العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٣ - السبت ٠٤ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٥ شوّال ١٤٤٥هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الأمة حين تصحو

كل‭ ‬مواطن‭ ‬عربي‭ ‬يعتصره‭ ‬الألم‭ ‬اليوم‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬لأهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬همج‭ ‬التاريخ‭ ‬والعصر‭ ‬يشنون‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬بلا‭ ‬هوادة‭ ‬يريدون‭ ‬محو‭ ‬غزة‭ ‬وأهلها‭ ‬كلهم‭ ‬من‭ ‬الوجود‭.‬

كل‭ ‬مواطن‭ ‬عربي‭ ‬يعتصره‭ ‬الألم‭ ‬والغضب‭ ‬اليوم‭ ‬وهو‭ ‬يرى‭ ‬هذا‭ ‬العجز‭ ‬العربي‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬حماية‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وعن‭ ‬حتى‭ ‬تأمين‭ ‬حق‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬لهم‭.‬

وسط‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الألم‭ ‬والغضب،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬الإبادة‭ ‬ودماء‭ ‬الشهداء‭ ‬التي‭ ‬تسيل،‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬الأمل‭ ‬والفخر‭ ‬والاعتزاز‭ ‬بأمتنا‭ ‬العربية‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الجوهري‭ ‬الأكبر‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬الصهيونية‭ ‬الغربية‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يشنونها،‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬مع‭ ‬ملحمة‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬أفاقوا‭ ‬على‭ ‬لمحة‭ ‬من‭ ‬قدرات‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬حين‭ ‬تصحو‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬رعبهم‭.‬

مصدر‭ ‬رعبهم‭ ‬أنهم‭ ‬أفاقوا‭ ‬فجأة‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬رجال‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بمقدورهم‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فعلوه‭ ‬بالكيان‭ ‬الإسرائيلي‭.. ‬أن‭ ‬بمقدورهم‭ ‬أن‭ ‬يذلوا‭ ‬جيشه‭ ‬وأجهزة‭ ‬مخابراته‭ ‬ويظهروا‭ ‬هشاشته‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬وبات‭ ‬معروفا‭.‬

مصدر‭ ‬رعبهم‭ ‬هو‭ ‬أنهم،‭ ‬أي‭ ‬الصهاينة‭ ‬والغرب،‭ ‬يفكرون‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي‭:‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬بضع‭ ‬مئات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬هذا،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬بالأمة‭ ‬العربية‭ ‬بأسرها‭ ‬بكل‭ ‬دولها‭ ‬وشعوبها‭ ‬وقدراتها‭ ‬إن‭ ‬هي‭ ‬استيقظت‭ ‬وقررت‭ ‬المقاومة‭.‬

مصدر‭ ‬رعبهم‭ ‬أنهم‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬اختبروا‭ ‬قدرة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬حين‭ ‬تصحو‭ ‬وتقاوم‭ ‬وتحارب‭. ‬اختبروا‭ ‬هذا‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭ ‬حين‭ ‬هبت‭ ‬الأمة‭ ‬كلها‭ ‬ووقفت‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬وألحقت‭ ‬تلك‭ ‬الهزيمة‭ ‬التاريخية‭ ‬المذلة‭ ‬بالعدو‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وأذلت‭ ‬الغرب‭ ‬كله‭ ‬جين‭ ‬قررت‭ ‬قطع‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭.‬

هم‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬بنوا‭ ‬حساباتهم‭ ‬عبر‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أن‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬أمرها‭ ‬وأصبحت‭ ‬بلا‭ ‬حول‭ ‬لا‭ ‬قوة‭. ‬بنوا‭ ‬حساباتهم‭ ‬هذه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬نجحوا‭ ‬بمؤامراتهم‭ ‬ومخططاتهم‭ ‬في‭ ‬تدمير‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وفي‭ ‬طريقهم‭ ‬لتدمير‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭. ‬تصوروا‭ ‬أنهم‭ ‬نجحوا‭ ‬في‭ ‬مصادرة‭ ‬الإرادة‭ ‬العربية،‭ ‬وأن‭ ‬القدرة‭ ‬العربية‭ ‬أصبحت‭ ‬مشلولة،‭ ‬وأن‭ ‬العرب‭ ‬لن‭ ‬تقوم‭ ‬لهم‭ ‬قائمة‭.‬

بنوا‭ ‬حساباتهم‭ ‬على‭ ‬هذا،‭ ‬لكنهم‭ ‬فجأة‭ ‬أفاقوا‭ ‬مفزوعين‭ ‬مع‭ ‬‮«‬طوفان‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬حية‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬قادرة،‭ ‬وأنها‭ ‬حين‭ ‬تقرر‭ ‬أن‭ ‬تصحو‭ ‬فسوف‭ ‬تحقق‭ ‬المستحيل‭.‬

الذي‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬فزعهم‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الهمجية‭ ‬على‭ ‬أهلنا‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬بالروح‭ ‬الوطنية‭ ‬العروبية‭ ‬العارمة‭ ‬التي‭ ‬أظهرتها‭ ‬نبهت‭ ‬الكل‭ ‬إلى‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬مصادر‭ ‬قوة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬أي‭ ‬وحدة‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬وإصرارها‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭.‬

نقول‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬التفسير‭ ‬لبشاعة‭ ‬هذه‭ ‬الهمجية‭ ‬التي‭ ‬نواجهها‭ ‬اليوم،‭ ‬ولكن‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬هذا‭.‬

علينا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أن‭ ‬أمتنا‭ ‬قوية‭ ‬وقادرة‭. ‬قوية‭ ‬وقادرة‭ ‬بوحدة‭ ‬شعوبها‭ ‬وبكل‭ ‬إمكانياتها‭ ‬وقدراتها‭.‬

كل‭ ‬ما‭ ‬ينقصنا‭ ‬أمران‭:‬

الأول‭: ‬الإرادة‭.. ‬إرادة‭ ‬المقاومة‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭ ‬ومواجهة‭ ‬أعدائها‭. ‬نعني‭ ‬الإرادة‭ ‬الجماعية‭ ‬العربية،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬الخلافات‭ ‬والصراعات‭ ‬العبثية‭ ‬بين‭ ‬دولنا‭.‬

والثاني‭: ‬حشد‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانيات‭ ‬العربية‭ ‬مجتمعة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المستويات‭ ‬واستخدامها‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الأمة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا