العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٤ - الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

السعادة في حب النفس أولا

اخترت‭ ‬أن‭ ‬أحب‭ ‬نفسي‭ ‬أولا،‭ ‬اخترت‭ ‬أن‭ ‬أحاول‭ ‬أن‭ ‬أكون‭ ‬أنا‭ ‬سعيدة‭ ‬أولا‭ ‬حتى‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أسعد‭ ‬من‭ ‬حولي‭.‬

تقول‭ ‬صديقتي‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬تقريبا‭ ‬180‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬سيدة‭ ‬كئيبة‭ ‬مبهدلة‭ ‬عصبية‭ ‬طول‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬امرأة‭ ‬جميلة‭ ‬هادئة‭ ‬مبتسمة‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬كان‭ ‬شكلها‭ ‬يوحي‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬القريب‭ ‬بأنها‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬السبعين‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأربعين‭ ‬ليصبح‭ ‬الآن‭ ‬شكلها‭ ‬وكأنها‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الثلاثين‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬عملية‭ ‬تجميل،‭ ‬والسبب‭ ‬الوحيد‭ ‬أنها‭ ‬اختارت‭ ‬أن‭ ‬تحب‭ ‬نفسها‭ ‬وتسعد‭ ‬نفسها‭ ‬بنفسها‭.‬

تقول‭ ‬أمل‭ (‬اخترت‭ ‬لها‭ ‬هذا‭ ‬الاسم‭ ‬ليكون‭ ‬أمل‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬سعيدة‭): ‬‮«‬بعد‭ ‬انفصالي‭ ‬من‭ ‬زوجي‭ ‬وتفرغي‭ ‬لرعاية‭ ‬ابني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬مراحل‭ ‬الجامعة،‭ ‬أهملت‭ ‬نفسي‭ ‬واحتياجاتي‭ ‬كليا‭ ‬وتفرغت‭ ‬لإسعاد‭ ‬ابني‭ ‬الوحيد‭ ‬فقط،‭ ‬لم‭ ‬أشعر‭ ‬بالوقت‭ ‬الذي‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬عمري‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السعادة‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬تفكيري‭ ‬في‭ ‬نظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬لامرأة‭ ‬مطلقة‭ ‬وحيدة‭ ‬وأم‭ ‬لشاب‭ ‬جامعي،‭ ‬تزوج‭ ‬طليقي‭ ‬وأسس‭ ‬عائلة‭ ‬صغيرة‭ ‬جميلة،‭ ‬تفرغ‭ ‬لرعايتها‭ ‬واكتفى‭ ‬بإرسال‭ ‬النقود‭ ‬لابنه‭ ‬واستقباله‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬أو‭ ‬الشهر‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬رغبة‭ ‬ابنه،‭ ‬كما‭ ‬انشغل‭ ‬ابني‭ ‬بدراسته‭ ‬وحياته‭ ‬ومستقبله‭ ‬حتى‭ ‬تخرج‭ ‬وتوظف‭ ‬وتزوج‭ ‬من‭ ‬بنت‭ ‬الحلال‭ ‬وأصبحت‭ ‬أعيش‭ ‬وحدى‭ ‬بين‭ ‬أربعة‭ ‬جدران،‭ ‬أنتظر‭ ‬زيارات‭ ‬وحيدي‭ ‬والتي‭ ‬تؤنس‭ ‬وحدتي‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬يومية‭ ‬ولكنها‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬يومين‭ ‬أو‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬بسبب‭ ‬انشغالات‭ ‬الحياة‭.‬

لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬ألوم‭ ‬وحيدي‭ ‬لانشغاله،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬نعم‭ ‬الولد‭ ‬الصالح‭ ‬والمحب‭ ‬البار‭ ‬بأمه،‭ ‬ولكنها‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬تضطره‭ ‬أحيانا‭ ‬للتغيب‭ ‬عني،‭ ‬أصبحت‭ ‬أكره‭ ‬نفسي‭ ‬وأعذبها‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بالوحدة‭ ‬والملل‭ ‬وابتعدت‭ ‬عن‭ ‬الأهل‭ ‬والصديقات‭ ‬حتى‭ ‬شعرت‭ ‬بأنني‭ ‬أنتظر‭ ‬معجزة‭ ‬تخرجني‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الظلام‭! ‬

في‭ ‬ليلة‭ ‬شتوية‭ ‬أفقت‭ ‬نصف‭ ‬الليل‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أتنفس،‭ ‬شعرت‭ ‬بخوف‭ ‬كبير‭ ‬وكأنني‭ ‬سأموت‭ ‬وحدة‭ ‬عجوز‭ ‬شمطان‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الأربعين،‭ ‬لمت‭ ‬نفسي‭ ‬لابتعادي‭ ‬عمن‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أتصل‭ ‬به‭ ‬لينقذني‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الآلام،‭ ‬وشعرت‭ ‬أنني‭ ‬بيدي‭ ‬ظلمت‭ ‬نفسي‭ ‬وقررت‭ ‬أن‭ ‬أعيش‭ ‬لأسعد‭ ‬نفسي‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أنتظر‭ ‬النوم‭ ‬لمجرد‭ ‬أنني‭ ‬مطلقة‭ ‬ووحيدة‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أستسلم‭ ‬ولا‭ ‬أعيش‭ ‬حياتي‭.‬

غيرت‭ ‬قناعاتي‭ ‬اتصلت‭ ‬بصديقاتي‭ ‬وأهلي‭ ‬وكونت‭ ‬علاقات‭ ‬جميلة،‭ ‬اهتممت‭ ‬بنفسي‭ ‬قليلا‭ ‬لأفاجأ‭ ‬بأنني‭ ‬ما‭ ‬زلت‭ ‬وردة‭ ‬جميلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الرعاية‭ ‬لتتفتح،‭ ‬نعم‭ ‬مازلت‭ ‬امرأة‭ ‬جميلة،‭ ‬بصحة‭ ‬وعافية،‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أسافر‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬المكاتب‭ ‬السياحية‭ ‬المحترمة‭ ‬لأرفه‭ ‬عن‭ ‬نفسي،‭ ‬تعرفت‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬جدد‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ ‬حياتي،‭ ‬تعلمت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬الجديدة،‭ ‬شعرت‭ ‬بالسعادة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أفتقدها‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬حيث‭ ‬إنني‭ ‬أغلقت‭ ‬قلبي‭ ‬وعقلي‭ ‬عن‭ ‬الحياة‭ ‬والحب‮»‬‭.‬

تقول‭ ‬أمل‭: ‬الحياة‭ ‬جميلة،‭ ‬والسعادة‭ ‬الحقيقية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نفتح‭ ‬قلوبنا‭ ‬للناس،‭ ‬أصبح‭ ‬وحيدي‭ ‬أيضا‭ ‬سعيدا‭ ‬عندما‭ ‬يشاهدني‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬عندما‭ ‬يراني‭ ‬مكتئبة‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بالذنب‭ ‬لأنني‭ ‬كرست‭ ‬حياتي‭ ‬له‭ ‬وحده‭ ‬وأصبح‭ ‬يشجعني‭ ‬على‭ ‬الاستمتاع،‭ ‬والسفر‭ ‬والخروج‭ ‬مع‭ ‬الصديقات،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ينظم‭ ‬لي‭ ‬الرحلات‭ ‬معهن‭ ‬وهو‭ ‬سعيد‭.‬

تقول‭ ‬أمل‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬امرأة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬رجل‭: ‬‮«‬الحياة‭ ‬حلوة‭ ‬والطلاق‭ ‬أو‭ ‬موت‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عن‭ ‬السعادة،‭ ‬الحياة‭ ‬قصيرة‭ ‬عيشوا‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬فيها‭ ‬بحب‭ ‬أنفسكم‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬الآخرين‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا