العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٠ - الأربعاء ٠١ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

فصول مسرحية سمجة

كتبت‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬أن‭ ‬لعبة‭ ‬كبرى‭ ‬تجري‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وأمريكا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬ظاهرها‭ ‬التصعيد‭ ‬وجوهرها‭ ‬غير‭ ‬هذا‭ ‬تماما‭ ‬وأن‭ ‬أغلب‭ ‬فصول‭ ‬هذه‭ ‬اللعبة‭ ‬تجري‭ ‬سرا‭ ‬وعبر‭ ‬وسطاء‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬العلن‭.‬

التطورات‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬تؤكد‭ ‬هذا‭.‬

الذي‭ ‬حدث‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬جماعة‭ ‬أو‭ ‬مليشيا‭ ‬تابعة‭ ‬لإيران‭ ‬هاجمت‭ ‬قاعدة‭ ‬عسكرية‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬الأردنية‭ ‬السورية‭ ‬وقتلت‭ ‬وأصابت‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الأمريكيين‭.‬

لنتأمل‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭.‬

أعلن‭ ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬سترد‭ ‬عل‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وأن‭ ‬الرد‭ ‬سيكون‭ ‬حاسما‭ ‬رادعا‭. ‬وعقدت‭ ‬اجتماعات‭ ‬أمنية‭ ‬وعسكرية‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬لبحث‭ ‬هذا‭ ‬الرد‭ ‬وكيف‭ ‬سيكون‭.‬

ترافق‭ ‬هذا‭ ‬مع‭ ‬تأكيدات‭ ‬أمريكية‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬مباشرة‭ ‬وراء‭ ‬الهجوم،‭ ‬وبأن‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬الهجوم‭ ‬طائرة‭ ‬إيرانية‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬تتصاعد‭ ‬الدعوات‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬مباشرة،‭ ‬أي‭ ‬يجب‭ ‬استهداف‭ ‬إيران‭ ‬مباشرة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬المسئولة‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬لن‭ ‬ترتدع‭ ‬إيران‭ ‬ولن‭ ‬تتوقف‭ ‬الهجمات‭ ‬على‭ ‬القوات‭ ‬والمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

بعد‭ ‬ذلك‭ ‬أعلن‭ ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا،‭ ‬وأنه‭ ‬سيكون‭ ‬ردا‭ ‬عنيفا‭ ‬قد‭ ‬يستمر‭ ‬أياما،‭ ‬وعلى‭ ‬فترات‭ ‬متقطعة‭.‬

ثم‭ ‬وجهت‭ ‬أمريكا‭ ‬الضربات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وفي‭ ‬سوريا‭. ‬بالطبع‭ ‬كانت‭ ‬المليشيات‭ ‬وقد‭ ‬تلقت‭ ‬تحذيرات‭ ‬مسبقة‭ ‬قد‭ ‬استعدت‭ ‬وهرب‭ ‬قادتها‭ ‬وجاءت‭ ‬الضربات‭ ‬محدودة‭ ‬التأثير‭ ‬جدا‭.‬

عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬وأعضاء‭ ‬الكونجرس‭ ‬والكتاب‭ ‬والمعلقين‭ ‬العسكريين‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬أجمعوا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الضربات‭ ‬ضعيفة‭ ‬جدا‭ ‬ولا‭ ‬تأثير‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران،‭ ‬وأنها‭ ‬مجرد‭ ‬هجمات‭ ‬‮«‬رمزية‮»‬‭ ‬تعكس‭ ‬تخاذلا‭ ‬أمريكيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إيران‭ ‬واسترضاء‭ ‬لها‭.‬

ولأن‭ ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التقدير‭ ‬صحيح‭ ‬سارع‭ ‬مسئولان‭ ‬أمريكيان‭ ‬وقالا‭ ‬شيئا‭ ‬عجيبا‭. ‬قالا‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬تقريرا‭ ‬للمخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬قدر‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬المليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بشن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬القاعدة‭ ‬الأمريكية‭.‬

طبعا‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬مضحك‭ ‬مقصود‭ ‬به‭ ‬محاولة‭ ‬تبرير‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أمريكا‭ ‬وتجنبها‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬مباشرة‭. ‬الكل‭ ‬يعلم،‭ ‬وأول‭ ‬من‭ ‬يعلم‭ ‬هي‭ ‬المخابرات‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬المليشيات‭ ‬والقوى‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬أو‭ ‬تقدم‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬عمل‭ ‬دون‭ ‬الرجوع‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭ ‬ودون‭ ‬توجيه‭ ‬وتخطيط‭ ‬منها‭ ‬أصلا‭.‬

إذا‭ ‬تأملنا‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬فسوف‭ ‬ندرك‭ ‬أننا‭ ‬إزاء‭ ‬فصول‭ ‬مسرحية‭ ‬سمجة‭ ‬بطلاها‭ ‬إيران‭ ‬وأمريكا‭.‬

في‭ ‬الظاهر‭ ‬والعلن‭ ‬يتحدث‭ ‬المسئولون‭ ‬الأمريكيون‭ ‬عن‭ ‬التهديدات‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬تمثلها‭ ‬إيران‭ ‬والقوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬والوجود‭ ‬الأمريكي‭ ‬وعلى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬وعن‭ ‬ضرورة‭ ‬ردعها‭ ‬ويهددون‭ ‬ويتوعدون‭.‬

وفي‭ ‬الظاهر‭ ‬والعلن‭ ‬يتحدث‭ ‬المسئولون‭ ‬الإيرانيون‭ ‬عن‭ ‬الخطر‭ ‬الأمريكي‭ ‬وعن‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬ضربات‭ ‬أو‭ ‬إجراءات‭ ‬تتخذها‭ ‬أمريكا‭ ‬سوف‭ ‬تقابل‭ ‬برد‭ ‬عنيف‭ ‬ويهددون‭ ‬بتصعيد‭ ‬وتفجير‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬الأمريكان‭ ‬صادقون‭ ‬ولا‭ ‬الإيرانيون‭ ‬صادقون‭.‬

في‭ ‬الخفاء‭ ‬هناك‭ ‬توافق‭ ‬إيراني‭ ‬أمريكي‭ ‬على‭ ‬التهدئة‭ ‬وعدم‭ ‬التصعيد‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬توافقات‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إليها‭. ‬وهناك‭ ‬اتصالات‭ ‬تجري‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‭ ‬عبر‭ ‬وسطاء‭ ‬ورسائل‭ ‬يتم‭ ‬تبادلها‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬تنحني‭ ‬أمام‭ ‬إيران‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬ثمن‭ ‬هذه‭ ‬المسرحية‭ ‬السمجة‭.‬

ما‭ ‬تفعله‭ ‬أمريكا‭ ‬عمليًّا‭ ‬هو‭ ‬ترسيخ‭ ‬أقدام‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وتمكينها‭ ‬أكثر،‭ ‬وتقوية‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬وتوحشها‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

أما‭ ‬مسألة‭ ‬ردع‭ ‬إيران‭ ‬فقد‭ ‬حذفتها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬قاموسها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬نهائيا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا