العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٨ - الاثنين ١٦ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

هل تستطيع إسرائيل تحقيق أهدافها في غزة؟

بقلم: هاني عوكل {

الاثنين ٠٦ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

أربعة‭ ‬أسابيع‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬يتوقف‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬عن‭ ‬قصف‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وإمطاره‭ ‬بكل‭ ‬القنابل‭ ‬الذكية‭ ‬وغير‭ ‬الذكية،‭ ‬وتلك‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬قدرات‭ ‬تدميرية‭ ‬رهيبة،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتعالى‭ ‬فيه‭ ‬الأصوات‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬محذرةً‭ ‬من‭ ‬مسألة‭ ‬الحرب‭ ‬البرية‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬حاول،‭ ‬منذ‭ ‬الأيام‭ ‬الأولى‭ ‬لعدوانه‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬تهجير‭ ‬المواطنين‭ ‬وإخراجهم‭ ‬من‭ ‬القطاع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬يدركون‭ ‬جيداً‭ ‬مخاطر‭ ‬التهجير‭ ‬ومشروع‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬تدرك‭ ‬الأردن‭ ‬ومصر‭ ‬تحديداً‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭.‬

حتى‭ ‬هذه‭ ‬الساعة‭ ‬يدفع‭ ‬الاحتلال‭ ‬باتجاه‭ ‬حشر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬خلف‭ ‬وادي‭ ‬غزة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬قصف‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬وجنوب‭ ‬القطاع،‭ ‬والسبب‭ ‬أنه‭ ‬يريد‭ ‬التنفيس‭ ‬عن‭ ‬غضبه‭ ‬بعدما‭ ‬جرى‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬‮»‬طوفان‭ ‬الأقصى‮«‬،‭ ‬ولا‭ ‬يملك‭ ‬أي‭ ‬أهداف‭ ‬‮«‬دسمة‮»‬‭ ‬لمواقع‭ ‬حركتَي‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬والجهاد‭ ‬الإسلامي‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عبر‭ ‬استهدافهم‭ ‬المباشر‭ ‬وخنقهم‭ ‬ومحاربتهم‭ ‬بأبسط‭ ‬حقوقهم‭ ‬المعيشية،‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬تغيير‭ ‬المزاج‭ ‬الفلسطيني‭ ‬نحو‭ ‬الهجرة‭ ‬الطوعية‭ ‬عن‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬أمريكية‭ ‬دؤوبة‭ ‬لدفع‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬نحو‭ ‬قبول‭ ‬استضافة‭ ‬وتوطين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬داخل‭ ‬أراضيها‭.‬

رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬الذي‭ ‬زاره‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬ورئيس‭ ‬حكومة،‭ ‬من‭ ‬المستشار‭ ‬الألماني‭ ‬أولاف‭ ‬شولتس،‭ ‬إلى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن،‭ ‬ورئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك،‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الرؤساء‭ ‬والوزراء،‭ ‬نتنياهو‭ ‬حظي‭ ‬بدعم‭ ‬غير‭ ‬محدود‭ ‬لعدوانه‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

نتيجة‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬الداعم‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ارتكبت‭ ‬مجزرة‭ ‬رهيبة‭ ‬بقصف‭ ‬المستشفى‭ ‬المعمداني‭ ‬الأهلي،‭ ‬راح‭ ‬ضحيته‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬شهيد‭ ‬ومئات‭ ‬الجرحى،‭ ‬والطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬حاول‭ ‬تلفيق‭ ‬التهمة‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬المجزرة‭ ‬الدامية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الاحتلال‭ ‬لم‭ ‬يرتدع،‭ ‬وبالعكس‭ ‬زاد‭ ‬في‭ ‬غيّه،‭ ‬وتواصلت‭ ‬عمليات‭ ‬الاستهداف‭ ‬المباشر‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬القطاع‭ ‬وجنوبه،‭ ‬وعلى‭ ‬الأغلب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬لن‭ ‬تتوقف‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافها‭ ‬بعد‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭.‬

ثمة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬أزمة‭ ‬كبيرة‭ ‬ومربكة‭ ‬بين‭ ‬القيادتين‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬مع‭ ‬المجتمع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يؤمن‭ ‬بضرورة‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬منصبه،‭ ‬والأخير‭ ‬يدرك‭ ‬ذلك‭ ‬ويحاول‭ ‬شراء‭ ‬الوقت‭ ‬بترحيل‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

كل‭ ‬الفشل‭ ‬العسكري‭ ‬والاستخباراتي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنه‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬لحمهم‭ ‬ودمهم،‭ ‬ويعتقد‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬الدفع‭ ‬بغزة‭ ‬نحو‭ ‬الهاوية‭ ‬سينقذه‭ ‬وينقذ‭ ‬منصبه،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬المحاسبة‭ ‬حين‭ ‬تحين‭ ‬الفرصة‭ ‬وينقشع‭ ‬غبار‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭.‬

العدوان‭ ‬الحالي‭ ‬يعكس‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬حجم‭ ‬الاصطفافات‭ ‬الدولية،‭ ‬حيث‭ ‬الانحياز‭ ‬الأمريكي‭ ‬والغربي‭ ‬الكامل‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ودعمها‭ ‬بالأموال‭ ‬والسلاح‭. ‬لكن‭ ‬الرهان‭ ‬الأكبر‭ ‬لفشل‭ ‬المخططات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ربما‭ ‬حله‭ ‬في‭ ‬المزاج‭ ‬الشعبي‭ ‬والتحركات‭ ‬الجماهيرية‭ ‬السلمية‭.‬

تحتاج‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬حراك‭ ‬شعبي‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬لعل‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬تضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬لكبح‭ ‬جماح‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومنعها‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬تفنيد‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والغربية‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الفلسطيني‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الحياة‭ ‬ولا‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭.‬

ما‭ ‬تريده‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬أن‭ ‬يبتلعها‭ ‬البحر‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬جغرافيا‭ ‬قاحلة‭ ‬دون‭ ‬بشر‭ ‬أو‭ ‬شجر‭ ‬أو‭ ‬حجر،‭ ‬وعلى‭ ‬الأغلب‭ ‬إنها‭ ‬لن‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬وسيفشل‭ ‬مخططها‭ ‬التهجيري،‭ ‬غير‭ ‬أنها‭ ‬ستجعل‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬‮«‬الحديدة‮«‬،‭ ‬وستعيده‭ ‬إلى‭ ‬العصور‭ ‬الحجرية‭.‬

إلى‭ ‬الآن‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يردع‭ ‬الاحتلال‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬عدوانه،‭ ‬حتى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقف‭ ‬العدوان،‭ ‬بدليل‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬جاء‭ ‬مخصوصاً‭ ‬إلى‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬ليدعم‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الداخلي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وفي‭ ‬عدوانه‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

باختصار‭ ‬يريد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬مواطنيه‭ ‬منتصراً‭ ‬سواء‭ ‬بدخول‭ ‬بري‭ ‬سريع‭ ‬وعلى‭ ‬محاور‭ ‬القطاع،‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬القصف‭ ‬والاستهداف‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬الحربية‭ ‬والمدفعية‭. ‬إسرائيل‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬هيبتها‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وليس‭ ‬أمامها‭ ‬غير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬العُزّل‭ ‬حتى‭ ‬تسترجل‭ ‬عليهم‭.‬

مع‭ ‬كل‭ ‬المعدات‭ ‬العسكرية‭ ‬والدعم‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والدول‭ ‬الغربية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬سيتواصل‭ ‬إلى‭ ‬أجل‭ ‬غير‭ ‬معلوم،‭ ‬وكلما‭ ‬طال‭ ‬الوقت‭ ‬كان‭ ‬نتنياهو‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬المساءلة‭ ‬تحت‭ ‬اعتبارات‭ ‬أولوية‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة‭.‬

مرةً‭ ‬أخرى‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي،‭ ‬وصحوة‭ ‬ضميرية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬شاهدت‭ ‬دموية‭ ‬وقساوة‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬حتى‭ ‬تقول‭ ‬كلمتها‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬وتسعى‭ ‬لإنصاف‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وإسناد‭ ‬ظهورهم‭ ‬العارية‭.‬

{ كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا