العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الحذر من الانجرار وراء المخططات الخارجية

بقلم: عبدالهادي الخلاقي

الثلاثاء ٢١ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

استقرار‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬السياسي‭ ‬أحد‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬أخذت‭ ‬حيزا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬وتحليلات‭ ‬المفكرين‭ ‬السياسيين‭ ‬ويُطلق‭ ‬عليه‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الدولة،‭ ‬وهذا‭ ‬المفهوم‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المفاهيم‭ ‬السياسية‭ ‬تعقيداً‭ ‬وغموضاً،‭ ‬وهو‭ ‬مفهوم‭ ‬معياري‭ ‬فما‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬سبباً‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬استقرار‭ ‬دولة‭ ‬أخرى،‭ ‬واستقرار‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬يعد‭ ‬مطلبا‭ ‬جماعياً‭ ‬تسعى‭ ‬إليه‭ ‬كل‭ ‬شعوب‭ ‬العالم،‭ ‬لأنه‭ ‬يوفر‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والبيئة‭ ‬الخصبة‭ ‬للتنمية‭ ‬والازدهار،‭ ‬وهذه‭ ‬ترجمة‭ ‬فعلية‭ ‬لحديث‭ ‬رسولنا‭ ‬الكريم‭: ‬‮«‬من‭ ‬أصبح‭ ‬منكم‭ ‬آمناً‭ ‬في‭ ‬سربه،‮ ‬معافى‭ ‬في‭ ‬جسده،‭ ‬عنده‭ ‬قوت‭ ‬يومه،‭ ‬فكأنما‭ ‬حيزت‭ ‬له‭ ‬الدنيا‮»‬‭. ‬

يقول‭ ‬أحد‭ ‬المحللين‭: ‬إن‭ ‬الثروات‭ ‬الطبيعية‭ ‬لا‭ ‬تضمن‭ ‬الثراء‭ ‬لأي‭ ‬بلد‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فيها‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬مستقر،‭ ‬ففـنزويلا‭ ‬ونيجيريا‭ ‬وإيران وعدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬باستثناء‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬تملك‭ ‬حقولاً‭ ‬نفطية‭ ‬هائلة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تعاني‭ ‬شعوبها‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والبطالة‭ ‬وتدني‭ ‬مستوى‭ ‬المعيشة،‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬تنعم‭ ‬بثروات‭ ‬طبيعية‭ ‬كثيرة‭ ‬ومتعددة‭ ‬غير‭ ‬النفط‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬اُحسن‭ ‬استغلالها‭ ‬واستثمارها‭ ‬لأغنت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وجعلتها‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬أي‭ ‬ثروات‭ ‬طبيعية‭ ‬مثل‭ ‬سويسرا‭ ‬واليابان‭ ‬ولوكسمبورغ‭ ‬وماليزيا‭ ‬ودول‭ ‬أخرى‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تمتلك‭ ‬اقتصادات‭ ‬قوية‭ ‬وتشهد‭ ‬نمواً‭ ‬مطرداً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬وتنعم‭ ‬شعوبها‭ ‬بمستوى‭ ‬متقدم‭ ‬من‭ ‬الرفاهية‭ ‬والعيش‭ ‬الكريم‭.‬

يقول‭ ‬الشاعر‭ ‬السعودي‭ ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬الشمري‭ ‬‮«‬نعمة‭ ‬الخليج‭ ‬ليست‭ ‬بالنفط،‮ ‬وإنما‮ ‬الحكام‭ ‬الذين‭ ‬تقاسموا‭ ‬التمر‭ ‬والخبز‭ ‬مع‭ ‬شعوبهم‭ ‬أيام‭ ‬الفقر‭ ‬والجوع‭ ‬وعندما‭ ‬خرج النفط‭ ‬قسموا‭ ‬الخير‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬البعيد‭ ‬منهم‭ ‬والقريب‮»‬،‭ ‬والمتأمل‭ ‬للأزمات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فيما‭ ‬سُمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬لوجدنا‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬هي‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تنعم‭ ‬بأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬سياسي‭ ‬وهذا‭ ‬انعكاس‭ ‬لسياسة‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬والذي‭ ‬أثبت‭ ‬أنه‭ ‬الأكفأ‭ ‬والأنسب‭ ‬والأصلح،‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬الشمري‭ ‬لأن‭ ‬الحاكم‭ ‬تقاسم‭ ‬الخير‭ ‬مع‭ ‬شعبه‭.‬

ما‭ ‬نود‭ ‬تأكيده‭ ‬أمران‭ ‬مهمان‭ ‬الأول‭: ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬ملاءمة‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬الملكي‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬لطبيعة‭ ‬الشعوب‭ ‬وطبيعة‭ ‬المنطقة‭ ‬الجغرافية‭ ‬وهذا‭ ‬بدوره‭ ‬خلق‭ ‬استقرارا‭ ‬سياسيا‭ ‬صاحبه‭ ‬تنمية‭ ‬شاملة‭ ‬أفضت‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬معيشية‭ ‬كريمة‭ ‬لشعوب‭ ‬المنطقة،‭ ‬ثانياً‭: ‬استقرار‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬ميزة‭ ‬تدفع‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬التمسك‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬ضد‭ ‬أي‭ ‬محاولات‭ ‬خارجية‭ ‬لتحريض‭ ‬الشعوب‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬مرت‭ ‬به‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬وصراعات‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬تمسك‭ ‬شعوب‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬بأنظمتها‭ ‬الحاكمة،‭ ‬ولعلي‭ ‬أستذكر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬مواطن‭ ‬أردني‭ ‬عام‭ ‬2016م‭: ‬‮«‬لو‭ ‬رأيت‭ ‬أخي‭ ‬يحمل‭ ‬السلاح‭ ‬ضد‭ ‬الحاكم‭ ‬لكنت‭ ‬أول‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬وجهه‮»‬‭ ‬وهذا‭ ‬فيه‭ ‬وعي‭ ‬كبير‭. ‬

قد‭ ‬يتساءل‭ ‬البعض‭ ‬ما‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬التطرق‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬تحديداً؟‭! ‬فالمتتبع‭ ‬للأحداث‭ ‬والتوترات‭ ‬التي‭ ‬يشهدها‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬تحديدًا‭ ‬والتصعيد‭ ‬الغربي‭ ‬بشن‭ ‬حرب‭ ‬إقليمية‭ ‬على‭ ‬أثر‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الهمجي‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬وقتل‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأبرياء‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬ونساء‭ ‬وكهول،‭ ‬نجد‭ ‬الذباب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬ينشر‭ ‬أخبارا‭ ‬مفبركة‭ ‬وأكاذيب‭ ‬تؤجج‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬وتخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬السخط‭ ‬وربما‭ ‬يندفع‭ ‬خلفها‭ ‬البعض‭ ‬بغير‭ ‬وعي‭ ‬إلى‭ ‬التحريض،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الأحداث‭ ‬وجراح‭ ‬الأمة‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوى‭ ‬خارجية‭ ‬هدفها‭ ‬الرئيسي‭ ‬زرع‭ ‬الفتنة‭ ‬وشق‭ ‬الصف‭ ‬الوطني،‭ ‬وجميعنا‭ ‬يعلم‭ ‬يقيناً‭ ‬بما‭ ‬يُحاك‭ ‬لنا‭ ‬ولمنطقتنا‭ ‬من‭ ‬أجندات‭ ‬خبيثة‭ ‬هدفها‭ ‬تدمير‭ ‬المنطقة‭ ‬وتقسيمها،‭ ‬والغرب‭ ‬يستغل‭ ‬كل‭ ‬ثغرة‭ ‬تمهد‭ ‬له‭ ‬الطريق‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬كيان‭ ‬عربي‭ ‬مستقر،‭ ‬وكما‭ ‬افتعلوا‭ ‬الربيع‭ ‬العربي‭ ‬فهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬اختلاق‭ ‬أزمات‭ ‬تحت‭ ‬مسميات‭ ‬شعبوية‭ ‬أو‭ ‬عقدية‭ ‬أو‭ ‬قومية‭ ‬بينما‭ ‬الهدف‭ ‬مختلف‭ ‬تماماً‭ ‬فهم‭ ‬يجعلون‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الأمة‭ ‬وأزماتها‭ ‬جسر‭ ‬عبور‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافهم‭ ‬الماسونية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا