العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

انعكاسات خطيرة لنتائج حرب غزّة على مستقبل الصراع

بقلم: د. مصطفى البرغوثي

السبت ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬يوماً‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬تتبلور‭ ‬استنتاجات‭ ‬عديدة‭ ‬ستحكم‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬أعواماً‭. ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬مؤرخون‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬فإن‭ ‬الأحداث‭ ‬المتسارعة‭ ‬أثناء‭ ‬الثورات‭ ‬والحروب‭ ‬تُحدِث‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬تغيّرات‭ ‬تستغرق‭ ‬في‭ ‬العادة‭ ‬سنواتٍ‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬الركود‭. ‬وما‭ ‬ارتكبته‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬السبعين،‭ ‬وما‭ ‬ترتكبه‭ ‬فاق‭ ‬وحشية‭ ‬جرائم‭ ‬النكبة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬إذ‭ ‬نفّذت‭ ‬وتنفذ‭ ‬بالتوازي‭ ‬ثلاث‭ ‬جرائم‭ ‬حرب،‭ ‬العقوبات‭ ‬الجماعية،‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي،‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية‭. ‬وأدى‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬26‭ ‬ألف‭ ‬شهيد‭ ‬إذا‭ ‬حسبنا‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬مازالوا‭ ‬تحت‭ ‬الأنقاض،‭ ‬وبينهم‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬طفل،‭ ‬وإلى‭ ‬جرح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬ألفاً،‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منهم‭ ‬معرّض‭ ‬للشهادة،‭ ‬بسبب‭ ‬خطورة‭ ‬جراحهم،‭ ‬وعدم‭ ‬توافر‭ ‬العناية‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة‭ ‬نتيجة‭ ‬الحصار‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

أفرزت‭ ‬تداعيات‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نتائج‭ ‬عديدة،‭ ‬منها‭: ‬أولاً،‭ ‬إن‭ ‬التهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي‭ ‬هو‭ ‬السياسة‭ ‬الرسمية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬استمرارها‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الاستعمار‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإحلالي‭ ‬الذي‭ ‬أُنشئت‭ ‬على‭ ‬أساسه‭ ‬وكنتيجة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬1948،‭ ‬وتواصل‭ ‬تنفيذه‭ ‬اليوم‭ ‬عبر‭ ‬الاستيطان‭ ‬وتوسيع‭ ‬الاحتلال‭ ‬الكامل‭ ‬ليشمل‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭.‬

ثانياً،‭ ‬إن‭ ‬إسرائيل‭ ‬ترفض‭ ‬أي‭ ‬حل‭ ‬وسط‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ولا‭ ‬تقبل‭ ‬بما‭ ‬يسمّى‭ ‬‮«‬حلّ‭ ‬الدولتين‮»‬،‭ ‬وتعتبر‭ ‬كل‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬أرضاً‭ ‬لليهود،‭ ‬وحق‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬فيها‭ ‬محصور‭ ‬باليهود‭ ‬فقط‭.‬

ثالثاً،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬عملية‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬واتفاقية‭ ‬أوسلو‭ ‬كانتا‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وسيلة‭ ‬لكسب‭ ‬الوقت‭ ‬لاستكمال‭ ‬مشروع‭ ‬الاستيطان‭ ‬والتهويد‭ ‬للضفة‭ ‬الغربية‭.‬

رابعاً،‭ ‬إن‭ ‬نجح‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الكامل‭ ‬لقطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬سينتقل‭ ‬لتنفيذه‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وسيحاول‭ ‬افتعال‭ ‬مواجهاتٍ‭ ‬واسعة‭ ‬مع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لتبرير‭ ‬ذلك‭.‬

خامساً،‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلفية‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬75‭ ‬عاماً،‭ ‬واحتلال‭ ‬عمره‭ ‬56‭ ‬عاماً‭ ‬ومنظومة‭ ‬أبارتهايد‭ ‬وتمييز‭ ‬عنصري،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وليد‭ ‬الحدث،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬تنفيذاً‭ ‬لمخطّط‭ ‬مسبق‭.‬

سادساً،‭ ‬أعاد‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬خلال‭ ‬الشهرين‭ ‬الماضيين‭ ‬شحن‭ ‬أجيال‭ ‬فلسطينية‭ ‬بكاملها‭ ‬بالوعي‭ ‬السياسي‭ ‬والروح‭ ‬النضالية‭ ‬الكفاحية،‭ ‬وشحن‭ ‬جيلاً‭ ‬عالمياً‭ ‬كاملاً‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬بالوعي‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والانضواء‭ ‬في‭ ‬حركات‭ ‬التضامن‭ ‬معها‭ ‬بصورة‭ ‬لا‭ ‬مثيل‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬حركة‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬شعب‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬ضد‭ ‬نظام‭ ‬الأبارتهايد،‭ ‬وشمل‭ ‬ذلك‭ ‬جيلاً‭ ‬كاملاً‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وجزءاً‭ ‬من‭ ‬اليهود‭ ‬الأمريكيين‭.‬

سابعاً،‭ ‬البنيان‭ ‬السياسي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إصلاح‭ ‬جذري‭ ‬وشامل،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فقدت‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المهيمنة‭ ‬على‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬التأييد‭ ‬الجماهيري،‭ ‬وذلك‭ ‬لسلبيّتها‭ ‬وتقصيرها‭ ‬خلال‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬ويمثل‭ ‬ضعفها‭ ‬خطراً‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬لهشاشة‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مقاومة‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭ ‬ومحاولات‭ ‬أطراف‭ ‬خارجية‭ ‬بقيادة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لفرض‭ ‬الإملاءات‭ ‬عليها‭ ‬فيما‭ ‬تسمّى‭ ‬ترتيبات‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬غزّة‭. ‬وذلك‭ ‬كله‭ ‬يؤكّد‭ ‬ضرورة‭ ‬الوحدة‭ ‬لرفض‭ ‬الوصاية‭ ‬الخارجية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬أو‭ ‬مصادرة‭ ‬حقّه‭ ‬في‭ ‬تمثيل‭ ‬نفسه،‭ ‬أو‭ ‬المسّ‭ ‬بحقّه‭ ‬وحده‭ ‬في‭ ‬اختيار‭ ‬قياداته‭ ‬عبر‭ ‬الانتخابات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الحرّة‭.‬

ثامناً،‭ ‬فشل‭ ‬المحاولات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بقيادة‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬تهميش‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وتصفيتها‭.‬

‭ ‬أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬سلوك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬التي‭ ‬اصطفت‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والاضطهاد‭ ‬العنصري،‭ ‬فقد‭ ‬تبلورت‭ ‬الاستنتاجات‭ ‬الآتية‭:‬

أولاً،‭ ‬كان‭ ‬سكوت‭ ‬العالم‭ ‬الغربي‭ ‬عن‭ ‬استمرار‭ ‬الاحتلال‭ ‬56‭ ‬عاماً‭ ‬وعن‭ ‬التوسّع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬والغطرسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬فيما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭. ‬وأظهرت‭ ‬المنظومة‭ ‬الغربية‭ ‬الرئيسية‭ ‬انحيازاً‭ ‬مطلقاً‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬شاركت‭ ‬بعض‭ ‬دولها،‭ ‬وتحديداً‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬بجنودها‭ ‬وخبراتها‭ ‬وأسلحتها‭ ‬وطائراتها‭ ‬وجسرها‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

ثانياً،‭ ‬جنّدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتواطؤ‭ ‬غربي‭ ‬مشاعر‭ ‬الحقد‭ ‬والانتقام‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬مع‭ ‬أسوأ‭ ‬التوجّهات‭ ‬الرجعية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لشنّ‭ ‬حملة‭ ‬لنزع‭ ‬إنسانية‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بالجمع‭ ‬بين‭ ‬العنصرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والعنصرية‭ ‬ضد‭ ‬شعوب‭ ‬الجنوب،‭ ‬والإسلاموفوبيا‭ ‬وأيديولوجية‭ ‬تفوّق‭ ‬العرق‭ ‬الأبيض،‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الفاشية‭ ‬الجديدة،‭ ‬ووجدت‭ ‬إسرائيل‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬سريرٍ‭ ‬واحدٍ‭ ‬مع‭ ‬أكثر‭ ‬الأنظمة‭ ‬الرجعيّة‭ ‬تخلفاً‭ ‬ويمينية‭ ‬وفاشية‭.‬

ثالثاً،‭ ‬أحدثت‭ ‬المواقف‭ ‬الغربية‭ ‬شرخاً‭ ‬عميقاً‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬آثار‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬مع‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والدول‭ ‬النامية،‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية‭.‬

رابعاً،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الدعايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والديمقراطية‭ ‬واحترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬مجرّد‭ ‬هراء،‭ ‬عند‭ ‬مقارنة‭ ‬ازدواجية‭ ‬المواقف‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬كوسوفو‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭. ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬الأمر‭ ‬بدول‭ ‬غربية‭ ‬إلى‭ ‬تبنّي‭ ‬مكارثية‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬فلسطيني،‭ ‬علماً‭ ‬كان،‭ ‬أو‭ ‬مظاهرة،‭ ‬أو‭ ‬كوفية،‭ ‬أو‭ ‬موقفاً‭ ‬صادقاً‭ ‬لغربيين‭ ‬أملته‭ ‬عليهم‭ ‬ضمائرهم‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حتى‭ ‬صُنّف‭ ‬كل‭ ‬تأييد‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬أو‭ ‬انتقاد‭ ‬للظلم‭ ‬ضدّهم‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬سامية‮»‬‭.‬

خامساً،‭ ‬استخدم‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬كما‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬لخدمة‭ ‬مصالح‭ ‬المجمع‭ ‬الصناعي‭ ‬‭ ‬العسكري‭ ‬الأمريكي‭ ‬وتحقيق‭ ‬مليارات‭ ‬الدولارات‭ ‬من‭ ‬الأرباح‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬دماء‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

سادساً،‭ ‬وجّه‭ ‬سلوك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬المتواطئة‭ ‬مع‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬رسالة‭ ‬خطرة‭ ‬للغاية،‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يحكمه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬بل‭ ‬شريعة‭ ‬الغاب‭. ‬ومن‭ ‬يملك‭ ‬القوّة‭ ‬يقرّر‭ ‬المسار،‭ ‬وسيكون‭ ‬لهذا‭ ‬السلوك‭ ‬تأثيرٌ‭ ‬خطيرٌ‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عديدة‭ ‬مثل‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬نفسها‭.‬

سابعاً،‭ ‬إن‭ ‬العقلية‭ (‬mind‭ ‬set‭) ‬التي‭ ‬سمحت‭ ‬سابقاً‭ ‬بارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الهولوكوست‭ ‬ضد‭ ‬اليهود،‭ ‬والممارسات‭ ‬اللاسامية‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬واضطهاد‭ ‬الضعيف،‭ ‬هي‭ ‬العقلية‭ ‬نفسها‭ ‬التي‭ ‬تسكت‭ ‬اليوم،‭ ‬وتتواطأ‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الهولوكوست‮»‬‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

ثامناً،‭ ‬التأثير‭ ‬الهائل‭ ‬لمواقف‭ ‬الشعوب‭ ‬التي‭ ‬هبّت‭ ‬في‭ ‬ثورة‭ ‬عالمية‭ ‬حقيقية‭ ‬لنصرة‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وأجبرت‭ ‬حكومات‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬موقفها،‭ ‬كما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وكندا‭ ‬وأستراليا‭ ‬ونيوزيلندا،‭ ‬ويذكّرنا‭ ‬ذلك‭ ‬بتقصير‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬والسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬حركات‭ ‬التحرّر‭ ‬العالمية‭ ‬والمجتمعات‭ ‬المدنية‭ ‬والأحزاب‭ ‬والنقابات،‭ ‬لأنها‭ ‬انشغلت‭ ‬فقط‭ ‬بالعلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وأصبحت‭ ‬تتصرّف‭ ‬كهيكل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التأثير‭.‬

تاسعاً،‭ ‬إن‭ ‬مشروع‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المسمّى‭ ‬نهج‭ ‬أوسلو‭ ‬واتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬فشل‭ ‬فشلاً‭ ‬ذريعاً،‭ ‬لأنه‭ ‬بُني‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬استراتيجي‭ ‬خاطئ،‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تقبل‭ ‬حلاً‭ ‬وسطاً،‭ ‬وبأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وسيطاً‭ ‬للسلام‭.‬

عاشراً،‭ ‬باستثناءات‭ ‬قليلة،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬القيام‭ ‬بالدور‭ ‬المطلوب‭ ‬منه،‭ ‬وأظهر‭ ‬عجزاً‭ ‬مريعاً،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أن‭ ‬يتحدّى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ولو‭ ‬بإرسال‭ ‬قافلة‭ ‬إنسانية‭ ‬لاختراق‭ ‬العقوبات‭ ‬الجماعية‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ولذلك‭ ‬آثار‭ ‬إستراتيجية‭ ‬خطيرة‭ ‬لظهور‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭.‬

وفي‭ ‬الخلاصة،‭ ‬أصبح‭ ‬واضحاً‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬لن‭ ‬يسود‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تخلي‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬طابعها‭ ‬الاستعماري‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإحلالي،‭ ‬واعترافها‭ ‬بحقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الكاملة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حقّ‭ ‬عودة‭ ‬اللاجئين‭ ‬القدامى‭ ‬والجدد‭ ‬إلى‭ ‬ديارهم‭ ‬التي‭ ‬هجّروا‭ ‬منها‭. ‬وأن‭ ‬أحداً‭ ‬لا‭ ‬يملك،‭ ‬ولن‭ ‬يملك،‭ ‬حقّ‭ ‬فرض‭ ‬الإملاءات‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يدير‭ ‬شؤونه‭. ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وحده‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬حقّ‭ ‬اختيار‭ ‬قيادته‭ ‬بالوسائل‭ ‬الديمقراطية‭.‬

 

{ الأمين‭ ‬العام‭ ‬لحركة‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا