العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

الهبة الفلسطينية.. وبؤس انحطاط مواقف أمريكا والغرب

بقلم: جميل مطر

السبت ١٤ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

يقول‭ ‬الراضون‭ ‬عن‭ ‬الهبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬التي‭ ‬انطلقت‭ ‬من‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬فلسطين‭ ‬إنها‭ ‬جاءت‭ ‬نتيجة‭ ‬استفزاز‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬هجمات‭ ‬المستوطنين‭ ‬ضد‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬والتوسع‭ ‬الاستيطاني‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وفى‭ ‬القدس‭ ‬وسياسات‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الشريك‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬والمواقف‭ ‬المتخاذلة‭ ‬للسلطة‭ ‬في‭ ‬رام‭ ‬الله‭ ‬ونتيجة‭ ‬عرض‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لخريطة‭ ‬تظهر‭ ‬إسرائيل‭ ‬محتلة‭ ‬كل‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬والجولان‭ ‬ولم‭ ‬تعترض‭ ‬دولة‭ ‬غربية‭ ‬واحدة‭ ‬وبخاصة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الصارخ‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بينما‭ ‬تصر‭ ‬على‭ ‬كونها‭ ‬حامية‭ ‬قواعد‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭.‬

ويقول‭ ‬الغاضبون‭ ‬إنها‭ ‬جاءت‭ ‬نتيجة‭ ‬تدريب‭ ‬طويل‭ ‬لقوات‭ ‬حماس‭ ‬وتحميس‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬إيران‭ ‬ودعم‭ ‬مستمر‭ ‬وإن‭ ‬مستتر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬ونتيجة‭ ‬تعمق‭ ‬الخلافات‭ ‬داخل‭ ‬مراتب‭ ‬وفصائل‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭. ‬يقول‭ ‬مراقبون‭ ‬إن‭ ‬الهبة‭ ‬الحماسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬حلقة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬هبات‭ ‬تحمل‭ ‬جميعها‭ ‬سمات‭ ‬غزاوية‭ ‬بامتياز‭ ‬ومتأثرة‭ ‬بالتطورات‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأكبر،‭ ‬ولكن‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الهبة‭ ‬الأخيرة‭ ‬متأثرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الهبات‭ ‬السابقة‭ ‬بالتطورات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬إقليم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭. ‬جاءت‭ ‬أيضا‭ ‬متفاعلة‭ ‬بشدة‭ ‬مع‭ ‬حال‭ ‬احتقان‭ ‬قومي‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النظام‭ ‬العربي‭ ‬ككل‭ ‬وحال‭ ‬نهوض‭ ‬سياسي‭ ‬متعثر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬صار‭ ‬يعرف‭ ‬بعالم‭ ‬الجنوب‭. ‬لن‭ ‬أستطيع‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الساعات‭ ‬المبكرة‭ ‬وأمامي‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬صور‭ ‬لإحدى‭ ‬آخر‭ ‬محارق‭ ‬العصر،‭ ‬محرقة‭ ‬بأيدي‭ ‬أحفاد‭ ‬من‭ ‬نجوا‭ ‬من‭ ‬محارق‭ ‬هتلر،‭ ‬لن‭ ‬أستطيع‭ ‬في‭ ‬مساحتي‭ ‬الراهنة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ألم‭ ‬بأقل‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الملاحظات‭.‬

كان‭ ‬المنظر‭ ‬السياسي‭ ‬لرد‭ ‬فعل‭ ‬أمريكا‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬دافعا‭ ‬للشفقة‭. ‬ليس‭ ‬هكذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تدار‭ ‬الأزمات‭ ‬الساخنة‭. ‬سواء‭ ‬صدرت‭ ‬ردود‭ ‬الفعل‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بلسانه‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬موظفيه‭ ‬على‭ ‬وزن‭ ‬كبار‭ ‬مساعديه‭ ‬وخاصة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬بلينكين‭ ‬وسوليفان‭ ‬والتي‭ ‬صدرت‭ ‬على‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‭ ‬من‭ ‬الأطلسي‭ ‬من‭ ‬السيدة‭ ‬أورسولا‭ ‬صاحبة‭ ‬الوزن‭ ‬الخفيف‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬كلفت‭ ‬بتنفيذها،‭ ‬فقد‭ ‬جاءت‭ ‬جميعها‭ ‬تعبر‭ ‬بكل‭ ‬الصدق‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬‮«‬وكسة‮»‬‭ ‬الغرب‭ ‬الراهنة‭. ‬حاملة‭ ‬طائرات‭ ‬أمريكية‭ ‬تتحرك‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لترهيب‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بينما‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬عتاب‭ ‬أمريكي‭ ‬لخطاب‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬لموقف‭ ‬حكومته‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬القتل‭ ‬العمد‭ ‬لفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬مستوطنين‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬واشنطن‭ ‬أو‭ ‬بروكسل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يردع‭ ‬إسرائيل‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬مستوطنات‭ ‬وهدم‭ ‬منازل‭ ‬فلسطينيين‭.‬

كنا،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬نأمل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬الهبة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عيون‭ ‬وعقول‭ ‬السياسيين‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬استمرار‭ ‬انحدار‭ ‬الغرب‭ ‬صار‭ ‬يكلف‭ ‬العالم‭ ‬غاليا‭. ‬أوكرانيا‭ ‬تدفع‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬ولأيام‭ ‬كثيرة‭ ‬قادمة‭ ‬جانبا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الثمن‭. ‬بل‭ ‬سمعت‭ ‬ورأيت‭ ‬سياسيا‭ ‬كبيرا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الهند‭ ‬يجرب‭ ‬حظ‭ ‬بلاده‭ ‬باللعب‭ ‬مع‭ ‬الغرب‭ ‬والإعلام‭ ‬الصهيوني‭ ‬على‭ ‬مصائر‭ ‬شعب‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬متجاهلا‭ ‬أبجديات‭ ‬الإقليم‭ ‬أو‭ ‬جاهلا‭ ‬بها‭. ‬لم‭ ‬نكد‭ ‬نتفاءل‭ ‬خيرا‭ ‬بتوسع‭ ‬مجموعة‭ ‬البريكس‭ ‬وباحتمالات‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬جنوبية‭ ‬جديدة‭ ‬تستعيد‭ ‬للشعوب‭ ‬استقلال‭ ‬إرادتها‭ ‬وتحررها‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬العقلية‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الانجلو‭ ‬فونية‭ ‬والفرانكوفونية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬إلا‭ ‬ووجدنا‭ ‬بعض‭ ‬ساسة‭ ‬الهند‭ ‬يقررون‭ ‬الانصياع‭ ‬نحو‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬أملته‭ ‬واشنطن‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬الصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

نعرف،‭ ‬والعالم‭ ‬يعرف،‭ ‬أن‭ ‬ثلث‭ ‬حكومات‭ ‬العرب‭ ‬متوقفة‭ ‬أو‭ ‬موقوفة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭. ‬نعرف،‭ ‬والعالم‭ ‬يعرف،‭ ‬أن‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬بهذا‭ ‬المعنى‭ ‬ومعانٍ‭ ‬أخرى‭ ‬تعمل‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬طاقتها‭ ‬وبأقل‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬إرادتها‭. ‬نعرف‭ ‬أيضا،‭ ‬ويعرف‭ ‬حكام‭ ‬إسرائيل‭ ‬الجدد‭ ‬والقدامى‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬أن‭ ‬العربي‭ ‬العادي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬وشارع‭ ‬غاضب‭ ‬أشد‭ ‬الغضب،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يمتص‭ ‬هذا‭ ‬الغضب‭ ‬أو‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬وقعه‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬هذا‭ ‬العربي‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬والشهور‭ ‬والسنوات‭ ‬المقبلة‭.‬

سمعت‭ ‬من‭ ‬حكيم‭ ‬غربي‭ ‬قوله،‭ ‬‮«‬غدا‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬غد‭ ‬وقد‭ ‬برد‭ ‬غضب‭ ‬نتنياهو‭ ‬وعصابته‭ ‬وهدأت‭ ‬شهوتهم‭ ‬للقتل‭ ‬والإبادة‭ ‬تحت‭ ‬تأثير‭ ‬الإجماع‭ ‬الغربي‭ ‬ضد‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نبدأ‭ ‬بجمع‭ ‬الطرفين‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬‮«‬سلام‭ ‬أبدي‮»‬؟‭. ‬لن‭ ‬تمانع‭ ‬حكومات‭ ‬العرب‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬الموجود‭ ‬منها‮»‬‭. ‬سمعت‭ ‬حكيما‭ ‬آخر‭ ‬يرد‭ ‬عليه‭ ‬بالقول،‭ ‬‮«‬كيف‭ ‬توصلت‭ ‬إلى‭ ‬قناعة‭ ‬تقضي‭ ‬بأن‭ ‬كلا‭ ‬من‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران‭ ‬لن‭ ‬تحاولا‭ ‬ملء‭ ‬فراغ‭ ‬أخلته‭ ‬توازنات‭ ‬قوة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الإقليم‮»‬‭.‬

سمعت‭ ‬ثالثا‭ ‬ادعى‭ ‬الحكمة‭ ‬بواقعية‭ ‬هادئة،‭ ‬سمعته‭ ‬ينصح‭ ‬بـ‭ ‬‮«‬ألا‭ ‬تتعجلوا‭.. ‬فحملة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لم‭ ‬تبدأ‭ ‬فعليا‭ ‬وسوف‭ ‬تزداد‭ ‬بالتأكيد‭ ‬حاجة‭ ‬بايدن‭ ‬وفلوله‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬إلى‭ ‬أصوات‭ ‬اليهود‭ ‬وتمويلات‭ ‬الجمعيات‭ ‬الصهيونية،‭ ‬فليستمر‭ ‬القتل‭ ‬المتبادل‭ ‬ليستمر‭ ‬معه‭ ‬الطلب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬والمادي‭ ‬نقدا‭ ‬وسلاحا‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬ودول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ومحاولات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطبيع‭ ‬أشمل‭ ‬وأعمق‭ ‬مع‭ ‬نظام‭ ‬عربي‭ ‬أو‭ ‬شرق‭ ‬أوسطي‭ ‬جديد‮»‬‭.‬

قرأت‭ ‬لرابع‭ ‬تحليلا‭ ‬يحمل‭ ‬الزعم‭ ‬بالفهم‭ ‬الواثق‭ ‬للعقل‭ ‬السياسي‭ ‬المهيمن‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬على‭ ‬تفكير‭ ‬صانع‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬وما‭ ‬وراءها‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬أعمق‭. ‬يفترض‭ ‬التحليل‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬غزة‭ ‬الأخيرة‭ ‬كانت‭ ‬الفرصة‭ ‬الثمينة‭ ‬أمام‭ ‬حكومة‭ ‬بايدن‭ ‬لاستعادة‭ ‬لم‭ ‬شمل‭ ‬حلفاء‭ ‬الغرب‭. ‬حليف‭ ‬بعد‭ ‬الآخر‭ ‬يعترض‭ ‬على‭ ‬نصيبه‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬حليف‭ ‬آخر‭ ‬ينتخب‭ ‬حكومة‭ ‬ضد‭ ‬الحرب‭ ‬أو‭ ‬أقرب‭ ‬للتحالف‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬حليف‭ ‬ثالث‭ ‬أو‭ ‬رابع‭ ‬يدعى‭ ‬حقا‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬فصيل‭ ‬من‭ ‬الحلفاء‭ ‬غير‭ ‬المطمئنين‭ ‬لقيادة‭ ‬الرئيس‭ ‬بايدن‭ ‬لحلف‭ ‬الأطلسي‭ ‬وغير‭ ‬الواثقين‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬‮«‬صحة‮»‬‭ ‬قلب‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فالقيادة‭ ‬السياسية‭ ‬للحزبين‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬مفككة‭ ‬ومتخاصمة‭ ‬وبدائل‭ ‬المستقبل‭ ‬لا‭ ‬توحي‭ ‬بالثقة‭ ‬والاطمئنان‭. ‬أضف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المسألة‭ ‬الغربية‮»‬‭ ‬تزداد‭ ‬تعقيدا‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬انحدار،‭ ‬أو‭ ‬سمِّه‭ ‬تدهورا،‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬الحليف‭ ‬‮«‬المرجع‮»‬‭ ‬لواشنطن‭.‬

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬يلقي‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬روسيا‭. ‬روسيا‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الصراعات‭ ‬الدائرة،‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬دائرة،‭ ‬في‭ ‬القوقاز‭ ‬بين‭ ‬الآذريين‭ ‬والأرمن‭ ‬وفى‭ ‬البلقان‭ ‬بين‭ ‬كوسوفو‭ ‬وصربيا‭ ‬وفى‭ ‬إفريقيا‭ ‬بين‭ ‬شعوبها‭ ‬وفرنسا‭ ‬والآن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والفلسطينيين‭. ‬سخف‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬صدر‭ ‬حقا‭ ‬عن‭ ‬هنري‭ ‬كيسنجر‭.‬

نسأل‭ ‬مع‭ ‬السائلين،‭ ‬‮«‬من،‭ ‬وماذا،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يروي‭ ‬ظمأ‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬الشخصي‭ ‬إلى‭ ‬الانتقام‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والخارج‭ ‬الفلسطيني‭ ‬والشرق‭ ‬أوسطي‭ ‬تسببوا‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬إشعال‭ ‬هذه‭ ‬الهبة‭ ‬الغزاوية‭ ‬أو‭ ‬طوروها‭ ‬أو‭ ‬استفادوا‭ ‬منها؟‮»‬‭. ‬القضية‭ ‬بالفعل‭ ‬هي‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬جوانبها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬قضية‭ ‬شخصية‭. ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬لن‭ ‬يتاح‭ ‬له‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الغربي‭ ‬الكبير‭ ‬لشخصه‭ ‬المكروه‭ ‬غالبا‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬عواصم‭ ‬الغرب‭ ‬وفى‭ ‬بعض‭ ‬دوائر‭ ‬اليهود‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬ومكروه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬التيارات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعلمانية‭ ‬والإصلاحية‭ ‬كما‭ ‬أوضحت‭ ‬أزمة‭ ‬إصلاح‭ ‬قانون‭ ‬الحكم‭ ‬والقضاء‭. ‬مكروه‭ ‬الرجل‭ ‬وأعوانه‭ ‬المقربون‭ ‬داخل‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬عديدة،‭ ‬مكرهون‭ ‬بسبب‭ ‬عنصريتهم‭ ‬وتعاليهم‭ ‬المتعمد‭ ‬على‭ ‬السياسيين‭ ‬العرب‭. ‬مكروه‭ ‬بخاصة‭ ‬ومكروهة‭ ‬علاقته‭ ‬الوثيقة‭ ‬بوزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الذي‭ ‬دأب‭ ‬على‭ ‬وصف‭ ‬خصوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬والعربية‭ ‬عموما،‭ ‬بالحيوانات‭ ‬المتوحشة‭.‬

هناك،‭ ‬على‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى،‭ ‬أفرز‭ ‬الانتقام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬دمارا‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬بالمرة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تسببت‭ ‬فيه‭ ‬الهبة‭ ‬الغزاوية‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬في‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬الإسرائيلية‭. ‬عشرات‭ ‬الألوف‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وأكثرهم‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وأحفاد‭ ‬النكبة‭ ‬الأولى،‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬لاجئين‭ ‬ونازحين‭ ‬وأمامهم‭ ‬مساكنهم‭ ‬ينبعث‭ ‬من‭ ‬ركامها‭ ‬الدخان‭ ‬مختلطا‭ ‬بالتراب‭. ‬سوف‭ ‬يكتمون‭ ‬في‭ ‬صدورهم‭ ‬الأسى‭ ‬والغضب‭ ‬ليوم‭ ‬أو‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬لقرن‭ ‬لكنهم‭ ‬سوف‭ ‬يعودون‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬ومحلل‭ ‬سياسي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا