العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

إيران وفلسطين: الادعاء والحقيقة

عندما‭ ‬نفذت‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬ضد‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬شنها‭ ‬العدو،‭ ‬حددت‭ ‬إيران‭ ‬منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬موقفها‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬وحاسم‭. ‬أعلنت‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بالعملية،‭ ‬وأنها‭ ‬لن‭ ‬تتدخل‭ ‬إطلاقا،‭ ‬أي‭ ‬ستبقى‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬وتطوراتها‭.‬

إيران‭ ‬أعلنت‭ ‬هذا‭ ‬وفي‭ ‬ذهنها‭ ‬أمران‭ ‬يمثلان‭ ‬أكبر‭ ‬أركان‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

الأمر‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬والجماعات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن،‭ ‬مهمتها‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬خدمة‭ ‬إيران‭ ‬ومشروعها‭ ‬ومصالحها‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬يطلقون‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬‮«‬محور‭ ‬المقاومة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الحقيقة‭ ‬هي‭ ‬أنه‭ ‬محور‭ ‬إيراني‭ ‬بحت‭ ‬مهمته‭ ‬الأساسية‭ ‬خدمة‭ ‬إيران‭ ‬وتنفيذ‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬ومشروعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

والأمر‭ ‬الثاني‭: ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬أهداف‭ ‬إيران‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬وعبر‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬والجماعات‭ ‬العميلة‭ ‬لها،‭ ‬استغلال‭ ‬القضايا‭ ‬والتطورات‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العربية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬قضية‭ ‬فلسطين،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬والمصالح‭ ‬الإيرانية‭ ‬لا‭ ‬خدمة‭ ‬المصالح‭ ‬العربية‭.‬

من‭ ‬منطلق‭ ‬هذين‭ ‬المبدأين‭ ‬شرعت‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬التحرك‭ ‬فورا‭ ‬لاستغلال‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬والأوضاع‭ ‬الحالية‭ ‬لخدمة‭ ‬مشروعها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

إيران‭ ‬تصرفت‭ ‬عبر‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬انطلاقا‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬أنها‭ ‬مهما‭ ‬فعلت‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬نصرة‭ ‬فلسطين‭ ‬أو‭ ‬غزة،‭ ‬فمن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بأسرها‭ ‬تقف‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭.‬

لنتأمل‭ ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬إيران،‭ ‬وماذا‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭.‬

في‭ ‬العراق‭ ‬دفعت‭ ‬إيران‭ ‬المليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬العميلة‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬القواعد‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالصواريخ‭ ‬بشكل‭ ‬منتظم‭. ‬بالطبع‭ ‬دفعت‭ ‬هذه‭ ‬المليشيات‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬أنها‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬لدعم‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وانتقاما‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬لهذا‭ ‬السبب،‭ ‬ولكن‭ ‬ليست‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬السبب‭.‬

إيران‭ ‬فعلت‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كي‭ ‬تحقق‭ ‬هدفها‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬وهو‭ ‬إخراج‭ ‬أمريكا‭ ‬نهائيا‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬وإجبار‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الإنهاء‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬تريد‭ ‬إخراج‭ ‬كل‭ ‬القوات‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬كي‭ ‬تخلو‭ ‬لها‭ ‬الساحة‭ ‬العراقية‭ ‬تماما‭ ‬لتكرس‭ ‬احتلالها‭ ‬وتفعل‭ ‬بالعراق‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭ ‬عبر‭ ‬عملائها‭.‬

وفي‭ ‬اليمن‭ ‬دفعت‭ ‬إيران‭ ‬الحوثيين‭ ‬العملاء‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬السفن‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬الأحمر‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬نتابع‭.‬

أيضا‭ ‬فعل‭ ‬هذا‭ ‬تحت‭ ‬زعم‭ ‬نصرة‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬واستهداف‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭. ‬

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ليست‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الحقيقة‭ ‬تماما‭.‬

إيران‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تؤكد‭ ‬لأمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬أن‭ ‬بمقدورها‭ ‬أن‭ ‬تشل‭ ‬حركة‭ ‬الملاحة‭ ‬التجارية‭ ‬الدولية‭ ‬وتلحق‭ ‬بالتجارة‭ ‬العالمية‭ ‬أذى‭ ‬شديدا‭. ‬بالطبع‭ ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬كي‭ ‬تبتز‭ ‬أمريكا‭ ‬وتحصل‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬التنازلات‭ ‬التي‭ ‬تريدها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مفاوضات‭ ‬أو‭ ‬صفقة‭ ‬قادمة‭.‬

وفي‭ ‬لبنان‭ ‬دفعت‭ ‬إيران‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬بعض‭ ‬الصواريخ‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬الوقوف‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬حربهم‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

إيران‭ ‬دفعت‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬لهذا‭ ‬كي‭ ‬يتاح‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬بجانب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬أي‭ ‬مسؤولية‭ ‬عن‭ ‬هذا،‭ ‬لكن‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تلقي‭ ‬في‭ ‬روع‭ ‬أمريكا‭ ‬أن‭ ‬بمقدورها‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬تريد،‭ ‬وكي‭ ‬تجبر‭ ‬أيضا‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬هذا‭ ‬التهديد‭.‬

هذا‭ ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬جوهر‭ ‬الموقف‭ ‬والتحركات‭ ‬الإيرانية‭ ‬اليوم‭ ‬عبر‭ ‬عملائها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وكما‭ ‬هي‭ ‬العادة‭ ‬تحرص‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬والادعاء‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬إنما‭ ‬تتصرف‭ ‬من‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬تخطيط‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬من‭ ‬إيران‭. ‬والكل‭ ‬يعلم‭ ‬بالطبع‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬العميلة‭ ‬بمقدورها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توجه‭ ‬وتخطيط‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬كي‭ ‬تكون‭ ‬الحقيقة‭ ‬واضحة‭.‬

للقضية‭ ‬جوانب‭ ‬مهمة‭ ‬أخرى‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا