العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل يستطيع الكيان الصهيوني استخدام السلاح النووي؟

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

الأحد ١٠ ديسمبر ٢٠٢٣ - 02:00

الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لا‭ ‬يمتلك‭ ‬سلاحا‭ ‬نوويا‭ ‬واحدا‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬حوزته‭ ‬وتحت‭ ‬يده‭ ‬حسب‭ ‬بعض‭ ‬التقديرات‭ ‬نحو‭ ‬90‭ ‬رأسا‭ ‬نوويا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬فمَن‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يمنع‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المغتصب‭ ‬الظالم‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية؟‭ ‬ومن‭ ‬له‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬هذا‭ ‬الثور‭ ‬الهائج‭ ‬المدمر‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للبشر،‭ ‬والشجر،‭ ‬والحجر؟‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬سيقوم‭ ‬به‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظماتها،‭ ‬ودول‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬والشرق‭ ‬لو‭ ‬قام‭ ‬الكيان‭ ‬فعليا‭ ‬باستخدام‭ ‬السلاح‭ ‬النووي‭ ‬هو‭ ‬الإدانة،‭ ‬والشجب،‭ ‬والاستنكار‭ ‬ليوم‭ ‬أو‭ ‬يومين،‭ ‬ثم‭ ‬ينتهي‭ ‬الأمر‭ ‬وكأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬هل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬شامل‭ ‬للبنية‭ ‬التحتية‭ ‬ومختلف‭ ‬أنواع‭ ‬المرافق‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬وقوة‭ ‬تدمير‭ ‬قنبلة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬النووية؟‭ ‬فقد‭ ‬أفادت‭ ‬بعض‭ ‬التقارير،‭ ‬مثل‭ ‬المقال‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬استخبارات‭ ‬الطاقة‮»‬‭ (‬Energy‭ ‬Intelligence‭) ‬في‭ ‬13‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬لإسرائيل‭ ‬تحت‭ ‬الأضواء‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬المتفجرات‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬تُقدر‭ ‬بنحو‭ ‬25‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬المتفجرات،‭ ‬بما‭ ‬يساوي‭ ‬20‭ ‬كيلوطن‭ ‬قنبلة‭ ‬ذرية،‭ ‬وهذه‭ ‬القنابل‭ ‬والمتفجرات‭ ‬التي‭ ‬أُلقيت‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬قوتها‭ ‬وشدتها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬قنبلتي‭ ‬هيروشيما‭ ‬وناجازاكي‭ ‬النوويتين‭. ‬

وهل‭ ‬ما‭ ‬ارتكبته‭ ‬يداه‭ ‬المجرمة‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬للبشر‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬تدمير‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬للإنسان؟

وهل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬وتطهير‭ ‬عرقي‭ ‬يراه‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬الأرض‭ ‬يقل‭ ‬في‭ ‬حجمه‭ ‬عما‭ ‬تُخلفه‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬من‭ ‬تشريد‭ ‬وإبادة‭ ‬لعشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البشر؟

فما‭ ‬نشاهده‭ ‬الآن‭ ‬أمامنا‭ ‬منذ‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬شامل‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬تأثير‭ ‬أية‭ ‬قنبلة‭ ‬ذرية،‭ ‬بل‭ ‬ويوازي،‭ ‬وقد‭ ‬يفوق‭ ‬في‭ ‬قوته‭ ‬التدميرية‭ ‬لأي‭ ‬سلاح‭ ‬نووي‭.‬

وحسب‭ ‬آخر‭ ‬التقارير‭ ‬والإحصائيات،‭ ‬فقد‭ ‬ارتكب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬ما‭ ‬يلي‭:‬

أولاً‭: ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للبشر،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬المحصلة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬استشهاد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬ألف‭ ‬فلسطيني،‭ ‬منهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬طفل‭ ‬تيتموا‭ ‬وتشردوا‭ ‬دون‭ ‬أب‭ ‬أو‭ ‬أم‭ ‬أو‭ ‬كليهما،‭ ‬وما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬البشرية‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والشباب‭ ‬وكبار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬اشتعل‭ ‬رأسهم‭ ‬شيباً‭ ‬وبلغوا‭ ‬من‭ ‬الكبر‭ ‬عتيا،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الجرحى‭ ‬والمصابين‭.‬

ثانياً‭: ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشجر،‭ ‬حيث‭ ‬تدمرت‭ ‬مساحات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬الزراعية‭ ‬من‭ ‬شجر‭ ‬الزيتون،‭ ‬والمحاصيل‭ ‬الزراعية‭ ‬الأخرى،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬عددٍ‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الأشجار‭ ‬والمساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬من‭ ‬الحدائق‭ ‬والمتنزهات‭.‬

ثالثاً‭: ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬للحجر،‭ ‬وأقصد‭ ‬بذلك‭ ‬المباني‭ ‬والعمارات‭ ‬السكنية،‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬والمساجد،‭ ‬والكنائس،‭ ‬والمقابر،‭ ‬والمتاحف‭. ‬وقد‭ ‬أفادت‭ ‬تقارير‭ ‬المنظمات‭ ‬المعنية‭ ‬بالتراث‭ ‬العالمي‭ ‬التاريخي‭ ‬والإنساني‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬مرفق‭ ‬تراثي‭ ‬ثقافي‭ ‬يهم‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬قد‭ ‬فقدته‭ ‬البشرية،‭ ‬وتم‭ ‬تدميره‭ ‬كلياً‭ ‬أو‭ ‬جزئياً‭. ‬ومنها‭ ‬التقرير‭ ‬من‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬التراث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‮»‬‭ (‬Heritage‭ ‬for‭ ‬Peace‭)‬،‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬أهم‭ ‬المواقع‭ ‬الأثرية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تدميرها‭ ‬نتيجة‭ ‬للهجمات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‮»‬،‭ ‬وتقرير‭ ‬آخر‭ ‬عنوانه‭: ‬‮«‬تأثيرات‭ ‬الحرب‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬والمنشورين‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭. ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬أَجْرتْ‭ ‬حصراً‭ ‬ميدانياً‭ ‬على‭ ‬المواقع‭ ‬والمنشآت‭ ‬الأثرية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬70‭ ‬منزلاً‭ ‬أثرياً‭ ‬تم‭ ‬تدميره‭ ‬جزئياً،‭ ‬وتدمير‭ ‬مركز‭ ‬للأرشيف‭ ‬وحفظ‭ ‬الوثائق‭ ‬التاريخية،‭ ‬وتدمير‭ ‬ثلاثة‭ ‬مساجد‭ ‬بشكل‭ ‬كلي،‭ ‬ومنها‭ ‬المسجد‭ ‬العمري‭ ‬الكبير،‭ ‬وتدمير‭ ‬جزئي‭ ‬لأربع‭ ‬كنائس،‭ ‬منها‭ ‬كنيسة‭ ‬تاريخية‭ ‬للروم‭ ‬الأورثوذكس‭ ‬عمرها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬عام،‭ ‬وتُعد‭ ‬ثالث‭ ‬أقدم‭ ‬كنيسة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬كنيسة‭ ‬القديس‭ ‬برفيريوس‭ (‬Saint‭ ‬Porphyrius‭)‬،‭ ‬ومقبرة‭ ‬رومانية‭ ‬عمرها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬عام‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬امتلاك‭ ‬واستخدام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬بجميع‭ ‬أحجامها‭ ‬وأنواعها‭ ‬فهو‭ ‬قضية‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬السرية‭ ‬والكتمان‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات،‭ ‬كما‭ ‬يُحيط‭ ‬بها‭ ‬بشكلٍ‭ ‬متعمد‭ ‬الغموض‭ ‬والشكوك،‭ ‬فلا‭ ‬يعلم‭ ‬أحد‭ ‬علم‭ ‬اليقين‭ ‬تفاصيل‭ ‬ما‭ ‬يمتلكه‭ ‬هذا‭ ‬الكيان،‭ ‬علماً‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المعتدي‭ ‬يُنكر‭ ‬دائماً‭ ‬حيازته‭ ‬لأي‭ ‬سلاح‭ ‬نووي،‭ ‬أو‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬عسكري‭.‬

وقد‭ ‬جاءت‭ ‬أثناء‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬الظالمة‭ ‬أول‭ ‬إشارة‭ ‬واضحة‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬امتلاكه‭ ‬للسلاح‭ ‬النووي‭ ‬عندما‭ ‬أدلى‭ ‬وزير‭ ‬التراث‭ ‬الصهيوني‭ ‬‮«‬عنيحاي‭ ‬إلياهو‮»‬‭ (‬Amihai‭ ‬Eliyahu‭) ‬في‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬2023‭ ‬بتصريح‭ ‬خطير‭ ‬جداً‭ ‬وفاضح‭ ‬للسر‭ ‬الكوني‭ ‬الصهيوني‭ ‬قائلاً‭ ‬في‭ ‬مقابلة‭ ‬عبر‭ ‬الأثير‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬إمكانية‭ ‬لاستخدام‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وهذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬الحكومي‭ ‬الرسمي‭ ‬يعد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬والذي‭ ‬يؤكد‭ ‬امتلاك‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬لقنبلة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل،‭ ‬ويقدم‭ ‬الدليل‭ ‬المادي‭ ‬على‭ ‬ذلك‭. ‬ونظراً‭ ‬لخطورة‭ ‬التصريح‭ ‬وما‭ ‬يكشفه‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬عن‭ ‬امتلاك‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬للأسلحة‭ ‬النووية،‭ ‬فقد‭ ‬قام‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬بتعليق‭ ‬مشاركة‭ ‬الوزير‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭. ‬وعلاوة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التصريح،‭ ‬فقد‭ ‬نَشرتْ‭ ‬صحيفة‭ ‬النيويورك‭ ‬تايمز‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحقيقاً‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬ديسمبر‭ ‬2023،‭ ‬ونشرته‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬جيروزاليم‭ ‬بوست‮»‬‭ (‬The‭ ‬Jerusalem‭ ‬Post‭) ‬في‭ ‬4‭ ‬ديسمبر‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬حماس‭ ‬تضرب‭ ‬قاعدة‭ ‬للجيش‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬صواريخ‭ ‬نووية‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬أفاد‭ ‬التقرير‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬القاعدة‭ ‬تُستخدم‭ ‬لتجهيز‭ ‬الصواريخ‭ ‬النووية‭.  ‬

ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬تقول‭ ‬التقارير‭ ‬العلمية‭ ‬الصادرة‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬المستقلة‭ ‬المختصة‭ ‬عن‭ ‬امتلاك‭ ‬الكيان‭ ‬للسلاح‭ ‬الذري،‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬عدد‭ ‬ونوع‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬الشامل‭ ‬التي‭ ‬بحوزته؟

لقد‭ ‬بدأ‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استتب‭ ‬زرع‭ ‬الورم‭ ‬السرطاني‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬حيث‭ ‬شرع‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1958‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬أول‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬‮«‬ديفيد‭ ‬بن‭ ‬جوريون‮»‬‭ ‬وبدعم‭ ‬ومساعدة‭ ‬فرنسية‭ ‬وفي‭ ‬سرية‭ ‬تامة‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬أنظار‭ ‬العالم‭ ‬الصديق‭ ‬والعدو،‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬علم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وعلم‭ ‬رئيسها‭ ‬آنذاك‭ ‬آيزن‭ ‬هاور‭ (‬Eisenhower‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مفاعل‭ ‬نووي‭ ‬كبير‭ ‬انتهى‭ ‬العمل‭ ‬فيه‭ ‬عام‭ ‬1965،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬بشراء‭ ‬20‭ ‬طناً‭ ‬من‭ ‬الماء‭ ‬الثقيل‭ ‬من‭ ‬النرويج،‭ ‬ثم‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬نووي‭ ‬عسكري‭ ‬لإنتاج‭ ‬البلوتونيوم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1966‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬دايمونة‮»‬‭ (‬Dimona‭ ‬Project‭) ‬في‭ ‬صحراء‭ ‬النقب،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬الكيان‭ ‬يدَّعي‭ ‬ومازال‭ ‬بأن‭ ‬المشروع‭ ‬لأغراض‭ ‬مدنية‭ ‬ولتوليد‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يمنع‭ ‬زيارة‭ ‬المفتشين‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬منظمة‭ ‬أممية‭ ‬مختصة،‭ ‬مثل‭ ‬الوكالة‭ ‬الدولية‭ ‬للطاقة‭ ‬الذرية‭. ‬ولم‭ ‬تعلم‭ ‬أمريكا‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬1960‭ ‬عندما‭ ‬اعترفت‭ ‬فرنسا‭ ‬بذلك،‭ ‬وأنها‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬زودت‭ ‬الكيان‭ ‬بالمواد‭ ‬الخام‭ ‬لإنتاج‭ ‬القنبلة‭ ‬الذرية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬اليورانيوم‭. ‬

وهناك‭ ‬عدة‭ ‬تقارير‭ ‬نُشرتْ‭ ‬وتُقدم‭ ‬تقديرات‭ ‬لأعداد‭ ‬وأنواع‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬يمتلكها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ومنها‭ ‬الكتاب‭ ‬السنوي‭ ‬لعام‭ ‬2022‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬ستوكهولم‭ ‬الدولي‭ ‬لأبحاث‭ ‬السلام‮»‬‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2023‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬القوى‭ ‬النووية‭ ‬الدولية‭: ‬الرؤوس‭ ‬النووية‮»‬،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقرير‭ ‬‮«‬اتحاد‭ ‬علماء‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬حول‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭: ‬‮«‬حالة‭ ‬القوات‭ ‬النووية‭ ‬الدولية‮»‬‭ ‬المنشور‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬نشرة‭ ‬علماء‭ ‬الذرة‮»‬‭ (‬Bulletin‭ ‬of‭ ‬the‭ ‬Atomic‭ ‬Scientists‭). ‬وهذه‭ ‬التقارير‭ ‬تعطي‭ ‬تقديرات‭ ‬مختلفة،‭ ‬فمنها‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬يتراوح‭ ‬بين‭ ‬75‭ ‬إلى‭ ‬400،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬80،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬90،‭ ‬وهذه‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬إطلاقها‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية،‭ ‬أو‭ ‬الطائرات،‭ ‬أو‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬والغواصات‭.‬

فالخلاصة‭ ‬إذن‭ ‬أن‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يمتلك‭ ‬مئات‭ ‬الرؤوس‭ ‬النووية‭ ‬منذ‭ ‬الستينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬المنصرم،‭ ‬وهو‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬أمريكا‭ ‬وفرنسا،‭ ‬تتستر‭ ‬على‭ ‬برنامجه‭ ‬النووي‭ ‬العسكري‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬بل‭ ‬يتطور‭ ‬ويتم‭ ‬تحديثه‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬تمنع‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬أممية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تنوي‭ ‬التفتيش‭ ‬عليه،‭ ‬وأخيراً‭ ‬فإن‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬كلها‭ ‬تدعم‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬وبقوة‭!!‬

bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا