العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الإسلام.. الرسالة والرسول والأمة!

بقلم: عبدالرحمن علي البنفلاح

الأحد ١٩ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

قال‭ ‬تعالى‭: (‬إن‭ ‬الدين‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬الإسلام‭..)‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬19‭.‬

وقال‭ ‬سبحانه‭ ‬تعالى‭: (‬ومن‭ ‬يبتغ‭ ‬غير‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭ ‬فلن‭ ‬يقبل‭ ‬منه‭..) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬85‭. ‬

إذاً،‭ ‬فعندما‭ ‬يرد‭ ‬لفظ‭ ‬الإسلام‭ ‬قبل‭ ‬بعثة‭ ‬الرسول‭ ‬الأعظم‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭) ‬تنصرف‭ ‬دلالة‭ ‬اللفظ‭ ‬إلى‭ ‬إسلام‭ ‬العقيدة،‭ ‬فالإسلام‭ ‬قبل‭ ‬البعثة‭ ‬المحمدية‭ ‬على‭ ‬صاحبها‭ (‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬وأزكى‭ ‬التسليم‭) ‬لفظ‭ ‬يشترك‭ ‬فيه‭ ‬جميع‭ ‬الأنبياء‭ (‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليهم‭) ‬فلما‭ ‬بُعِثَ‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬صار‭ ‬لفظ‭ ‬الإسلام‭ ‬يعني‭ ‬العقيدة‭ ‬التي‭ ‬يشترك‭ ‬فيها‭ ‬جميع‭ ‬الأنبياء‭ ‬مضافًا‭ ‬إليها‭ ‬الشريعة،‭ ‬فصار‭ ‬الإسلام‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عقيدة‭ ‬وشريعة،‭ ‬فاستحق‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الدين‭ ‬الخاتم،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (..‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭..) ‬المائدة‭ / ‬3‭. ‬ولقد‭ ‬صار‭ ‬من‭ ‬كمال‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬تمام‭ ‬النعمة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الرسول‭ ‬الذي‭ ‬أُرسل‭ ‬بهذه‭ ‬الشريعة‭ ‬هو‭ ‬الخاتم‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬معقب‭ ‬له،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬الأمة‭ ‬التي‭ ‬اختارها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬لحمل‭ ‬الرسالة‭ ‬الخاتمة‭ ‬هي‭ ‬الأمة‭ ‬الخاتمة‭. ‬

هذا‭ ‬عن‭ ‬الإسلام‭ ‬الرسالة،‭ ‬أما‭ ‬الإسلام‭ ‬الرسول،‭ ‬فهو‭ ‬الإسلام‭ ‬الذي‭ ‬شرف‭ ‬به‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬خاتم‭ ‬أنبيائه‭ ‬ورسله‭ (‬عليه‭ ‬وعليهم‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬وأزكى‭ ‬التسليم‭)‬،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬ما‭ ‬كان‭ ‬محمد‭ ‬أبا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬رجالكم‭ ‬ولكن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وخاتم‭ ‬النبيين‭ ‬وكان‭ ‬الله‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬عليما‭) ‬الأحزاب‭ / ‬40‭. ‬وقد‭ ‬يعترض‭ ‬معترض‭ ‬ويقول‭ ‬إن‭ ‬الآية‭ ‬الجليلة‭ ‬قالت‭: (.. ‬وخاتم‭ ‬النبيين‭) ‬ولَم‭ ‬تقل‭: ‬وخاتم‭ ‬المرسلين،‭ ‬وقد‭ ‬يفهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬رسول‭ ‬آخر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬احتج‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬مدعي‭ ‬النبوة،‭ ‬ونقول‭ ‬لهؤلاء‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬رسول‭ ‬نبي،‭ ‬وليس‭ ‬كل‭ ‬نبي‭ ‬رسول‭. ‬وخاتمية‭ ‬الرسول‭ ‬محمد‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬سلم‭) ‬الذي‭ ‬ختم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬به‭ ‬النبوات‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬يبرره،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (‬وإنك‭ ‬لعلى‭ ‬خلق‭ ‬عظيم‭) ‬القلم‭/‬4‭. ‬لقد‭ ‬تكاملت‭ ‬فيه‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‭ ‬حتى‭ ‬قال‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭: ‬‮«‬إنما‭ ‬بعثت‭ ‬لأتمم‭ ‬مكارم‭ ‬الأخلاق‮»‬‭ ‬الحديث‭ ‬صحيح‭ / ‬عن‭ ‬ابن‭ ‬باز‭ ‬في‭ ‬مجموع‭ ‬فتاويه‭. ‬

أما‭ ‬الإسلام‭ ‬الأمة،‭ ‬والتي‭ ‬صارت‭ ‬الأمة‭ ‬به‭ ‬خاتمة‭ ‬الأمم،‭ ‬فنجده‭ ‬في‭ ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬كنتم‭ ‬خير‭ ‬أمة‭ ‬أخرجت‭ ‬للناس‭ ‬تأمرون‭ ‬بالمعروف‭ ‬وتنهون‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭ ‬وتؤمنون‭ ‬بالله‭..) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬110‭. ‬ومن‭ ‬صفات‭ ‬الأمة‭ ‬الخيرية‭ ‬أنها‭ ‬أمة‭ ‬وسط،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وكذلك‭ ‬جعلناكم‭ ‬أمة‭ ‬وسطا‭ ‬لتكونوا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويكون‭ ‬الرسول‭ ‬عليكم‭ ‬شهيدا‭..) ‬البقرة‭ / ‬143‭.‬

هذه‭ ‬الوسطية‭ ‬صفة‭ ‬أصيلة‭ ‬في‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وهي‭ ‬لازمة‭ ‬من‭ ‬لوازم‭ ‬الأمة‭ ‬الًشهيدة‭ ‬على‭ ‬الناس،‭ ‬ومن‭ ‬لوازمها‭ ‬أيضًا‭ ‬الوحدة‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬التوحيد‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭: (‬إن‭ ‬هذه‭ ‬أمتكم‭ ‬أمة‭ ‬واحدة‭ ‬وأنا‭ ‬ربكم‭ ‬فاعبدون‭) (‬الأنبياء‭ / ‬92‭ (‬والسبيل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬الحرة‭ ‬هو‭ ‬الاعتصام‭ ‬بحبل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬المتين،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭: (‬واعتصموا‭ ‬بحبل‭ ‬الله‭ ‬جميعًا‭ ‬ولا‭ ‬تتفرقوا‭ ‬واذكروا‭ ‬نعمت‭ ‬الله‭ ‬عليكم‭ ‬إذ‭ ‬كنتم‭ ‬أعداء‭ ‬فألف‭ ‬بين‭ ‬قلوبكم‭ ‬فأصبحتم‭ ‬بنعمته‭ ‬إخوانا‭ ‬وكنتم‭ ‬على‭ ‬شفا‭ ‬حفرة‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬فأنقذكم‭ ‬منها‭ ‬كذلك‭ ‬يبين‭ ‬الله‭ ‬لكم‭ ‬آياته‭ ‬لعلكم‭ ‬تهتدون‭) (‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬103‭)‬،‭ ‬ولقد‭ ‬تحقق‭ ‬لهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬صاحب‭ ‬الرسالة‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬كما‭ ‬حدثنا‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬سبحانه‭: (‬محمد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬والذين‭ ‬معه‭ ‬أشداء‭ ‬على‭ ‬الكفار‭ ‬رحماء‭ ‬بينهم‭ ‬تراهم‭ ‬ركعًا‭ ‬سجدًا‭ ‬يبتغون‭ ‬فضلًا‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬ورضوانا‭ ‬سيماهم‭ ‬في‭ ‬وجوههم‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬السجود‭ ‬ذلك‭ ‬مثلهم‭ ‬في‭ ‬التوراة‭ ‬ومثلهم‭ ‬في‭ ‬الإنجيل‭ ‬كزرع‭ ‬أخرج‭ ‬شطأه‭ ‬فآزره‭ ‬فاستغلظ‭ ‬فاستوى‭ ‬على‭ ‬سوقه‭ ‬يعجب‭ ‬الزراع‭ ‬ليغيظ‭ ‬بهم‭ ‬الكفار‭ ‬وعد‭ ‬الله‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬وعملوا‭ ‬الصالحات‭ ‬منهم‭ ‬مغفرة‭ ‬وأجرًا‭ ‬عظيما‭) (‬الفتح‭ / ‬29‭ ).‬

ذلكم‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭.. ‬الرسالة،‭ ‬وذلكم‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭.. ‬الرسول،‭ ‬وذلكم‭ ‬هو‭ ‬الإسلام‭.. ‬الأمة،‭ ‬وصدق‭ ‬الله‭ ‬العظيم‭: (..‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلام‭ ‬دينًا‭..) (‬المائدة‭ / ‬3‭).‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا