العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

آن الأوان لتنفيذ مشروع الدولتين

بقلم: د. نبيل العسومي

الأربعاء ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬الملتهبة‭ ‬بالصراع‭ ‬والقتال‭ ‬وسقوط‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا‭ ‬والجرحى‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬نتيجة‭ ‬لاستمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬العربي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الشقيق‭ ‬المحاصر،‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مقومات‭ ‬للحياة‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬وطعام‭ ‬وكهرباء‭ ‬ومحروقات‭ ‬وأدوية،‭ ‬ما‭ ‬حول‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬مفتوح‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬معتقل‭ ‬كبير‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬مليونين‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬ألف‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬المحاصرين‭ ‬والواقعين‭ ‬تحت‭ ‬القصف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬المتواصل‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬حل‭ ‬سوى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مخرج‭ ‬ينقذ‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬بل‭ ‬ينقذ‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬دمار‭ ‬الصراع‭ ‬والقتال‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭. ‬هذا‭ ‬الحل‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬وأن‭ ‬يلزم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بتنفيذ‭ ‬القرارات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تحديدا‭ ‬خلال‭ ‬السبعين‭ ‬سنة‭ ‬الماضية‭ ‬وتجاهلتها‭ ‬القيادة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬معتمدة‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬أمور‭:‬

الأول‭: ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬تمتلك‭ ‬أحدث‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬أانتجتها‭ ‬مصانع‭ ‬السلاح‭ ‬الأمريكية‭ ‬والأوروبية‭ ‬واعتمادا‭ ‬على‭ ‬جيش‭ ‬جرار‭ ‬وقدرات‭ ‬هائلة‭ ‬عسكرية‭ ‬واستخباراتية‭ ‬وقد‭ ‬غرها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المواجهات‭ ‬السابقة‭ ‬مع‭ ‬الجيوش‭ ‬العربية،‭ ‬والتي‭ ‬انتهت‭ ‬لصالحها‭ ‬باستثناء‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬73‭ ‬التي‭ ‬كسرت‭ ‬شوكة‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬بفضل‭ ‬البطولات‭ ‬التي‭ ‬سطرها‭ ‬المقاتلون‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬الجبهتين‭ ‬المصرية‭ ‬والسورية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحق‭ ‬العربي‭.‬

ثانيا‭: ‬الاعتماد‭ ‬الكلي‭ ‬والمتزايد‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي،‭ ‬وخاصة‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عن‭ ‬حد‭ ‬وبمجرد‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬حركت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬حاملات‭ ‬الطائرات‭ ‬الضخمة‭ ‬وأوفدت‭ ‬حوالي‭ ‬2000‭ ‬جندي‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬النخبة‭ ‬وأرسلت‭ ‬45‭ ‬طائرة‭ ‬محملة‭ ‬بالسلاح‭ ‬والعتاد‭ ‬كجسر‭ ‬جوي،‭ ‬وهذا‭ ‬الاعتماد‭ ‬المتزايد‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬العناد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬السلام‭ ‬وتنفيذ‭ ‬قرارات‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الخارجي‭ ‬متواصل‭ ‬ولا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬حد‭. ‬وقد‭ ‬رأينا‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وألمانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬قد‭ ‬قدمت‭ ‬بشكل‭ ‬فوري‭ ‬دعما‭ ‬كبيرا‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬لمواجهة‭ ‬فصيل‭ ‬فلسطيني‭ ‬مقاوم‭ ‬بموارد‭ ‬وإمكانيات‭ ‬محدودة‭. ‬

ثالثا‭: ‬الضعف‭ ‬العربي‭ ‬وتشتت‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬إزاء‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تراخي‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مجمعا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬التوافق‭ ‬بشأنه‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬المنعقدة‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬عام‭ ‬2002،‭ ‬والتي‭ ‬تبنت‭ ‬مشروع‭ ‬الأرض‭ ‬مقابل‭ ‬السلام‭ ‬وتبنت‭ ‬مشروع‭ ‬إقامة‭ ‬الدولتين‭ ‬كحل‭ ‬وسط‭ ‬وحيد‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لجميع‭ ‬أشكال‭ ‬التطرف‭ ‬والصراع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬رأينا‭ ‬تراجعا‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬غريب‭ ‬وغير‭ ‬مفهوم،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬ترى‭ ‬ضرورة‭ ‬لتقديم‭ ‬أي‭ ‬تنازلات‭ ‬في‭ ‬الحاضر‭ ‬أو‭ ‬المستقبل‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬ضعيف‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬موحدا‭ ‬أو‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬سببا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬إسرائيل‭ ‬تتوغل‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وتعتدي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توقف‭ ‬على‭ ‬المواطنين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وتتوسع‭ ‬في‭ ‬الاستيطان‭ ‬وفي‭ ‬تنظيم‭ ‬حملات‭ ‬عسكرية‭ ‬متكررة‭ ‬لضرب‭ ‬غزة‭ ‬وتدميرها‭ ‬بشكل‭ ‬رأينا‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬اليوم،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوز‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬شهيد‭ ‬وعدد‭ ‬الجرحى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬ألف‭ ‬جريح‭ ‬وتهديم‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬البيوت‭ ‬والعمارات‭ ‬السكنية‭ ‬وقطع‭ ‬شريان‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

إن‭ ‬الحل‭ ‬لهذه‭ ‬المعضلة‭ ‬هو‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬سكة‭ ‬السلام‭ ‬وهو‭ ‬السلام‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قبلت‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشروطه‭ ‬الشرعية‭ ‬والقانونية‭ ‬فسوف‭ ‬ينهي‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬عندما‭ ‬يجد‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬أنفسهم‭ ‬يعيشون‭ ‬بسلام‭ ‬واستقرار‭ ‬في‭ ‬دولتهم‭ ‬المستقلة‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية‭ ‬ولهم‭ ‬احترامهم‭ ‬وكرامتهم‭ ‬ويجدون‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬سوف‭ ‬يتواصل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الانقسام‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بين‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزة‭ ‬والعجز‭ ‬عن‭ ‬الخروج‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بموقف‭ ‬موحد‭ ‬يخدم‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬أولا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا