العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

اطلالة

هالة كمال الدين

halakamal99@hotmail.com

شجاعة تقبل الآخر

هذا‭ ‬الجدال‭ ‬المستمر‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬المقاطعة‭ ‬والمطروح‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬أظنه‭ ‬سوف‭ ‬ينتهي،‭ ‬كشف‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬عن‭ ‬كيفية‭ ‬سوء‭ ‬تعاملنا‭ ‬مع‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬حين‭ ‬نختلف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر،‭ ‬وعن‭ ‬مدى‭ ‬عدم‭ ‬تقبلنا‭ ‬للرأي‭ ‬الآخر‭ ‬أو‭ ‬احترامه‭. ‬

فمؤخرا‭ ‬خرج‭ ‬علينا‭ ‬د‭. ‬علي‭ ‬جمعة‭ ‬عضو‭ ‬هيئة‭ ‬كبار‭ ‬العلماء‭ ‬بالأزهر‭ ‬الشريف‭ ‬مفتي‭ ‬الديار‭ ‬المصرية‭ ‬السابق‭ ‬يقول‭ ‬رأيه‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬المقاطعة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬وجوبها‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اشترى‭ ‬إخوتنا‭ ‬المصريون‭ ‬تلك‭ ‬البضائع‭ ‬ودفعوا‭ ‬ثمنها‭ ‬من‭ ‬أموالهم‭ ‬فقد‭ ‬صارت‭ ‬لنا‭ ‬ومتسائلا‭:‬

فكيف‭ ‬نقاطع‭ ‬إخواننا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬مصر؟‭! ‬

لا‭ ‬يصح‭!!‬

وما‭ ‬إن‭ ‬أفصح‭ ‬عالمنا‭ ‬الجليل‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬هذا‭ ‬حتى‭ ‬انهالت‭ ‬عليه‭ ‬عبارات‭ ‬الشتائم‭ ‬من‭ ‬سب‭ ‬وقذف‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬صوب،‭ ‬وبمنتهى‭ ‬قلة‭ ‬الأدب‭ ‬والسخرية‭ ‬والتعسف،‭ ‬هذا‭ ‬لمجرد‭ ‬انه‭ ‬أعرب‭ ‬عن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬حول‭ ‬قضية‭ ‬اختلف‭ ‬عليها‭ ‬وحولها‭ ‬الكثيرون،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يؤيد‭ ‬المقاطعة‭ ‬لكل‭ ‬منتج‭ ‬يصب‭ ‬عائده‭ ‬في‭ ‬خزائن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وكذلك‭ ‬أمريكا،‭ ‬وله‭ ‬كل‭ ‬الاحترام،‭ ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬يرى‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬المقاطعة‭ ‬قطعا‭ ‬لأرزاق‭ ‬أناس‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬وإضرارا‭ ‬فادحا‭ ‬بأصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬الحق‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬إبداء‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭ ‬والأخذ‭ ‬بها‭. ‬

حين‭ ‬نكون‭ ‬أمام‭ ‬قضية‭ ‬موضع‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نحولها‭ ‬إلى‭ ‬خلاف‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭ ‬يغلب‭ ‬عليه‭ ‬العنصرية‭ ‬أو‭ ‬الشخصنة،‭ ‬فالاختلاف‭ ‬مطلوب،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ميزة‭ ‬لا‭ ‬تفسد‭ ‬للود‭ ‬قضية،‭ ‬ومساحة‭ ‬لتوضيح‭ ‬وتبيان‭ ‬الأمور،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬الحوار‭ ‬فقط‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬رأيه‭ ‬هو‭ ‬الصحيح،‭ ‬ودون‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬باطل،‭ ‬فالحوار‭ ‬جسر‭ ‬أو‭ ‬أداة‭ ‬نستخدمها‭ ‬جميعا‭ ‬لتمرير‭ ‬أفكارنا‭ ‬لبعضنا‭ ‬البعض،‭ ‬ومن‭ ‬أبسط‭ ‬مبادئه‭ ‬هو‭ ‬الأدب،‭ ‬واحترام‭ ‬الآخر‭ ‬وعدم‭ ‬تحويله‭ ‬إلى‭ ‬شجار‭ ‬وصراخ‭ ‬وصراع،‭ ‬فكما‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭:‬

‮«‬ومن‭ ‬آياته‭ ‬خلق‭ ‬السموات‭ ‬والأرض‭ ‬واختلاف‭ ‬ألسنتكم‭ ‬وألوانكم‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لآيات‭ ‬للعالمين‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬نصا‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المسلم‭ ‬أن‭ ‬يحترم‭ ‬أي‭ ‬فكرة‭ ‬مخالفة‭ ‬لفكرته،‭ ‬وأن‭ ‬يستمع‭ ‬إليها،‭ ‬ويناقشها‭ ‬بكل‭ ‬موضوعية‭ ‬واحترام،‭ ‬فليست‭ ‬الشجاعة‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬الرأي‭ ‬الذي‭ ‬يعجبك،‭ ‬بل‭ ‬الشجاعة‭ ‬أن‭ ‬تتقبل‭ ‬الرأي‭ ‬الآخر‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬العظيم‭ ‬أحد‭ ‬كبار‭ ‬رجال‭ ‬النهضة‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬أحمد‭ ‬حسن‭ ‬الزيات‭.‬

لقد‭ ‬صدق‭ ‬بالفعل‭ ‬أبو‭ ‬الأدب‭ ‬الأمريكي‭ ‬مارك‭ ‬توين‭ ‬حين‭ ‬قال‭:‬

‮«‬إننا‭ ‬نحب‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬يقول‭ ‬لنا‭ ‬رأيه‭ ‬بصراحة‭.. ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬رأينا‮»‬‭!‬

وكأنه‭ ‬يترجم‭ ‬حالنا‭ ‬المزرى‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬وببراعة‭!‬

أقولها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬الأخيرة‭:‬

‮«‬دعونا‭ ‬نختلف‭.. ‬ولكن‭ ‬بأدب‮»‬‭!!‬

إقرأ أيضا لـ"هالة كمال الدين"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا