووقع‭ ‬المسلم‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬أو‭ ‬الخطيئة،‭ ‬فهي‭ ‬تطهير‭ ‬للعبد‭ ‬من‭ ‬الذنوب‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يقع‭ ‬المسلم‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬اليومية،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬اتل‭ ‬ما‭ ‬أوحي‭ ‬إليك‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬وأقم‭ ‬الصلاة‭ ‬إن‭ ‬الصلاة‭ ‬تنهى‭ ‬عن‭ ‬الفحشاء‭ ‬والمنكر‭ ‬ولذكر‭ ‬الله‭ ‬أكبر‭ ‬والله‭ ‬يعلم‭ ‬ما‭ ‬تصنعون‭) ‬سورة‭ ‬العنكبوت‭ / ‬45‭. ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬العنكبوت‭ ‬عن‭ ‬النهي‭ ‬عن‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الذنوب،‭ ‬أما‭ ‬عن‭ ‬التوبة‭ ‬بعد‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الذنب،‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬وأقم‭ ‬الصلاة‭ ‬طرفي‭ ‬النهار‭ ‬وزلفًا‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬إن‭ ‬الحسنات‭ ‬يذهبن‭ ‬السيئات‭ ‬ذلك‭ ‬ذكر‭ ‬للذاكرين‭) ‬سورة‭ ‬هود‭ / ‬114‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬فلسفة‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬فريضة‭ ‬الزكاة،‭ ‬وهي‭ ‬الركن‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬فيقول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬عنها‭: (‬خذ‭ ‬من‭ ‬أموالهم‭ ‬صدقة‭ ‬تطهرهم‭ ‬وتزكيهم‭ ‬بها‭ ‬وصل‭ ‬عليهم‭ ‬إن‭ ‬صلاتك‭ ‬سكن‭ ‬لهم‭ ‬والله‭ ‬سميع‭ ‬عليم‭) (‬سورة‭ ‬التوبة‭ / ‬103‭)‬،‭ ‬والعجيب‭ ‬في‭ ‬فريضة‭ ‬الزكاة‭ ‬أنها‭ ‬تعطيك‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تبذلها‭ ‬للفقراء‭ ‬والمساكين‭ ‬حين‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬الكسب‭ ‬الحلال‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬طيب‭ ‬لا‭ ‬يقبل‭ ‬إلا‭ ‬طيبا،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تزكي،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬بسبب‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الشروط‭ ‬الموجبة‭ ‬لإخراج‭ ‬الزكاة‭ ‬من‭ ‬مالك،‭ ‬لكنك‭ ‬بالتأكيد‭ ‬قد‭ ‬أخذت‭ ‬بركة‭ ‬الزكاة‭ ‬بعطائها‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬أفعالك‭ ‬وأقوالك‭ ‬مقبولة‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬يقول‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭: (‬خذ‭ ‬من‭ ‬أموالهم‭ ‬صدقة‭ ‬تطهرهم‭ ‬وتزكيهم‭ ‬بها‭ ‬وصل‭ ‬عليهم‭ ‬إن‭ ‬صلاتك‭ ‬سكن‭ ‬لهم‭ ‬والله‭ ‬سميع‭ ‬عليم‭) ‬سورة‭ ‬التوبة‭ / ‬103‭. ‬لقد‭ ‬وصف‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬الزكاة‭ ‬الواجبة‭ ‬على‭ ‬المؤمن‭ ‬عند‭ ‬توفر‭ ‬شروطها‭ ‬بأنها‭ ‬حق‭ ‬معلوم،‭ ‬وأما‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬خارج‭ ‬الزكاة،‭ ‬ولولي‭ ‬الأمر‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يتقاضاه‭ ‬من‭ ‬الأغنياء،‭ ‬فيصفه‭ ‬بأنه‭ ‬حق‭ ‬للسائل‭ ‬والمحروم‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬معلوم،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬أموال‭ ‬الزكاة‭ ‬بحاجات‭ ‬الأصناف‭ ‬الثمانية‭ ‬الذين‭ ‬ذكرتهم‭ ‬أية‭ ‬الزكاة‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭ (‬إنما‭ ‬الصدقات‭ ‬للفقراء‭ ‬والمساكين‭ ‬والعاملين‭ ‬عليها‭ ‬والمؤلفة‭ ‬قلوبهم‭ ‬وفِي‭ ‬الرقاب‭ ‬والغارمين‭ ‬وفِي‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬وابن‭ ‬السبيل‭ ‬فريضة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬والله‭ ‬عليم‭ ‬حكيم‭) ‬سورة‭ ‬التوبة‭ / ‬60‭.‬

وتنفرد‭ ‬فريضة‭ ‬الحج‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬الفرائض،‭ ‬وهي‭ ‬الركن‭ ‬الرابع‭ ‬إما‭ ‬باشتراط‭ ‬الاستطاعة‭ ‬ليؤديها‭ ‬المسلم،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (.. ‬ولله‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬حج‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬استطاع‭ ‬إليه‭ ‬سبيلا‭ ‬ومن‭ ‬كفر‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬غني‭ ‬عن‭ ‬العالمين‭) (‬سورة‭ ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬97‭)‬،‭ ‬والاستطاعة‭ ‬فسرها‭ ‬العلماء‭ ‬بأنها‭: ‬توفر‭ ‬النفقة‭ ‬للحج،‭ ‬ولمن‭ ‬تلزم‭ ‬الحاج‭ ‬نفقته‭ ‬حين‭ ‬يغيب‭ ‬الكافل‭ ‬في‭ ‬الحج،‭ ‬وخلو‭ ‬الحاج‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬وأمن‭ ‬الطريق،‭ ‬وإن‭ ‬تعذر‭ ‬شرط‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشروط‭ ‬يؤجل‭ ‬أداء‭ ‬فريضة‭ ‬الحج‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬قابل،‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬والأفضل‭ ‬أن‭ ‬يؤديها‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬توافرت‭ ‬شروطها‭ ‬ولا‭ ‬يسوف‭ ‬لأن‭ ‬الإنسان‭ ‬لا‭ ‬يدري‭ ‬متى‭ ‬يأتيه‭ ‬أجله‭. ‬

ونأتي‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬الركن‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهو‭ ‬الصوم،‭ ‬وهي‭ ‬العبادة‭ ‬التي‭ ‬تربي‭ ‬في‭ ‬المسلم‭ ‬روح‭ ‬المراقبة،‭ ‬والصبر‭ ‬والاحتمال،‭ ‬وشهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬فيه‭ ‬الصيام‭ ‬اجتمعت‭ ‬فيه‭ ‬مراتب‭ ‬الجلال‭ ‬والجمال‭ ‬لأنه‭ ‬عظيم‭ ‬البركة‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬ولأن‭ ‬فيه‭ ‬ليلة‭ ‬هي‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬كلها،‭ ‬هي‭ ‬ليلة‭ ‬القدر،‭ ‬ليلة‭ ‬نزول‭ ‬القرآن‭ ‬فيها،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الذي‭ ‬أنزل‭ ‬فيه‭ ‬القرآن‭ ‬هدى‭ ‬للناس‭ ‬وبينات‭ ‬من‭ ‬الهدى‭ ‬والفرقان‭ ‬فمن‭ ‬شهد‭ ‬منكم‭ ‬الشهر‭ ‬فليصمه‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬مريضًا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬سفر‭ ‬فعدة‭ ‬من‭ ‬أيام‭ ‬أخر‭ ‬يريد‭ ‬الله‭ ‬بكم‭ ‬اليسر‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬بكم‭ ‬العسر‭ ‬ولتكملوا‭ ‬العدة‭ ‬ولتكبروا‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هداكم‭ ‬ولعلكم‭ ‬تشكرون‭) ‬سورة‭ ‬البقرة‭ / ‬185‭.‬

إنه‭ ‬شهر‭ ‬عظيم‭ ‬تحققت‭ ‬فيه‭ ‬إرادة‭ ‬اليسر‭ ‬الإلهية،‭ ‬ورفع‭ ‬الحرج‭ ‬عن‭ ‬المسلمين،‭ ‬فالله‭ ‬تعالى،‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم‭ ‬يريد‭ ‬اليسر‭ ‬لعباده،‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬لهم‭ ‬العسر،‭ ‬أما‭ ‬الشيطان‭ ‬الرجيم،‭ ‬فيريد‭ ‬لهم‭ ‬العسر‭ ‬ولا‭ ‬يريد‭ ‬لهم‭ ‬اليسر،‭ ‬فإلى‭ ‬من‭ ‬يلجأ‭ ‬المؤمن،‭ ‬وبمن‭ ‬بحتمي‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يغويه‭ ‬الشيطان،‭ ‬ويزين‭ ‬له‭ ‬مواطن‭ ‬الفساد‭ ‬والإفساد،‭ ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬‭ ‬أي‭ ‬الشيطان‭ ‬قد‭ ‬أقسم‭ ‬ليقعدن‭ ‬للمؤمنين‭ ‬صراط‭ ‬ربهم‭ ‬المستقيم‭.‬

في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تتجلى‭ ‬للمؤمن‭ ‬ملكات‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدري‭ ‬أنها‭ ‬موجودة‭ ‬فيه،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬بقية‭ ‬شهور‭ ‬السنة‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يمتنع‭ ‬عن‭ ‬المعاصي‭ ‬والوقوع‭ ‬في‭ ‬السيئات،‭ ‬وله‭ ‬في‭ ‬الانتهاء‭ ‬عن‭ ‬المعاصي‭ ‬أسباب‭ ‬تبغضه‭ ‬فيها،‭ ‬ولها‭ ‬علة‭ ‬معروفة‭ ‬تمنعه‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬المعصية‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬تأثيرها‭ ‬فيه،‭ ‬فما‭ ‬علة‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬المباحات‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬عندها‭ ‬تتجلى‭ ‬الحكمة‭ ‬الإلهية‭ ‬من‭ ‬تحريم‭ ‬الحلال‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬والشراب‭ ‬والنساء‭ ‬نهار‭ ‬رمضان‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬علة‭ ‬ذلك‭ ‬طاعة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬الإسلام،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬القرآن،‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬فلسفته‭ ‬في‭ ‬الأركان،‭ ‬وحكمها‭ ‬الجليلة‭.‬‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا