الكواليس
وفاء جناحي
waffajanahi@gmail.com
السعادة الحقيقية
لكل إنسان مقاييس حياتية معينة، كل إنسان لديه أفكاره ومعتقداته الخاصة، قناعاته الخاصة التي تربى عليها وتغللت في أعماقه، عندما نحب أي إنسان علينا أن نتقبله ونتعايش معه مهما اختلفت آراؤنا وقناعاتنا، ولا نحاول أن نغيره ليصبح مثلنا.
تقول صاحبة قصة اليوم: تعرفت على زوجي واحببته كثيرا فقد كان حنونا وطيبا جدا وهذا أكثر صفتين كنت أفتقدهما في حياتي، حيث إنني نشأت في بيئة عملية جدا من والدين محبين ولكن مشغولين بتوفير حياة مادية جيدة لي ولأختي، اجتماعاتنا العائلية كانت دائما جافة من المشاعر الجياشة والعناقات وكلمات الحب العادية، حنان أبوي كان بطريقة عصرية وعملية جدا (مكافآت مالية، هدايا، سفر).
زوجي كان العكس مشاعره جياشة، كلماته كلها حب وتقدير، يدلعني بطريقة لم يدلعني فيها أبي أبدا، أعيش معه كطفلة أو أميرة مدللة في البيت متفهم، محترم، متعاون لأقصى حد، ولكن كما يقول المثل (الحلو ما بيكملش)، حيث كل الصفات التي قلتها تكون في السر أو بيني وبينه فقط عندما يغلق علينا مملكتنا الخاصة (كما يحب ان يطلقه على بيتنا)، أما أمام الناس فقد كان يتعامل معي بشكل عادي، محترم نعم ولكن بدون أي دلع بل طلب منى ألا أجهر أمام بيتهم وعائلته وأصدقائه بأنه متعاون ويساعدني في شغل البيت!! وكانت هذه نقطة خلافنا الوحيدة في بداية زواجنا، حيث إنني كنت اتهمه بالانفصام في الشخصية والتمثيل على الناس ولكنه كان يقول إنه تربى في وسط بيئة لا أفهمها يعتبرون شغل الرجل في البيت انتقاصا من شأنه. وكما بعد كل عزيمة في بيتنا نتشاجر ويزعل مني بالأسابيع لأنني كنت أصر على أن أحرجه أمام عائلته وأصرح بأنه يساعدني بكل أعمال البيت (رغبة مني في تغييره ومحاولة مني لجعله يشعر بأنني أفتخر به) ولكنه كان يفهم بأنني مصرة على الانتقاص من شأنه أمام أهله.. واستمر الوضع هكذا حتى شعرت بأن حياتي الزوجية في خطر وأننا الاثنان نعاند بعضنا وكل منا يحاول أن يغير الآخر ولا يتنازل عن رأيه أو يحاول أن يتغير قليلا للآخر بالرغم من شدة حبنا وتعلقنا ببعض.
أضافت صاحبة القصة وهي مبتسمة ابتسامة مشرقة وجميلة: حتى كانت المكالمة التي غيرت حياتي الزوجية 180 درجة من أم زوجي (أحن وأطيب وأذكى امرأة في العالم) والتي أعترف بأنني أحببتها أكثر من أمي والتي قالت لي بكل حب: يا ابنتي الغالية: غدا سنجتمع كلنا عندكم على العشاء أتمنى يا جميلتي أن تسمعي كلامي ولا تحاولي أن تقولي أمامنا بأن زوجك يساعدك في البيت، دعيه لمرة واحدة يشعر بعدم التوتر أمامنا وشوفي النتيجة صدقيني أنا أحبك مثل بناتي ستنقلب حياتك، لم أجادلها من كثرة حبي لها وقررت أن أنفذ كلامها.
انبهرت بالنتيجة حيث إن زوجي كان في غاية السعادة أثناء العزيمة وكانت نظراته ولمساته لي كلها حب وتقدير وما إن غادروا أهله حتى طلب مني التوجه إلى غرفتي والراحة وهو قام مع الشغالة بكل عمل البيت وزاد في دلاله وشكره لي، كما دخل علي ثاني يوم بهدية جميلة جدا وزاد لطفه وحبه واحترامه لي عكس الزعل والنكد والصراخ والبكاء الذي كان يحدث بعد كل عزيمة في بيتي لأهله!!
جلست أفكر وأؤنب نفسي لماذا لم أحاول أن أتفهم وجهة نظر حبيبي بدل محاولاتي المستميتة في فرض رأيي لتغييره؟ ماذا أستفيد بمفاخرتي أمام الناس بشيء يكرهه زوجي؟؟ ماذا سيسعدني أكثر رأي الناس أو حب زوجي؟ لماذا فضلت الزعل والخصام على كل هذا الحب والدلال؟
تغيّر زوجي بعدها كثيرا مع الزمن، أصبح يساعدني أمام الناس ويدللني كما كنت أرغب ولكن لأنه اقتنع بنفسه دون ضغط مني أو عناد.
لكي نعيش في سعادة علينا تقبل وحب الآخرين بكل مزاياهم وعيوبهم وندع أمر تغييرهم للزمن.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك