العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٨١ - الخميس ١٩ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

زلزال المغرب والتضامن العربي

بقلم: باسم برهوم

الخميس ١٤ سبتمبر ٢٠٢٣ - 02:00

المغرب‭ ‬الشقيق‭ ‬أصيب‭ ‬بكارثة‭ ‬طبيعية‭ ‬كبيرة،‭ ‬آلاف‭ ‬الضحايا،‭ ‬قتلى‭ ‬وجرحى،‭ ‬قرى‭ ‬وبلدات‭ ‬تعرضت‭ ‬لدمار‭ ‬كبير،‭ ‬وخسائر‭ ‬مادية‭ ‬بمئات‭ ‬الملايين،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالمليارات‭. ‬الشعب‭ ‬المغربي‭ ‬الشقيق‭ ‬بحاجة‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬تضامن‭ ‬الجميع‭ ‬والوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬بمختلف‭ ‬الأشكال،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬انكشاف‭ ‬هول‭ ‬حجم‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التعاطف‭ ‬المعنوي‭ ‬والوجداني‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬حملة‭ ‬دعم‭ ‬كبيرة‭ ‬لنخفف‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬من‭ ‬المعاناة‭ ‬وإيواء‭ ‬الذين‭ ‬وجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬وقد‭ ‬دمرت‭ ‬قراهم‭ ‬وبيوتهم‭ ‬وأرزاقهم‭. ‬وأن‭ ‬يسهم‭ ‬العرب‭ ‬بإعادة‭ ‬بناء‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬دمرتها‭ ‬الزلازل‭.‬

صحيح‭ ‬إن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الغنية‭ ‬نشطة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وتتوالى‭ ‬مبادراتها‭ ‬لتقديم‭ ‬المساعدات،‭ ‬وحتى‭ ‬الدول‭ ‬الأقل‭ ‬غنى‭ ‬تقوم‭ ‬بما‭ ‬تستطيع‭ ‬تقديمه،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتضامن‭ ‬العربي‭ ‬‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الكوارث‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الكوارث‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العدوان‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬طرف،‭ ‬هذا‭ ‬التضامن‭ ‬بحاجة‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬مأسسته‭ ‬عبر‭ ‬صندوق‭ ‬خاص‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬صندوق‭ ‬التكافل‭ ‬العربي‮»‬‭ ‬تسهم‭ ‬فيه‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بنسب‭ ‬حسب‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬السنوي‭ (‬أو‭ ‬دخلها‭ ‬السنوي‭). ‬مهمة‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬التصرف‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬بيروقراطية‭. ‬ويقدم‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬العاجل‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬وأغذية‭ ‬ومستشفيات‭ ‬ميدانية‭ ‬ووسائل‭ ‬للإيواء‭. ‬أما‭ ‬المسائل‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإعادة‭ ‬البناء‭ ‬فهي‭ ‬تخص‭ ‬الدول‭ ‬ومؤسساتها‭.‬

ولكن‭ ‬من‭ ‬الآن‭ ‬وحتى‭ ‬ينفذ‭ ‬العرب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب‭ ‬يواجه‭ ‬محنة‭ ‬كبرى‭ ‬وبحاجة‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬وقفة‭ ‬تضامن‭ ‬شامل‭. ‬والشعب‭ ‬المغربي‭ ‬بطبعه‭ ‬شعب‭ ‬ودود‭ ‬وسخي‭ ‬ومتضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬وخاصة‭ ‬شقيقه‭ ‬العربي،‭ ‬وله‭ ‬مواقف‭ ‬داعمة‭ ‬بقوة‭ ‬واستمرار‭ ‬مع‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وكل‭ ‬القضايا‭ ‬العربية،‭ ‬ولم‭ ‬يتأخر‭ ‬عن‭  ‬تقديم‭ ‬العون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المواقف‭ ‬والأزمات،‭ ‬ولذلك‭ ‬ولغيره‭ ‬من‭ ‬المعطيات‭ ‬ومن‭ ‬منطلقات‭ ‬إنسانية‭  ‬وأخوية،‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬منا‭ ‬نحن‭ ‬العرب‭ ‬جميعا‭ ‬التضامن‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬نستطيع،‭ ‬وباعتباري‭ ‬مواطنا‭ ‬فلسطينيا‭  ‬أتوجه‭ ‬إلى‭  ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬سواء‭ ‬السلطة‭ ‬أو‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬عبر‭ ‬الهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وبالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الأردن‭ ‬الشقيق‭ ‬لتقديم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نستطيع‭ ‬لتأكيد‭ ‬التضامن‭ ‬الفعلي‭ ‬والميداني‭ ‬مع‭ ‬أشقائنا‭ ‬في‭ ‬المغرب‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬عاما‭ ‬قاسيا‭ ‬على‭ ‬البشرية،‭ ‬بدأت‭ ‬الكوارث‭ ‬من‭ ‬الزلزال‭ ‬الكارثي‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬تركيا‭ ‬وسوريا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬الماضي‭ ‬مرورا‭ ‬بالحرائق‭ ‬التي‭ ‬اشتعلت‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلد،‭ ‬من‭ ‬كندا‭ ‬غربا‭ ‬إلى‭ ‬اليونان‭ ‬شرقا،‭ ‬وقضت‭ ‬على‭ ‬ملايين‭ ‬الكيلومترات‭ ‬المربعة‭ ‬من‭ ‬الأحراش‭ ‬والغابات،‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬أصاب‭ ‬البيئة‭ ‬الطبيعية،‭ ‬وانتهاء‭ ‬بالفيضانات‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬بلدانا‭ ‬عديدة‭ ‬وتركت‭ ‬خلفها‭ ‬الضحايا‭ ‬والدمار‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬الحقول‭ ‬المزروعة‭. ‬وفي‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬جرس‭ ‬إنذار‭ ‬كبير‭ ‬لأن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬هو‭ ‬صنع‭ ‬أيدينا‭ ‬نحن‭ ‬البشر،‭ ‬لذلك‭ ‬يأتي‭ ‬السؤال،‭ ‬متى‭ ‬ننهي‭ ‬هذا‭ ‬الاستهتار‭ ‬والتراخي‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالبيئة‭ ‬والتغيرات‭ ‬المناخية؟‭ ‬متى‭ ‬نوقف‭ ‬هذا‭ ‬الجشع‭ ‬الرأسمالي‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬التخلف‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬حماية‭ ‬البيئة؟

الإنسان‭ ‬يتصرف‭ ‬وكأنه‭ ‬ينتحر‭ ‬ويقتل‭ ‬نفسه‭ ‬ويحارب‭ ‬الطبيعة،‭ ‬يتصرف‭ ‬وكأنه‭ ‬غير‭ ‬مهدد‭ ‬بالانقراض‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬كائن‭ ‬آخر،‭ ‬فمع‭ ‬كوارث‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬لن‭ ‬ينجو‭ ‬أحد‭. ‬وربما‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬أن‭ ‬تنهي‭ ‬عادة‭ ‬عقد‭ ‬المؤتمرات‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬تنتهي‭ ‬حتى‭ ‬يدير‭ ‬الجميع‭ ‬ظهره‭ ‬ويمشي،‭ ‬المشكلة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬عقدها‭ ‬بالأساس‭ ‬هي‭ ‬الجهات‭ ‬والدول‭ ‬الرأسمالية‭ ‬الكبرى‭ ‬المتهمة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬بارتكاب‭ ‬المعاصي‭ ‬المناخية‭ ‬والبيئية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬بزنس‭ ‬لجهات‭ ‬عدة،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬الأمر‭ ‬برمته‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم،‭ ‬والأهم‭ ‬الالتزام‭ ‬بما‭ ‬يتم‭ ‬إقراره‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤتمرات‭.‬

نعود‭ ‬إلى‭ ‬أشقائنا‭ ‬المغاربة،‭ ‬لنقول‭ ‬لهم‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬متضامنة‭ ‬معكم‭ ‬قلبا‭ ‬وقالبا‭ ‬وخاصة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬رغم‭ ‬ظروفه‭ ‬الصعبة،‭ ‬ولأن‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يئن‭ ‬ويتألم‭ ‬كل‭ ‬الوقت‭ ‬فإنه‭ ‬يشعر‭ ‬تماما‭ ‬بألمكم‭ ‬ومعاناتكم،‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬ضربها‭ ‬الزلزال‭. ‬نشعر‭ ‬بذلك‭ ‬لأن‭ ‬الزلزال‭ ‬الذي‭ ‬ضربنا،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يضربنا‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مئة‭ ‬عام،‭ ‬دمر‭ ‬قرانا‭ ‬وأحرقها‭ ‬وشردنا‭. ‬حولنا‭ ‬إلى‭ ‬شعب‭ ‬لاجئ،‭ ‬دمر‭ ‬مجتمعنا‭ ‬واستولى‭ ‬على‭ ‬أرضنا،‭ ‬نحن‭ ‬نعيش‭ ‬الزلازل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬لذلك‭ ‬نشعر‭ ‬ونحس‭ ‬بما‭ ‬تشعرون‭ ‬وتحسون‭ ‬من‭ ‬ألم،‭ ‬لذلك‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬معكم‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ينام‭ ‬القمر‭ ‬كما‭ ‬يقول‭ ‬شاعرنا‭ ‬محمود‭ ‬درويش‭.‬

{‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا