العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

بمناسبة حفل تأبين الراحل الدكتور خالد العوهلي..
نرثيك.. أم نرثي أنفسنا من دونك!

بقلم: فاطمة الحجري {

الخميس ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٣ - 02:00

لم‭ ‬أعتد‭ ‬العمل‭ ‬تحت‭ ‬رئاسة‭ ‬قيادي‭ ‬يميز‭ ‬تعامله‭ ‬اليومي‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬دماثة‭ ‬الخلق،‭ ‬فطوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬سنوات‭ ‬عملي‭ ‬الإعلامي‭ ‬لم‭ ‬ألتق‭ ‬شخصية‭ ‬تحمل‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ ‬الأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬كشخصية‭ ‬الدكتور‭ ‬خالد‭ ‬العوهلي‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬لجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يطول‭ ‬فيه‭ ‬حصرها‭ ‬وعدها‭ ‬مجتمعة،‭ ‬واُجزم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدماثة‭ ‬هي‭ ‬أهم‭ ‬مسبب‭ ‬لشعوري‭ ‬العميق‭ ‬بالأمن‭ ‬الوظيفي‭ ‬والإحساس‭ ‬بالانتماء‭ ‬والولاء‭ ‬لجامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

نستحضر‭ ‬تفاصيل‭ ‬الذكريات‭ ‬التي‭ ‬جمعتنا‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الجامعة،‭ ‬فتتجسد‭ ‬حتى‭ ‬تبدو‭ ‬وكأنها‭ ‬واقع‭ ‬حيّ‭ ‬يتصف‭ ‬بالديمومة،‭ ‬فهنا‭ ‬يشرف‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬الامتحانات،‭ ‬وهنا‭ ‬يرحب‭ ‬بعودة‭ ‬الطلبة‭ ‬وأعضاء‭ ‬الهيئة‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والإدارية،‭ ‬وهناك‭ ‬يعكف‭ ‬على‭ ‬خطط‭ ‬التطوير‭ ‬وإنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬الواحد‭ ‬تلو‭ ‬الآخر،‭ ‬وهنا‭ ‬يمضي‭ ‬في‭ ‬توقيع‭ ‬اتفاقيات‭ ‬الشراكة‭ ‬والتعاون‭ ‬ويتابع‭ ‬تنفيذها‭ ‬بنفسه،‭ ‬وهناك‭ ‬يُمعن‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬استقطاب‭ ‬التخصصات‭ ‬المبتكرة‭ ‬والنادرة‭ ‬تلبيةً‭ ‬لاحتياجات‭ ‬المستقبل،‭ ‬يراهن‭ ‬على‭ ‬ابتعاث‭ ‬الشباب‭ ‬للتخصص‭ ‬في‭ ‬أعرق‭ ‬الجامعات،‭ ‬ويجتهد‭ ‬في‭ ‬تدشين‭ ‬المراكز‭ ‬التخصصية‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭.. ‬فماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننسى؟‭ ‬وكيف‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نطوي‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬ونمضي‭ ‬قدماً‭ ‬من‭ ‬دونه؟‭ ‬

يصعب‭ ‬سد‭ ‬الفراغ‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يملأه‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الأصعدة،‭ ‬الجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬في‭ ‬المقدمة،‭ ‬والجانب‭ ‬الإداري‭ ‬والقيادي‭ ‬الذي‭ ‬تطغى‭ ‬عليه‭ ‬الحنكة‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬فريد‭ ‬بكم‭ ‬وافر‭ ‬من‭ ‬الهدوء‭ ‬والتسامح‭.‬

‭ ‬لا‭ ‬يُشكل‭ ‬الخاتمة؛‭ ‬شخصية‭ ‬لا‭ ‬تتكرر،‭ ‬خصاله‭ ‬وصفاته‭ ‬ومساعيه‭ ‬الوفية‭ ‬والمخلصة‭ ‬لا‭ ‬يسهل‭ ‬تبيانها‭ ‬والحديث‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تتزاحم‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬تركها‭ ‬في‭ ‬أزقة‭ ‬الذاكرة‭.‬

جمع‭ ‬بين‭ ‬حنان‭ ‬الأب‭ ‬واهتمام‭ ‬الأخ‭ ‬وقرب‭ ‬الصديق،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬حكمة‭ ‬القائد‭ ‬والربان‭ ‬الذي‭ ‬يتعامل‭ ‬بنبل‭ ‬وافر‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬مكونات‭ ‬الجامعة،‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الذي‭ ‬يدعوك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تسأل‭ ‬بصمت‭ ‬في‭ ‬عقلك‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬تكليف‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬اجتماع‭ ‬أو‭ ‬لقاء‭ ‬صباحي‭: ‬أي‭ ‬حُضن‭ ‬رباك‭ ‬وأنشأك‭ ‬يا‭ ‬دكتور؟‭ ‬كيف‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تكتسب‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬اللطف‭ ‬وحسن‭ ‬الخلق،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬فطرتك‭ ‬السليمة‭ ‬النقية‭.‬

دعاني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬لمناقشة‭ ‬الخطة‭ ‬الإعلامية‭ ‬المستقبلية‭ ‬للجامعة،‭ ‬وعرض‭ ‬عليّ‭ ‬ترك‭ ‬عالم‭ ‬الصحافة‭ ‬والانضمام‭ ‬إلى‭ ‬الإعلام‭ ‬الجامعي‭.. ‬أتذكر‭ ‬كيف‭ ‬تذوب‭ ‬الرهبة‭ ‬وتهدأ‭ ‬دقات‭ ‬القلب‭ ‬المتسارعة‭ ‬عند‭ ‬عتبة‭ ‬باب‭ ‬مكتبه‭ ‬بعد‭ ‬كلمات‭ ‬الترحيب‭ ‬غير‭ ‬المتكلفة،‭ ‬وبابتسامة‭ ‬هادئة‭ ‬تبث‭ ‬الطمأنينة،‭ ‬وبمجرد‭ ‬الجلوس‭ ‬معه‭ ‬تتوارد‭ ‬الأفكار‭ ‬والمقترحات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬الصورة‭ ‬الإعلامية‭ ‬للجامعة‭ ‬بشكل‭ ‬تلقائي،‭ ‬بعيداً‭ ‬عما‭ ‬تم‭ ‬تحضيره‭ ‬لمناقشته‭ ‬وعرضه‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬خطة‭ ‬التطوير‭.‬

أتذكر‭ ‬كيف‭ ‬ناقشنا‭ ‬معاً‭ ‬الشأن‭ ‬الإعلامي‭ ‬للجامعة،‭ ‬كيف‭ ‬ينصت‭ ‬باهتمام،‭ ‬كيف‭ ‬يضيف‭ ‬على‭ ‬الاقتراحات‭ ‬من‭ ‬خبرته‭ ‬لتبدو‭ ‬أنضج‭ ‬وأكثر‭ ‬تألقاً،‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬يشجعنا‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬في‭ ‬الأفكار‭ ‬التي‭ ‬نعمل‭ ‬عليها،‭ ‬ويفوّضنا‭ ‬لعمل‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬مناسباً‭ ‬مادام‭ ‬يثق‭ ‬فيما‭ ‬نسعى‭ ‬للقيام‭ ‬به‭ ‬مادام‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الجامعة‭ ‬والمنتمين‭ ‬إليها،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أعطانا‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬مساحة‭ ‬للحركة‭ ‬بحرية‭ ‬عالية،‭ ‬وأريحية‭ ‬ما‭ ‬كنا‭ ‬لنجدها‭ ‬لولا‭ ‬الدكتور‭ ‬العوهلي‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭).‬

بدأت‭ ‬الرحلة،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬انتهت،‭ ‬وليت‭ ‬تدفق‭ ‬الزمن‭ ‬توقف،‭ ‬فبين‭ ‬دفة‭ ‬البدء‭ ‬والخاتمة‭ ‬ترك‭ ‬الدكتور‭ ‬العوهلي‭ ‬بصمته‭ ‬المؤثرة‭ ‬بالجامعة،‭ ‬وبصمة‭ ‬أعمق‭ ‬في‭ ‬الروح‭ ‬المتحسرة‭ ‬على‭ ‬فقده‭. ‬

اليوم‭... ‬كلما‭ ‬عادت‭ ‬بي‭ ‬الذكريات‭ ‬إلى‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬جمعنا‭ ‬فيها‭ ‬العمل‭ ‬لهذه‭ ‬الجامعة،‭ ‬تذكرت‭ ‬نبرات‭ ‬صوته‭ ‬الهادئ،‭ ‬وابتسامته‭ ‬الموزعة‭ ‬للجميع،‭ ‬وأجواء‭ ‬الطمأنينة‭ ‬التي‭ ‬تظللنا‭ ‬أينما‭ ‬حلّ،‭ ‬طموحاته‭ ‬التي‭ ‬يبثها‭ ‬فينا،‭ ‬رفيع‭ ‬أخلاقه،‭ ‬طيبته‭ ‬الآسرة‭... ‬يلوح‭ ‬أمامي‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ ‬القائل‭: ‬‮«‬إِنَّ‭ ‬الْعَبْدَ‭ ‬لَيَبْلُغُ‭ ‬بِحُسْنِ‭ ‬خُلُقِهِ‭ ‬عَظِيمَ‭ ‬دَرَجَاتِ‭ ‬الآخِرَةِ،‭ ‬وَأشَرَفَ‭ ‬الْمَنَازِلِ‮»‬‭.. ‬فأي‭ ‬أثر‭ ‬تركت‭ ‬فينا‭ ‬يا‭ ‬أبا‭ ‬عبدالله،‭ ‬وأي‭ ‬منزلة‭ ‬تنتظرك‭.‬

{ صحفية بحرينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا