الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
أحتاج إليكن الآن قبل الرحيل
بناتي العزيزات، أحتاجك إليكن الآن، أحتاج إلى مشاعركن وحبكن الآن، أحتاج إلى تقديركن واحترامكن الآن أكثر من أي وقت مضى، أحتاج إلى أن أشعر أن لي قيمة حقيقية في حياتكن وأن وجودي له معنى ومهم بل ومؤثر في حياتكن.
بناتي (الصغيرات دائما في عيني) مهما كبرتن وأصبح لديكن أسرة كاملة مازلت أحتاج إلى أن أشعر بأهمية وجودي في حياتكن، فأنا لا أحتاج إلى هدية في عيد الأم أو عطايا سخية في الأعياد ونقصات رمضان الفاخرة بل أحتاج إلى أن تتذكروني كل يومين أو ثلاثة بمكالمة تليفونية تسألن عن أحوالي ويومياتي، أحتاج أن أراكن ولو مرة في الأسبوع لا مرة كل شهر أو شهرين رغم قرب بيوتنا من بعض.
بناتي الغاليات، نعم أنا امرأة قوية ومستقلة ماديا ومعنويا، كما استطعت أن أكوِّن صداقات جميلة مع أناس في نفس عمري وظروفي بعد فقدي لأبيكم شريك العمر الحبيب، وأعترف بأنني لا أشعر بالوحدة القاتلة لأنني محاطة بعدد رائع من الصديقات الحقيقيات كما أقدر كثيرا بأنكن تحرصن على إهدائي وتوفير كل ما أحتاج إليه من مادة ووسائل الراحة، ولكنني لا أستطيع أن أنكر أنني أحتاج إلى وجود فلذات أكبادي المعنوي في تفاصيل حياتي اليومية أكثر من أي شيء آخر في الوجود.
بناتي صغيراتي، عندما أرحل عنكن لن أحتاج إلى كلمات مؤثرة ودموع وندم، ولن أحتاج إلى حديثكن عن صفاتي الجميلة وأخلاقي بعد مماتي، بل لن أحتاج إلى وجودكن في دفاني ودموعكن الغالية في عزائي لأنني ببساطة لن أشعر بها بعد أن أرحل.
بناتي العزيزات، كرامتي وعزة نفسي كأم تمنعني أن أترجى منكن أن توجدن في حياتي أكثر، هل تعلمن بأنني أعد الساعات والدقائق للأعياد والمناسبات لأنها أصبحت الوقت الوحيد الذي تضممنني فيها لأحضانكن .... بناتي أراكن في الشهرين مرة ببوسة خفيفة بلا أي مشاعر على الرأس وحديث قصير عن معاناتكن اليومية مع أسركن ومشاغلكن الكثيرة من دون أن تسألوني عن احتياجاتي الحقيقية، ومن دون أن تشعرن بأنني أصبحت أسمع ولا أتكلم طوال المدة لأنني اكتشفت بأنكن لا تريدن أن تسمعوني وهذا أكثر ما يجرحني.
دعتني إحدى الصديقات إلى جلسة مصارحة مع بناتها الثلاث، لن أستطيع أن أصف لكم مدى تأثري وأنا أسمع كلامها بل مناشدتها واستعطافها لبناتها، أعترف بأنني شعرت بغصة كبيرة وحمدت ربي أنني محظوظة على وجود كل الحب والحنان في حياتي... ولكن المصيبة أن هناك الكثير من الأمهات والآباء أيضا يعيشون المعاناة نفسها فما الحل يا ترى؟!!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك