العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

«طوفان الأقصى»: مفاجأة المقاومة الفلسطينية والهوان الإسرائيلي

بقلم: د. أحمد جميل عزم

الأربعاء ١١ أكتوبر ٢٠٢٣ - 02:00

يُصاب‭ ‬بالمفاجأة‭ ‬الناظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬من‭ ‬‮«‬اجتياح‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬الأراضي‭ ‬المحتلة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬ومهاجمة‭ ‬المستوطنات،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬عملية‭ ‬‮«‬إثخانٍ‮»‬‭ ‬من‭ ‬كتائب‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬القسّام،‭ ‬الجناح‭ ‬العسكري‭ ‬لحركة‭ ‬حماس‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬في‭ ‬القتلى‭ ‬والإصابات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بالمئات،‭ ‬وما‭ ‬تلا‭ ‬أو‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬عشرات‭ ‬من‭ ‬الأسرى‭ ‬أو‭ ‬المحتجزين‭ ‬الإسرائيليين‭.‬

في‭ ‬حالة‭ ‬الحرب‭ ‬وساعة‭ ‬المواجهة،‭ ‬لا‭ ‬يتبادل‭ ‬أجنحة‭ ‬طرفٍ‭ ‬ما‭ ‬اللوم،‭ ‬ويتظاهرون‭ ‬بالوحدة،‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بقيادة‭ ‬يائير‭ ‬لبيد‭ ‬وبني‭ ‬جانتس،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تذهب‭ ‬ساعات‭ ‬المواجهة‭ ‬الأوليّة‭ ‬حتى‭ ‬يبدأ‭ ‬تبادل‭ ‬اللوم‭ ‬وكشف‭ ‬الحقائق‭. ‬وعملياً،‭ ‬يمكن‭ ‬فهم‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬عبر‭ ‬تسلسل‭ ‬يوضح‭ ‬الفشل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أمنيّاً‭ ‬وسياسياً،‭ ‬ويوضح‭ ‬كيف‭ ‬جرّت‭ ‬حكومة‭ ‬المتطرفين‭ ‬الصهاينة‭ ‬المتدينين‭ ‬كيانهم‭ ‬إلى‭ ‬سلسلة‭ ‬أخطاء،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬خيالات‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬كشفت‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬انجرّت‭ ‬له‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وأنّ‭ ‬أطرافا‭ ‬إسرائيلية‭ ‬حذرت‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭. ‬ويمكن‭ ‬وصف‭ ‬تسلسل‭ ‬الأحداث‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬عسقلان‭ ‬شمال‭ ‬غزة،‭ ‬بعدة‭ ‬محطات‭:‬

الأولى،‭ ‬هرب‭ ‬الأسرى‭ ‬الستة‭ ‬من‭ ‬سجن‭ ‬جلبوع‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2021،‭ ‬وحينها‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة،‭ ‬كيف‭ ‬استطاع‭ ‬الأسرى‭ ‬هزيمة‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬وكاميرات‭ ‬ومخطّطات‭ ‬السجن‭ ‬الموصوفة‭ ‬بأنّها‭ ‬الأعقد،‭ ‬واتضح‭ ‬أنّ‭ ‬الأسرى‭ ‬استطاعوا‭ ‬الوصول،‭ ‬أو‭ ‬تفكيك،‭ ‬مخططات‭ ‬البناء،‭ ‬ورسم‭ ‬خطة‭ ‬الهرب‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ضربةً‭ ‬لمقولة‭ ‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُقهر،‭ ‬وضربة‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

بنيت‭ ‬المحطة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬هرب‭ ‬الأسرى،‭ ‬فقد‭ ‬بدأ‭ ‬تشكيل‭ ‬كتيبة‭ ‬جنين،‭ ‬لإسناد‭ ‬الأسرى‭ ‬أثناء‭ ‬هربهم،‭ ‬ولكن‭ ‬إعادة‭ ‬أسرهم‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬الكتيبة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬المقاومة،‭ ‬لتتسع‭ ‬الظاهرة،‭ ‬لتكوين‭ ‬كتائب‭ ‬ومجموعات،‭ ‬بدأت‭ ‬لاحقا‭ ‬تشغل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬وتحظى‭ ‬بتركيز‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة‭.‬

راهنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬هي‭ ‬لاستمرار‭ ‬سلطة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬،‭ ‬ولو‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬الضعف‭.‬

المحطة‭ ‬الثالثة،‭ ‬تبنّي‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خطّة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬تقسيم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وقطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬ومساعدة‭ ‬السلطتين‭ ‬لتبقيا‭ ‬كلٌّ‭ ‬في‭ ‬مكانها؛‭ ‬سلطة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬وسلطة‭ ‬حركة‭ ‬فتح‭ ‬في‭ ‬الضفة،‭ ‬شرط‭ ‬بقاء‭ ‬السلطتين‭ ‬ضعيفتين‭. ‬سمحت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بدخول‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬إلى‭ ‬غزّة،‭ ‬وخففت‭ ‬الحصار،‭ ‬وسمحت‭ ‬لآلاف‭ ‬العمّال‭ ‬بالدخول‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬ضعف‭ ‬أو‭ ‬غياب‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬نتيجة‭ ‬الحصار‭. ‬ركنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الترتيبات‮»‬‭ ‬كافية‭ ‬لإقناع‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بالهدوء‭. ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تنتبه‭ ‬إليه‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنّ‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬لا‭ ‬تشمل‭ ‬الجناح‭ ‬المسلّح‭. ‬لقد‭ ‬هدّد‭ ‬قائد‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزّة،‭ ‬يحيى‭ ‬السنوار،‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مايو‭ ‬2021،‭ ‬‮«‬سنحرق‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‮»‬‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬مشكلة‭ ‬القطاع‭.‬

وكشف‭ ‬حينها،‭ ‬أنّ‭ ‬مصادر‭ ‬كتائب‭ ‬عزّ‭ ‬الدين‭ ‬القسّام‭ ‬المالية،‭ ‬والخبرات،‭ ‬والاستخبارات،‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬مكوّنات‭ ‬‮«‬حماس‮»‬‭ ‬في‭ ‬غزّة،‭ ‬لكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬راهنت‭ ‬على‭ ‬أنّ‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬هي‭ ‬لاستمرار‭ ‬سلطة‭ ‬‮«‬حماس‮»‬،‭ ‬ولو‭ ‬مع‭ ‬حالة‭ ‬الضعف،‭ ‬ولم‭ ‬تأخذ‭ ‬تهديد‭ ‬حرق‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس‭ ‬بجدّية،‭ ‬ولم‭ ‬تحسب‭ ‬تبعات‭ ‬وجود‭ ‬الموارد‭ ‬لدى‭ ‬كتائب‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬القسّام‭ ‬والأجنحة‭ ‬المسلحة‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬‮«‬مالية‭ ‬غزّة‮»‬‭. ‬أسهم‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الاسترخاء‭ ‬لدى‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬المجموعات‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬استهدفتهم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬غزّة‭ ‬من‭ ‬قيادات‭ ‬حركتي‭ ‬الجهاد‭ ‬الإسلامي‭ ‬وحماس‭ ‬من‭ ‬المعتقد‭ ‬بدورهم‭ ‬في‭ ‬تحريك‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬ومثال‭ ‬ذلك،‭ ‬الاغتيالات‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬الماضي،‭ ‬وتهديدها‭ ‬المستمر‭ ‬باستهداف‭ ‬القيادي‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬صالح‭ ‬العاروري،‭ ‬باعتباره‭ ‬مسؤول‭ ‬العمل‭ ‬المسلح‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭.‬

المحطّة‭ ‬الرابعة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬الانتخابات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬التي‭ ‬نتجت‭ ‬عنها‭ ‬حكومة‭ ‬أعادت‭ ‬هيكلة‭ ‬الأمن‭ ‬والدّفاع‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬بالغ‭ ‬الغرابة‭. ‬فمثلاً،‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬فيها‭ ‬وزيران،‭ ‬أحدهما‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬الليكود،‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬وللثاني‭ ‬صلاحياتٌ‭ ‬معينة‭ ‬داخل‭ ‬الوزارة،‭ ‬هو‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬الذي‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬تيار‭ ‬الصهيونية‭ ‬الدينية،‭ ‬وهو‭ ‬بدون‭ ‬خبرة‭ ‬أمنية‭. ‬وجرى‭ ‬تعيين‭ ‬إيتمار‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬وزيراً‭ ‬للأمن‭ ‬القومي،‭ ‬مع‭ ‬صلاحيات‭ ‬إنشاء‭ ‬قوات‭ ‬جديدة‭ ‬منفصلة‭ ‬عن‭ ‬الجيش،‭ ‬وليس‭ ‬لبن‭ ‬غفير‭ ‬خبرة‭ ‬أمنية‭ ‬أو‭ ‬عسكرية،‭ ‬وحسب،‭ ‬بل‭ ‬جرى‭ ‬رفض‭ ‬تجنيده‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬سابقاً‭ ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬سلوكه‭ ‬ومواقفه،‭ ‬فلديه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الثأر‭ ‬مع‭ ‬قيادات‭ ‬الجيش‭. ‬لقد‭ ‬حذّر‭ ‬مسؤولو‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتهم‭ ‬وزير‭ ‬الجيش‭ ‬السابق،‭ ‬بيني‭ ‬جانتس،‭ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬ما‭ ‬يحدُث،‭ ‬فكتب‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬في‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬‮«‬تفكيك‭ ‬الأمن‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬وتأسيس‭ ‬جيش‭ ‬خاص‭ ‬لبن‭ ‬غفير؟‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬إنّ‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬هو‭ ‬تفكيك‭ ‬سلطات‭ ‬الحكومة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬شظايا‭ ‬وزارات‮»‬،‭ ‬وإنّ‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬‮«‬وصمة‭ ‬عار‭ ‬ستؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬خطر‭ ‬أمني‮»‬‭. ‬وقال‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬السابق،‭ ‬غاي‭ ‬آيزنكوت،‭ ‬إن‭ ‬تكليف‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬بحقيبة‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬‮«‬نكتة‭ ‬حزينة‮»‬‭. ‬وبالفعل،‭ ‬بدأت‭ ‬الخلافات‭ ‬داخل‭ ‬الجيش،‭ ‬وبين‭ ‬الوزراء‭ ‬المكلّفين‭ ‬بالأمن،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬للأمن‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬رؤوس‭ ‬متعدّدة‭ ‬متعارضة‭.‬

المحطة‭ ‬الخامسة،‭ ‬موضوع‭ ‬التعديلات‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تطبيقها،‭ ‬بحيث‭ ‬تقلّص‭ ‬من‭ ‬صلاحيات‭ ‬القضاء‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬الحكومة،‭ ‬وفي‭ ‬محاسبة‭ ‬السياسيين،‭ ‬وزيادة‭ ‬سلطة‭ ‬الوزراء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬تطوير‭ ‬الاستيطان‭ ‬وحكم‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬والمستوطنات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قاد‭ ‬إلى‭ ‬احتجاجات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬تضمّنت‭ ‬دخول‭ ‬ضبّاط‭ ‬الجيش‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬وامتناع‭ ‬كثيرين‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬الخدمة،‭ ‬بل‭ ‬إنّ‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬يوآف‭ ‬غالانت‭ ‬أقيل‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬الفائت،‭ ‬بسبب‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬قبل‭ ‬إعادته‭ ‬إلى‭ ‬موقعه‭ ‬بعد‭ ‬نحو‭ ‬أسبوعين‭ ‬من‭ ‬الإقالة،‭ ‬وسط‭ ‬حالة‭ ‬تخبّط‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

المحطة‭ ‬السادسة،‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬تعدّ‭ ‬بمثابة‭ ‬بروفة‭ ‬مصغرة‭ ‬للسابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭. ‬يومها‭ ‬دخل‭ ‬شرطي‭ ‬مصري‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وقتل‭ ‬ثلاثة‭ ‬جنود‭ ‬إسرائيليين،‭ ‬وقضى‭ ‬ساعاتٍ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتبه‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬جنوده‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬مهاجم،‭ ‬في‭ ‬مؤشّر‭ ‬فاضح‭ ‬فادح‭ ‬على‭ ‬ترهّل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجيش‭.‬

بهذا‭ ‬المعنى،‭ ‬كان‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬يظنون،‭ ‬قبل‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أنّهم‭ ‬حيّدوا‭ ‬غزّة،‭ ‬وقللت‭ ‬حكومتهم‭ ‬من‭ ‬احتمالات‭ ‬ردّ‭ ‬الفعل‭ ‬الفلسطيني‭ ‬على‭ ‬اقتحامات‭ ‬الأقصى‭ ‬والاستيطان‭. ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬قيادة‭ ‬الأمن‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وإدارته‭ ‬تمرّ‭ ‬بأزمة‭. ‬وقد‭ ‬جرى‭ ‬نشر‭ ‬جنود‭ ‬كثيرين‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬منطقة‭ ‬الجنوب‭. ‬وبينما‭ ‬تعمل‭ ‬قيادة‭ ‬الجناح‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬بصمت،‭ ‬وتجري‭ ‬مناوراتٍ‭ ‬ظنّها‭ ‬الجميع‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬الخيال،‭ ‬إذ‭ ‬إنّ‭ ‬تدريبات‭ ‬كتائب‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬القسام‭ ‬كانت‭ ‬تتضمن‭ ‬عمليات‭ ‬اقتحام‭ ‬للمستوطنات،‭ ‬لكن‭ ‬الجميع‭ ‬عدّها‭ ‬استعراضا‭ ‬لا‭ ‬غير‭. ‬وبينما‭ ‬هذا‭ ‬يجري،‭ ‬كانت‭ ‬معنويات‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تتراجع،‭ ‬بسبب‭ ‬الانقسام‭ ‬السياسي،‭ ‬واستنزاف‭ ‬قواته‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬‮«‬عصابات‮»‬‭ ‬المستوطنين‭ ‬وعنفهم‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬هذا‭ ‬عدا‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬التوافق‭ ‬بين‭ ‬قيادات‭ ‬الأمن‭ ‬الصهيونية‭.‬

{‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬

في‭ ‬جامعة‭ ‬بيرزيت‭ ‬الفلسطينية

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا