العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٦ - السبت ٢٧ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٨ شوّال ١٤٤٥هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

أحتاج إليكن الآن قبل الرحيل

بناتي‭ ‬العزيزات،‭ ‬أحتاجك‭ ‬إليكن‭ ‬الآن،‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مشاعركن‭ ‬وحبكن‭ ‬الآن،‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تقديركن‭ ‬واحترامكن‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬لي‭ ‬قيمة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬حياتكن‭ ‬وأن‭ ‬وجودي‭ ‬له‭ ‬معنى‭ ‬ومهم‭ ‬بل‭ ‬ومؤثر‭ ‬في‭ ‬حياتكن‭.‬

بناتي‭ (‬الصغيرات‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬عيني‭) ‬مهما‭ ‬كبرتن‭ ‬وأصبح‭ ‬لديكن‭ ‬أسرة‭ ‬كاملة‭ ‬مازلت‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أشعر‭ ‬بأهمية‭ ‬وجودي‭ ‬في‭ ‬حياتكن،‭ ‬فأنا‭ ‬لا‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هدية‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الأم‭ ‬أو‭ ‬عطايا‭ ‬سخية‭ ‬في‭ ‬الأعياد‭ ‬ونقصات‭ ‬رمضان‭ ‬الفاخرة‭ ‬بل‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتذكروني‭ ‬كل‭ ‬يومين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة‭ ‬بمكالمة‭ ‬تليفونية‭ ‬تسألن‭ ‬عن‭ ‬أحوالي‭ ‬ويومياتي،‭ ‬أحتاج‭ ‬أن‭ ‬أراكن‭ ‬ولو‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬لا‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬شهرين‭ ‬رغم‭ ‬قرب‭ ‬بيوتنا‭ ‬من‭ ‬بعض‭.‬

بناتي‭ ‬الغاليات،‭ ‬نعم‭ ‬أنا‭ ‬امرأة‭ ‬قوية‭ ‬ومستقلة‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا،‭ ‬كما‭ ‬استطعت‭ ‬أن‭ ‬أكوِّن‭ ‬صداقات‭ ‬جميلة‭ ‬مع‭ ‬أناس‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬عمري‭ ‬وظروفي‭ ‬بعد‭ ‬فقدي‭ ‬لأبيكم‭ ‬شريك‭ ‬العمر‭ ‬الحبيب،‭ ‬وأعترف‭ ‬بأنني‭ ‬لا‭ ‬أشعر‭ ‬بالوحدة‭ ‬القاتلة‭ ‬لأنني‭ ‬محاطة‭ ‬بعدد‭ ‬رائع‭ ‬من‭ ‬الصديقات‭ ‬الحقيقيات‭ ‬كما‭ ‬أقدر‭ ‬كثيرا‭ ‬بأنكن‭ ‬تحرصن‭ ‬على‭ ‬إهدائي‭ ‬وتوفير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬أحتاج‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬ووسائل‭ ‬الراحة،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أنكر‭ ‬أنني‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬فلذات‭ ‬أكبادي‭ ‬المعنوي‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتي‭ ‬اليومية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬الوجود‭.‬

بناتي‭ ‬صغيراتي،‭ ‬عندما‭ ‬أرحل‭ ‬عنكن‭ ‬لن‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬كلمات‭ ‬مؤثرة‭ ‬ودموع‭ ‬وندم،‭ ‬ولن‭ ‬أحتاج‭ ‬إلى‭ ‬حديثكن‭ ‬عن‭ ‬صفاتي‭ ‬الجميلة‭ ‬وأخلاقي‭ ‬بعد‭ ‬مماتي،‭ ‬بل‭ ‬لن‭ ‬أحتاج إلى‭ ‬وجودكن‭ ‬في‭ ‬دفاني‭ ‬ودموعكن‭ ‬الغالية‭ ‬في‭ ‬عزائي‭ ‬لأنني‭ ‬ببساطة‭ ‬لن‭ ‬أشعر‭ ‬بها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أرحل‭.‬

بناتي‭ ‬العزيزات،‭ ‬كرامتي‭ ‬وعزة‭ ‬نفسي‭ ‬كأم‭ ‬تمنعني‭ ‬أن‭ ‬أترجى‭ ‬منكن‭ ‬أن‭ ‬توجدن‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬أكثر،‭ ‬هل‭ ‬تعلمن‭ ‬بأنني‭ ‬أعد‭ ‬الساعات‭ ‬والدقائق‭ ‬للأعياد‭ ‬والمناسبات‭ ‬لأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬الوقت‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬تضممنني‭ ‬فيها‭ ‬لأحضانكن‭ .... ‬بناتي‭ ‬أراكن‭ ‬في‭ ‬الشهرين‭ ‬مرة‭ ‬ببوسة‭ ‬خفيفة‭ ‬بلا‭ ‬أي‭ ‬مشاعر‭ ‬على‭ ‬الرأس‭ ‬وحديث‭ ‬قصير‭ ‬عن‭ ‬معاناتكن‭ ‬اليومية‭ ‬مع‭ ‬أسركن‭ ‬ومشاغلكن‭ ‬الكثيرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تسألوني‭ ‬عن‭ ‬احتياجاتي‭ ‬الحقيقية،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تشعرن‭ ‬بأنني‭ ‬أصبحت‭ ‬أسمع‭ ‬ولا‭ ‬أتكلم‭ ‬طوال‭ ‬المدة‭ ‬لأنني‭ ‬اكتشفت‭ ‬بأنكن‭ ‬لا‭ ‬تريدن‭ ‬أن‭ ‬تسمعوني‭ ‬وهذا‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يجرحني‭.‬

دعتني‭ ‬إحدى‭ ‬الصديقات‭ ‬إلى‭ ‬جلسة‭ ‬مصارحة‭ ‬مع‭ ‬بناتها‭ ‬الثلاث،‭ ‬لن‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أصف‭ ‬لكم‭ ‬مدى‭ ‬تأثري‭ ‬وأنا‭ ‬أسمع‭ ‬كلامها‭ ‬بل مناشدتها‭ ‬واستعطافها‭ ‬لبناتها،‭ ‬أعترف‭ ‬بأنني‭ ‬شعرت‭ ‬بغصة‭ ‬كبيرة‭ ‬وحمدت‭ ‬ربي‭ ‬أنني‭ ‬محظوظة‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬كل‭ ‬الحب‭ ‬والحنان‭ ‬في‭ ‬حياتي‭... ‬ولكن‭ ‬المصيبة‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬أيضا‭ ‬يعيشون‭ ‬المعاناة‭ ‬نفسها‭ ‬فما‭ ‬الحل‭ ‬يا‭ ‬ترى؟‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا