العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كانت لنا أيام

أشعر‭ ‬بالزهو‭ ‬كلما‭ ‬وجدت‭ ‬مقالا‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كذا‭ ‬وعشرين‭ ‬سنة،‭ ‬لأنه‭ ‬يعطيني‭ ‬الإحساس‭ ‬بـ«الانتماء‭ ‬إلى‭ ‬أسرة‭ ‬ممتدة‮»‬‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بذلك‭ ‬الانتماء،‭ ‬ورغم‭ ‬ان‭ ‬معظم‭ ‬مقالاتي‭ ‬القديمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬ضاعت‭ ‬ربما‭ ‬بسبب‭ ‬جهلي‭ ‬بأصول‭ ‬التخزين‭ ‬في‭ ‬النت‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬ضياع‭ ‬القصاصات‭ ‬فإن‭ ‬البركة‭ ‬في‭ ‬غوغل‭ ‬ذي‭ ‬الذاكرة‭ ‬النسائية‭ ‬التي‭ ‬‮«‬لا‭ ‬تنسى‮»‬‭.‬

وأعود‭ ‬بكم‭ ‬اليوم‭ ‬18‭ ‬ونيف‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬وتحديدا‭ ‬إلى‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2005،‭ ‬عندما‭ ‬استضافت‭ ‬البحرين‭ ‬‮«‬مؤتمر‭ ‬حماية‭ ‬المرأة‭ ‬من‭ ‬العنف‮»‬،‭ ‬وكتبت‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬انعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬لمناقشة‭ ‬تلك‭ ‬المسألة‭ ‬فيه‭ ‬اتهام‭ ‬مبطن‭ ‬للرجل‭ ‬الخليجي‭ ‬بالغلظة‭ ‬والخشونة‭ ‬والعنف؟‭ (‬طبعا‭ ‬حتى‭ ‬الذين‭ ‬قرأوا‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬لا‭ ‬يتذكرون‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬ذلك‭ ‬المؤتمر‭ ‬شيئا،‭ ‬وبصراحة‭ ‬فأنا‭ ‬أيضا‭ ‬نسيت‭ ‬أمره،‭ ‬ولكن‭ ‬بارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬أرشيف‭ ‬غوغل،‭ ‬وبعض‭ ‬المواقع‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬مقالاتي‭ ‬عن‭ ‬أخبار‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬النيلين‮»‬‭ ‬السودانية‭ ‬وموقع‭ ‬‮«‬ناشري‮»‬‭ ‬وغيرهما‭.‬

قلت‭ ‬بمناسبة‭ ‬ذلك‭ ‬المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬في‭ ‬المنامة‭ ‬إن‭ ‬النساء‭ ‬يعملن‭ ‬معنا‭ ‬بمنطق‭ ‬ضربني‭ ‬وبكى‭ ‬وسبقني‭ ‬واشتكى؟‭ ‬وياما‭ ‬دعوت‭ ‬لإقامة‭ ‬جمعيات‭ ‬رجالية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الجمعيات‭ ‬النسائية،‭ ‬ولكن‭ ‬الرجال‭ ‬تجاهلوا‭ ‬دعوتي‭ ‬لأنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬على‭ ‬وهم‭ ‬أنهم‭ ‬مازالوا‭ ‬سادة‭ ‬الساحات‭ ‬وكلامهم‭ ‬ماشي‭ ‬ومسموع،‭ ‬ولا‭ ‬صوت‭ ‬يعلو‭ ‬فوق‭ ‬صوت‭ ‬الرجل‭! ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬‮«‬زمان‮»‬‭ ‬ويا‭ ‬حليل‭ ‬أيام‭ ‬زمان‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬العيب‭ ‬على‭ ‬المرأة‭ ‬أن‭ ‬تنادي‭ ‬زوجها‭ ‬باسمه‭! ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فإن‭ ‬الزوجة‭ ‬قد‭ ‬تنادي‭ ‬زوجها‭ ‬بصيغة‭ ‬التصغير‭: ‬حمودي‭.. ‬صلوح‭.. ‬حسونتي‭.. ‬عبودي‭.. ‬وسعيد‭ ‬هو‭ ‬الزوج‭ ‬الذي‭ ‬تضفي‭ ‬عليه‭ ‬المدام‭ ‬اسم‭ ‬دلع‭ ‬وتدليل،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬تنادي‭ ‬زوجها‭: ‬يا‭ ‬زفت‭.. ‬يا‭ ‬بعل‭ (‬وتترك‭ ‬لك‭ ‬وضع‭ ‬نقطة‭ ‬فوق‭ ‬حرف‭ ‬العين‭!).‬

واستعيد‭ ‬مداولات‭ ‬المؤتمر‭ ‬التآمري‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬مؤخرا‭ ‬برجل‭ ‬خليجي،‭ ‬بحسب‭ ‬أنه‭ ‬مازال‭ ‬‮«‬سي‭ ‬السيد‮»‬‭ ‬وطالب‭ ‬زوجته‭ ‬بتنظيف‭ ‬البيت‭ ‬منتقدا‭ ‬إياها‭ ‬لعدم‭ ‬اهتمامها‭ ‬بترتيب‭ ‬الأثاث،‭ ‬و‭..... ‬وعينك‭ ‬ما‭ ‬تشوف‭ ‬إلا‭ ‬النور‭. ‬انهالت‭ ‬عليه‭ ‬طعنا‭ ‬بمشط‭ ‬معدني‭ ‬حاد‭ ‬الأسنان،‭ ‬وهي‭ ‬تصيح‭: ‬متى‭ ‬تموت،‭ ‬وافتك‭ ‬منك‭ ‬يا‭... ‬و‭....‬،‭ ‬وإزاء‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬الغاشم‭ ‬من‭ ‬نصفه‭ ‬الموصوف‭ ‬زورا‭ ‬وبهتانا‭ ‬بـ«الحلو‮»‬،‭ ‬اضطر‭ ‬الزوج‭ ‬إلى‭ ‬الفرار‭ ‬إلى‭ ‬مخفر‭ ‬الشرطة،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬طبيب‭ ‬لعلاجه‭ ‬من‭ ‬الخدوش‭ ‬والجروح،‭ ‬ووقفت‭ ‬الزوجة‭ ‬أمام‭ ‬القضاء‭ ‬الذي‭ ‬فرض‭ ‬عليها‭ ‬غرامة‭ ‬رمزية‭ (‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬الزوج‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يتحمل‭ ‬عبء‭ ‬سداد‭ ‬الغرامة‭).‬

هييييه،‭ ‬ما‭ ‬دائم‭ ‬إلا‭ ‬الله،‭ ‬خلاص،‭ ‬راحت‭ ‬علينا‭. ‬وين‭ ‬أيام‭ ‬العز‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬الرجل‭ ‬يصدر‭ ‬الأوامر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬فمه‭.. ‬وتلبي‭ ‬الزوجة‭ ‬الأوامر‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬فمها‭! ‬واليوم‭ ‬صارت‭ ‬الزوجة‭ ‬مثل‭ ‬الـ«سي‭. ‬آي‭. ‬إيه‮»‬‭. ‬الأمريكية‭: ‬وين‭ ‬رحت؟‭ ‬ليش‭ ‬جاي‭ ‬متأخر؟‭ ‬ليش‭ ‬ما‭ ‬غسلت‭ ‬الحمام؟‭.. ‬ما‭ ‬علاقتك‭ ‬بتنظيم‭ ‬القاعدة؟‭ ‬لا،‭ ‬شكلك‭ ‬اليوم‭ ‬داعشي‭. ‬ويحاول‭ ‬الزوج‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬الرد‭ ‬المناسب،‭ ‬ولكنه‭ ‬يفاجأ‭ ‬بزجر‭ ‬من‭ ‬شاكلة‭: ‬بس‭ ‬ولا‭ ‬كلمة‭.‬

قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬العز،‭ ‬التقت‭ ‬سيدة‭ ‬أمريكية‭ ‬بأخرى‭ ‬بريطانية‭ ‬وثالثة‭ ‬عربية،‭ ‬وحكت‭ ‬الأمريكية‭ ‬كيف‭ ‬أنها‭ ‬اغتاظت‭ ‬من‭ ‬رفض‭ ‬زوجها‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬منزلي،‭ ‬فقررت‭ ‬عدم‭ ‬التحدث‭ ‬معه،‭ ‬وتواصل‭ ‬الأمريكية‭ ‬الحديث‭: ‬بعد‭ ‬يومين‭ ‬شفته‭ ‬ينظف‭ ‬البيت‭ ‬ويمسح‭ ‬الأرضية‭ ‬ويغسل‭ ‬الأطباق،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتشغيل‭ ‬الغسالة‭ ‬وكي‭ ‬الملابس‭! ‬وقالت‭ ‬البريطانية‭ ‬إنها‭ ‬استاءت‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬مساهمة‭ ‬زوجها‭ ‬في‭ ‬تصريف‭ ‬الأعمال‭ ‬المنزلية‭ ‬فقررت‭ ‬جمع‭ ‬أشيائها‭ ‬ومغادرة‭ ‬بيت‭ ‬الزوجية،‭ ‬وأضافت‭: ‬بينما‭ ‬كنت‭ ‬أرتب‭ ‬ملابسي‭ ‬في‭ ‬الحقيبة،‭ ‬شفت‭ ‬زوجي‭ ‬طالع‭ ‬ونازل‭ ‬يرتب‭ ‬البيت‭ ‬ويقطع‭ ‬البصل‭ ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال‭! ‬والتفتت‭ ‬الأمريكية‭ ‬والبريطانية‭ ‬نحو‭ ‬جليستهما‭ ‬العربية‭ ‬وسألتاها‭: ‬وأنت‭ ‬كيف‭ ‬حالك‭ ‬مع‭ ‬زوجك؟‭ ‬هل‭ ‬يساعدك‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬البيت،‭ ‬فقالت‭ ‬السيدة‭ ‬العربية‭: ‬كلا‭ ‬لا‭ ‬يساعدني‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭.. ‬فتضايقت‭ ‬وقلت‭ ‬له‭: ‬لو‭ ‬ما‭ ‬ساعدتني‭ ‬في‭ ‬شغل‭ ‬البيت‭ ‬فلن‭ ‬أطبخ‭ ‬أو‭ ‬أنظف‭ ‬أو‭ ‬أغسل‭.. ‬وبعدها‭ ‬‮«‬ما‭ ‬شفت‮»‬‭ ‬شيء‭.. ‬لأنه‭ ‬ضربني‭ ‬على‭ ‬وجهي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا