العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

لعبة أمريكا المفضوحة

 

في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬تحاول‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬مواقفها‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬قد‭ ‬تغيرت،‭ ‬وأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وحمايتهم‭ ‬وعلى‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لهم‭ ‬وأنها‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.. ‬وهكذا‭. ‬وتحاول‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬عبر‭ ‬تصريحات‭ ‬مسئوليها‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬أنها‭ ‬ترفض‭ ‬مخططات‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬لتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وترحيلهم‭ ‬عن‭ ‬أرضهم،‭ ‬وأنها‭ ‬تريد‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬وفق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

من‭ ‬المفهوم‭ ‬بالطبع‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬التظاهر‭ ‬بهذه‭ ‬المواقف‭. ‬تفعل‭ ‬هذا‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬قطاعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬ورفضها‭ ‬لسياسات‭ ‬بايدن‭ ‬ومواقفه‭ ‬ومشاركته‭ ‬في‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ورفض‭ ‬قطاع‭ ‬لا‭ ‬يستهان‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬النخبة‭ ‬السياسية‭ ‬الأمريكية‭. ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬هذا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انقلب‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬لدورهم‭ ‬الإجرامي‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعي‭ ‬بها‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬أمريكا‭ ‬بالتظاهر‭ ‬بتغيير‭ ‬مواقفها‭ ‬واتخاذ‭ ‬مواقف‭ ‬تبدو‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬تنصف‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬زائفة‭ ‬وليست‭ ‬صادقة‭ ‬ولا‭ ‬تعكس‭ ‬المواقف‭ ‬الحقيقية‭ ‬الفعلية‭ ‬للإدارة‭ ‬الأمريكية‭. ‬الواقع‭ ‬نفسه‭ ‬يكذبها‭.‬

حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬إن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الجوهري‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬حربه‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

بداية،‭ ‬ينبغي‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬أنه‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬أعلنت‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬صراحة‭ ‬وعلنا‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬العدو‭. ‬فعلت‭ ‬هذا‭ ‬بإعلان‭ ‬تأييدها‭ ‬الفاضح‭ ‬للعدو‭ ‬وبإرسال‭ ‬بوارجها‭ ‬الحربية‭ ‬ووضع‭ ‬إمكانياتها‭ ‬العسكرية‭ ‬تحت‭ ‬تصرفه‭. ‬وكما‭ ‬ذكرت‭ ‬التقارير‭ ‬المنشورة‭ ‬فإن‭ ‬أمريكا‭ ‬قدمت‭ ‬للعدو‭ ‬القنابل‭ ‬العملاقة‭ ‬الخارقة‭ ‬للحصون‭ ‬والتي‭ ‬يستخدمها‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬الآلاف‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وتدمير‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬الهدنة‭ ‬القصيرة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭ ‬ويستأنف‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬حربه‭ ‬الهمجية‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬بلينكن‭ ‬يزور‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬بلينكن‭ ‬اجتمع‭ ‬بمجلس‭ ‬حرب‭ ‬العدو،‭ ‬وعمليا‭ ‬أعطاه‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬لإنهاء‭ ‬الهدنة‭ ‬ولاستئناف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وذرا‭ ‬للرماد‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬كما‭ ‬يقال‭ ‬دعا‭ ‬بلينكن‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬اتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬اللازمة‭ ‬لعدم‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بالمدنيين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬قال‭ ‬هذا‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬جيدا‭ ‬أنه‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬تدابير‭ ‬في‭ ‬عرف‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ويعلم‭ ‬أن‭ ‬العدو‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭ ‬إلا‭ ‬القتل‭ ‬الجماعي‭ ‬للمدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تتحدث‭ ‬التقارير‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬يبحث‭ ‬مشروعا،‭ ‬ليس‭ ‬بعيدا‭ ‬بالطبع‭ ‬عن‭ ‬دوائر‭ ‬الإدارة،‭ ‬بتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وضرورة‭ ‬ممارسة‭ ‬ضغوط‭ ‬أمريكية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لإجبارها‭ ‬على‭ ‬قبول‭ ‬هذا‭.‬

وتتحدث‭ ‬تقارير‭ ‬أيضا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تمارس‭ ‬بالفعل‭ ‬ضغوطا‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬لدفعها‭ ‬إلى‭ ‬قبول‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬يعلنه‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬بضرورة‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬حماس‭ ‬وقبول‭ ‬الخطط‭ ‬المطروحة‭ ‬لمستقبل‭ ‬غزة‭.‬

نريد‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬تغير‭ ‬أو‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التغير‭ ‬مخطئ‭. ‬أمريكا‭ ‬شريك‭ ‬أساسي‭ ‬للعدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬وفي‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الإجرامية‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬يتصور‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحققها،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هدف‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بطرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬غزة‭.‬

وليس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬جديد‭. ‬أمريكا‭ ‬هي‭ ‬الحامي‭ ‬الأول‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬دوما‭ ‬وترضخ‭ ‬باستمرار‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬يريد‭.‬

لكن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬مهم‭.‬

أمريكا‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬إجبار‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬عدوانه‭ ‬إن‭ ‬أرادت‭ ‬ذلك‭. ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تريد‭.‬

بعبارة‭ ‬أدق‭ ‬أمريكا‭ ‬لن‭ ‬تغير‭ ‬مواقفها‭ ‬ولن‭ ‬تمارس‭ ‬أي‭ ‬ضغوط‭ ‬على‭ ‬العدو‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬دفعتها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭. ‬فيما‭ ‬عدا‭ ‬هذا‭ ‬كل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تغير‭ ‬الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬لعبة‭ ‬مفضوحة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا