العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

تأملات في الموقف الأمريكي في رفض إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

الأربعاء ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

الموقف‭ ‬الأمريكي‭ ‬الرافض‭ ‬لوقف‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬وطلبات‭ ‬ومناشدات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الصديقة،‭ ‬يذكرنا‭ ‬بقرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ (‬36/87‭) ‬لسنة‭ ‬1981‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬بدعم‭ ‬أمريكي‭ ‬أوروبي،‭ ‬باعتبار‭  ‬يوم‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭- ‬أيلول‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬يوما‭ ‬تحتفي‭ ‬به‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومعها‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬كافة‭ ‬باليوم‭ ‬الدولي‭ ‬للسلام،‭ ‬والذي‭ ‬طبلوا‭ ‬له‭ ‬كثيرا‭ ‬باعتباره‭ ‬إنجازا‭ ‬إنسانيا،‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهره‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬ووقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬وتعزيز‭ ‬أسس‭ ‬وقيم‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬أوساط‭ ‬الأمم‭ ‬والشعوب،‭ ‬ضمانا‭ ‬لحق‭ ‬الشعوب‭ ‬في‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬والأمان،‭ ‬فإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬حقيقة‭ ‬ملموسة‭ ‬وواقعا‭ ‬معاشا؟‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬البلدان؟‭ ‬هل‭ ‬شعوبنا‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬مشمولة‭ ‬بتلك‭ ‬الدعوة؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬والرخاء‭ ‬والأمان‭ ‬والاطمئنان‭ ‬لشعوب‭ ‬أمريكا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬ونحن‭ ‬لنا‭ ‬الدماء‭ ‬والدمار‭ ‬والقتل‭ ‬والانتهاك‭ ‬لكل‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭. ‬هل‭ ‬يمتلك‭ ‬الإنسان‭ ‬العربي‭ ‬المسلم‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬آمنا‭ ‬مستقرا‭ ‬مطمئنا؟‭ ‬إن‭ ‬نظرة‭ ‬بسيطة‭ ‬على‭ ‬منطقتنا‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭  ‬إلى‭ ‬الصومال‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وإلى‭ ‬اليمن،‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬حلم‭ ‬العربي‭ ‬اليوم،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬أصبح‭ ‬حلما‭ ‬صعب‭ ‬المنال،‭ ‬فبدلا‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬نتطلع‭ ‬ونخطط‭ ‬ونسعى‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬والرفاهية‭ ‬والتنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬أصبحت‭ ‬بلادنا‭ ‬عرضة‭ ‬للإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬أمريكا‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬او‭ ‬بالتواطؤ‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬ومنظمات‭ ‬وأحزاب‭ ‬إرهابية‭ ‬يتم‭ ‬تزويدها‭ ‬بوسائل‭ ‬الدمار‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬وعتاد‭ ‬وأفكار‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬التطرف‭ ‬وإرهابيين‭ ‬نزعوا‭ ‬الرحمة‭ ‬والإنسانية‭ ‬من‭ ‬قلوبهم‭ ‬وغسلوا‭ ‬أدمغتهم‭ ‬في‭ ‬أكاديميات‭ ‬الغرب‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬وصدروهم‭ ‬وأعادوا‭ ‬تصديرهم‭ ‬الى‭ ‬بلادنا،‭ ‬لاهمّ‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬دمار‭ ‬بلادنا‭ ‬العربية‭ ‬ونهب‭ ‬خيراتها،‭ ‬وتفتيت‭ ‬شعوبنا‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬طائفية‭ ‬واثنية،‭ ‬ليكونوا‭ ‬أداة‭ ‬لهدم‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬معالم‭ ‬ديننا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬عبر‭ ‬كل‭ ‬المراحل‭ ‬والعصور،‭ ‬وليظهرونا‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬بأننا‭ ‬أمة‭ ‬تريد‭ ‬تدمير‭ ‬العالم‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬تدمير‭ ‬نفسها،‭ ‬ويأتوا‭ ‬هم‭ ‬بطائراتهم‭ ‬وصواريخهم‭ ‬وأسلحتهم‭ ‬الفتاكة‭ ‬ليفرضوا‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬ربوعنا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬السلام‭ ‬الذي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تزرعه‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬انها‭ ‬معادلة‭ ‬مضحكة‭ ‬مبكية،‭ ‬أمة‭ ‬السلام‭ ‬والوسطية‭ ‬والاعتدال،‭ ‬توصم‭ ‬بالإرهاب‭ ‬والتطرف‭ ‬والدموية؟؟‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬نحن‭ ‬ملامون،‭ ‬حكومات‭ ‬وأحزابا‭ ‬ومنظمات‭ ‬مجتمع‭ ‬مدني،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬ننظر‭ ‬بعيدا،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬لانقرأ‭ ‬سياسات‭ ‬وأهداف‭ ‬ومطامع‭ ‬الآخرين،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬نسينا‭ ‬تماما‭ ‬شيئا‭ ‬اسمه‭ ‬التاريخ،‭ ‬فأضحينا‭ ‬بعيدين‭ ‬عن‭ ‬الحداثة‭ ‬ومنقطعين‭ ‬عن‭ ‬التاريخ،‭ ‬ملامون‭ ‬لأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تسقي‭ ‬شعوبنا‭ ‬وعودا،‭ ‬إما‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتطبيق،‭ ‬وإما‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬جادة‭ ‬في‭ ‬تطبيقها،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬تصرفنا‭ ‬تجاه‭ ‬شعوبنا‭ ‬كالأم‭ ‬التي‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬ولدها‭ ‬صغير‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬ابيض‭ ‬شعر‭ ‬لحيته،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬توقعنا‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬بالصداقة‭ ‬والانفتاح‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نوفر‭ ‬الأمن‭ ‬المعيشي‭ ‬المستدام‭ ‬لشعوبنا،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬وغيرهم‭ ‬حلفاء‭ ‬لنا‭ ‬سيدافعون‭ ‬عنا‭ ‬ويوفرون‭ ‬لنا‭ ‬الحماية‭ ‬من‭ ‬العدوان‭ ‬الخارجي‭ ‬والإرهاب‭ ‬فلم‭ ‬نهتم‭ ‬بالتصنيع‭ ‬العسكري‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الكفاية‭ ‬ولم‭ ‬نوفر‭ ‬عوامل‭ ‬القوة‭ ‬والاقتدار‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني،‭ ‬‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬توقعنا‭ ‬ان‭ ‬الامن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يتحقق‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يتمتع‭ ‬المواطن‭ ‬بالحرية‭ ‬المسؤولة،‭ ‬ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬توقعنا‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬دون‭ ‬توصيف‭ ‬دقيق‭ ‬لمفاهيم‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬والتمييز‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الفوضى‭ ‬والانحراف‭. ‬

ملامون‭ ‬لأننا‭ ‬لا‭ ‬نحترم‭ ‬العلم‭ ‬والعلماء‭ ‬الذين‭ ‬أفنوا‭ ‬حياتهم‭ ‬في‭ ‬الدراسة‭ ‬والبحث‭ ‬والتعليم‭ ‬ولا‭ ‬نوفر‭ ‬لهم‭ ‬سبل‭ ‬العيش‭ ‬والارتقاء،‭ ‬لذا‭ ‬ينبغي‭ ‬أان‭ ‬نعترف‭ ‬ونراجع‭ ‬أنفسنا‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الاوان،‭ ‬عندها‭ ‬ستسمع‭ ‬أمريكا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬كلامنا‭ ‬وتحترم‭ ‬قراراتنا‭ ‬وتستجيب‭ ‬فورا‭ ‬لطلباتنا‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وخبير‭ ‬اقتصادي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا