العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

وماذا يفيد الغضب العربي الإسلامي؟!

قبل‭ ‬نحو‭ ‬أسبوع‭ ‬كتبت‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة‭ ‬وقلت‭ ‬إنه‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬عازمة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬القمة‭ ‬بإجراءات‭ ‬عملية‭ ‬محددة‭ ‬تُردع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الشريكة‭ ‬في‭ ‬عدوانه،‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬ألا‭ ‬تُعقد‭ ‬لأن‭ ‬ضررها‭ ‬سيكون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نفعها‭ ‬بكثير‭.‬

وحين‭ ‬تقرر‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬القمة‭ ‬عربية‭ ‬إسلامية‭ ‬مشتركة‭ ‬تفاءلنا‭ ‬بعض‭ ‬الشيء‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬ستخرج‭ ‬عنها‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬ستقررها‭ ‬ستكون‭ ‬مُعبّرة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬وسيكون‭ ‬لها‭ ‬بالتالي‭ ‬قوة‭ ‬وتأثير‭ ‬أكبر‭.‬

للأسف‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الإسلامية‭ ‬لم‭ ‬ترق‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التوقعات‭ ‬أبدا‭ ‬وجاءت‭ ‬مخيبة‭ ‬للآمال‭.‬

استمعنا‭ ‬ساعات‭ ‬طوال‭ ‬لكلمات‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬كثير‭ ‬منها‭ ‬حماسية‭ ‬زاعقة‭ ‬تحمل‭ ‬أقصى‭ ‬التهديدات‭ ‬للعدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬لدرجة‭ ‬أننا‭ ‬توقعنا‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬القمة‭ ‬بقرارات‭ ‬تاريخية‭ ‬استثنائية‭.‬

البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للقمة‭ ‬تضمن‭ ‬31‭ ‬بندا‭ ‬تطرقت‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والموقف‭ ‬العربي‭ ‬الإسلامي‭ ‬منها‭.‬

البيان‭ ‬أظهر‭ ‬غضبا‭ ‬عربيا‭ ‬إسلاميا‭ ‬عارما‭ ‬مما‭ ‬يجري،‭ ‬وحدد‭ ‬مواقف‭ ‬واضحة‭ ‬وبعبارات‭ ‬قوية‭ ‬تتضمن‭ ‬إدانة‭ ‬للعدوان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ورفضا‭ ‬لكل‭ ‬مبرراته،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬وقفه،‭ ‬وأكد‭ ‬الرفض‭ ‬القاطع‭ ‬لمخططات‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ودعا‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬العدو‭.. ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬البيان‭.‬

المشكلة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تضمنه‭ ‬البيان‭ ‬تعبير‭ ‬عن‭ ‬مواقف‭ ‬إنشائية‭ ‬فقط،‭ ‬وهي‭ ‬معروفة‭ ‬مسبقا‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال،‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يتضمن‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬عملي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬التهديد‭ ‬باتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬عملي،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يردع‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬أو‭ ‬يجبر‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬موقفها‭.‬

البيان‭ ‬ترك‭ ‬مسألة‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬اختيارية‭ ‬ومتروكة‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬تقرر‭ ‬بشأنها‭ ‬ما‭ ‬تريد،‭ ‬فقد‭ ‬نص‭ ‬البند‭ ‬12‭ ‬من‭ ‬البيان‭ ‬على‭ ‬‮«‬دعوة‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬والجامعة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬الضغوط‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والسياسية‭ ‬والقانونية‭ ‬واتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراءات‭ ‬رادعة‭ ‬لوقف‭ ‬جرائم‭ ‬سلطات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستعمارية‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‮»‬‭.‬

أي‭ ‬أن‭ ‬القمة‭ ‬قررت‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬عملي‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬وتخلت‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬ممارسة‭ ‬أي‭ ‬ضغوط،‭ ‬وتركت‭ ‬الأمر‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬منفردة‭.‬

للأسف‭ ‬القمة‭ ‬لم‭ ‬ترتق‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬والغرب،‭ ‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬عربي‭ ‬إسلامي‭.‬

العدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬ومعه‭ ‬الغرب،‭ ‬أعلن‭ ‬بوضوح‭ ‬أن‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬قبل‭ ‬التدمير‭ ‬الشامل‭ ‬لغزة‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬ومَنْ‭ ‬فيها،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬استشهاد‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭.‬

والعدو‭ ‬الصهيوني،‭ ‬والغرب‭ ‬معه،‭ ‬أظهر‭ ‬بوضوح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يعنيهم‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬والمحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬سوف‭ ‬يمنعهم‭ ‬من‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬أي‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وإبادة‭.‬

مع‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬القمة،‭ ‬لم‭ ‬يشعر‭ ‬العدو‭ ‬الصهيوني‭ ‬ولا‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يجبرهم‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬هذه‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدفعوا‭ ‬أي‭ ‬ثمن‭.‬

بعبارة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للغضب‭ ‬الذي‭ ‬أظهرته‭ ‬القمة،‭ ‬ولا‭ ‬بيانها‭ ‬بما‭ ‬تضمنه‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬إنشائية‭ ‬أن‭ ‬تمثل‭ ‬رادعا‭ ‬للعدو‭ ‬وشركائه‭.‬

ولا‭ ‬يتوقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭. ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬فهمها‭ ‬العدو‭ ‬والغرب‭ ‬مما‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬القمة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬أقصى‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفعله‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭.. ‬خطب‭ ‬حماسية‭ ‬وإدانات‭ ‬ومطالبات‭ ‬ومناشدات‭ ‬فقط‭. ‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يجبرهم‭ ‬إذن‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬الهمجي‭ ‬أو‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬مخططاتهم؟

يستغرب‭ ‬المرء،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تستخدم‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬كل‭ ‬مصادر‭ ‬قوتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬اليوم،‭ ‬فمتى‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستخدمها‭ ‬إذن؟

ومع‭ ‬هذا،‭ ‬مازال‭ ‬المجال‭ ‬مفتوحا‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬لاتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬رادعة‭ ‬حقا‭ ‬تحمي‭ ‬شعب‭ ‬فلسطين‭ ‬وتردع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬الإرهابيين‭ ‬القتلة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا