العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

حول قرار محكمة العدل

القرار‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬الدعوى‭ ‬المرفوعة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬يعتبر‭ ‬قرارا‭ ‬تاريخيا‭ ‬مهما‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التحفظات‭ ‬التي‭ ‬أبداها‭ ‬البعض‭.‬

القرار‭ ‬متعلق‭ ‬بطلب‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬دعواها‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عاجلة‭ ‬لوقف‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وليس‭ ‬حكما‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الإبادة‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬ستستغرق‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭.‬

بشكل‭ ‬عام‭ ‬يمكن‭ ‬ابداء‭ ‬الملاحظات‭ ‬التالية‭ ‬على‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭:‬

أولا‭: ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬قرارها‭ ‬أمرت‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ (‬باتخاذ‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬لمنع‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬غزة‭). ‬وقالت‭ ‬المحكمة‭ (‬إنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬ضمان‭ ‬عدم‭ ‬ارتكاب‭ ‬قواتها‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬واتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬لتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الإنساني‭. ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقديم‭ ‬تقرير‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬تفعله‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الأمر‭).‬

صحيح‭ ‬ان‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬لم‭ ‬يتضمن‭ ‬جزما‭ ‬بارتكاب‭ ‬اعمال‭ ‬إبادة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬القرار،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬مجالا‭ ‬كبيرا‭ ‬للشك‭ ‬بأن‭ ‬دعوى‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬لها‭ ‬ما‭ ‬يبررها‭.‬

ما‭ ‬كان‭ ‬للمحكمة‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عاجلة‭ ‬لمنع‭ ‬الإبادة‭ ‬وتطالب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بتقديم‭ ‬تقرير‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬بعد‭ ‬شهر‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لديها‭ ‬مبررات‭ ‬بوجود‭ ‬الإبادة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬رفض‭ ‬المحكمة‭ ‬لطلب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬برد‭ ‬دعوى‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬حول‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬وتسجيلها‭ ‬أن‭ ‬الدعوى‭ ‬منطقية‭ ‬تأكيد‭ ‬للقناعة‭ ‬بوقوع‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭.‬

ثانيا‭: ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬لم‭ ‬تأمر‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الإجراءات‭ ‬العاجلة‭ ‬بالوقف‭ ‬الفوري‭ ‬للحرب‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مأمولا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قرارها‭ ‬هو‭ ‬مؤشر‭ ‬واضح‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬خطوة‭ ‬حاسمة‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬بداهة‭ ‬منع‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬ووقف‭ ‬التدمير‭ ‬والقتل‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يوقف‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬الحرب‭.‬

ثالثا‭: ‬المحكمة،‭ ‬أقرت‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬بحق‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬وذكرت‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مجموعة‭ ‬تحظى‭ ‬بالحماية‭ ‬بموجب‭ ‬اتفاقية‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

الذي‭ ‬قررته‭ ‬المحكمة‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لتأكيد‭ ‬اختصاص‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬قضية‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬لكن‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬لحق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬الحماية‭ ‬الدولية‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬فصاعدا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬بالجدية‭ ‬الواجبة‭.‬

نقول‭ ‬إنه‭ ‬رغم‭ ‬تحفظات‭ ‬البعض‭ ‬يعتبر‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬تاريخيا‭ ‬له‭ ‬أهمية‭ ‬كبرى‭. ‬

لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬يوضع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام‭ ‬والإدانة‭ ‬الدولية‭ ‬القضائية‭ ‬الرسمية‭. ‬ينهي‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬الحصانة‭ ‬التي‭ ‬ظل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يتمتع‭ ‬بها‭ ‬لعقود‭. ‬والأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬باتهام‭ ‬قضائي‭ ‬دولي‭ ‬بارتكاب‭ ‬أبشع‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬البشرية‭.. ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭.‬

وقرار‭ ‬المحكمة‭ ‬يعتبر‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬أكبر‭ ‬تطور‭ ‬حدث‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬يفضح‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وجرائمه‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ويسقط‭ ‬كل‭ ‬دعاوى‭ ‬آلته‭ ‬الإعلامية‭ ‬ومعها‭ ‬الآلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬حاولت‭ ‬تزييف‭ ‬الحقائق‭. ‬القرار‭ ‬يلفت‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬بشاعتها‭ ‬وفي‭ ‬خرقها‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭.‬

وقرار‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬ليس‭ ‬موجها‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وحده‭ ‬وإنما‭ ‬إلى‭ ‬أمريكا‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وتبررها‭ ‬وتدافع‭ ‬عنها‭.‬

العالم‭ ‬كله‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬شريكة‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬بالدعم‭ ‬المهول‭ ‬الذي‭ ‬تقدمه‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وتتحمل‭ ‬القدر‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬المسئولية‭. ‬وبالتالي‭ ‬يدرك‭ ‬الكل‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬المحكمة‭ ‬يلزم‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬أيضا‭ ‬بوقف‭ ‬هذه‭ ‬الإبادة‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬قرار‭ ‬محكمة‭ ‬العدل‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭ ‬بداهة‭ ‬هو‭: ‬وماذا‭ ‬بعد‭ ‬القرار؟‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا