العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

انظروا من يتحدث عن الصداقة؟!

حين‭ ‬قرأت‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬كتبت‭ ‬فورا‭: ‬انظروا‭ ‬من‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الصداقة؟‭.. ‬متى‭ ‬كنتم‭ ‬أصدقاء‭ ‬لنا‭ ‬أصلا؟

المقال‭ ‬مقال‭ ‬افتتاحي‭ ‬نشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬التليجراف‮»‬‭ ‬البريطانية‭ ‬قبل‭ ‬يومين‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الأصدقاء‭ ‬المزعومون‮»‬‭. ‬أما‭ ‬الأصدقاء‭ ‬المزعومون‭ ‬الذين‭ ‬يقصدهم‭ ‬المقال‭ ‬فهم‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭.‬

مقال‭ ‬الصحيفة‭ ‬ينتقد‭ ‬بشدة‭ ‬استقبال‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬للرئيس‭ ‬الروسي‭ ‬بوتين‭ ‬والاستقبال‭ ‬الحافل‭ ‬الذي‭ ‬لقيه‭ ‬في‭ ‬البلدين،‭ ‬واعتبر‭ ‬ان‭ ‬البلدين،‭ ‬بهذه‭ ‬الزيارة،‭ ‬ساعدا‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬التحايل‭ ‬على‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬تفرضها‭ ‬دول‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ (‬ناتو‭) ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭. ‬واعتبر‭ ‬المقال‭ ‬ان‭ ‬مساعدة‭ ‬روسيا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬وعلى‭ ‬زيادة‭ ‬موارد‭ ‬الخزينة‭ ‬الروسية‭ ‬هو‭ ‬مساعدة‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬حربها‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭.‬

وقالت‭ ‬الصحيفة‭ ‬إن‭ ‬استقبال‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬الشيخ‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬آل‭ ‬نهيان،‭ ‬للرئيس‭ ‬بوتين‭ ‬باعتباره‭ ‬‮«‬صديقه‭ ‬العزيز‮»‬،‭ ‬يعتبر‭ ‬عملا‭ ‬غير‭ ‬ودي،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬بوتين‭ ‬يخضع‭ ‬لمذكرة‭ ‬اعتقال‭ ‬دولية‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭.‬

إجمالا‭ ‬تعتبر‭ ‬افتتاحية‭ ‬الصحيفة‭ ‬البريطانية‭ ‬ان‭ ‬الامارات‭ ‬والسعودية‭ ‬لم‭ ‬تعودا‭ ‬دولتين‭ ‬صديقتين‭ ‬بعد‭ ‬استقبال‭ ‬بوتين،‭ ‬ودعت‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬التصرف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭.‬

بالطبع‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬الصحيفة‭ ‬البريطانية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬لا‭ ‬يعبر‭ ‬بالضرورة‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الرسمي‭ ‬للحكومة‭ ‬البريطانية،‭ ‬لكنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬المزاج‭ ‬العام‭ ‬السائد‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬اليوم‭. ‬المزاج‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬اليوم،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬هو‭ ‬مزاج‭ ‬عنصري‭ ‬معاد‭ ‬للعرب‭ ‬والمسلمين‭.‬

ما‭ ‬كتبته‭ ‬الصحيفة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يمر‭ ‬هكذا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وقفة‭ ‬وقراءة‭ ‬لأبعاده‭ ‬وما‭ ‬يثيره‭ ‬من‭ ‬تساؤلات‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ما‭ ‬دخل‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬أمريكا‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬بعلاقات‭ ‬الإمارات‭ ‬والسعودية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬بدول‭ ‬العالم،‭ ‬أو‭ ‬بسياسات‭ ‬دولنا‭ ‬الخارجية‭ ‬عموما؟

بأي‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬يريدون‭ ‬أن‭ ‬يحددوا‭ ‬هم‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬طبيعة‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬الصين‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬قوة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬العالم؟

بأي‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬يريدون‭ ‬ان‭ ‬يفرضوا‭ ‬على‭ ‬دولنا‭ ‬أن‭ ‬تصادق‭ ‬من‭ ‬يصادقه‭ ‬الغرب‭ ‬وتعادي‭ ‬من‭ ‬يعاديه‭ ‬الغرب؟

ما‭ ‬كتبته‭ ‬الصحيفة‭ ‬البريطانية‭ ‬نموذج‭ ‬صارخ‭ ‬يجسد‭ ‬العقلية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬العنصرية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬عموما‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭.‬

في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفي‭ ‬أمريكا‭ ‬وعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬يفكرون‭ ‬ويتصرفون‭ ‬بمنطق‭ ‬أن‭ ‬لهم‭ ‬حق‭ ‬الوصاية‭ ‬علينا‭ ‬وعلى‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬أدق‭ ‬شؤون‭ ‬دولنا‭ ‬الداخلية‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬الدولية‭ ‬وسياساتها‭.‬

هذا‭ ‬موقف‭ ‬استعماري‭ ‬عنصري‭ ‬مرفوض‭ ‬جملة‭ ‬وتفصيلا‭.‬

الأمر‭ ‬الثاني،‭ ‬بأي‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬يريدون‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفي‭ ‬الغرب‭ ‬عموما‭ ‬أن‭ ‬يلزموا‭ ‬الإمارات‭ ‬أو‭ ‬السعودية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬بموقفهم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬ومن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا؟

موقف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬ومن‭ ‬حرب‭ ‬أوكرانيا‭ ‬تحكمه‭ ‬مصالحهم‭ ‬وصراعهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استمرار‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬العالم‭.‬

هذا‭ ‬أمر‭ ‬يعنيهم‭ ‬هم‭ ‬ولا‭ ‬يعنينا‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬الذي‭ ‬يعنينا‭ ‬هو‭ ‬مصالحنا‭ ‬لا‭ ‬مصالحهم‭. ‬ومصالح‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬تحتم‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تنويع‭ ‬علاقاتنا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬وتقوية‭ ‬علاقاتنا‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وغيرهما‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭.‬

وأن‭ ‬يطلبوا‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬أن‭ ‬تتبنى‭ ‬موقفهم‭ ‬من‭ ‬روسيا‭ ‬يعتبر‭ ‬قمة‭ ‬الاحتقار‭ ‬للمصالح‭ ‬العربية‭ ‬ولاستقلال‭ ‬القرار‭ ‬العربي‭.‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصفاقة‭ ‬حقا‭ ‬أن‭ ‬تتحدث‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬البريطانية‭ ‬عن‭ ‬الصداقة‭ ‬وتكتب‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬عن‭ ‬الامارات‭ ‬والسعودية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات‭.‬

نعني‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬وكل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بموقفها‭ ‬الهمجي‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الابادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أظهروا‭ ‬عداء‭ ‬سافرا‭ ‬صريحا‭ ‬لكل‭ ‬العرب‭ ‬والمسلمين،‭ ‬ويعلنون‭ ‬هذا‭ ‬صراحة‭ ‬دون‭ ‬مواربة‭ ‬ولا‭ ‬خجل‭. ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يعلنون‭ ‬العداء‭ ‬لنا‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬أظهروا‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬إبادتنا‭.‬

على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬ما‭ ‬تكتبه‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الصحيفة‭ ‬البريطانية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يستحق‭ ‬منا‭ ‬قلقا‭ ‬ولا‭ ‬انزعاجا‭. ‬هم‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬ببساطة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لهم‭ ‬أدنى‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المصداقية،‭ ‬وهم‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ان‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬صداقة‭ ‬او‭ ‬حقوق‭ ‬انسان‭ ‬او‭ ‬أي‭ ‬قيم‭ ‬انسانية‭.‬

الأمر‭ ‬الواضح‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬الدروس‭ ‬الكبرى‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬أن‭ ‬علاقات‭ ‬دولنا‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعاد‭ ‬بناؤها‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬أظهرته‭ ‬من‭ ‬عداء‭ ‬لنا‭. ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬هذه‭ ‬يجب‭ ‬تقوية‭ ‬روابطنا‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬غير‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سياستنا‭ ‬مستقلة‭ ‬حقا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا