العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

حتى لا تبقى غـزة وحـيـدة في مواجهة العدوان!

بقلم: عاطف أبو سيف

الثلاثاء ٠٧ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

تبدو‭ ‬غزة‭ ‬وحيدة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬ويبدو‭ ‬شعبنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬أمام‭ ‬صمت‭ ‬العالم‭ ‬متروكًا‭ ‬لمصيره‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يعرفه‭ ‬أحد‭. ‬ومع‭ ‬ازدياد‭ ‬وتيرة‭ ‬القصف‭ ‬ووقوع‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المذابح‭ ‬فإن‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬وحيدة‭ ‬لا‭ ‬تسمع‭ ‬إلا‭ ‬بلاغة‭ ‬الخطاب‭ ‬والتضامن‭. ‬لو‭ ‬استكملت‭ ‬العصابات‭ ‬الصهيونية‭ ‬مشروعها‭ ‬في‭ ‬الإبادة‭ ‬جنوبا‭ ‬وخطفت‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الساحل‭ ‬الجنوبي‭ ‬لفلسطين‭ ‬لانتهت‭ ‬فكرة‭ ‬الساحل،‭ ‬وأيضاً‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يمكن‭ ‬مستقبلاً‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬ستكون‭ ‬‮«‬قرية‮»‬‭ ‬محاصرة‭ ‬ببلدان‭ ‬مجاورة‭ ‬لكن‭ ‬البحر‭ ‬يفتح‭ ‬نافذة‭ ‬على‭ ‬العالم‭. ‬كان‭ ‬ياسر‭ ‬عرفات‭ ‬يتأمل‭ ‬بحر‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬يقول‭ ‬حين‭ ‬وصل،‭ ‬‮«‬البحر‭ ‬داه‭ ‬بتعنا‮»‬‭. ‬وبالتأكيد‭ ‬ثمة‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬للجيش‭ ‬المصري‭ ‬ولصمود‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬ولقتال‭ ‬عبد‭ ‬الناصر‭ ‬بعد‭ ‬ثورة‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مواصلة‭ ‬إيقاد‭ ‬روح‭ ‬الثورة‭ ‬عند‭ ‬اللاجئين‭ ‬الذين‭ ‬شكلوا‭ ‬أغلب‭ ‬سكان‭ ‬القطاع‭ ‬فكان‭ ‬مصدرا‭ ‬للثورات‭ ‬والانتفاضات‭ ‬وظل‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬كذلك‭.‬

غزة‭ ‬التي‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬ساحل‭ ‬فلسطين‭ ‬وعدم‭ ‬ابتلاعه‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وظل‭ ‬علم‭ ‬فلسطين‭ ‬يرفرف‭ ‬على‭ ‬شاطئها‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬تواصل‭ ‬الحياة‭ ‬وفي‭ ‬حنين‭ ‬لم‭ ‬ينقطع‭ ‬لبقية‭ ‬الشاطئ‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬غزة،‭ ‬الآن،‭ ‬تلتهمها‭ ‬الحرب‭ ‬وتدوسها‭ ‬الدبابات‭ ‬وتوغل‭ ‬قتلاً‭ ‬في‭ ‬جسدها‭ ‬الطائرات‭ ‬والبوارج‭ ‬والمدافع‭. ‬وباستثناء‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬المدن‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لنفس‭ ‬الهجمة‭ ‬الشرسة‭ ‬فإن‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬غزة‭ ‬يعزز‭ ‬صراخنا‭ ‬‮»‬يا‭ ‬وحدنا‭.‬‮«‬

أمس،‭ ‬كانت‭ ‬جنين‭ ‬تتعرض‭ ‬للاعتداء‭ ‬مثل‭ ‬غزة‭ ‬وقبلها‭ ‬قرى‭ ‬نابلس‭ ‬وخلال‭ ‬ذلك‭ ‬البيرة‭ ‬والخليل‭. ‬فلسطين‭ ‬كلها‭ ‬تتعرض‭ ‬للاعتداء‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يحرك‭ ‬ساكناً‭. ‬بالعكس‭ ‬فإن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تواصل‭ ‬إمعانها‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وفي‭ ‬إدارة‭ ‬ظهرها‭ ‬له‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬أن‭ ‬يقول،‭ ‬‮»‬لا‮«‬‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬أي‭ ‬انتقاد‭ ‬لإسرائيل‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬لعنة‭ ‬تطارد‭ ‬المنتقد‭ ‬لأنه‭ ‬بذلك‭ ‬يذكر‭ ‬العالم‭ ‬بهتلر‭ ‬الشرير‭ ‬ولا‭ ‬ساميته‭ ‬المقززة‭ ‬للغرب‭ ‬حيث‭ ‬يتساوى‭ ‬انتقاد‭ ‬إسرائيل‭ ‬مع‭ ‬كراهية‭ ‬اليهود‭.‬

ففي‭ ‬رد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬مواقف‭ ‬بشأن‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬المساس‭ ‬بالمدنيين‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتكثيف‭ ‬استهدافاتها‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المدنيين‭. ‬فما‭ ‬أن‭ ‬انتهت‭ ‬نشرات‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬تعليقات‭ ‬الوزير‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬قصف‭ ‬مدخل‭ ‬مستشفى‭ ‬الشفاء‭ ‬وقتل‭ ‬16‭ ‬مواطناً‭ ‬ممن‭ ‬كانوا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬مكان‭ ‬أكثر‭ ‬أمناً‭ ‬فيه،‭ ‬كما‭ ‬سقطت‭ ‬القنابل‭ ‬على‭ ‬مدارس‭ ‬الإيواء‭ ‬قرب‭ ‬المستشفى‭ ‬الإندونيسي‭ ‬وتناثرت‭ ‬الشظايا‭ ‬على‭ ‬المستشفى‭ ‬وأقسامه‭ ‬المختلفة،‭ ‬لتقع‭ ‬الكارثة‭ ‬الكبرى‭ ‬بقصف‭ ‬مدرسة‭ ‬أسامة‭ ‬بن‭ ‬زيد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الصفطاوي‭ ‬من‭ ‬جباليا‭ ‬حيث‭ ‬قتل‭ ‬العشرات‭ ‬الذين‭ ‬لجؤوا‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬لاعتقادهم‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬حدودا‭ ‬وضوابط‭ ‬لشراسة‭ ‬الوحش‭.‬

قتل‭ ‬تلاميذ‭ ‬المدرسة‭ ‬الذين‭ ‬تحولت‭ ‬فصولهم‭ ‬إلى‭ ‬غرف‭ ‬ينامون‭ ‬فيها‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬فيما‭ ‬بلينكن‭ ‬يواصل‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬السلام‭. ‬وفي‭ ‬صبيحة‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬أيضاً‭ ‬تواصل‭ ‬استهداف‭ ‬المدارس‭ ‬حيث‭ ‬أغارت‭ ‬الطائرات‭ ‬على‭ ‬مدرسة‭ ‬الفاخورة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تعرضت‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬السابقة‭ ‬إلى‭ ‬القصف‭ ‬والاستهداف‭ ‬وربما‭ ‬أشهر‭ ‬تلك‭ ‬الاستهدافات‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2009‭. ‬هكذا‭ ‬ترد‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬مطالب‭ ‬العالم‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حذراً‭ ‬في‭ ‬تصديق‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الوزير‭ ‬الأمريكي‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفاز‭ ‬أمام‭ ‬تنامي‭ ‬الضغط‭ ‬المطالب‭ ‬بإدانة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وبين‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬الاجتماعات‭ ‬مع‭ ‬القادة‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬حيث‭ ‬يبدي‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬وربما‭ ‬الضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬القتال‭ ‬أكثر‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فلسطيني‭ ‬يصدق‭ ‬واشنطن‭ ‬حين‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬فينا‭. ‬فهي‭ ‬أكثر‭ ‬شراً‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلينا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نصدق‭ ‬عنها‭ ‬كلمة‭ ‬إيجابية‭ ‬تقولها‭ ‬بحقنا‭. ‬والخبرات‭ ‬هي‭ ‬دليل‭ ‬الشعوب‭ ‬وليست‭ ‬الشعارات‭.‬

أيضاً‭ ‬خطاب‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬حظي‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭ ‬بات‭ ‬واضحاً‭ ‬أن‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬هو‭ ‬الاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬به‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬آخر‭. ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أعلق‭ ‬على‭ ‬الخطاب‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬متابعة‭ ‬صفحات‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬عن‭ ‬الإحباط‭ ‬الذي‭ ‬شعر‭ ‬به‭ ‬الجميع‭ ‬ممن‭ ‬رفعوا‭ ‬سقف‭ ‬التوقعات‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬به،‭ ‬لكن‭ ‬أيضاً‭ ‬هذا‭ ‬ذنب‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬السقف‭ ‬ومن‭ ‬توقع‭ ‬وليس‭ ‬ذنبي‭ ‬ولا‭ ‬ذنبنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬فنحن‭ ‬نعرف‭ ‬الأشياء‭ ‬بالممارسة‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬أضعف‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬المرء‭ ‬إيمانه‭ ‬بالخير‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يجعله‭ ‬يصدق‭ ‬ويجعله‭ ‬يفعل‭ ‬ويجعله‭ ‬يثق‭. ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬عيباً‭ ‬لأن‭ ‬العيب‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬لنا‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭.‬

هذا‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬البقية‭ ‬العربية‭. ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬شعبنا‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يقاتل‭ ‬عنه‭ ‬لكنه‭ ‬أيضاً‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬أكفان‭ ‬موتى‭ ‬ولا‭ ‬مسكنات‭. ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬فعله‭ ‬عربياً‭ ‬خاصة‭ ‬مراجعة‭ ‬علنية‭ ‬للمواقف‭ ‬العربية‭ ‬واتخاذ‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬موحد‭.‬

هناك‭ ‬انزياح‭ ‬بسيط‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬يجب‭ ‬مواصلة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬توسيعه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬تحديداً‭ ‬لتغير‭ ‬مواقفها‭ ‬وإدانة‭ ‬الحرب‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬شعبنا‭. ‬هذا‭ ‬يتطلب‭ ‬فعلا‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬كافة‭ ‬وربما‭ ‬النشاط‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تواصل‭ ‬كونها‭ ‬صاحبة‭ ‬الأغلبية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬بين‭ ‬جمهور‭ ‬العالم‭ ‬مقابل‭ ‬الأقلية‭ ‬غير‭ ‬الأخلاقية‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬مواقف‭ ‬ومذابح‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬بحقنا‭. ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نواصل‭ ‬فضح‭ ‬ممارسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ولعل‭ ‬المآسي‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬شعبنا‭ ‬والمذابح‭ ‬كلها‭ ‬تقدم‭ ‬أدلة‭ ‬يجب‭ ‬العمل‭ ‬عليها‭ ‬واستخدامها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فضح‭ ‬سياسات‭ ‬الاحتلال‭ ‬ونصرة‭ ‬شعبنا‭. ‬نحن‭ ‬بحاجة‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬وعلينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬حذرين‭ ‬في‭ ‬ترويج‭ ‬المادة‭ ‬الدعائية‭ ‬وانتقائها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تخدم‭ ‬عدالة‭ ‬قضيتنا‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا