العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

مرافعات محكمة العدل

تواصل‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬الاستماع‭ ‬إلى‭ ‬مرافعات‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬حول‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬52‭ ‬دولة‭ ‬مرافعاتها‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭.‬

‭  ‬هذه‭ ‬المرافعات‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استجابة‭ ‬المحكمة‭ ‬لطلب‭ ‬قدمته‭ ‬لها‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬إبداء‭ ‬رأي‭ ‬استشاري‭ ‬حول‭ ‬‮«‬العواقب‭ ‬القانونية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬انتهاك‭ ‬إسرائيل‭ ‬المستمر‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬من‭ ‬احتلالها‭ ‬المطول‭ ‬واستيطانها‭ ‬وضمها‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1967‮»‬‭. ‬كما‭ ‬طلبت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬إبداء‭ ‬الراي‭ ‬حول‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬تلك‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬القانوني‭ ‬للاحتلال،‭ ‬وما‭ ‬العواقب‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تترتب‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭.‬

‭  ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬متوقع‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تقريبا‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬مرافعاتها‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬وغير‭ ‬قانوني‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬ينتهي،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يقدم‭ ‬عليه‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬استيطان‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬للتركيبة‭ ‬الديمغرافية‭ ‬غير‭ ‬شرعي‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يزول‭. ‬كما‭ ‬تؤكد‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬بحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الاحتلال‭ ‬والمستوطنين،‭ ‬وأن‭ ‬بقاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬تهديد‭ ‬للأمن‭ ‬والسلم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعلم‭ ‬كله‭.. ‬وهكذا‭.‬

كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تؤكد‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬مرافعاتها‭ ‬باستثناء‭ ‬أمريكا‭ ‬التي‭ ‬قالت‭ ‬شيئا‭ ‬شاذا‭ ‬غريبا‭ ‬جدا‭.‬

في‭ ‬مرافعتها‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية،‭ ‬قالت‭ ‬أمريكا‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬تتطلب‭ ‬وضع‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الأمنية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‮»‬‭ ‬وقالت‭ ‬إنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تخلص‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ملزمة‭ ‬قانونا‭ ‬بالانسحاب‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬على‭ ‬الفور‮»‬‭.‬

أي‭ ‬إن‭ ‬أمريكا‭ ‬تطلب‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬ألا‭ ‬تفتي‭ ‬بضرورة‭ ‬إنهاء‭ ‬الاحتلال‭ ‬والانسحاب‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬بحجة‭ ‬‮«‬احتياجات‭ ‬إسرائيل‭ ‬الأمنية‮»‬‭. ‬أي‭ ‬إنها‭ ‬تريد‭ ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬أمر‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬عدمه‭ ‬بيد‭ ‬المحتل‭ ‬الغاصب‭ ‬نفسه‭ ‬وحسب‭ ‬احتياجاته‭. ‬قمة‭ ‬الاستهانة‭ ‬والاحتقار‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬والقيم‭ ‬الإنسانية‭.‬

الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أخذ‭ ‬رأي‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬ولا‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬المرافعات‭ ‬لتحديد‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ولا‭ ‬لمعرفة‭ ‬تأثيرات‭ ‬الاحتلال‭ ‬والجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬ومدى‭ ‬مشروعيته‭ ‬أم‭ ‬لا‭.‬

أصلا‭ ‬بحكم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬أي‭ ‬شرعية‭ ‬وجريمة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬يعد‭ ‬بحكم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬باطلا‭.‬

وهل‭ ‬العالم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬اليوم‭ ‬بالذات‭ ‬ما‭ ‬ترتب‭ ‬على‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬وهو‭ ‬يشاهد‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬التي‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬ارتكبه‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني؟‭!‬

القيمة‭ ‬الوحيدة‭ ‬لهذه‭ ‬المرافعات‭ ‬والرأي‭ ‬الاستشاري‭ ‬الذي‭ ‬ستقدمه‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬أنه‭ ‬يلقي‭ ‬الأضواء‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الاحتلال‭ ‬وضرورة‭ ‬إنهائه‭ ‬ونيل‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭.‬

لكن‭ ‬يبقى‭ ‬أن‭ ‬القضية‭ ‬الأساسية‭ ‬ليست‭ ‬هل‭ ‬الاحتلال‭ ‬شرعي‭ ‬أو‭ ‬قانوني‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬حد‭ ‬يدمر‭ ‬حياة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

القضية‭ ‬الأساسية‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬إزاء‭ ‬عدو‭ ‬صهيوني‭ ‬محتل‭ ‬غاصب‭ ‬يعتبر‭ ‬نفسه‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وبمقدوره‭ ‬أن‭ ‬يفلت‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬مهما‭ ‬ارتكب‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬كله‭. ‬والعدو‭ ‬يعلن‭ ‬صراحة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بأي‭ ‬قرار‭ ‬أو‭ ‬رأي‭ ‬لمحكمة‭ ‬العدل‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬استشاريا‭ ‬أو‭ ‬ملزما‭.‬

والكل‭ ‬يعلم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬للعدو‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬لولا‭ ‬الدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬قوى‭ ‬عظمى‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬أمريكا‭ ‬لاحتلاله‭ ‬ولجرائمه،‭ ‬ولولا‭ ‬عجز‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

لهذا‭ ‬المهمة‭ ‬المطروحة‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬البت‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬شرعية‭ ‬الاحتلال‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬ولا‭ ‬بمعرفة‭ ‬جرائمه،‭ ‬وإنما‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬إجبار‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وحصول‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬حقوقه‭ ‬المشروعة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا