العدد : ١٧٠٣٢ - السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٣٢ - السبت ٠٩ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٧ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

كي لا تتلاشى مفاعيل «قوة الحق»

بقلم: د. أسعد عبدالرحمن

الأحد ٢١ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

دول‭ ‬عدة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬1000‭ ‬منظمة‭ ‬وجمعية‭ ‬ومؤسسة‭ ‬ولجنة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬وتأييد‭ ‬الدعوى‭ ‬القضائية‭ ‬لدولة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ضد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬فتحولت‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬إلى‭ ‬منارة‭ ‬تضيء‭ ‬للمظلومين‭ ‬والمستضعفين‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬أقرباءها‭ ‬لا‭ ‬بالدم‭ ‬ولا‭ ‬بالقومية،‭ ‬وأن‭ ‬فكرة‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬و‭/ ‬أو‭ ‬قتل‭ (‬الفلسطيني‭ ‬والمسلم‭ ‬والعربي‭) ‬فكرة‭ ‬عنصرية‭ ‬طائفية‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬حر‭.‬

ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬لاهاي‭ ‬ليس‭ ‬محاكمة‭ ‬للدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بل‭ ‬محاكمة‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭. ‬فقطاع‭ ‬غزة‭ ‬وفلسطين‭ ‬كلها‭ ‬المكلومة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬عاما‭ ‬هم‭ ‬جميعا‭ ‬يحاكمون‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬ومصداقيتها‭. ‬فهذه‭ ‬الحرب‭ ‬غير‭ ‬كل‭ ‬الحروب،‭ ‬فقد‭ ‬عرت‭ ‬الجميع‭ ‬وأولهم‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬التي‭ ‬فقدت‭ ‬‮«‬أخلاقها‭ ‬التاريخية‮»‬‭ ‬كدولة‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬أنظمتها‭ ‬الديمقراطية‭ ‬سمعت‭ ‬ورأت‭ ‬نفاقها‭ ‬وظلمها،‭ ‬ودفاعها‭ ‬عمن‭ ‬يدعون‭ ‬أنهم‭ ‬أبناء‭ ‬وأحفاد‭ ‬من‭ ‬نجوا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الهولوكوست‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬كان‭ ‬يتباكى‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬استهدافهم‭ ‬فقط‭ ‬أنهم‭ ‬‮«‬يهود‮»‬‭.‬

جنوب‭ ‬إفريقيا،‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬والإبادة‭ ‬والعزلة‭ ‬التي‭ ‬يعانيها‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬اليوم،‭ ‬تشعر‭ ‬بمعاناة‭ ‬الظلم‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬غيرها،‭ ‬ووفية‭ ‬لكلمات‭ ‬الراحل‭ (‬نيلسون‭ ‬مانديلا‭) ‬الذي‭ ‬اعتبر‭ ‬حرية‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬ناقصة‭ ‬حتى‭ ‬تنال‭ ‬فلسطين‭ ‬حريتها‭ ‬أيضاً‭. ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬شعبها‭ ‬من‭ ‬نير‭ ‬التفرقة‭ ‬والعنصرية‭ ‬ضدهم‭ ‬ومحاربتهم‭ ‬في‭ ‬أرزاقهم‭ ‬وحقوقهم‭ ‬وحرية‭ ‬تنقلهم‭ ‬وتهديدهم‭ ‬بأمن‭ ‬عائلاتهم،‭ ‬أصبحت‭ ‬قائدة‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الظلم‭ ‬والاستبداد‭ ‬حتى‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭ ‬الجغرافية‭.‬

وها‭ ‬هي‭ ‬اليوم،‭ ‬باسم‭ ‬أحرار‭ ‬العالم،‭ ‬تقاضي‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬المتحضر‭ ‬وتعريه‭ ‬وتكشف‭ ‬عن‭ ‬وجهه‭ ‬العفن‭ ‬المدعي‭ ‬أنه‭ ‬المدافع‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬الديمقراطية‮»‬‭ ‬مجرد‭ ‬كلمة‭ ‬سمجة‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬أصاب‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأن‭ ‬سياستها‭ ‬مستمدة‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ (‬جوزيف‭ ‬جوبلز‭) ‬وزير‭ ‬الدعاية‭ ‬النازي‭: ‬‮«‬اكذب‭ ‬ثم‭ ‬اكذب‭ ‬ثم‭ ‬اكذب‭ ‬حتى‭ ‬يصدقك‭ ‬الآخرون‭ ‬ثم‭ ‬اكذب‭ ‬أكثر‭ ‬حتى‭ ‬تصدق‭ ‬نفسك‮»‬‭.‬

القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬اليوم‭ ‬باتت‭ ‬تحظى‭ ‬بدعم‭ ‬قوي‭ ‬وواسع،‭ ‬إقليميا‭ ‬ودوليا،‭ ‬وقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬ليتفاعل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬مع‭ ‬جملة‭ ‬القرارات‭ ‬الصادرة‭ ‬بشأن‭ ‬عدالة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬إلزام‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بالخضوع‭ ‬التام‭ ‬لمقررات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬مع‭ ‬تجاهل‭ ‬تام‭ ‬لتصريحات‭ ‬وبيانات‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وقادتها‭ ‬التي‭ ‬انكشف‭ ‬زيفها‭ ‬للعالم،‭ ‬وأن‭ ‬جيش‭ (‬الدفاع‭) ‬الإسرائيلي‭ ‬هو،‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬والواقع،‭ ‬الجيش‭ ‬الأقل‭ ‬أخلاقية‭.‬

مكاسب‭ ‬عديدة‭ ‬أضيفت‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬منذ‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬،‭ ‬وبات‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتطورات‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬يلقى‭ ‬اهتماما‭ ‬عالميا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬عدالة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فرغم‭ ‬محاولات‭ ‬عديد‭ ‬الأطراف‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬إيجاد‭ ‬مسارات‭ ‬واقعية،‭ ‬تحقق‭ ‬العدالة،‭ ‬وتلبي‭ ‬المطالب‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬فإن‭ ‬خطوة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬تبقى‭ ‬إحدى‭ ‬أبرز‭ ‬نقاط‭ ‬التحول،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬الأمم‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬أصدرت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬المتتالية‭ ‬عشرات‭ ‬القرارات‭ ‬والتوصيات‭ ‬الملزمة‭ ‬قانونيا،‭ ‬كلها‭ ‬تؤكد‭ ‬حق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير،‭ ‬فقوة‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬عدالة‭ ‬القضية‭. ‬

غير‭ ‬أن‭ ‬المسألة‭ ‬المركزية‭ ‬المطلوبة،‭ ‬تتجسد‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬مأسسة‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب،‭ ‬بجهد‭ ‬فلسطيني‭ ‬وعربي‭ ‬وإسلامي‭ ‬ودولي،‭ ‬لينقل‭ ‬المسألة‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬ما‭ ‬هو‭ ‬كائن‮»‬‭ ‬أي‭ ‬إنجاز‭ ‬حق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭. ‬فبدون‭ ‬هذه‭ ‬المأسسة‭ ‬لقوة‭ ‬الحق،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تتلاشى‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا