العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

«فسيخ» بايدن.. كيف يتحول إلى «شربات»؟!!

‮«‬يعمل‭ ‬من‭ ‬الفسيخ‭ ‬شربات‮»‬‭. ‬هذا‭ ‬مثل‭ ‬شعبي‭ ‬مصري‭. ‬يقال‭ ‬عادة‭ ‬في‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يزعم‭ ‬زورا‭ ‬انه‭ ‬يستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬المستحيل‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه‭. ‬

ورد‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬قرأت‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭.‬

الخبر‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مطول‭ ‬عنوانه‭ ‬‮«‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬يوبخ‭ ‬الموظفين‭ ‬لفشلهم‭ ‬في‭ ‬مساعدته‭ ‬في‭ ‬الصعود‭ ‬إلى‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‮»‬‭.‬

وجاء‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الخبر‭ ‬ان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬اجتمع‭ ‬بكبار‭ ‬مساعديه‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬ووبّخهم‭ ‬وطلب‭ ‬منهم‭ ‬معرفة‭ ‬ما‭ ‬يفعلونه‭ ‬إزاء‭ ‬انهيار‭ ‬شعبيته‭ ‬ونسبة‭ ‬تأييده‭ ‬‮«‬المنخفضة‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مقبول‮»‬،‭ ‬في‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬والتي‭ ‬انحدرت‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬37‭%‬‭ ‬وتمثل‭ ‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬شعبيّة‭ ‬لأي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬ولايته‭.‬

طبعا‭ ‬انهيار‭ ‬شعبية‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬كارثة‭ ‬تفزعه‭ ‬شخصيا‭ ‬وتفزع‭ ‬الديمقراطيين،‭ ‬إذ‭ ‬لو‭ ‬استمر‭ ‬الوضع‭ ‬هكذا‭ ‬فمعناه‭ ‬أنهم‭ ‬سيتلقون‭ ‬هزيمة‭ ‬مدوية‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الرئاسة‭ ‬العام‭ ‬القادم‭.‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬بتوبيخه‭ ‬للعاملين‭ ‬في‭ ‬إدارته‭ ‬ومطالبتهم‭ ‬بأن‭ ‬يتدخلوا‭ ‬ويغيروا‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬كمن‭ ‬يطلب‭ ‬تحويل‭ ‬الفسيخ‭ ‬إلى‭ ‬شربات‭.. ‬يطلب‭ ‬منهم‭ ‬تحقيق‭ ‬المستحيل‭.‬

كان‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬هو‭ ‬وأن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬مساعديه‭ ‬تحليل‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬شعبيته‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكا‭.‬

لو‭ ‬فعل‭ ‬بايدن‭ ‬هذا‭ ‬فسوف‭ ‬يكتشف‭ ‬ان‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬يطلبها‭ ‬من‭ ‬مساعديه‭ ‬مهمة‭ ‬مستحيلة،‭ ‬وانه‭ ‬يصعب‭ ‬جدا‭ ‬عليهم‭ ‬الدفاع‭ ‬عنه‭ ‬او‭ ‬تجميل‭ ‬سياساته‭ ‬بأعين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬طالما‭ ‬أنه‭ ‬مصرّ‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬نفس‭ ‬المواقف‭ ‬واتباع‭ ‬نفس‭ ‬السياسات‭.‬

مفهوم‭ ‬ان‭ ‬وراء‭ ‬انهيار‭ ‬شعبية‭ ‬بايدن‭ ‬وانصراف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬عنه‭ ‬أسبابا‭ ‬كثيرة‭ ‬بعضها‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وقضايا‭ ‬داخلية‭ ‬أخرى‭. ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬إجماع‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬اليوم‭ ‬موقف‭ ‬بايدن‭ ‬وإدارته‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

كل‭ ‬رؤساء‭ ‬أمريكا‭ ‬كانوا‭ ‬دوما‭ ‬مؤيدين‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬معروف‭. ‬لكن‭ ‬الحادث‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬بايدن‭ ‬ذهب‭ ‬في‭ ‬دعمه‭ ‬لجرائم‭ ‬الكيان‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬لم‭ ‬يذهب‭ ‬اليه‭ ‬أي‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

منذ‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬للحرب‭ ‬وضع‭ ‬بايدن‭ ‬كل‭ ‬إمكانيات‭ ‬أمريكا‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬تحت‭ ‬تصرف‭ ‬العدوّ‭ ‬الصهيوني‭ ‬ودفع‭ ‬بالبوارج‭ ‬الحربية‭ ‬وأقام‭ ‬جسرا‭ ‬لنقل‭ ‬الأسلحة‭ ‬والمعدّات‭ ‬للعدو‭. ‬بايدن‭ ‬اختار‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬أمريكا‭ ‬شريكا‭ ‬فعليا‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبحت‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

وأصرّ‭ ‬بايدن‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الحماية‭ ‬الدولية‭ ‬لجرائم‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬واستخدم‭ ‬الفيتو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لإفشال‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬لوقف‭ ‬الحرب‭.‬

قطاعات‭ ‬واسعة‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬انقلبت‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬وإدارته‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬هول‭ ‬المجازر‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وخصوصا‭ ‬انهم‭ ‬يعلمون‭ ‬ان‭ ‬أمريكا‭ ‬قادرة‭ -‬إن‭ ‬أرادت‭- ‬على‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭. ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والموظفين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الحكومية‭ ‬الرسمية‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬رفضهم‭ ‬لسياسة‭ ‬بايدن‭ ‬عمليا،‭ ‬وطالبوا‭ ‬بوقف‭ ‬الدعم‭ ‬المطلق‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ووقف‭ ‬الحرب‭ ‬فورا‭.‬

ومع‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬يصرّ‭ ‬بايدن‭ ‬حتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬العدو‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬تقريبا‭ ‬يخرج‭ ‬ويقول‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يطالب‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

الموقف‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬غزة‭ ‬هو‭ ‬إذن‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬أسباب‭ ‬انهيار‭ ‬شعبية‭ ‬بايدن‭. ‬وما‭ ‬لم‭ ‬يتغير‭ ‬موقف‭ ‬الإدارة‭ ‬جذريا‭ ‬فمن‭ ‬الصعب‭ ‬جدا‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬بمقدور‭ ‬أي‭ ‬أحد‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬الانهيار‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬يطلب‭ ‬بايدن‭.‬

القضية‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأمريكيين‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬تعاطفا‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬واستنكارا‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬التي‭ ‬ترتكب،‭ ‬وانما‭ ‬أنهم‭ ‬إزاء‭ ‬رئيس‭ ‬لبلادهم‭ ‬عاجز‭.. ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬يفرض‭ ‬رأيا‭ ‬او‭ ‬قرارا‭ ‬لأمريكا‭.. ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬ان‭ ‬يستخدم‭ ‬امكانيات‭ ‬أمريكا‭ ‬للضغط‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬لوقف‭ ‬أبشع‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬شهدها‭ ‬العالم‭.‬

بالنسبة‭ ‬للأمريكيين،‭ ‬صحيح‭ ‬انهم‭ ‬يعرفون‭ ‬جميعا‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ولكن‭ ‬ليس‭ ‬مقبولا‭ ‬ان‭ ‬يصبح‭ ‬رئيس‭ ‬أكبر‭ ‬وأقوى‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬مجرد‭ ‬تابع‭ ‬لإرهابي‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو‭.‬

بالنسبة‭ ‬للأمريكيين‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬بايدن‭ ‬أنه‭ ‬جعل‭ ‬أمريكا‭ ‬اليوم‭ ‬منبوذة‭ ‬ومعزولة‭ ‬عن‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا