العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٥ - الاثنين ٠٦ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٧ شوّال ١٤٤٥هـ

قضايا و آراء

كيف يخططون لاختفاء النقود من تعاملات الناس الحياتية؟

بقلم: يوسف صوفـي

الأربعاء ٠٣ يناير ٢٠٢٤ - 02:00

ما‭ ‬هو‭ ‬الاختيار‭ ‬أمام‭ ‬أي‭ ‬إنسان؟‭ ‬الاختيار‭ ‬الأول‭ ‬بعد‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬هو‭ ‬الحرية،‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬لك،‭ ‬زادت‭ ‬الحرية‭ ‬لديك‭. ‬كلما‭ ‬قلت‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬لك،‭ ‬قلت‭ ‬الحرية‭ ‬لديك‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بشراء‭ ‬المنتجات،‭ ‬كلما‭ ‬زادت‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة‭ ‬لك،‭ ‬زادت‭ ‬الحرية‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬المنتجات‭. ‬إذا‭ ‬قمت‭ ‬بإبعاد‭ ‬هذه‭ ‬الاختيارات‭ ‬وجعلتها‭ ‬خيارًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬خيارًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬التي‭ ‬نتحدث‭ ‬عنها‭ ‬عن‭ ‬مستقبل‭ ‬الوضع‭ ‬المالي‭ ‬والمصرفي‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فإن‭ ‬المطروح‭ ‬سيكون‭ ‬فقط‭ (‬هو‭ ‬العملة‭ ‬الرقمية‭)‬،‭ ‬فما‭ ‬عليهم‭ ‬سوى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬للتحكم‭ ‬في‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للجميع‭.‬‮ ‬

عندما‭ ‬ظهرت‭ ‬بطاقات‭ ‬الائتمان‭ ‬لأول‭ ‬مرة،‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬قدر‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬النقد‭ ‬المتداول‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشتريات‭ ‬النقدية‭ ‬مستمرة‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭. ‬انظر‭ ‬إلى‭ ‬الأمر‭ ‬الآن،‭ ‬المشتريات‭ ‬النقدية‭ ‬تتناقص‭ ‬يومًا‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬لماذا؟‭ ‬هناك‭ ‬هذه‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬اعرف‭ ‬النتيجة‭ ‬وانظر‭ ‬إلى‭ ‬الرحلة‮»‬‭.‬

إذا‭ ‬كنت‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬المخطط‭ ‬له‭ ‬والنتيجة‭ ‬النهائية‭ (‬إلى‭ ‬أين‭ ‬سيتم‭ ‬نقلنا‭)‬،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يبدو‭ ‬عشوائيًا‭. ‬هذا‭ ‬يحدث،‭ ‬وذلك‭ ‬يحدث،‭ ‬إنهم‭ ‬يفعلون‭ ‬هذا،‭ ‬إنهم‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬نمط‭ ‬له‭ ‬ولا‭ ‬تنسيق‭ ‬له‭. ‬

ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تدرك‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬نسير،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬عشوائيًا،‭ ‬يتخذ‭ ‬سلسلة‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬نحو‭ ‬تلك‭ ‬النتيجة‭. ‬من‭ ‬المخطط‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تلك‭ ‬هي‭ ‬النتيجة‭ ‬المتوخاة‭ ‬أو‭ ‬المنتظرة،‭ ‬ونحن‭ ‬نتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬عالم‭ ‬توجد‭ ‬فيه‭ ‬سلطة‭ ‬عالمية‭ ‬لن‭ ‬يتم‭ ‬انتخابها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬بل‭ ‬سيتم‭ ‬تعيينها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬التكنوقراطيين‭ ‬والبيروقراطيين،‭ ‬وما‭ ‬يسمونهم‭ ‬‮«‬الخبراء‭ ‬الطبيين‮»‬،‭ ‬والمهندسين‭ ‬والعاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬البرمجيات‭... ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وسوف‭ ‬يفرض‭ ‬ما‭ ‬يخططون‭ ‬له‭ (‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطة‭ ‬العالمية‭) ‬على‭ ‬كل‭ ‬مجتمع‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬‮ ‬

إذن‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬عليهم‭ ‬فعله‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬الناس؟‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬المال،‭ ‬يمكنك‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يمكنك‭ ‬شراؤه‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬شراؤه،‭ ‬فعليًا‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬نعيش‭ ‬فيه،‭ ‬يعني‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حياة‭ ‬الناس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ماذا؟‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬‮«‬اختياراتهم‮»‬‭.‬

حتى‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لدى‭ ‬المستهلك‭ ‬كان‭ ‬مازال‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الدفع‭ ‬ببطاقته‭ ‬الائتمانية،‭ ‬أو‭ ‬تحويل‭ ‬أمواله‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬العائش‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬وهو‭ ‬النقد‭. ‬ويمكنك‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالنقود،‭ ‬ويمكنك‭ ‬استخدامها،‭ ‬ولا‭ ‬تعرف‭ ‬السلطات‭ ‬الشيء‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬التعاملات‭ ‬لأن‭ ‬الناس‭ ‬يتبادلون‭ ‬قطعًا‭ ‬من‭ ‬الورق‭.‬‮ ‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التعاملات‭ ‬بالطريقة‭ ‬التي‭ ‬يريدون‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭. ‬إذا‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬ماذا‭ ‬يريدون؟

إنهم‭ ‬يريدون‭ ‬مجتمعًا‭ ‬غير‭ ‬نقدي‭ ‬ويريدون‭ ‬عملة‭ ‬إلكترونية‭ ‬عالمية‭ ‬واحدة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬يريدون‭ ‬عملة‭ ‬رقمية‭ ‬يتم‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬تعاملاتها،‭ ‬‮«‬يتحدث‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عن‭ ‬عملته‭ ‬الرقمية،‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭ ‬تفعل‭ ‬الشيء‭ ‬نفسه‮»‬‭.‬

ماذا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك؟‭ ‬بمجرد‭ ‬نفاد‭ ‬النقود،‭ ‬فإن‭ ‬الطريقة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬يمكنك‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬الشراء‭ ‬ستكون‭ ‬هي‭ ‬العملة‭ ‬الرقمية‭. ‬إن‭ ‬العملة‭ ‬الرقمية‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬قابلة‭ ‬للتتبع‭ ‬أو‭ ‬متابعتها‭ ‬ومراقبتها‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وكلي،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تشتريه،‭ ‬ستعرف‭ ‬عنه‭ ‬السلطات،‭ ‬ولكنها‭ ‬أيضًا‭ ‬قابلة‭ ‬للبرمجة،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنها‭ ‬يمكن‭ ‬برمجتها‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬تشتري‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬السلطات‭ ‬أن‭ ‬تشتريه‭ ‬وتلك‭ ‬مصيبة‭ ‬كبرى‭ ‬حتى‭ ‬أموالك‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬التحكم‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬تعطيك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬ما‭ ‬تريده‭.. ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬قبول‭ ‬ذلك‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تصوره‭ ‬في‭ ‬خيال‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا؟‭ ‬

لذلك،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬هذه‭ ‬العملة‭ ‬القابلة‭ ‬للبرمجة‭ (‬CBDC‭)‬،‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬شخص‭ ‬ما‭ ‬شراء‭ ‬أحد‭ ‬كتبي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬نقدًا،‭ ‬لأن‭ ‬النقد‭ ‬سيختفي،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬بالعملة‭ ‬الرقمية‭ (‬وهو‭ ‬بديل‭ ‬النقد‭). ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مبرمجة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬شراء‭ ‬ذلك،‭ ‬فلن‭ ‬يتمكن‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬شراء‭ ‬كتبي‭. ‬يمكنك‭ ‬تطبيق‭ ‬ذلك‭ ‬عبر‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬سيناريوهات‭ ‬مختلفة،‭ ‬كل‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬السلطات‭ ‬أن‭ ‬يشتريها‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬يتمكنون‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إليها،‭ ‬ستتم‭ ‬برمجتها‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬شراؤها‭.‬‮ ‬

وأحد‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وهو‭ ‬موضوع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬الناجم‭ ‬عن‭ ‬‮«‬النشاط‭ ‬البشري‮»‬‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬شركات‭ ‬بطاقات‭ ‬ائتمان‭ ‬تقدم‭ ‬بطاقات‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ«حد‭ ‬شراء‭ ‬الكربون‭ ‬الخاص‭ ‬بك‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬شراء‭ ‬تلك‭ ‬الأشياء‭ ‬بالبطاقة،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يتبين‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬مشترياتك‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬انبعاثات‭ ‬الكربون‭ (‬لإنتاجها‭ ‬أو‭ ‬نقلها‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬بصمة‭ ‬كربونية،‭ ‬وقد‭ ‬خرقتها‭.‬

‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬لن‭ ‬تعمل‭ ‬هذه‭ ‬البطاقة‭ ‬لحماية‭ ‬‮«‬البيئة‮»‬‭ ‬حتى‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬مخصصك‭ ‬التالي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬التالية‭ ‬المتاحة‭ ‬لك‭. ‬تبحر‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬وسترى‭ ‬العجائب‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬الحديث‭ ‬عنها‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭.‬‮ ‬

لذلك،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬النقد‭ ‬موجود،‭ ‬يمكنك‭ ‬استخدام‭ ‬أشياء‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬بطاقات‭ ‬الائتمان،‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الدفع،‭ ‬ولا‭ ‬بأس‭ ‬بذلك‭ ‬لأنه‭ ‬لديك‭ ‬دائمًا‭ ‬احتياطي‭ ‬كاف‭ ‬من‭ ‬النقود‭. ‬ولكن‭ ‬بمجرد‭ ‬نفاد‭ ‬الأموال‭ ‬النقدية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬يختفي‭ ‬الاختيار‭ ‬ويصبح‭ ‬لديك‭ ‬طريقة‭ ‬واحدة‭ ‬للشراء‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬سيتم‭ ‬السيطرة‭ ‬عليه‭. ‬

 

{ كاتب‭ ‬بحريني

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا