العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥١ - الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الثقافي

برحيل السعداوي: اشتعلت الذاكرة بالحنين!

بقلم: ميرزا زهير

السبت ١٠ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

عندما‭ ‬سمعت‭ ‬برحيل‭ ‬الفنان‭ ‬عبدالله‭ ‬السعداوي‭ ‬الذي‭ ‬تربطني‭ ‬علاقة‭ ‬قديمة‭ ‬به،‭ ‬ترجع‭ ‬إلى‭ ‬أيام‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬السبعينيات،‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأول‭ ‬الثانوي‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الحورة‭ ‬الثانوية،‭ ‬كما‭ ‬التقيت‭ ‬معه،‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬الثانوية،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يدرس‭ ‬التوجيهي‭ ‬أدبي،‭ ‬وأنا‭ ‬مجاوره‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬التوجيهي‭ ‬علمي،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬70‭-‬71،‭ ‬وكان‭ ‬الاستاذ‭ ‬المرحوم‭ ‬محمد‭ ‬عواد‭ ‬مشرف‭ ‬المدرسة،‭ ‬كان‭ ‬السعداوي‭ ‬يدرب‭ ‬بعض‭ ‬أصدقائه‭ ‬على‭ ‬التمثيل،‭ ‬ثم‭ ‬التقيت‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكان‭ ‬السعداوي‭ ‬له‭ ‬نشاط‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬الشارقة‭ ‬الوطني،‭ ‬والمسرح‭ ‬الأهلي‭ ‬التجريبي‭ ‬في‭ ‬دبي،‭ ‬وارتبطنا‭ ‬بصداقة‭ ‬قوية‭ ‬عندما‭ ‬رجع‭ ‬إلى‭ ‬البحرين،‭ ‬وأخذ‭ ‬يمارس‭ ‬نشاطه‭ ‬في‭ ‬المسرح‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يتواصل‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬توبلي،‭ ‬وكان‭ ‬معنا‭ ‬الأستاذ‭ ‬الفنان‭ ‬سالم‭ ‬الزايد‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬ويرجع‭ ‬للسعداوي‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬اكتشاف‭ ‬المواهب‭ ‬الشبابية‭ ‬سوى‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى‭ ‬أم‭ ‬مسرح‭ ‬الصواري‭ ‬الذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المؤسسين‭ ‬له،‭ ‬فكان‭ ‬مشجعا‭ ‬للشباب‭ ‬والمسرح‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬وكنت‭ ‬ألتقي‭ ‬معه‭ ‬كلما‭ ‬أكتب‭ ‬موضوعا‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬عن‭ ‬القراءات‭ ‬المسرحية‭ ‬للنصوص‭ ‬التي‭ ‬تعرض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسارح‭ ‬المحلية،‭ ‬إذ‭ ‬كنت‭ ‬أقرأ‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬عن‭ ‬النص‭ ‬المسرحي،‭ ‬وقد‭ ‬أهداني‭ ‬كتابه‭ (‬المسرح‭ ‬القلب‭ ‬المشترك‭ ‬للإنسانية‭)‬،‭ ‬والذي‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مؤلفاته،‭ ‬وعددا‭ ‬من‭ ‬الكتب‭ ‬التي‭ ‬ألفها‭ ‬عن‭ ‬المسرح‭ ‬والإخراج‭ ‬والتمثيل‭. ‬كان‭ ‬عاشقا‭ ‬ومحبا‭ ‬للمسرح،‭ ‬واسع‭ ‬الاضطلاع‭ ‬في‭ ‬الثقافة‭ ‬المسرحية،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬لأصدقائه،‭ ‬ولكل‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬احتضن‭ ‬مواهبهم‭ ‬المسرحية،‭ ‬ونمى‭ ‬مواهبهم‭ ‬الفنية‭ ‬والأدبية،‭ ‬وقد‭ ‬عرض‭ ‬مسرحية‭ ‬الصديقين‭ ‬في‭ ‬نادي‭ ‬توبلي،‭ ‬والتي‭ ‬اشتهر‭ ‬بها،‭ ‬وأعجب‭ ‬بها‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي،‭ ‬وقد‭ ‬نال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬في‭ ‬المسرح،‭ ‬وأهم‭ ‬هذه‭ ‬الجوائز‭ ‬هي‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬مخرج‭ ‬عن‭ ‬مسرحية‭ ‬الكمامة‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬القاهرة‭ ‬الدولي‭ ‬للمسرح‭ ‬التجريبي،‭ ‬1994م،‭ ‬إن‭ ‬كتابه‭ (‬المسرح‭ ‬القلب‭ ‬المشترك‭ ‬للإنسانية‭) ‬يعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مؤلفاته،‭ ‬إذ‭ ‬كلما‭ ‬قرأته‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬قراءته،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬فيه‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬أصدقائه‭ ‬فقط‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يعتز‭ ‬بها،‭ ‬كتجربة‭ ‬الحمدان‭ ‬في‭ ‬التأليف‭ ‬والإخراج،‭ ‬وسلمان‭ ‬العريبي،‭ ‬ورضوان،‭ ‬والرويعي،‭ ‬والصفار،‭ ‬وإنما‭ ‬تجد‭ ‬بين‭ ‬أسطره‭ ‬العلاقات‭ ‬الإنسانية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتميز‭ ‬بها‭ ‬السعداوي‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬المخرجين‭ ‬والمؤلفين‭ ‬والممثلين،‭ ‬فهو‭ ‬شخص‭ ‬تستطيع‭ ‬القول‭ ‬بأنه‭ (‬عملة‭ ‬نادرة‭) ‬صعب‭ ‬الحصول‭ ‬عليها‭. ‬تراه‭ ‬جالسا‭ ‬في‭ ‬الصف‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬الصالة،‭ ‬مطأطأ‭ ‬برأسه،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يضع‭ ‬العقال‭ ‬عليه،‭ ‬وإنما‭ ‬تركه‭ ‬ليرى‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬بصلعته‭ ‬المتميزة،‭ ‬ولحيته‭ ‬الداكنة،‭ ‬والتي‭ ‬غلب‭ ‬عليها‭ ‬اللون‭ ‬الأبيض،‭ ‬وشاربه‭ ‬المميز‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬عنانه،‭ ‬ليدل‭ ‬على‭ ‬تمرده،‭ ‬على‭ ‬الفن‭ ‬التقليدي،‭ ‬السائد،‭ ‬كما‭ ‬تمرد‭ ‬على‭ ‬صالات‭ ‬العرض‭ ‬التقليدية‭. ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬للتراث،‭ ‬وقد‭ ‬وظف‭ ‬الطقوس‭ ‬الدينية،‭ ‬والتراث‭ ‬الحسيني‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أعماله،‭ ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬بدى‭ ‬متجليا‭ ‬في‭ ‬مسرحية‭ ‬الصديقين،‭ ‬واسكوريال،‭ ‬والكمامة،‭ ‬وقد‭ ‬كتبت‭ ‬إحدى‭ ‬المتخصصات‭ ‬في‭ ‬النقد‭ ‬المسرحي،‭ ‬بعد‭ ‬فوز‭ ‬السعداوي،‭ ‬بجائزة،‭ ‬أفضل‭ ‬مخرج‭ ‬مسرحي،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬المسرح‭ ‬المصرية‭ ‬قائلة‭: ‬أن‭ ‬السعداوي‭ ‬استفاد‭ ‬من‭ ‬تراث‭ ‬عاشوراء‭ ‬إذ‭ ‬وظف‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬مسرحيته،‭ ‬بشكل‭ ‬فني‭ ‬رائع‭. ‬إن‭ ‬القلم‭ ‬ليعجز‭ ‬عن‭ ‬وصفه،‭ ‬وعن‭ ‬الكتابة‭ ‬عنه،‭ ‬فقلما‭ ‬ترى‭ ‬شخصية‭ ‬مسرحية‭ ‬تعشق‭ ‬المسرح‭ ‬مثل‭ ‬شخصيته،‭ ‬كان‭ ‬يعتبر‭ ‬المسرح‭ ‬بيته‭ ‬الثاني،‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬سواه،‭ ‬وكان‭ ‬مخلصا،‭ ‬ومحبا،‭ ‬وعاشقا‭ ‬له‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬محبا‭ ‬لأصدقائه‭ ‬الذين‭ ‬يحبونه‭ ‬أيضا،‭ ‬ويعتبرونه‭ ‬اسطورة‭ ‬المسرح‭ ‬البحريني،‭ ‬لذا‭ ‬نستطيع‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬السعداوي‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للمسرح‭ ‬التجريبي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وستظل‭ ‬ذكراه‭ ‬خالدة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬السنين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا