العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

إبادة الشعب الفلسطيني راسخة في الخطاب الصهيوني

بقلم: د. رمزي بارود

الثلاثاء ٣١ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

‮«‬الحيوانات‭ ‬البشرية‮»‬‭.. ‬اللغة‭ ‬الدنيئة‭ ‬وراء‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬مفردات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬وكذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬معهم،‭ ‬خلقت‭ ‬المناخ‭ ‬اللازم‭ ‬للرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭.‬

‮«‬التوتسي‭ ‬صراصير‭. ‬سوف‭ ‬نقتلكم‮»‬‭.‬

العرب‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الصراصير‭ ‬المخدرة‭ ‬في‭ ‬الزجاجة‮»‬‭.‬

كان‭ ‬الاقتباس‭ ‬الأول‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬سطر‭ ‬تكرر‭ ‬بشكل‭ ‬دائم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محطة‭ ‬راديو‭ ‬وتلفزيون‭ ‬‮«‬ليبر‭ ‬دي‭ ‬ميل‭ ‬كولين‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬محطة‭ ‬إذاعية‭ ‬رواندية،‭ ‬والتي‭ ‬يُلقى‭ ‬عليها‭ ‬اللوم‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬بالتحريض‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬تجاه‭ ‬جماعة‭ ‬التوتسي‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬إبادة‭.‬

أما‭ ‬العبارة‭ ‬الثانية‭ ‬فهي‭ ‬مأخوذة‭ ‬من‭ ‬كلام‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬أركان‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق‭ ‬الجنرال‭ ‬رافائيل‭ ‬إيتان‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983،‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬أمام‭ ‬لجنة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

لقد‭ ‬عملت‭ ‬محطة‭ ‬الإذاعة‭ ‬المفعمة‭ ‬بالكراهية‭ ‬في‭ ‬رواندا‭ ‬مدة‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ (‬1993-1994‭)‬،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نتيجة‭ ‬التحريض‭ ‬منها‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأحداث‭ ‬حزناً‭ ‬ومأساوية‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬الحديثة‭: ‬أعني‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للتوتسي‭.‬

قارن‭ ‬‮«‬إذاعة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬بالدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬‭ ‬الغربية‭ ‬الضخمة،‭ ‬التي‭ ‬تجرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬إنسانيتهم‭ ‬تقريبًا‭ ‬باستخدام‭ ‬لغة‭ ‬مماثلة‭ ‬لتلك‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التابعة‭ ‬لعصابات‭ ‬الهوتو‭ ‬الذين‭ ‬أبادوا‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬التوتسي‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬كثيرين‭ ‬ينسون‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الصهيوني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬قبل‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬إنشاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1948‭- ‬كان‭ ‬يدور‭ ‬دائماً‭ ‬حول‭ ‬العنصرية،‭ ‬والتجريد‭ ‬من‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والمحو،‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الصريحة‭.‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬اختيار‭ ‬أي‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي‭ ‬لفحص‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬المنبثق‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمؤسسات‭ ‬وحتى‭ ‬المثقفين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬فعلينا‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬النتيجة‭: ‬لقد‭ ‬قامت‭ ‬إسرائيل‭ ‬دائمًا‭ ‬ببناء‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬التحريض‭ ‬والكراهية،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬مسألة‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قضية‭ ‬ثابتة‭.‬

وفي‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬فقط،‭ ‬أصبحت‭ ‬نية‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬تحت‭ ‬نير‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاستيطاني‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬هذه‭ ‬واضحة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭.‬

وقال‭ ‬خبراء‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬19‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭: ‬‮«‬هناك‭... ‬خطر‭ ‬حدوث‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬ضد‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭. ‬لكن‭ ‬‮«‬خطر‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‮»‬‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬ينشأ‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬وليد‭ ‬اليوم‭.‬

والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬العسكرية‭ ‬الفعّالة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تتم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تصريح‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬واللغة‭ ‬يسهل‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬ويبررها‭ ‬ويكسوها‭ ‬برداء‭ ‬من‭ ‬العقلانية‭. ‬إن‭ ‬تصور‭ ‬إسرائيل‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬هو‭ ‬مثال‭ ‬نموذجي‭ ‬لهذا‭ ‬الادعاء‭.‬

قبل‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬سنة‭ ‬1948،‭ ‬كان‭ ‬الصهاينة‭ ‬ينكرون‭ ‬أصلا‭ ‬وجود‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الكثيرون‭ ‬يفعلون‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬بل‭ ‬إنهم‭ ‬أوغلوا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭.‬

وعندما‭ ‬يكون‭ ‬الأمر‭ ‬كذلك،‭ ‬يصبح‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أن‭ ‬نخلص‭ ‬إلى‭ ‬نتيجة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل،‭ ‬في‭ ‬عقلها‭ ‬الجماعي،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يوجدوا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭.‬

وحتى‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬ذكر‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فإنهم‭ ‬يتحولون‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬متعطشة‭ ‬للدماء‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬إرهابيين‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬صراصير‭ ‬مخدرة‭ ‬في‭ ‬زجاجة‮»‬‭.‬

سيكون‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬للغاية‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬بأنه‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬عنصري‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬العنصرية‭ ‬فاعلة‭ ‬هنا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشعور‭ ‬بالتفوق‭ ‬العنصري‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لمجرد‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬اجتماعي‭ ‬سياسي،‭ ‬حيث‭ ‬يكون‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أسيادًا‭ ‬والفلسطينيون‭ ‬عبيدا‭. ‬إن‭ ‬الصور‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬بكثير‭.‬

وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬عبر‭ ‬المقاتلون‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬الجنوبية‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وقتلوا‭ ‬المئات،‭ ‬لم‭ ‬يبد‭ ‬أي‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬محلل‭ ‬أو‭ ‬مثقف‭ ‬إسرائيلي‭ ‬واحد‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬بتنزيل‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الجريء‭ ‬في‭ ‬سياقه‭ ‬التاريخي‭.‬

إن‭ ‬لغة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م‭ ‬التي‭ ‬استخدمها‭ ‬الإسرائيليون،‭ ‬وكذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمريكيين‭ ‬معهم‭ ‬قد‭ ‬خلقت‭ ‬إذا‭ ‬المناخ‭ ‬اللازم‭ ‬للرد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الوحشي‭ ‬الذي‭ ‬أعقب‭ ‬ذلك‭.‬

أفادت‭ ‬تقارير‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الثمانية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬غزة‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬الضحايا‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الأطول‭ ‬والأكثر‭ ‬تدميرا‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬والتي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬الجرف‭ ‬الصامد‮»‬،‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014‭.‬

ووفقاً‭ ‬للحركة‭ ‬العالمية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأطفال‭ ‬‭ ‬فلسطين،‭ ‬يُقتل‭ ‬طفل‭ ‬فلسطيني‭ ‬كل‭ ‬15‭ ‬دقيقة،‭ ‬ووفقاً‭ ‬لوزارة‭ ‬الصحة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فإن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الضحايا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال‭.‬

وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬لا‭ ‬يهم‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭. ‬وفي‭ ‬ذهن‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتزوج،‭ ‬الذي‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬غالباً‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬معتدل‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الخطاب‭ ‬حول‭ ‬عدم‭ ‬مشاركة‭ ‬المدنيين‭ ‬ليس‭ ‬صحيحاً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‮»‬‭. ‬إنهم‭ ‬أهداف‭ ‬مشروعة،‭ ‬ببساطة‭ ‬لأنه‭ ‬‮«‬كان‭ ‬بإمكانهم‭ ‬الانتفاض،‭ ‬وكان‭ ‬بإمكانهم‭ ‬القتال‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الشرير‮»‬،‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭.‬

لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬‮«‬الأمة‭ ‬بأكملها‭ ‬هي‭ ‬المسؤولة‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬الرئيس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إسحاق‭ ‬هرتسوغ،‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬بالانتقام‭ ‬بأكبر‭ ‬قوة‭ ‬ممكنة‭.‬

وأوضح‭ ‬أرييل‭ ‬كالنر،‭ ‬عضو‭ ‬حزب‭ ‬الليكود‭ ‬الذي‭ ‬يتزعمه‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬هدف‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬حرب‭ ‬غزة‭ ‬حيث‭ ‬قال‭: ‬‮«‬الآن‭ ‬هناك‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭: ‬النكبة‭! ‬نكبة‭ ‬ستطغى‭ ‬على‭ ‬نكبة‭ ‬1948‮»‬‭.‬

نفس‭ ‬المشاعر‭ ‬نقلها‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت،‭ ‬الرجل‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬ترجمة‭ ‬إعلان‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬نقاتل‭ ‬حيوانات‭ ‬بشرية‭ ‬وسنتصرف‭ ‬وفقًا‭ ‬لذلك‮»‬‭.‬،‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬كهرباء‭ ‬ولا‭ ‬طعام‭ ‬ولا‭ ‬وقود‭. ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مغلق‮»‬‭. ‬وبالطبع‭ ‬آلاف‭ ‬القتلى‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬السلطات‭ ‬السياسية‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬بالفعل‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مسؤولون‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬عن‭ ‬أحداث‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬حسب‭ ‬تقييم‭ ‬غالانت،‭ ‬‮«‬حيوانات‭ ‬بشرية‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬أي‭ ‬رحمة‭.‬

وكما‭ ‬كان‭ ‬متوقعاً،‭ ‬انضم‭ ‬أنصار‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والدول‭ ‬الغربية‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬الجوقة،‭ ‬مستخدمين‭ ‬أيضاً‭ ‬اللغة‭ ‬الأكثر‭ ‬عنفاً‭ ‬وتجريداً‭ ‬من‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ترسيخ‭ ‬الخطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬الناس‭ ‬العاديين‭.‬

وقالت‭ ‬نيكي‭ ‬هيلي،‭ ‬المرشحة‭ ‬للرئاسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لشبكة‭ ‬فوكس‭ ‬نيوز‭ ‬في‭ ‬10‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023م،‭ ‬إن‭ ‬هجوم‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬إسرائيل،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬هو‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬نفسها‮»‬‭. ‬عندها‭ ‬أدلت‭ ‬بتصريحها‭ ‬الشرير،‭ ‬وهي‭ ‬تنظر‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الكاميرا،‭ ‬‮«‬نتنياهو،‭ ‬أنهيهم،‭ ‬أنهيهم‮…‬‭ ‬أنهيهم‭!‬‮»‬‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬أنتوني‭ ‬بلينكن‭ ‬لم‭ ‬يستخدما‭ ‬نفس‭ ‬الكلمات‭ ‬بالضبط،‭ ‬إلا‭ ‬أنهما‭ ‬أجريا‭ ‬مقارنات‭ ‬بين‭ ‬أحداث‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬وهجمات‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬الإرهابية‭. ‬والمعنى‭ ‬الكامن‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تفصيل‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬حشد‭ ‬السيناتور‭ ‬الأمريكي‭ ‬ليندسي‭ ‬جراهام‭ ‬المؤيدين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المحافظين‭ ‬والمتدينين،‭ ‬وأعلن‭ ‬في‭ ‬11‭ ‬أكتوبر،‭ ‬على‭ ‬قناة‭ ‬فوكس‭ ‬نيوز‭ ‬أيضًا،‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬دينية‭ ‬هنا‭... ‬افعلوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعين‭ ‬عليكم‭ ‬فعله‭ ‬بحق‭ ‬الجحيم‭... ‬تسوية‭ ‬المكان‮»‬‭ ‬‭ ‬في‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬والأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬كانت‭ ‬اللغة‭ ‬الشريرة‭ ‬بالقدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ولا‭ ‬تزال،‭ ‬تُنطق‭. ‬ويتم‭ ‬بث‭ ‬النتيجة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭. ‬إسرائيل‭ ‬‮«‬تقضي‮»‬‭ ‬على‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬فهي‭ ‬‮«‬تسوي‮»‬‭ ‬آلاف‭ ‬المنازل‭ ‬والمساجد‭ ‬والمستشفيات‭ ‬والكنائس‭ ‬والمدارس‭ ‬بالأرض‭. ‬وهي‭ ‬تنتج‭ ‬بالفعل‭ ‬حلقة‭ ‬مؤلمة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬النكبة‭.‬

من‭ ‬مقولة‭ ‬‮«‬الفلسطينيون‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لهم‮»‬‭ ‬لغولدا‭ ‬مائير‭ (‬1969‭) ‬إلى‭ ‬مقولة‭ ‬مناحم‭ ‬بيغن‭ ‬‮«‬الفلسطينيون‭ ‬هم‭ ‬وحوش‭ ‬تمشي‭ ‬على‭ ‬قدمين‮»‬‭ (‬1982‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬مقولة‭ ‬إيلي‭ ‬بن‭ ‬دهان‭ ‬‮«‬الفلسطينيون‭ ‬مثل‭ ‬الحيوانات،‭ ‬ليسوا‭ ‬بشرًا‮»‬‭ (‬2013‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العبارات،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإشارات‭ ‬العنصرية‭ ‬والمهينة‭ ‬‭ ‬يتأكد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الصهيوني‭ ‬واحد‭ ‬راسخ‭ ‬ولم‭ ‬يتغير‭.‬

والآن،‭ ‬أصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬معًا،‭ ‬وأصبحت‭ ‬اللغة‭ ‬والفعل‭ ‬في‭ ‬تناغم‭ ‬تام‭. ‬ربما‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬بكيفية‭ ‬ترجمة‭ ‬لغة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إلى‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬فعلية‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬ومن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوعي‭ ‬جاء‭ ‬متأخراً‭ ‬للغاية‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬آلاف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬صحفي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا