العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

معادلات جديدة في الصراع مع إسرائيل

بقلم: د. عمرو الشوبكي

السبت ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

هل‭ ‬سيغيِّر‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬واستهدافه‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬والأطفال‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬معادلات‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وتحديداً‭ ‬ما‭ ‬اصطلح‭ ‬على‭ ‬تسميته‭ ‬ثنائية‭ ‬المعتدلين‭ ‬والممانعين؟‭ ‬الإجابة‭ ‬نعم‭ ‬سيغيّر‭ ‬هذه‭ ‬المعادلة،‭ ‬وقد‭ ‬يعيد‭ ‬تعريفها‭ ‬بشكل‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬معادلة‭ ‬التشدد‭ ‬والاعتدال‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬اختفاء‭ ‬الأفكار‭ ‬والنظم‭ ‬والتنظيمات‭ ‬التي‭ ‬تنحاز‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬التوجهين،‭ ‬إنما‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬عملياً‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬في‭ ‬النتائج‭ ‬بين‭ ‬كلا‭ ‬التوجهين‭ ‬بسبب‭ ‬إخفاق‭ ‬كلا‭ ‬المشروعَين‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬لنفسه،‭ ‬فلا‭ ‬الممانعون‭ ‬حرروا‭ ‬فلسطين،‭ ‬ولا‭ ‬المعتدلون‭ ‬بنوا‭ ‬نموذجاً‭ ‬ملهماً‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والرخاء‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬قبول‭ ‬التسوية‭ ‬السلمية‭.‬

وقد‭ ‬تراجعت‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬جمهور‭ ‬كلا‭ ‬التيارين‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬أمام‭ ‬هول‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬عزة‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬وحشي‭ ‬بمباركة‭ ‬أمريكية،‭ ‬فمعارضو‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬في‭ ‬محور‭ ‬الاعتدال‭ ‬والذين‭ ‬يرفضون‭ ‬توجهها‭ ‬العقائدي‭ ‬وأسلوب‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة،‭ ‬لم‭ ‬يطرحوا‭ ‬إلا‭ ‬بصورة‭ ‬محدودة‭ ‬السؤال‭ ‬المعتاد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬حول‭ ‬جدوى‭ ‬عمليات‭ ‬المقاومة‭ ‬المسلحة‭ ‬والعائد‭ ‬من‭ ‬ورائها،‭ ‬والذي‭ ‬طرح‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬المرات‭ ‬السابقة،‭ ‬بسبب‭ ‬بشاعة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬والانحياز‭ ‬الغربي‭ ‬الفج‭ ‬للدولة‭ ‬العبرية‭.‬

إن‭ ‬الشعار‭ ‬الأمريكي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‮«‬من‭ ‬حق‭ ‬إسرائيل‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬نفسها‮»‬‭ ‬عنى‭ ‬عملياً‭ ‬إعطاءها‭ ‬شرعية‭ ‬لقتل‭ ‬المدنيين‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬وشيوخ‭ ‬ونساء،‭ ‬وأصبح‭ ‬المدني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يستحق‭ ‬الحياة‭ ‬ونظيره‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يستحق‭ ‬الموت،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬جعل‭ ‬المعتدلين‭ ‬والمتشددين‭ ‬يطرحون‭ ‬أسئلة‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬التمييز‭ ‬والكيل‭ ‬بمكيالين‭ ‬تجاه‭ ‬أرواح‭ ‬الناس،‭ ‬وتراجعت‭ ‬خلافات‭ ‬التوجهات‭ ‬السياسية‭ (‬معتدل‭ ‬أم‭ ‬ممانع؟‭) ‬لصالح‭ ‬أسئلة‭ ‬‮«‬وجودية‮»‬‭ ‬حول‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬وهل‭ ‬ذلك‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬قوميتهم‭ ‬أو‭ ‬ثقافتهم‭ ‬أو‭ ‬دينهم‭ ‬أو‭ ‬لون‭ ‬بشرتهم؟‭ ‬لأنه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬أنهم‭ ‬ممانعون‭ ‬أو‭ ‬معتدلون‭.‬

إن‭ ‬الانحياز‭ ‬الغربي‭ ‬والأمريكي‭ ‬الفج‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬واعتبار‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬ضحايا‭ ‬يُبكى‭ ‬عليهم‭ ‬وآخرون‭ ‬لا‭ ‬قيمة‭ ‬لهم،‭ ‬شكك‭ ‬الجميع‭ ‬في‭ ‬قيم‭ ‬أكبر‭ ‬تتعلق‭ ‬بالعدالة‭ ‬والشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬وأدى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬معادلة‭ ‬التشدد‭ ‬والاعتدال‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬وحول‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬مسار‭ ‬التسوية‭ ‬وجدواها‭.‬

لقد‭ ‬أفرغت‭ ‬الممارسات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬منذ‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاق‭ ‬أوسلو‭ ‬في‭ ‬1993،‭ ‬مشروع‭ ‬الاعتدال‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬مضمونه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قضت‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬وأضعفت‭ ‬تماماً‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ثم‭ ‬تراجع‭ ‬الانقسام‭ ‬العربي‭ ‬بين‭ ‬معتدلين‭ ‬وممانعين‭ ‬أمام‭ ‬بشاعة‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

إن‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬ينهل‭ ‬أفكاره‭ ‬من‭ ‬المحسوس‭ ‬والمرئي،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬والأفكار‭ ‬الأيديولوجية،‭ ‬رأى‭ ‬بأمّ‭ ‬العين‭ ‬حجم‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والدعم‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وتراجع‭ ‬أمامه‭ ‬خطاب‭ ‬السلام‭ ‬والعيش‭ ‬المشترك،‭ ‬وأصبح‭ ‬هذا‭ ‬الشباب‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬نقمة‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا