العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

قراءة في نصوص (محتشمة لكنها عارية)

السبت ٠٣ فبراير ٢٠٢٤ - 02:00

‭(‬صارعت‭ ‬جوف‭ ‬والدتي‭ ‬حيثُ‭ ‬إنها‭ ‬تألمت‭ ‬وكان‭ ‬جزائي‭ ‬حياةٌ‭ ‬بائسة‭) ‬لا‭ ‬أدري‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬أُعطي‭ ‬لي‭ ‬لأكتب‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬سوى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬اقتربت‭ ‬كثيراً‭ ‬إلى‭ ‬مجرى‭ ‬الروح‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬كلمةٍ‭ ‬تُقال‭.‬

نصوص‭ (‬محتشمة‭ ‬لكنها‭ ‬عارية‭) ‬للكاتب‭ ‬والشاعر‭ ‬الشعبي‭ ‬محمد‭ ‬علاء‭ ‬صدر‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬نشر‭ ‬وطباعة‭ ‬ماركيز‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

لغلاف‭ ‬الكتاب‭ ‬حكاية‭ ‬وحدها‭ ‬فتلك‭ ‬الفتاة‭ ‬التي‭ ‬أحنت‭ ‬رقبتها‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬كثيراً‭ ‬قيمة‭ ‬الحياة‭ ‬لدى‭ ‬الجميع‭... ‬يوحي‭ ‬للقارئ‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬النصوص‭ ‬تخص‭ ‬أنثى‭ ‬قد‭ ‬تماهت‭ ‬كثيراً‭ ‬في‭ ‬ملذات‭ ‬الحياة‭... ‬لكن‭ ‬حواراً‭ ‬يُعّرف‭ ‬العري‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬حياةٍ‭ ‬خادعة‭ ‬كم‭ ‬أوقعت‭ ‬في‭ ‬شباكها‭ ‬من‭ ‬القلوب‭ ‬وأسرت‭ ‬الأرواح‭ ‬حتى‭ ‬أضاعت‭ ‬الطريق‭.‬

الحقيقة‭ ‬المُرّة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تتقبلها‭ ‬كل‭ ‬نفس‭ ‬رافضة‭ ‬لواقعها‭ ‬الفج‭ ‬المرير‭.. ‬ثمة‭ ‬اختلاف‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬دقيقة‭ ‬وأخرى‭ ‬وبين‭ ‬نفسٍ‭ ‬وآخر‭.. ‬وأنت‭ ‬حين‭ ‬تقرأ‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬ستدرك‭ ‬أنك‭ ‬تشهق‭ ‬وجعاً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حرف‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تعي‭ ‬أنها‭ ‬لمست‭ ‬الجرح‭.. ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬صدق‭ ‬واضح‭ ‬لتجارب‭ ‬حقيقة‭ ‬ربما‭ ‬عاشها‭ ‬الكاتب‭ ‬فدون‭ ‬بعضهاً‭ ‬مخاطباً‭ ‬كل‭ ‬نفس‭ ‬مرت‭ ‬بهذه‭ ‬التجارب‭ ‬مضيئاً‭ ‬الطريق‭ ‬لتلك‭ ‬الأرواح‭ ‬التائهة‭ ‬في‭ ‬ظلمات‭ ‬الحياة‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬إجابات‭ ‬سرمدية‭ ‬لمزاجياتها‭ ‬الفذة‭.. ‬فالكتاب‭ ‬وضع‭ ‬النقاط‭ ‬على‭ ‬الحروف‭ ‬بصورة‭ ‬رمزية‭ ‬حقيقية‭ ‬بسيطة‭ ‬ومعقدة‭ ‬بذات‭ ‬الوقت‭ ‬تشابكت‭ ‬معها‭ ‬الحقيقة‭ ‬بالوهم‭ ‬وتصاعد‭ ‬من‭ ‬تناثر‭ ‬وجعها‭ ‬دخان‭ ‬القلوب‭ ‬التي‭ ‬احترقت‭ ‬من‭ ‬نار‭ ‬الحياة‭ ‬المتخمة‭ ‬بالانتقام‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ (‬لا‭ ‬توجد‭ ‬شماتةٌ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تبتسم‭ ‬وانت‭ ‬تبكي‭ ‬مجيئك‭ ‬للحياة‭) ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬كل‭ ‬المشاعر‭ ‬البشرية‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تذوي‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬كل‭ ‬فرد‭ ‬وحسب‭ ‬مستوى‭ ‬وجعه؛‭ ‬الأمر‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الكاتب‭ ‬أيضاً‭ ‬نحن‭ ‬نأتي‭ ‬الحياة‭ ‬بصرخة‭ ‬هستيرية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬ضربنا‭ ‬رغماً‭ ‬عن‭ ‬السكوت‭.. ‬فتجد‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬مداعاة‭ ‬للفرح‭ ‬والسعادة‭ ‬ها‭ ‬قد‭ ‬أتى‭ ‬بائسٌ‭ ‬آخر‭ ‬لهذه‭ ‬الحياة‭ ‬تهلل‭ ‬الأم‭ ‬سعيدة‭ ‬ويضحك‭ ‬الاقرباء‭ ‬فرحاً‭ ‬وهم‭ ‬يستمعون‭ ‬بكل‭ ‬نشوة‭ ‬لتلك‭ ‬الصرخات‭ ‬والبكاء‭.. ‬في‭ ‬مصطلح‭ ‬الحياة‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬غير‭ ‬الكليشيهات‭ ‬التي‭ ‬تؤطر‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فانت‭ ‬عندما‭ ‬تكمل‭ ‬إبرام‭ ‬صفقتك‭ ‬وأنت‭ ‬قابع‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬رحم‭ ‬أمك‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬أسديت‭ ‬النقاء‭ ‬خدمة‭ ‬بأن‭ ‬يزيح‭ ‬عن‭ ‬كاهله‭ ‬روحاً‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الله‭.. ‬وبهذا‭ ‬أنت‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الألم‭ ‬سيد‭ ‬الموقف‭ ‬والوجع‭ ‬خيطٌ‭ ‬تستتر‭ ‬به‭ ‬عن‭ ‬عيون‭ ‬الملأ‭ ‬المنتظرين‭ ‬قصة‭ ‬البدء‭ ‬بهذا‭ ‬الفلم‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬اسمه‭ (‬القدر‭).‬

النصوص‭ ‬تعطي‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬عن‭ ‬حياتنا‭ ‬الراهنة‭ ‬ربما‭ ‬تعطيك‭ ‬درساً‭ ‬في‭ ‬المعرفة‭ ‬الفذة‭ ‬لما‭ ‬تجهله‭ ‬حقاً‭ ‬عن‭ ‬نفسك‭.. ‬الناقد‭ ‬للماضي‭ ‬والحاضر‭ ‬والمتنبئ‭ ‬لحقيقة‭ ‬المستقبل‭ ‬بواقعية‭ ‬إدراكية‭ ‬تختلف‭ ‬بمسارها‭ ‬عن‭ ‬واقعية‭ ‬الفهم‭ ‬والإدراك‭ ‬الآني‭ ‬للحقائق‭.. ‬فهو‭ ‬يقول‭ ‬‮«‬لو‭ ‬لم‭ ‬تُخلقوا‭ ‬من‭ ‬طينٍ‭.. ‬لَبَانَ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬داخلكم‭.. ‬لكنكم‭ ‬محظوظون‮»‬‭ ‬النفس‭ ‬البشرية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬ملوثة‭ ‬تبدأ‭ ‬تلك‭ ‬اللوثة‭ ‬مذ‭ ‬لحظة‭ ‬استنشاقه‭ ‬هواءها‭ ‬يكبر‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬بليد‭ ‬تحوطه‭ ‬الأفكار‭ ‬المسمومة‭ ‬وينتقص‭ ‬أفراده‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض‭ ‬بصورة‭ ‬سيئة‭ ‬مظلمة‭ ‬وهكذا‭ ‬تنشأ‭ ‬الأجيال‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬الظلام‭... ‬هنا‭ ‬يرتدي‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬مناسبا‭ ‬من‭ ‬قناع‭ ‬حتى‭ ‬يتعامل‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬الاخرين‭ ‬كلٌّ‭ ‬بحسب‭ ‬مستوى‭ ‬ضحالته‭.‬

تستمر‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬ضمن‭ ‬مصيبة‭ ‬الحياة‭ ‬لكنك‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يلطف‭ ‬من‭ ‬هول‭ ‬المصيبة‭ ‬وهي‭ ‬أنك‭ ‬ستعبر‭ ‬الضفة‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬لن‭ ‬يطاردك‭ ‬فيها‭ ‬وجع‭ ‬أو‭ ‬ظلام،‭ ‬تنتظرك‭ ‬حياة‭ ‬أخرى‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الوجوه‭ ‬الضحلة‭.. ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬صمتك‭ ‬طويلاً‭ ‬فالروح‭ ‬تنطق‭ ‬والكلمات‭ ‬تنطق‭ ‬والحقيقة‭ ‬تنطق‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬ينطق‭ ‬اللسان‭.. ‬نشعر‭ ‬بالغبطة‭ ‬أحياناً‭ ‬عندما‭ ‬نرى‭ ‬أولئك‭ ‬المتصالحين‭ ‬مع‭ ‬أنفسهم‭ ‬الذين‭ ‬اتخذوا‭ ‬من‭ ‬الصمت‭ ‬ملجأ‭ ‬ومن‭ ‬الوحدة‭ ‬بيتٍ‭ ‬دافئ‭ ‬يقيهم‭ ‬من‭ ‬قساوة‭ ‬الآخرين‭.. ‬لكنهم‭ ‬قلة‭ ‬قليلة‭ ‬فالطبيعة‭ ‬البشرية‭ ‬اجتماعية‭ ‬بطبعها‭ ‬تنبلج‭ ‬خصالها‭ ‬على‭ ‬السنة‭ ‬الآخرين‭ ‬بالسلبية‭ ‬أو‭ ‬الإيجابية‭ ‬وبهذا‭ ‬تتأثر‭ ‬الطبيعة‭ ‬الإنسانية‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض‭.‬

إن‭ ‬الفكر‭ ‬العقلي‭ ‬ومنهجه‭ ‬يرتبطان‭ ‬بشكلٍ‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬الخطاب‭ ‬الصادق‭ ‬الحقيقي‭ ‬وصلاحيته‭ ‬غير‭ ‬المحدودة‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬الأفكار‭ ‬وهنا‭ ‬يخاطب‭ ‬النفس‭ ‬مرة‭ ‬والحياة‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭ ‬بمشاعر‭ ‬إنسانية‭ ‬بحتة‭ ‬مشاعر‭ ‬كانت‭ ‬أم‭ ‬أحاسيس‭ ‬ويجمعهما‭ ‬في‭ ‬منهج‭ ‬الوجدان‭ ‬والفطرة‭ ‬الوجودية‭ (‬من‭ ‬أعراض‭ ‬الموت‭: (‬ستكون‭ ‬الحياة‭ ‬جميلة‭) ‬يعطيك‭ ‬طريقة‭ ‬فذة‭ ‬في‭ ‬تقبل‭ ‬نهايتك‭ ‬المحتومة‭ ‬وان‭ ‬كنت‭ ‬رافضاً‭ ‬لها‭.. ‬لكنه‭ ‬يربط‭ ‬الموت‭ ‬بمشاعر‭ ‬الحب‭ ‬والوفاء‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭ ‬‮«‬أعلم‭ ‬بأنني‭ ‬سأموت‭ ‬في‭ ‬المشفى‭ ‬وسيكتب‭ ‬الممرض‭ ‬على‭ ‬سريري‭ ‬كان‭ ‬سبب‭ ‬وفاته‭ ‬وفاءهُ،‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬وفاتي‭ ‬أنني‭ ‬موجودٌ‭ ‬في‭ ‬الحياةِ،‭ ‬الموت‭ ‬سيفقدك‭ ‬الحياةَ‭ ‬والحياةُ‭ ‬ستقتلك‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً‮»‬‭ ‬أبدع‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬رسالته‭ ‬بكل‭ ‬تلك‭ ‬البساطة‭ ‬المعقدة‭ ‬واستمرت‭ ‬النصوص‭ ‬بتلك‭ ‬النسبية‭ ‬تتحرك‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬شذب‭ ‬وجذب‭ ‬تأخذك‭ ‬مرة‭ ‬لقمة‭ ‬الامل‭ ‬وتنزل‭ ‬بك‭ ‬تارة‭ ‬لقاع‭ ‬الألم‭.‬

شحذ‭ ‬الكاتب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬النصوص‭ ‬كل‭ ‬مفاهيم‭ ‬أنسنة‭ ‬المشاعر‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬المفاهيم‭ ‬البليدة‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬تجاهلها‭ ‬ولا‭ ‬ينتبه‭ ‬لها‭ ‬أحد‭ ‬والتي‭ ‬تنبت‭ ‬بجذورٍ‭ ‬راسخة‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬لتجعله‭ ‬ينهار‭ ‬في‭ ‬اية‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬الأكاذيب‭ ‬المفرحة‭ (‬سيكون‭ ‬بقربك‭ ‬من‭ ‬وعدك‭ ‬بذلك‭) ‬وبهذا‭ ‬أخذ‭ ‬الكاتب‭ ‬دور‭ ‬الناصح‭ ‬تارة‭ ‬ودور‭ ‬الضحية‭ ‬تارة‭ ‬أخرى‭ ‬ودور‭ ‬المتقبل‭ ‬لكل‭ ‬تلك‭ ‬المصائب‭ ‬التي‭ ‬يختبرها‭ ‬بشكلٍ‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬

أبدع‭ ‬في‭ ‬وصف‭ ‬الحبيبة‭ ‬والحب‭ ‬والخذلان‭ ‬والموت‭ ‬والحياة‭ ‬حتى‭ ‬خاطب‭ ‬الروح‭ ‬والنفس‭ ‬والقلب‭ ‬بدفء‭ ‬جميل‭.‬

كاتب‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬‭ ‬البصرة‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا