العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

مذبحة صبرا وشاتيلا ومــســؤولـيـة الإدارة الأمـريـكـيـة

بقلم: تيسير خالد

الأربعاء ٢٧ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الأيام‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬1982‭ ‬سهَّل‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬لمليشيات‭ ‬القوات‭ ‬اللبنانية‭ ‬التابعة‭ ‬لحزب‭ ‬الكتائب‭ ‬اللبناني‭ ‬وجيش‭ ‬لبنان‭ ‬الجنوبي‭ ‬البدء‭ ‬بارتكاب‭ ‬مجزرة‭ ‬مروعة‭ ‬في‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا‭. ‬المجزرة‭ ‬استمرت‭ ‬مدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬وهي‭ ‬16‭ ‬و17‭ ‬و18سبتمبر‭ ‬وارتقى‭ ‬خلالها‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬والأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬والشيوخ‭ ‬المدنيين‭ ‬العزل،‭ ‬غالبيتهم‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ومن‭ ‬بينهم‭ ‬لبنانيون‭ ‬أيضا،‭ ‬وقدر‭ ‬عدد‭ ‬الشهداء‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬3000‭ ‬شهيد‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬عشرين‭ ‬ألف‭ ‬نسمة‭ ‬كانوا‭ ‬يسكنون‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا‭ ‬وقت‭ ‬حدوث‭ ‬المجزرة‭.‬

كان‭ ‬قد‭ ‬خرج‭ ‬فدائيو‭ ‬منظمات‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬لبنان‭ ‬وسط‭ ‬ضمانات‭ ‬وتعهدات‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬المخيمات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬غادرتها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬للمقاومة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

في‭ ‬تلك‭ ‬الأيام‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬بيروت‭ ‬إلى‭ ‬دمشق‭ ‬ثم‭ ‬عمان،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬للمجزرة‭ ‬قد‭ ‬وصلت‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬ضيافة‭ ‬السلطات‭ ‬الأردنية‭. ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬متأخرة‭ ‬من‭ ‬مساء‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬استقبلني‭ ‬مدير‭ ‬المخابرات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬مكتبه،‭ ‬وأخبرني‭ ‬نائب‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للمخابرات‭ ‬الأردنية‭ ‬بوقوع‭ ‬الجريمة‭ ‬وقدم‭ ‬التعازي‭ ‬ورافقني‭ ‬بلطف‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تنتظرني‭ ‬سيارة‭ ‬نقلتني‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬إقامتي‭ ‬بعد‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬المراجعة‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬ثلاثة‭.‬

لقد‭ ‬بدأت‭ ‬المجزرة‭ ‬بتطويق‭ ‬المخيمين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬تحت‭ ‬قيادة‭ ‬أرئيل‭ ‬شارون‭ ‬وزير‭ ‬الجيش‭ ‬الصهيوني‭ ‬آنذاك،‭ ‬وارتكبت‭ ‬المجزرة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬واستخدمت‭ ‬فيها‭ ‬الأسلحة‭ ‬النارية‭ ‬والبيضاء‭ ‬وغيرها‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التصفية‭ ‬لسكان‭ ‬المخيم،‭ ‬وكانت‭ ‬مهمة‭ ‬الجيش‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬محاصرة‭ ‬المخيمين‭ ‬وإنارتهما‭ ‬ليلا‭ ‬بالقنابل‭ ‬المضيئة‭ ‬لتسهيل‭ ‬ارتكاب‭ ‬المجزرة‭ ‬الرهيبة

حتى‭ ‬الآن‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ترفض‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الوثائق‭ ‬السرية‭ ‬لمجزرة‭ ‬صبرا‭ ‬وشاتيلا،‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬القوات‭ ‬الانعزالية‭ ‬اللبنانية‭ ‬بمشاركة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬واستمرت‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬حتى‭ ‬18‭ ‬سبتمبر‭/‬أيلول‭ ‬1982‭ ‬خلال‭ ‬الاجتياح‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬للبنان‭.‬

المراسل‭ ‬العسكري‭ ‬لجريدة‭ ‬هآرتس‭ ‬زئيف‭ ‬شيف،‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬أنه‭ ‬علم‭ ‬بالمجزرة‭ ‬لدى‭ ‬ارتكابها‭ ‬وأنه‭ ‬اتصل‭ ‬بوزير‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬تسيبوري‭ ‬وأبلغه‭ ‬بما‭ ‬يجري‭ ‬وأن‭ ‬الأخير‭ ‬أبلغ‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬حينذاك‭ ‬‭ ‬إسحق‭ ‬شامير‭ ‬ولكن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭. ‬

إسرائيل‭ ‬تتحفظ‭ ‬على‭ ‬الوثائق‭ ‬بغرض‭ ‬التستر‭ ‬على‭ ‬جريمتها‭ ‬وعدم‭ ‬إحراج‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬الأخرى‭ ‬تعلم‭ ‬بها‭ ‬ولم‭ ‬تسارع‭ ‬لوقفها‭. ‬الجريمة‭ ‬المروعة‭ ‬روى‭ ‬تفاصيلها‭ ‬الصحفي‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفرنسي‭ ‬أمنون‭ ‬كابليوك‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬له‭ ‬عن‭ ‬الجريمة،‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬جمع‭ ‬3000‭ ‬جثة‭ ‬لمواطنين‭ ‬قتلوا‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬العزل‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ .‬

اليوم‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬نحيي‭ ‬بحزن‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الضحايا‭ ‬الأبرياء‭ ‬هذه‭ ‬الذكرى‭ ‬ونستذكر‭ ‬فيها‭ ‬الشهداء‭ ‬الأبرار‭ ‬وننعش‭ ‬في‭ ‬الذاكرة‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬الأسود‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬الإجرامية‭ ‬للجيش‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬التي‭ ‬صاحبت‭ ‬إسرائيل‭ ‬منذ‭ ‬قيامها‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نسقط‭ ‬بالطبع‭ ‬مسؤولية‭ ‬عملائها‭ ‬من‭ ‬الحساب‭.‬

 

‭ ‬عضو‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا