العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٤ - الأحد ٠٥ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٦ شوّال ١٤٤٥هـ

الثقافي

مسرح الريف يفتح ملف «مقتل الحقيقة»؟!

متابعة: محمد أبو حسن

السبت ٢٠ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

الموضوع‭ ‬العام

تجربة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬‮«‬مسرح‭ ‬الريف‮»‬‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أنشطته‭ ‬الدورية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تشجيع‭ ‬أعضائه‭ ‬الفنانين‭ ‬لصقل‭ ‬مواهبهم‭ ‬وجعلهم‭ ‬تحت‭ ‬مجهر‭ ‬الاهتمام‭ ‬والمتابعة،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس‭ ‬والوقوف‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬وتقديم‭ ‬الأفضل‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور،‭ ‬قدم‭ ‬عرضاً‭ ‬لمسرحيته‭ ‬الجديدة‭ ‬‮«‬مقتل‭ ‬الحقيقة‮»‬‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬النص‭ ‬المعد‭ ‬وذلك‭ ‬العرض‭ ‬الشيق‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬لمسنا‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬فعلا‭ ‬‮«‬حقيقة‭ ‬ضائعة‮»‬‭ ‬تجسدت‭ ‬أمام‭ ‬المشاهد‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬بكل‭ ‬معانيها‭ ‬وأبعادها‭ ‬الموضوعية‭ ‬التي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬وغيابها‭ ‬عن‭ ‬نظر‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬من‭ ‬مأساة‭ ‬ومعاناة‭ ‬إنسانية‭. ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬حادثة‭ ‬إنسانية‭ ‬إجرامية‭ ‬يرتكبها‭ ‬ذلك‭ ‬المجرم‭ ‬بشراسة‭ ‬وقسوة‭ ‬دون‭ ‬رحمة‭ ‬أو‭ ‬عاطفة،‭ ‬ليخلق‭ ‬أثاراً‭ ‬وأوجاعاً‭ ‬دائمة‭ ‬داخل‭ ‬أحشاء‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭.‬

فجريمة‭ ‬الاغتصاب‭ ‬والقتل‭ ‬والنهب‭ ‬هي‭ ‬جرائم‭ ‬لا‭ ‬تُغتفر‭ ‬ويعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬شرعاً‭ ‬وقانوناً‭. ‬واقعة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تأمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬خيوطها‭ ‬وفك‭ ‬رموزها‭ ‬جيدا‭. ‬هي‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬أمام‭ ‬الجمهور‭ ‬المتلقي‭ ‬تعني‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬يعانون‭ ‬ويعيشون‭ ‬هذه‭ ‬المأساة‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬حاضرنا‭ ‬وبصمت‭ ‬حيث‭ ‬الجراحات‭ ‬التي‭ ‬تنزف‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ولا‭ ‬أحداً‭ ‬يطببها‭!‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬جسده‭ ‬لنا‭ ‬مخرج‭ ‬العمل‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬محسن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توظيفه‭ ‬الأدوات‭ ‬الفنية‭ ‬والإخراجية‭ ‬لمسرحية‭ ‬‮«‬مقتل‭ ‬الحقيقة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬قدمها‭ ‬مسرح‭ ‬الريف‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬30‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023م‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬العام‭ ‬فكان‭ ‬ذلك‭ ‬واضحا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التعبير‭ ‬والحركة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬طاقم‭ ‬العمل‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬واقتدار‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬حداثة‭ ‬التجربة‭ ‬المسرحية‭ ‬لطاقم‭ ‬العمل‭.‬

‮«‬مقتل‭ ‬الحقيقة‮»‬‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬د‭. ‬طالب‭ ‬هشام‭ ‬بدن‭ ‬إعداد‭ ‬وإخراج‭ ‬الشاب‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬محسن‭ ‬وتمثيل‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬فانيي‭ ‬المسرح،‭ ‬علي‭ ‬آريان،‭ ‬محمود‭ ‬عبدالحسين،‭ ‬فراس‭ ‬حميد،‭ ‬مهند‭ ‬عبدالحسين،‭ ‬رجاء‭ ‬درويش،‭ ‬سينوغرافيا‭ ‬علي‭ ‬حسن،‭ ‬متابعة‭ ‬إنتاج‭ ‬مهند‭ ‬عبدالحسين‭. ‬

الرؤية‭ ‬الإخراجية

العرض‭ ‬جيد‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الإخراج‭ ‬الفني،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جانب‭ ‬إيصال‭ ‬الفكرة‭ ‬العامة‭ ‬للمشاهد‭ ‬واللعبة‭ ‬الفنية‭ ‬التي‭ ‬جسدها‭ ‬المخرج‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬والتعبير‭ ‬الواضح‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬الممثلين‭.. ‬الذين‭ ‬استطاعوا‭ ‬واقعاً‭ ‬تقمص‭ ‬أدوارهم‭ ‬بامتياز‭ ‬في‭ ‬رسمها‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬وتفاعلهم‭ ‬جميعاً‭ ‬أوجد‭ ‬التفاعل‭ ‬المطلوب،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬خلق‭ ‬البناء‭ ‬الفعلي‭ ‬الثنائي‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الممثلين‭ ‬أثناء‭ ‬العرض‭.. ‬لهذا‭ ‬حافظ‭ ‬طاقم‭ ‬العمل‭ ‬وبتوجيه‭ ‬من‭ ‬المخرج‭ ‬على‭ ‬الإيقاع‭ ‬العام‭ ‬للعمل‭ ‬طيلة‭ ‬العرض‭ ‬دون‭ ‬أرباك‭ ‬أو‭ ‬خوف‭ ‬وهنا‭ ‬ما‭ ‬يبشر‭ ‬بخامات‭ ‬فنية‭ ‬يتم‭ ‬صقل‭ ‬تجاربها‭ ‬والاعتماد‭ ‬عليها‭ ‬مستقبلا‭ ‬للنهوض‭ ‬بمسرح‭ ‬فتيّ‭ ‬كالريف‭. ‬

أداء‭ ‬الممثلين‭ ‬

كان‭ ‬للممثلين‭ ‬حضور‭ ‬طيب‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬عشناها‭ ‬معاً‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأداء‭ ‬والتركيز‭ ‬والحركة‭ ‬المرسومة‭ ‬تصاعدياً‭ ‬وتفاعلها‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جميع‭ ‬الممثلين‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المشاهد‭ ‬دون‭ ‬استثناء،‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬المسرحية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬نفسها‭ ‬لما‭ ‬تميزت‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬بعد‭ ‬معنوي‭ ‬وموضوعي‭ ‬حرك‭ ‬مشاعر‭ ‬الجمهور‭ ‬وهي‭ ‬دلالة‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬النص‭ ‬كرؤية‭ ‬مسرحية‭ ‬في‭ ‬خاتمة‭ ‬المطاف‭. ‬

عنصر‭ ‬الديكور‭ ‬

رغم‭ ‬بساطة‭ ‬الديكور‭ ‬الإيحائي‭ ‬والمنتمي‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬الفقير،‭ ‬فإنه‭ ‬خدم‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬وجوده‭ ‬لما‭ ‬يحمل‭ ‬من‭ ‬بُعد‭ ‬فني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المصمم،‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬التفاعل‭ ‬واضحاً‭ ‬في‭ ‬حركته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الممثلين‭ ‬وتوظيفه‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الإكسسوارات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬استخدامها‭.. ‬سواء‭ ‬ذلك‭ ‬الجدار‭ ‬الفاصل‭ ‬أو‭ ‬المشيمة‭ ‬الرمزية‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬من‭ ‬رحمها‭ ‬ذلك‭ ‬الممثل‭ ‬وكأنها‭ ‬لحظة‭ ‬انفجار‭ ‬الحقيقة‭ ‬المرة‭ ‬التي‭ ‬شهدنا‭ ‬تحولاتها‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭.  ‬

الإضاءة

جاءت‭ ‬مصاحبة‭ ‬لبعض‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬بالفعل‭ ‬كانت‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إضاءة‭ ‬فعلية‭ ‬ليغذي‭ ‬بها‭ ‬فضاء‭ ‬تلك‭ ‬الحركة‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر،‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬توفق‭ ‬طوال‭ ‬مدة‭ ‬العرض‭ ‬نظراً‭ ‬لشح‭ ‬التجهيزات‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬الصالة‭ ‬المسرحية‭ ‬الصغيرة‭ ‬بمقر‭ ‬الريف‭. ‬

وأخيراً‭.. ‬أروع‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬التحدي‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬ولونها‭ ‬الفني‭ ‬والموضوعي‭ ‬التي‭ ‬تستهوي‭ ‬الجمهور‭ ‬وتصنع‭ ‬التحفيز‭ ‬في‭ ‬مفاهيمه‭ ‬الفنية‭ ‬والوجودية‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوامها‭ ‬ومعطياتها،‭ ‬فرغم‭ ‬تواضع‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬مسيرة‭ ‬الوجع‭ ‬الإنساني‭ ‬وحكاية‭ ‬تفاصيلها‭ ‬وتحولاتها‭ ‬المجتمعية‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬فني‭ ‬قابل‭ ‬للاستهلاك‭ ‬محلياً‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا