العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

يهربون من الكيان الصهيوني معا

تحدثت‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق‭ ‬عن‭ ‬ورطة‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والإبادة‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬واضطراره‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬للرضوخ‭ ‬والتفاوض‭ ‬مع‭ ‬حماس‭.‬

ورطة‭ ‬العدو‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭.‬

عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬البطولية‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬زلزال‭ ‬هز‭ ‬أركان‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأدخله‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬طاحنة‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭.‬

ومنذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها،‭ ‬تتفاقم‭ ‬أزماته‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭.‬

‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬وقدرة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬تحطيم‭ ‬كل‭ ‬الحصون‭ ‬التي‭ ‬بناها‭ ‬العدو‭ ‬واختراقه‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬وتحقيق‭ ‬ما‭ ‬حققته‭ ‬أظهر‭ ‬هشاشة‭ ‬مخابرات‭ ‬العدو‭ ‬وجيشه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إرادة‭ ‬مقاومة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

هذا‭ ‬الذي‭ ‬فعلته‭ ‬المقاومة‭ ‬فجَّر‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬زلزالا‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وأدخله‭ ‬في‭ ‬أزمات‭ ‬كبرى‭.‬

التقارير‭ ‬التي‭ ‬تصدر‭ ‬عن‭ ‬جهات‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬نفسه‭ ‬ترسم‭ ‬صورة‭ ‬قاتمة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والسياسية‭.‬

هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬تتجسد‭ ‬أساسا‭ ‬في‭ ‬جانبين‭ ‬كبيرين‭ ‬لهما‭ ‬أهمية‭ ‬استراتيجية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭.‬

الجانب‭ ‬الأول‭: ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الطاحنة‭ ‬التي‭ ‬غرق‭ ‬فيها‭ ‬الكيان‭ ‬بسبب‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭.‬

تقارير‭ ‬إسرائيلية‭ ‬رسمية‭ ‬وغير‭ ‬رسمية‭ ‬كثيرة‭ ‬رصدت‭ ‬بالأرقام‭ ‬والحقائق‭ ‬أبعاد‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬ومؤشرات‭ ‬انهيار‭ ‬اقتصاد‭ ‬العدو‭.‬

أحد‭ ‬جوانب‭ ‬الأزمة‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬764‭ ‬ألفَ‭ ‬إسرائيلي‭ ‬تركوا‭ ‬وظائفهم‭ ‬العادية‭ ‬نتيجة‭ ‬استدعائهم‭ ‬للخدمة‭ ‬الاحتياطية‭ ‬بسبب‭ ‬الحرب‭. ‬وقالت‭ ‬الوزارة‭ ‬إنه‭ ‬ضمن‭ ‬الأسباب‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬ترك‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬توقف‭ ‬عمل‭ ‬المحال‭ ‬التجارية‭ ‬والاستهلاكية‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الضربات‭ ‬الصاروخية‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تنهال‭ ‬على‭ ‬مدن‭ ‬ومستوطنات‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬من‭ ‬المقاومة‭ ‬وطال‭ ‬بعضها‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭.‬

هذا‭ ‬العدد‭ ‬الضخم‭ ‬الذي‭ ‬ترك‭ ‬أعماله‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬يمثل‭ ‬28‭%‬‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬العمل‭.‬

وغير‭ ‬هذا‭ ‬ذكرت‭ ‬الوزارة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬استدعاء‭ ‬الاحتياط‭ ‬قد‭ ‬أجبرت‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬والموظفين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬على‭ ‬ترك‭ ‬وظائفهم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بإنهاء‭ ‬استدعاءاتهم‭ ‬العسكرية‭.‬

صحيفة‭ ‬‮«‬ذا‭ ‬ماركر‮»‬‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ذكرت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كل‭ ‬شهر‭ ‬حرب‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خسارة‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬بنحو‭ ‬2‭.‬4‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬غرق‭ ‬فيها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬دفعت‭ ‬300‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الخبراء‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يبعثوا‭ ‬رسالة‭ ‬تحذير‭ ‬إلى‭ ‬الإرهابي‭ ‬نتنياهو‭ ‬ورئيس‭ ‬وزراء‭ ‬العدو‭ ‬يحذرون‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتبعاته‭ ‬الخطيرة‭ ‬ويقولون‭ ‬فيها‭: ‬‮«‬أنتم‭ ‬لا‭ ‬تستوعبون‭ ‬حجم‭ ‬الأزمة‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتصرفوا‭ ‬بطريقة‭ ‬مختلفة‮»‬‭.‬

الجانب‭ ‬الثاني،‭ ‬وهو‭ ‬الأكثر‭ ‬خطورة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬هو‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬الهجرة‭ ‬العكسية‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬بعد‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭.‬

الإحصاءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المبدئية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬نحو‭ ‬ثلاثة‭ ‬أسابيع‭ ‬فقط‭ ‬بعد‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى‭ ‬غادر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬230‭ ‬ألف‭ ‬يهودي‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭. ‬وبالطبع‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العدد‭ ‬قد‭ ‬ارتفع‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬الأسابيع‭ ‬الماضية‭.‬

قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدأ‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الصهيونية‭ ‬وحين‭ ‬صعد‭ ‬اليمين‭ ‬الإرهابي‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬تأسست‭ ‬حركة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تدعى‭ ‬‮«‬لنغادر‭ ‬البلاد‭ ‬معا‮»‬‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وبعد‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬نشطت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬أكثر‭ ‬وتقود‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬مغادرة‭ ‬الكيان‭.‬

هذه‭ ‬الهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬من‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬وراءها‭ ‬بالطبع‭ ‬اليقين‭ ‬بعدم‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬وبعدم‭ ‬قدرة‭ ‬لا‭ ‬الجيش‭ ‬ولا‭ ‬الزمرة‭ ‬السياسية‭ ‬الحاكمة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬وأيضا‭ ‬تجسد‭ ‬عدم‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬

لهذا‭ ‬تعدُّ‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الصهاينة‭ ‬أخطر‭ ‬ما‭ ‬يواجهه‭ ‬الكيان‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

‭ ‬حين‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الأزمات‭ ‬التي‭ ‬يغرق‭ ‬فيها‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬كنتيجة‭ ‬مباشرة‭ ‬لعملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬فإننا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سوف‭ ‬يتراجع،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬الإبادة‭ ‬الوحشية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬يعتبر‭ ‬أنه‭ ‬يخوض‭ ‬معركة‭ ‬وجود‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة‭ ‬ليس‭ ‬مهمًّا‭ ‬معها‭ ‬أي‭ ‬خسائر‭ ‬أو‭ ‬أزمات‭ ‬يواجهها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا